تحليل عشرات الدراسات يشير إلى منافعها الجانبية

كمبريدج (ولاية ماساشوستس الاميركية): «الشرق الأوسط»*

TT

أغلبية التأثيرات الجانبية للأدوية والعقاقير مزعجة ومضرة، وقد تكون مميتة في بعض الأحيان، لكن هنا بعضها قد تنفعك، والتي تجعل عظامك قوية ومتينة، ألا وهي مدرات بول «ثيازايد». وحاصرات «بيتا» ومثبطات انزيم الـ«أنجيوتنسين» ACE التي تستخدم جميعها للسيطرة على ضغط الدم العالي وتقليل الحمل على القلب وحماية العظام من الكسور كما يبدو.

وهذه اضافة نافعة لأن ترقق العظام مسؤول عن 1.5 مليون حالة من تكسر العظام وتصدعها تحصل سنويا لمواطنين أميركيين من المسنين. ومثل هذه الحالات قد تشل صاحبها وقد تؤدي به الى الوفاة. كما ان نحو ربع الأشخاص الذين يتعرضون الى كسر في الورك لا يتمكنون بعد ذلك من العيش مستقلين، وينتهي الأمر بهم الى مركز خاص بالعناية، كما ان الربع الآخر ينتهي أمرهم الى الوفاة خلال سنة من الحادث.

وكانت دراسات هنا وهناك قد ربطت بين أدوية معالجة ضغط الدم العالي والعظام، غير ان الباحثين الكنديين والإسبان قاموا بتمشيط المجلات الطبية بحثا عن مثل هذه التقارير، وجمعوا افضلها في دراسة موحدة كبيرة في اسلوب يعرف «ما وراء التحليل»، وشملت 54 دراسة تمثل اكثر من 900 الف مشترك، ونشرت في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي في مجلة الطب الباطني.

* مدرات البول «ثيازايد» تقوم مدرات البول بالتخلص من السوائل والأملاح الزائدة في الجسم عن طريق حث الكليتين على زيادة كمية البول، وهذا من شأنه تخفيض ضغط الدم عن طريق اراحة جدران الأوعية الدموية. ويزيد مدر البول «ثيازايد» من طرح كل من الصوديوم والكلوريد. ومثل هذه العقاقير نافعة للعظام بأسلوبين؛ الأول، بأن تقوم الكليتان تحت تأثيرها بالاحتفاظ بالكالسيوم بدلا من طرحه في البول. وهذه الكمية الزائدة منه يمكن استخدامها لبناء عظام قوية وتعزيزها. ومدر البول «ثيازايد» ينشط من الخلايا البانية للعظام التي هي مجموعة، أو عائلة من الخلايا المسؤولة عن بناء العظام.

واستنادا الى دراسة «ما وراء التحليل»، فان الأشخاص الذين يستخدمون المدر البولي «ثيازايد» قل احتمال تعرضهم الى كسر في الحوض، او الرسغ، او في اي مكان آخر من العظم، بنسبة 14 في المائة من أولئك الذين لم يستخدموه. ولم يسجل اي نوع من الحماية بالنسبة الى اي نوع آخر من مدرات البول غير «ثيازايد».

* حاصرات بيتا تغطي القلب والأوعية الدموية منبهات جزيئية تعرف بـ«مستقبلات بيتا الأدرينالية». وهي عند تنشيطها، أو اثارتها بواسطة هرمونات التوتر عن طريق النظام العصبي الودي تقوم بشد الأوعية الدموية وتقليصها، مع تسريع نبضات القلب وزيادة قوة كل نبضة. لكن «حاصرات بيتا» تقوم بإغلاق هذه المستقبلات متيحة المجال أمام الأوعية الدموية في القلب، وفي الجسم لكي ترتخي وترتاح. وهذا من شأنه تخفيض ضغط الدم مسهلة على القلب ضخ الدم بسهولة ورفق، مع تسهيل العبء المسلط عليه ايضا عن طريق إبطاء معدلات نبضه وتخفيض تقلصاته.

