نفاد بعض المغذيات من الجسم بفعل الدواء

العقاقير قد تقود الى طرد المعادن والفيتامينات

TT

يتعاظم التأكيد على دور النظام الغذائي الجيد علاوة على تناول المعادن والفيتامينات، كوسيلة مهمة للحفاظ على الصحة. مع ذلك قد نضطر من حين إلى آخر إلى استعمال بعض الأدوية سواء منها تلك التي تعطى بوصفة طبية أو تباع بدون وصفة طبية، وقد يجد البعض منا أنفسهم بحاجة إلى استعمال واحد أو أكثر من هذه الأدوية بشكل دائم.

تعرف المشاكل الصحية التي تنشأ من جراء تناول الأدوية التي تتسبب بفقدان الجسم للمغذيات، طبياً باسم «نفاد المغذيات من الجسم بفعل الدواء»، وبالرغم من أن هذه المشاكل غدت في الآونة الأخيرة من أحدث المواضيع الساخنة، فإن شأنها شأن الكثير من المواضيع والصيحات الأخرى تستحوذ على الاهتمام من حين إلى آخر.

إن نفاد المغذيات من الجسم بفعل الدواء ليس بالشأن العابر أو الحالة المؤقتة فهو يتحرك اليوم إلى دائرة الإهتمام نظراً لأهمية هذا الموضوع وحيويته لكل من المهنيين الصحيين وعامة الناس. وقد تم إعداد المعلومات التي سنعرض لها في هذه المقالة بشكل يساعد المهنيين الممارسين والأشخاص العاديين معاً على الوصول إلى إدراك أفضل لأهمية المحافظة على نظام غذائي جيد في الحياة اليومية أثناء استخدام الأدوية التي تباع بموجب وصفة طبية أو بدون وصفة طبية.

* أدوية تطرد المغذيات على الرغم من أن الدراسات التي توثق الحقائق المتعلقة بالكثير من الأدوية التي تتسبب في نفاد المغذيات من البدن، قد ظهرت لعقود خلت في الكثير من الأدبيات العلمية، فإن المعلومات التي تعرضها هذه الدراسات لم تحظ لسوء الحظ بالاهتمام والانتشار الكافي.

إن الكثير من الآثار الجانبية للأدوية يمكن في الواقع عزوها إلى نفاد المغذيات الذي تتسبب به هذه الأدوية بحد ذاتها إذا استخدمت خلال فترة من الزمن. وبالتالي فإن هنالك مسؤولية مهنية ملقاة على عاتق أرباب المهن الطبية والصحية توجب عليهم الإلمام بنفاد المغذيات الذي تتسبب به الأدوية لكي يتمكنوا من تقديم النصح والإرشاد للمرضى والمستهلكين حول هذه المشكلة. ولا يوجد هنالك رأي يقول أن فقدان المغذيات بفعل الأدوية هو سبب لمشاكل طبية، فالظروف التي نتعرض لها كالكرب، التلوث البيئي، القوت الرديء والكثير غيرها هي عوامل مساهمة في حدوث المشاكل الصحية والطبية. إن نفاد المغذيات قد يكون له تأثيرات سلبية على الهضم، الإستقلاب (التمثيل الغذائي)، إزالة السمية والكثير من الجوانب الأخرى المتعلقة بعملية الاستقلاب، مؤدياً في النهاية إلى الإضرار بالكثير من أجهزة الجسم وبالتالي صحة الفرد ككل. وحجم مشكلة نفاد المغذيات من الجسم بفعل الدواء وانتشارها هما أكبر مما تتحدث عنه التقارير الموجودة حالياً، ففي معظم الحالات نجد أن تأثير الأدوية على المغذيات المختلفة لم تتم دراسته بعد. بالتالي فإن التعمق في نفاد المغذيات بفعل الأدوية سيساعدنا في الحصول على إجابات ضرورية للحد من الأعراض والآثار الجانبية مما يسمح بتحسين نوعية الرعاية الصحية المقدمة.

* نفاد المغذيات وبينما يعني مصطلح المكمِّل الغذائي بالنسبة للكثيرين الفيتامينات فإننا في الواقع نجد أن نقص المعادن هو مشكلة أكبر من عوز الفيتامينات. وسنورد فيما يلي بعض المعلومات المرجعية حول المغذيات التي يمكن أن تنفد بتأثير الأدوية، على سبيل المثال لا الحصر:

تتسبب مضادات الحموضة المحتوية على المغنيسيوم والألمنيوم بنفاد الكالسيوم، الفوسفور، حمض الفوليك. أما بيكربونات الصوديوم فتتسبب بنفاد البوتاسيوم ـ وحمض الفوليك، بينما تؤدي المضادات الحيوية عموماً إلى نفاد الفيتامينات بي وكيه. وتتسبب التراسيكلينات وهي من المضادات الحيوية بنفاد الكالسيوم ، المغنزيوم ، الحديد والزنك وتتسبب الأمينوغليكوزيدات وهي أيضاً من المضادات الحيوية بنفاد البوتاسوم ، الكالسيوم والمغنيسيوم .

تتسبب مضادات الإختلاج في نفاد الكالسيوم ، حمض الفوليك ويتسبب حمض الفالبروئيك وهو مضاد للإختلاج أيضاً بنفاد الكارنيتين، النحاس، السيلينيوم والزنك. أما مضادات الفطور فتتسبب بنفاد الكالسيوم، المغنزيوم، البوتاسيوم، الصوديوم.

وبدورها تتسبب الأدوية المضادة للإلتهاب بنفاد الكالسيوم ، البوتاسيوم ، المغنيسيوم ، الزنك ، حمض الفوليك ، السيلينيوم ، الكروم ، الفيتامينات سي ، بي 6 وبي 12. ويتسبب الأسبرين والساليسيلات بنفاد الكالسيوم ، البوتاسيوم ، الصوديوم ، حمض الفوليك ، الفيتامين سي والفيتامين بي 5 .

