الفتيات أكثر عرضة للإصابات في لعبة كرة القدم

نتائج أوسع وأطول دراسة أميركية

TT

يقول الباحثون من أوهايو إن لاعبات كرة القدم من الفتيات هن أكثر عُرضة لاستمرارية تأثرهن بالإصابات في الملاعب حين حصولها، في حين أن الفتية من اللاعبين هم أكثر عُرضة بمقدار يُقارب الضعف للمعاناة من إصابات الملاعب المتطلبة للدخول الى المستشفى لتلقي المعالجة الطبية، وتحديداً كانت إصابات الذكور حوالي 58%. ووردت نتائج الباحثين من مستشفى كولومبس للأطفال في مدينة كولومبس بولاية أوهايو الأميركية ضمن أول دراسة علمية واسعة وشاملة على المستوى القومي تُجرى في الولايات المتحدة، ونشرتها المجلة الأميركية للطب الرياضي في عدد فبراير الحالي. وكانت الدراسات السابقة قد ركزت في البحث على اللاعبين المُحترفين وإصابات مناطق معينة في الجسم واختلاف إصابات ملاعب كرة القدم على حسب جنس اللاعب أو عمره، لكن الدراسة الجديدة هي الأولى التي تناولت الإصابات الناشئة عن ممارسة لعب كرة القدم لدى فئة الأطفال الأميركيين ككل. وراجع الباحثون خلال دراستهم معلومات أكثر من مليون وستمائة ألف إصابة نتيجة كرة القدم، لمن تتراوح أعمارهم ما بين سن السنتين حتى 18 سنة، وتمت معالجتهم في أقسام الطوارئ فيما بين عام 1990 وعام 2003.

وقسّم الباحثون في دراستهم الأطفال من الجنسين الى أربع مجموعات على حسب مقدار العمر. شملت المجموعة الأولى منْ هم بين سن 2 الى 4 سنوات، والثانية منْ هم بين سن 5 الى 9 سنوات، والثالثة منْ هم بين سن 10 الى 14 سنة، والرابعة منْ هم بين سن 15 الى 18 سنة.

* نتائج جديدة خلص الباحثون من دراستهم الواسعة الى جملة من النتائج التي تحتاج الى تأمل متعمق من الأمهات والآباء بالإضافة الى غيرهم، منها:

ـ خلال الفترة التي غطتها الدراسة، البالغة 13 سنة، ارتفع عدد ممارسي لعبة كرة القدم في المدارس الثانوية بمقدار الضعف ليبلغ عام 2003 حوالي 660 ألف لاعب. بينما لم يتمكن الباحثون من تحديد العدد التقريبي للأطفال في أعمار أصغر الممارسين للعبة كرة القدم نظراً لعدم توفر أي مصدر لتلك المعلومات على المستوى القومي في الولايات المتحدة. لكن الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال تُقدر أن النسبة ارتفعت من حوالي 11% الى 22% فيما بين عامي 1990 و2003 كما ذكر الباحثون في الدراسة.

_ أكدت نتائج الدراسة التي ركزت على تجميع المعلومات من أقسام الطوارئ في المستشفيات الأميركية حول الحوادث الناجمة عن لعب كرة القدم، أن إصابات الأطفال من الجنسين جراء ممارسة تلك اللعبة تسببت في مراجعة أكثر من 1.6 مليون طفل لأقسام الطوارئ خلال 13 سنة مضت. أي أن معدل الإصابات التي تطلبت مراجعة أقسام الإسعاف نتيجة لعب الأطفال كرة القدم يتجاوز 100 ألف إصابة سنوياً. كما أكدت أن ثمة فوارق، وصفها الباحثون بكلمة مُروعة، في الإصابات على حسب العمر والجنس ووتيرة الإصابة وتشخيصها والشفاء منها، تبدت من تحليل معلومات إصابة الفتية والفتيات في لعبة كرة القدم.

ـ لاحظ الباحثون أن إصابات الأطفال المرتبطة بممارسة لعبة كرة القدم لم تزدد بصفة واضحة خلال الأعوام الثلاثة عشر تلك، هذا بالرغم من أن أعلى نسبة لها كانت خلال عام 2000. لكن ما لفت أنظار الباحثين هو أن إصابات الفتيات زادت بشكل مطرد وبدرجة مهمة. وافترض الباحثون أن السبب في ذلك هو ربما زيادة إقبال الفتيات على ممارسة اللعبة الشعبية الأولى في العالم أجمع.

ـ أضاف الباحثون في دراستهم القول بأن الفتيات كن أكثر عُرضة لإصابات الكاحل والركبة، وأنهن كن أكثر عُرضة أيضاً لإصابات التواء المفاصل، مقارنة بالفتيان في نفس العمر من ممارسي هذه اللعبة. وتحديداً ذكروا بأن تفشي حالات الالتواء في مفاصل الأطراف السفلى وغيرها من إصابات الأطراف تلك يزداد مع زيادة عمر اللاعب، في حين أن إصابات الأطراف العلوية عموماً هي أعلى بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 5 الى 14 سنة. وأن إصابات ارتجاج المخ على وجه الخصوص هي الأعلى بين من تتراوح أعمارهم بين 15 و18 سنة. وعلق الباحثون بالقول في دراستهم المنشورة إن ثمة حاجة مُلحة لدراسات في المستقبل لفحص موضوع اختلاف الإصابات بين الإناث من لاعبي كرة القدم عما هو الحال لدى الذكور منهم.

