فطريات الأنف والجيوب الأنفية

أنواعها متعددة ويصل انتشارها إلى 10% وتكثر عموما عند النساء والأطفال

TT

نستنشق الفطريات من حولنا، مع الهواء في المنزل والمكتب وفي السيارة، وعن طريق اجهزة التكييف، والفراش والستائر، فتدخل الى الأنف وتبقى في الجيوب الأنفية وعلى الغشاء الأنفي، تنتظر فرصة ضعف الجسم لتقوى ثم تهاجم.

يقول الدكتور طارق عبد الله عاشور استشاري ومدير مركز الأنف والأذن والحنجرة المكلف بمستشفى الملك فهد بجدة، إن أنواع الفطريات عديدة، أهمها:

الفطريات التي تسبب الالتهابات الحادة المدمرة للعين والدماغ، وهذه عادة تؤدي للوفاة في زمن قصير، وتصاحب أمراض نقص المناعة والأورام الخبيثة تحت العلاج الاشعاعي والكيميائي.

الفطريات الغازية، شديدة الخطورة وتصيب مرضى السكري بالذات، وتكون الاصابة على مدى طويل قد يصل سنين وقد تؤدي إلى الاصابة بالعمى والشلل والاعاقات المزمنة، واذا لم يتم العلاج الصحيح قد تؤدي إلى الوفاة.

الفطريات التحسسية، وهي الأكثر شيوعا وتصيب فئة كبيرة من المرضى الذين يعانون من أمراض الحساسية الأنفية والالتهابات المزمنة في الأنف والجيوب الأنفية ويخضعون للعلاج الطويل بالمضادات الحيوية وأدوية الكورتيزون ومضادات الحساسية. وتكون الاعراض عبارة عن انسداد مزمن بالأنف مع افرازات وشعور بالألم والوهن والضغط في منطقة الوجه وحول الأنف وصداع وفقدان حاسة الشم أو ضعفها مع ارتفاع بسيط ومتكرر في الحرارة، وأحيانا ألم في الأذن والتهابات صدرية مع كحة وألم في الاسنان، وقد تخرج من الأنف احيانا بعض القطع البنية الداكنة مع سائل مطاطي غليظ. ونحن ننصح المرضى الذين يعانون من هذه الاعراض أو بعضها مراجعة المراكز المتخصصة التي لديها الامكانات الجيدة والخبرة في معالجة هذه الامراض.

* دراسة علمية أجريت دراسة في مركز الأنف والاذن والحنجرة بمستشفى الملك فهد بجدة، لتجميع وحصر المرضى الذين راجعوا المركز خلال العشرين سنة الماضية وكانوا يعانون من التهابات مزمنة في الأنف والجيوب الأنفية والذين كانوا يعانون من مرض فطريات في الأنف والجيوب الأنفية.

بلغ عدد المرضى الذين تم تنويمهم واجراء تدخل جراحي لهم أكثر من 2000 مريض يشكون من التهابات مزمنة بالجيوب الانفية تم إجراء عمليات مناظير لهم، وتبين اثناء العملية ان لدى عشرة في المائة منهم فطريات بالأنف وهذا يدلل على مدى انتشار الفطريات.

كما إن حوالي 250 مريضا تم ادخالهم وتشخيصهم مرضى فطريات الانف والجيوب الانفية وكانوا يحملون نفس الشكوى وهي انسداد الانف ـ لحميات الأنف ـ افرازات وصداع وضغط في منطقة الوجه ـ انخفاض حاسة الشم.

اعتمدت الدراسة في التشخيص على الاشعة المقطعية والمغناطيسية والكشف بالمنظار قبل العملية وتاريخ الحساسية لدى المريض مع الاهتمام بتحاليل الدم ووجود لحميات في الأنف كما في بعض الحالات وتم أخذ مسحة للفحص، حيث تبين وجود الفطريات والاجسام المضادة التي يفرزها الجسم للدفاع.

وُجد أن عدد النساء عموما اكثر من الرجال، وبلغ عدد الاطفال، في حالات الفطريات، حوالي السبعين حالة بين سن السادسة والخامسة عشر، وهذا يدل على انتشار المرض بين الاطفال. وكان احيانا يصاحب ذلك تضخم في لحمية خلف الانف ووجود التهابات في الأذن ومياه خلف الطبلة. يتميز هذا المرض بأنه يصيب ناحية واحدة في الأنف، ولكن ذلك لا يمنع من اصابة الناحيتين، كما أن معظم المرضى يشكون من بروز وجحوظ في العين، وذلك نتيجة لضغط الفطريات على العين مباشرة، ولكن مرض فطريات الانف التحسسية لا يؤدي الى فقد البصر ولا يهاجم كرة العين، كما انه رغم شدته في تحطيم عظام الجيوب الانفية لا يهاجم الدماغ ولا ينتشر فيه، حيث ان غشاء الدماغ يكون متماسكا بعكس النوعين الآخرين وهي الفطريات الغازية، حيث تؤدي الى فقدان البصر والانتشار في عمق الدماغ بين الخلايا الدماغية.

* العلاج علاج مرض فطريات الانف والجيوب الانفية يعتمد على نوع الفطر، فالأنواع الغازية شديدة الخطورة يلزمها علاج جراحي فوري، ثم علاج مكثف بمضادات الفطريات عن طريق الوريد لمدة طويلة قد تصل الى ستة اسابيع وبعد ذلك يتم اعطاء الدواء عن طريق الفم لمدة شهور مع المتابعة الدقيقة المنتظمة وعمل الاشعات المقطعية والمغناطيسية للأنف والدماغ.

أما مرض فطريات الأنف والجيوب الانفية التحسسية فيلزمه علاج اولا بالمضادات الحيوية والكورتيزون لمدة اسبوعين، ثم العلاج الجراحي بالمنظار لاستئصال جميع اللحميات والفطريات وبعد ذلك نستكمل العلاج بمضادات الحساسية وبخاخات الكورتيزون والمضادات الحيوية ويلزم المريض الحضور للعيادة بانتظام لتنظيف الانف وازالة كل القشور والترسبات حتى نتأكد من وصول العلاج بمضادات الفطريات الموضعي بشكل غسول الى كل الجيوب الانفية.

وقد وُجد في الدراسة أن الطريقة الوحيدة لمنع رجوع المرض، هي الانتظام في العلاج ومراجعة العيادة وابقاء الانف نظيفا خاليا من اللحميات والالتصاقات.

ويذكر د. عاشور أنه تم انشاء عيادة مخصصة للحساسية واجراء الاختبارات اللازمة لمعرفة انواعها، بمستشفى الملك فهد، حيث أن من مسببات هذا المرض الحساسية، وتشمل الاختبارات اختبار الجلد والدم وبالتالي استحضار المصل المضاد الذي يصنع في الوقت الحاضر في فرنسا، ونأمل ان يؤدي ذلك الى تقليل فرص رجوع هذا المرض الخطير.