اختبار لقاح جديد لالتهاب الكبد الفيروسي من نوع إي (E)

دراسة أميركية في نيبال تثبت كفاءته

TT

في خطوة متقدمة لحل إحدى المشاكل الصحية بين أفراد الدول النامية، وخاصة الحوامل منهن، تمكن باحثون أميركيون من إتمام دراسة ميدانية حول فاعلية لقاح جديد ضد الإصابة بالتهاب الكبد الفيروسي من نوع إي hepatitis E . ووفق ما تم نشره في عدد أول مارس (آذار) من مجلة «نيو أنغلد» الطبية فإن نتائج الاختبارات التي شملت حوالي 2000 شخص من نيبال قد أثبتت فاعلية بنسبة 96% للحماية من الإصابة بعدوى هذا النوع من الفيروسات.

وبالرغم من ندرة حصول الإصابة بهذا النوع من الفيروسات في الدول المتقدمة، إلا أنها تُعتبر شائعة في مناطق أخرى من العالم مثل وسط آسيا وجنوبها الشرقي وشمالي أفريقيا وغربها وفق ما تُصرح به منظمة الصحة العالمية. وتحديداً فإن حوالي ثُلثي سكان العالم سبقت إصابتهم به. وفي بعض الدول كالهند مثلاً فإن 60% من السكان أُصيبوا به بالفعل. وفي حين أن غالبية الإصابات بفيروس إي E تزول مع الوقت بنفسها من دون أي آثار بعيدة المدى على المُصاب، إلا أن إصابة الحوامل بهذا الفيروس في الثلث الأخير من الحمل قد تؤدي إلى حصول الوفيات بنسبة تتجاوز 20%. وكذلك الحال عند إصابة القادمين من الدول الأخرى إلى تلك المناطق الموبوءة.

* لقاح جديد وقال الدكتور بروس إننس، الباحث الرئيس في الدراسة من قسم الأبحاث الإكلينيكية والتطوير بشركة غلاسكو سميث ـ كلاين المنتجة للقاح الجديد، إن هذا هو أول لقاح لأحد أنواع الفيروسات المتسببة بالتهابات الكبد يظهر من بعد 1992.

ولاختبار الفاعلية، قام الباحثون بالمقارنة بين نتيجة إعطاء إما اللقاح الجديد أو لقاح وهمي لآلفين شخص من أفراد الجيش النيبالي تم اختيارهم بعشوائية في البحث. وكان تناول اللقاح ضمن ثلاث جرعات متتالية، الأولى، ثم الثانية بعد شهر، ثم الثالثة بعد ستة أشهر. أي بطريقة مشابهة للقاح التهاب الكبد الفيروسي من نوع بي.

وبالمقارنة مع عدد الإصابات التي حصلت خلال مدة المتابعة التي تقارب 27 شهراً، تبين أن الفاعلية بلغت حوالي 96% في الوقاية من الإصابة. وما لفت أنظار الباحثين أن نسبة الإصابة في مجموعة من تلقوا اللقاح الوهمي قاربت 8% خلال مدة ما يزيد شيئاً قليلاً عن السنتين. ما يعني انتشار الإصابة به بنسبة تفوق ما توقعه الباحثون، وما يعني أيضاً مدى حاجة السكان المحليين إليه وحاجة من يفدون إليهم.

وعلق الدكتور توسار ديسيا، المتخصص في الكبد من ولاية ميتشيغان الأميركية، إن النتائج مثيرة. لكنه أضاف انه لم يلفت نظره أن الدراسة تمت في غالبها على الرجال، لأن التفاعل بين أجسام الرجال والنساء متقارب فيما يخص اللقاحات. لكن ما أثار اهتمامه هو كونها تمت على جنود، أغلبهم لم يكن بدينا. وأضاف ان ثمة فارقا بين طريقة إنتاج أجسام النحيفين وطريقة إنتاج السمان للمناعة بعد تلقي اللقاح. واللقاحات، على حد قوله، ليست بذات الفاعلية لدى من لديهم أوزان إضافية.

وبرغم جهود الباحثين في تطوير اللقاح واختباراته، إلا أنهم لا يعلمون متى سيتم الفراغ من أبحاثه ويكون بالتالي متوفراً لكل الناس.

* فيروس إي E هو أحد الفيروسات المتسببة بالتهاب الكبد التي تم اكتشافها عام 1980. وينتقل الفيروس من الشخص المصاب إلى آخر سليم من خلال تلوث الأطعمة أو المشروبات المتناولة ببقايا من فضلات الإخراج الملوثة بالفيروس. الأمر الذي يُؤدي إلى الحالات الوبائية أو المستوطنة منه. لكن انتقاله من شخص لآخر بشكل مباشر أو عبر الاتصال الجنسي غير وارد. وغالباً ما يزول بنفسه بدون أن يُصبح المريض مصاباً به بشكل مزمن أو يُصبح ناقلاً المرض للآخرين بشكل مزمن أيضاً. لكن الإشكالية التي تُؤكدها منظمة الصحة العالمية هي أن 4% من حالات الإصابات قد تأتي على شكل عنيف يتسبب بالوفاة.

