الالتهاب هو جزء اساسي من عملية شفاء الجسم، فمن دونه تظل الجروح كما هي من دون ان تشفى وعمليات العدوى قد تتحول الى عامل قاتل. كما ان الكثير من الأشياء الجيدة هي خطرة ايضا، فالالتهابات المزمنة المنخفضة الشدة متورطة في جميع مراحل تصلب الشرايين، وهي العملية التي تقود الى الشرايين المغلقة بالكوليسترول. وهذا يعني ان الالتهاب يمهد الطريق الى النوبات القلبية وامراض الشرايين الطرفية وغياب الذاكرة التي سببها الاوعية الدموية الدماغية، اي ان الأمر يشبه النيران الصديقة عندما تهاجم الذات ذاتها.
والالتهابات لا تحصل من ذاتها، بل هي استجابة الجسم الى العديد من المهيجات العصرية التي لم تستطع جيناتنا التي تعود الى العصر الحجري ان تذللها، وأهمها التدخين وقلة الرياضة والدهونات العالية والوجبات الغذائية الغنية بالسعرات الحرارية والاطعمة المعالجة جدا.
الباحثون الطبيون وشركات الادوية في سباق لتطوير ادوية وعقاقير تكافح الالتهابات، ولكن لا تنتظر ذلك قريبا، فما زالت هذه الابحات طويلة الامد وربما تكون غالية الثمن، وبالتأكيد سيكون لها تأثيراتها الجانبية. وبدلا من ذلك يمكنك التحول الى الأدوات البسيطة التي تخفف من الالتهابات، ومنها مثلا التركيز على الاطعمة والوجبات الغذائية، وأهمها قبل ان تنسى تفادي التدخين، والتدخين السلبي من قبل الآخرين القريبين منك، وممارسة الرياضة البدنية ومراقبة وزنك والعناية بأسنانك.
وما قد تأكله قد يزيد من شدة الالتهابات.. ولكن مع بعض التعديلات الطفيفة من دون ان ينطوي ذلك على انواع جديدة غريبة من المأكولات، يمكنك ترويضها، واليكم بعض الاقتراحات:
- ما تتناوله من زيوت لان استهلاك الكثير من الزيوت المشبعة، او المتحولة مرتبط بمستويات عالية من الالتهابات. استبدل هذه الزيوت بزيت الزيتون الذي له مقومات وخصائص مقاومة للالتهابات، او بالدهونات المتعددة غير المشبعة، مثل «أوميغا-3» من السمك.
- لا تلجأ الى الاطعمة المكررة جدا، لأن ارتفاع سكر الدم الذي يصاحب وجبة غذائية، او وجبة خفيفة من الكربوهيدرات المكررة (مثل الخبز الابيض والأرز الابيض والمشروبات الغازية المشبعة بالسكر وغيرها) ترفع من مستويات الرسائل الالتهابية التي تدعى «سايتوكاينس» cytokines، لأن تناول الخبز المصنوع من القمح الكامل والأرز البني غير المقشور والحبوب الاخرى الكاملة غير المعالجة تخفف من ارتفاع سكر الدم والانسولين وانتاج السايتوكاينس بعد الوجبات الغذائية.
- تناول المزيد من الفواكه والخضار يخفف من وطأة الالتهابات، لماذا؟ لأنها تحتوي على مئات، بل ربما الاف من المواد التي تخمد الجذور الحرة التي تثير الالتهابات، وبعضها يعمل كعوامل مباشرة مضادة للالتهابات.
- ثم ان اضافة الجوز واللوز والمكسرات الاخرى الى وجباتك الغذائية هو اسلوب آخر لذيذ المذاق لتخفيف الالتهابات.
- وعلى محبي الكاكاو ان يفرحوا، فقد اظهرت الاختبارات الطبية ان الكاكاو والشكولاتة الداكنة تبطئ من انتاج الجزيئات التي تؤدي الى الالتهابات، والمهارة هنا في الحصول عليها من دون ان تحتوي على الكثير من السكر والدهونات. - كما ان تعزيز النكهة باضافة التوابل كالكركم (الدقة الصفراء) والزنجبيل والريحان والفلفل وغيرها لها خصائص مقاومة للألتهابات. وهكذا ان كنت تحضر وجباتك الغذائية بنفسك اختر الاطعمة التي تخفف من الالتهابات بدلا من تلك التي تعززها. والافضل السير على خطة كالتي تدعى مثلا «حمية البحر الابيض المتوسط» التي تحتوي على العديد من الأغذية والأطعمة المقاومة للالتهابات. ومثلها ايضا الوجبات الصحية المسماة «هيلثي ايتنغ بيراميد» (هرم الطعام الصحي) التي طورها الدكتور والتر ويليت ورفاقه من كلية الصحة العامة في جامعة هارفرد. واذا اعتمدت الوجبات المضادة للالتهابات فقد لا تشعر بأي تغيير يذكر، لكن الذبحة القلبية لن تظهر فجأة، وكذلك العجز القلبي، كما انك ستقوم بتقديم خدمة لقلبك وشراينك وما تبقى من اعضاء جسمك التي تنعكس على شكل فوائد كثيرة.
* خدمة هارفارد الطبية – الحقوق: 2005 بريزيدانت آند فيلوز – كلية هارفارد