ـ لاحظ الباحثون أن إصابات منْ هم بين سن 10 الى 14 سنة بلغت حوالي 50%، في حين بلغت نسبة الإصابات بين منْ هم في سن تتراوح بين 5 الى 9 سنوات حوالي 12%. أي أن أفراد المجموعة الثالثة أكثر عُرضة للإصابات بنسبة تفوق أربعة أضعاف من إصابات أفراد المجموعة الثانية. ما يعني أن أطفال المرحلة الابتدائية والمتوسطة عموماً أكثر احتياجاً الى المراقبة من قبل الوالدين والمشرفين في أثناء اللعب، وكذلك توجيه التركيز نحو تعليمهم مهارات كيفية الوقاية من الإصابات أكثر من تشجيعهم على تعلم مهارات اللعبة نفسها. هذا بالإضافة الى أن مما لاحظه الباحثون هو أن الإصابات في تلك الأعمار تحديداً كانت أكثر حينما لعب الأطفال ضمن مجموعات مختلفة في مقدار حجم الجسم والطول والقوة البدنية. وهذا ما يتطلب من الآباء والأمهات الاهتمام بمناقشة المدرب أو المشرف على ممارسة الطفل للعبة أن يكون ضمن مجموعة تُحقق للطفل المتعة لا المنافسة المتسببة في الإصابات.

وهو ما علقت عليه الدكتورة كريستي نوكس، الباحثة المشاركة في الدراسة، بالقول إن من الممكن أن أجسام الأطفال في هذه السن الدراسية المتوسطة في المقدار هي أكبر وأقوى، ما يدفعهم الى اللعب بقوة، الأمر الذي يُؤدي الى تفشي الإصابات بينهم.

ـ قال الباحثون إن إصابات الوجه والرأس والعنق كانت أكثر انتشاراً بين اللاعبين الصغار جداً في العمر، أي الذين أعمارهم بين الثانية والرابعة من العمر، مقارنة بغيرهم من الأطفال الأكبر سناً. وأنه كلما كان الولد أصغر كلما استدعت إصابته مراجعة قسم الطوارئ في المستشفى. وقالت الدكتورة نوكس إن الطفل الصغير في السن يصعب عليه التعبير عما يشكو منه، ولذا حينما يُصاب الطفل الصغير فإن من الأفضل إدخاله الى المستشفى لملاحظته طبياً. وأضاف الباحثون القول بأن الأطفال الذين أعمارهم بين 2 الى 4 سنوات يجب ملاحظتهم بعناية أثناء لعبهم كرة القدم لأن ثمة خطورة أعلى لديهم للإصابة في الرأس وحاجتهم أعلى لدخول المستشفى للملاحظة. وهو ما دعاهم القول بأن المزيد من الأبحاث يجب إجراؤها في المستقبل حول الدور المحتمل لخوذة الرأس في وقاية اللاعبين الأطفال في هذه السن وخفض نسبة حالات ارتجاج المخ أو غيرها من إصابات الرأس لديهم.

* صحة الأطفال طالب الباحثون بإنشاء مركز قومي للمعلومات لكل المشاركين في لعبة كرة القدم وإصاباتهم ومعدل حاجتهم الى الدخول للمستشفيات لتلقي المعالجة. وقالوا إن توفر المعلومات تلك حول الأطفال اللاعبين يُمكنه الإسهام في تحسين وسائل الوقاية من الإصابات والتدريب عليها. وأكدوا في نفس الوقت أن كرة القدم مقارنة بالألعاب الجماعية الأخرى، لا تزال نسبة الإصابات فيها ضمن المعدلات المتدنية. لكن المطلوب هو المحافظة على صحة الأطفال ولياقتهم البدنية في أفضل صورة ممكنة، والحفاظ عليهم سليمين أثناء ممارستهم للألعاب الرياضية أياً كانت. وهو ما يتطلب تعاوناً من الوالدين والمدربين والمشرفين على ممارسة اللعبة والوسط الطبي، في الإبقاء على أمان ممارسة هذه اللعبة ونيل المتعة من ذلك.

وتعتبر الدراسة هذه من أفضل الدراسات في الآونة الأخيرة حول إصابات الأطفال جراء ممارسة الألعاب الرياضية، خاصة الجماعية منها. وتأتي مع تزايد المؤشرات العلمية على تفشي حالات السمنة بين الأطفال وضرورة التنبه الى تدني إقبال الأطفال على ممارسة التمارين الرياضية البدنية. ما يُعطي للوالدين وللأطباء صورة أوضح عن الإصابات الناجمة عن ممارستها وتحفيز إجراء مزيد من الأبحاث حول أفضل السبل للوقاية منها. خاصة مع الإقبال العارم للشباب في كافة الأعمار ومن الجنسين على ممارستها.

وهو ما يتطلب تهيئة الظروف المناسبة للأطفال من نواحي التدريب على الوقاية من الإصابات وأرضيات الملاعب واهمية الملابس والإشراف والمراقبة وغيرها من الجوانب التي تُسهم في تخفيف حدة الإصابات أو حصولها. كما أن من المهم إدراك الوالدين والمشرفين على تدريب الأطفال أهمية عدم ممارسة الطفل للعبة حتى يُشفى تماماً من الإصابة، خاصة في المدارس. أي أن لا يُترك الطفل ليلعب جماعياً أو فردياً وهو لا يزال يشكو من الألم. لأن الألم إما نتيجة لسوء الاستخدام أو نتيجة للإصابة. وكذلك من الضروري التنبه الى أن الأطفال ليسوا كالبالغين، وأجسامهم تحتاج الى وقت أطول كي تعود الى حالتها الطبيعية. لكن ثمة ملاحظة أساسية على الدراسة، وهي أنها لم تتناول بالبحث تلك الحالات الكثيرة جداً من مراجعة الأطباء في العيادات، أي غير الحالات المستعجلة التي تتطلب الحضور الفوري الى أقسام الإسعاف. وهي إصابات من المتوقع ربما أنها تفوق في العدد الإصابات الإسعافية.