وتستمر فترة الحضانة للفيروس، أي من حين دخول الفيروس إلى الجسم وبدء ظهور الأعراض أو الأذى في أعضاء الجسم، ما بين 3 إلى 8 أسابيع، بمعدل 40 يوما. ولا تزال منظمة الصحة العالمية تُؤكد أن لا لقاح متوفرا للناس حتى اليوم للحماية من هذا المرض. وتُؤكد ايضا ضرورة اتباع وسائل الوقاية للحيلولة دون ظهور الحالات الوبائية أو الفردية. وتضيف: لأن العدوى تحصل بتناول ما هو ملوث بالفضلات، فإن النظافة الشخصية، والمحافظة على معايير عالية في نظافة ماء الشرب والاستخدام من قبل الناس، والتخلص من مياه الصرف الصحي هي الأساس. كما أن على المسافرين والسائحين أن يأخذوا وسائل الحيطة عند زيارة المناطق الموبوءة. وهو ما تشير مراكز السيطرة على الأمراض ومنع انتشارها في الولايات المتحدة عليه بالقول إن على منْ يُسافر إلى مناطق مشكوك في مستوى نظافة الماء فيها فإن عليه أن يتجنب شرب الماء إلا من القناني المختومة، كما عليه تجنب استخدام الثلج المصنوع محلياً وتجنب تناول القشريات البحرية غير المطبوخة جيداً كالروبيان واللوبستر والمحار، وتجنب تناول الفواكه أو الخضار الطازجة بدون تقشيرها.

* فيروسات التهاب الكبد متنوعة > تقول نشرات منظمة الصحة العالمية إن مرض التهاب الكبد الفيروسي قد يحصل نتيجة لأنواع مختلفة من الفيروسات. مثل فيروس التهاب الكبد إيه A ، و بي B، و سي C ، و دي D ، و إي E وهو ما يشير به إلى أمرين مهمين، الأول أن حصول التهاب في الكبد قد ينجم عن الفيروسات وقد ينجم عن غيرها مثل الكحول أو الأدوية أو المواد الكيميائية أو اضطرابات مناعة الجسم. والثاني أن الفيروسات، كأحد أسباب التهابات الكبد، مختلفة الأنواع ومختلفة التأثيرات على الكبد وأعضاء الجسم الأخرى، وأيضاً مختلفة من ناحية مدة تأثر الكبد وأعضاء الجسم بها، ومختلفة في طريقة الإصابة بها أو عدوى المصابين بها للآخرين. ولذا فإن إدراك جوانب صحية وطبية حولها مهم في فهم كيفية التعامل معها والتعامل مع المصابين بها. والمناطق العربية تُعتبر إحدى بؤر التهابات الكبدية الفيروسية في العالم، وحالات الإصابات منتشرة بها بنسب متفاوتة.

وعملية الالتهاب في كبد الإنسان تنقسم إلى حالتين بغض النظر عن السبب أو الأسباب فيها. تُسمى الحالة الأولى الإصابة الحادة، وهي من بعد دخول الفيروس مباشرة إلى الجسم وتجمع أعداده في الكبد وتكاثرها، وإحداثها الأضرار به وبالجسم. وإذا ما استمرت حالة الالتهاب أكثر من ستة أشهر فإن الحالة تُدعى بالالتهاب المزمن. وتشمل علامات حصول الالتهاب الحاد في الكبد، بغض النظر أيضاً عن السبب فيه، ظهور اليرقان، أو الصفار، في الجلد وفي بياض العين، والشعور العام بالإعياء وألم في البطن، إضافة إلى الغثيان والقيء والإسهال مع ارتفاع طفيف في درجة حرارة الجسم والصداع. و هذه الأعراض هي محصلة تفاعل جهاز مناعة الجسم مع الفيروسات أو المواد الكيميائية الدخيلة على الجسم. ولذا فإن ثمة بعضا من حالات العدوى بالفيروسات المسببة لالتهاب الكبد لا تصطحبها الأعراض المذكورة. وكلمة التهاب تعني أن تفاعلاً أو معركة تجري فيما بين جهاز مناعة الجسم والعناصر الدخيلة عليه. وعلى حسب درجة تفاعل مجريات الأحداث تكون علامات الأعراض على الكبد وعلى الجسم. ما تفعل الفيروسات عند دخولها الجسم هو الذهاب رأساً إلى الكبد والاختباء داخل خلاياه. وذلك كي تتغذى على ما فيها، وأيضاً كي تستخدم أجزاء من نواة تلك الخلايا من الكبد على تسهيل تكاثر هذه الفيروسات وتناسلها. وهنا تحاول خلايا جهاز مناعة الجسم مهاجمة هذه الفيروسات المختبئة في خلايا الكبد. فتضطر خلايا مناعة الجسم إلى اختراق خلايا الكبد نفسها وتدمرها في محاولتها للقضاء على ما هو مختبئ فيها من فيروسات. ولذا ينتج تدمير أجزاء من خلايا الكبد نفسه، وبالتالي تظهر الأعراض والتداعيات، التي كلما زاد عنف التفاعل أو طال أمده تضرر الكبد أكثر.