أما الأدوية المضادة لداء باركنسون فتتسبب بنفاد البوتاسيوم والفيتامين ب 6 . وتتسبب أدوية السرطان والمعالجة الكيميائية بنفاد معظم المغذيات الأساسية تقريباً ، مما يؤدي إلى الكثير من المشاكل بما في ذلك التهاب أو أذية الخلايا المبطنة للقناة الهضمية الذي يؤدي بدوره إلى الغثيان والقيء، فقدان الشهية وتثبيط آليات نزع السمية في البدن ، مما يؤدي مجدداً إلى نفاد المغذيات.

وتتسبب الأدوية القلبية الوعائية بنفاد الكالسيوم، المغنيسيوم، البوتاسيوم، الصوديوم، الزنك، الفيتامينات سي، بي 1 وبي 6. وتؤدي مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين إلى نفاد الكالسيوم، المغنيسيوم، الفوسفور.

أما الهرمونات الأنثوية المستخدمة في المعالجة بالإعاضة الهرمونية HRT أو في المعالجة بالإعاضة بالإستروجين ERT فتتسبب بنفاد المغنيسيوم والفيتامين بي6 . وتتسبب مانعات الحمل الفموية بنفاد حمض الفوليك ، المغنسييوم ، السيلينيوم ، الزنك ، والفيتامينات بي وسي.

وتتسبب أدوية النقرس في نفاد الكالسيوم ، الصوديوم ، الفوسفور ، البوتاسيوم .

أما الملينات عموماً فتتسبب في نفاد الكالسيوم ، الفوسفور ، المغنزيوم ، البوتاسيوم ، بينما تتسبب كل من الستيروئيدات وأدوية الدرق في نفاد الحديد من البدن.

مشاكل المغذيات والفيتامينات تظهر الدراسات أن الاستعمال غير السليم للمغذيات يمكن بدوره أن يؤدي إلى مشاكل ، على سبيل المثال نذكر الفيتامين دي، والحديد فهما مغذيان قد يتسببان بحدوث مشاكل صحية إذا ما استهلكا بكميات مفرطة خلال فترة من الزمن. كما أن الفيتامين( أيه) ، والفتيامين (إي E ) الذوابين في الدسم، والعنصر المعدني الزهيد المعروف باسم السيلينيوم هي أمثلة على المغذيات التي يمكن أن تحدث تأثيرات سمية إذا ما استهلكت بكميات زائدة عن الحاجة.

إن الأقراص النموذجية التي تحتوي على مجموعة متنوعة من المعادن والفيتامينات تضم في تركيبتها مكونات يلغي بعضها تأثير البعض الآخر . كما أننا يجب أن لا ننسى أن المعادن تعيق امتصاص بعضها البعض ، فعلى سبيل المثال يتنافس الزنك مع الحديد الذي بدوره يتنافس مع الكالسيوم على الإمتصاص .

ومن أكثر المكملات المفردة شعبية هي الفيتامين (سي) والفيتامين (إي E) . واعتقد العلماء في الماضي أنهما قادران على الوقاية من بعض الأمراض والعلل كالسرطان وأمراض القلب. لقد فشلت الدراسات الصارمة التي أجريت على المكلات المحتوية على الفيتامين (سي) على الدوام في إظهار أي تأثيرات مفيدة لها . كما أن الدراسات المكثفة التي أجريت على الفيتامين (إيE) ومرض القلب وجدت أن هذا الفيتامين لم يتمكن من الوقاية من النوبات القلبية كما عانى الأشخاص الذين يتناولونه من حوادث قلبية وعائية (السكتات) بشكل أكبر. إن الفيتامينين الأقل حاجة من قبل البشر هما الأكثر تناولاً.

إن الاتجاه الرائج حالياً بخصوص تناول الفتيامينات المضادة للتأكسد قد حث على إجراء كم كبير من الأبحاث العلمية. وقد أشارت إحدى الدراسات على النساء المصابة بمرض القلب أن الفيتامينات المضادة للتأكسد يمكن في الواقع أن تزيد من معدلات حدوث التصلب العصيدي.

كما أظهرت تجربتان عشوائيتان مكثفتان على الفيتامين (أيه) والبيتاكاروتين ـ كان العلماء يأملون منهما إثبات أن لهاتين المادتين تأثيرا مضادا للسرطان، عدم وجود أي فائدة في هذا المجال، ووجدت إحداها أن المشاركين الذين تناولوا هذه المكملات أصيبوا بالسرطان بشكل أكبر! لا يوجد حتى اليوم أي مرض يمكن الوقاية منه بتناول مجموعة من الفيتامينات، ويوهم الناس أنفسهم أن الفيتامينات المتعددة قد تعوض عن الأضرار التي تنتج عن النظام الغذائي الرديء، فإذا ما تناولت الوجبات السريعة كل يوم ستجد أن الفيتامينات تأتي آخراً في قائمة المشاكل التي ستتعرض لها من جراء ذلك. لا يوجد شيء اسمه الدواء السحري وهو مجرد خيال، النصيحة ببساطة هي: ليس بمقدور المرء أن يستعيض عن النظام الغذائي الصحي ببديل آخر. إننا نعرف أن الأشخاص الذين يتناولون خمس حصص أو أكثر من الفواكه والخضار هم أقل إصابة بالمرض.

* صيدلي مقيم في الامارات (الموضوع مقتبس عن نشرة صادرة عن معهد الطب الكيميائي الحيوي في آسيا والمحيط الهادي ( The Institute of Biochemic Medicine Asia Pacific)