وتساهم هرمونات التوتر ايضا، اضافة الى شد الأوعية الدموية، في اضعاف العظام. وعن طريق إبطاء الاشارات الصادرة عن النظام العصبي الودي تقوم «حاصرات بيتا» بابطاء هذا الأسلوب الذي يساهم في تآكل العظام. وهكذا أظهر «ما وراء التحليل» ان «حاصرات بيتا» تقلل من مخاطر تكسر العظام بنسبة 14 في المائة.

مثبطات انزيم الـ«أنجيوتنسين» تقوم مثبطات انزيم الـ«أنجيوتنسين» ACE بإغلاق انتاج الـ«أنجيوتنسين 11» الهرمون الذي يجعل الشرايين تتقلص وتشد على ذاتها. ومع كمية اقل من هذا الهرمون ترتاح الشرايين وترتخي وينخفض ضغط الدم. ويقوم هذا الهرمون ايضا مع الهرمونات المشتقة والقريبة منه بتنشيط «ناقضات العظم»، وهي عائلة من الخلايا التي تقوم بتفكيك العظام، كما يؤثر على مخزون الكالسيوم في الجسم. وكل واحد من هذين الأمرين يضعف العظم. وقد بينت دراسة «ما وراء التحليل» ان استخدام هذا العقار المثبط له علاقة مباشرة بتخفيض احتمالات تكسر العظام بنسبة 19 في المائة. وليس ضغط الدم هو العلاقة الوحيدة بين العمود الفقري ونظام الأوعية الدموية والقلبية لكون الالتهابات والعوامل الأخرى هي سيئة للقلب وللأوعية الدموية، وللعظام ايضا، فقد تتأثر بضعة أنواع من البروتينات المكونة للأنسجة المسؤولة عن بناء جدران الأوعية الدموية والعظام بشكل سلبي من هذه العوامل ايضا، كما ان هناك دلائل متزايدة على ان الأشخاص الذين يملكون عظاما هشة، أو أولئك الأشخاص الذين يفقدون أكثر من بوصتين من طولهم عندما يتقدمون في السن (بسبب كسر، أو تصدع صغير في العمود الفقري) يكونون أكثر احتمالا للاصابة بأمراض الشرايين والقلب أو الوفاة مبكرا.

وهناك العديد من الأمور الأخرى في الاتجاه الآخر التي تثبتت جدواها في الحفاظ على القلب والشرايين في صحة جيدة مثل التمارين الرياضية التي تأتي على رأس القائمة. كذلك تناول الكثير من الفواكه والخضار، والحصول على كميات كافية من فيتامين «دي»، مع عدم التدخين.

ومن الغريب انه رغم فوائد العقاقير التي ذكرناها آنفا في علاج ضغط الدم العالي، فان الأغرب هو عدم قيام اي شخص بوصفها، أو التوصية بها لحماية العظام. ان استخدامها لتخفيض ضغط الدم العالي واراحة القلب هو انجاز كبير بحد ذاته، لكن أي فوائد أخرى تعتبر اضافة جيدة ينبغي عدم نسيانها.

*خدمة هارفارد الطبية ـ الحقوق: 2005 «بريزيدانت آند فيلوز» ـ كلية هارفارد عقاقير خفض الكوليسترول وامراض القلب.. والعظام > عقاقير ضغط الدم ليست الوحيدة المرتبطة بصحة العظام أو الإساءة اليها بل هناك ايضا:

ـ الـ«ستاتن»: اظهرت بعض الدراسات ان استخدام عقاقير من زمرة الـ«ستاتن» المخفضة لنسبة الكوليسترول في الدم من شأنها تخفيض احتمالات تكسر العظام بنسبة الثلث. لكن دراسات اخرى لم تبين أي نتيجة، حتى الآن في الأقل. ولكن ينبغي عدم احلال الـ«ستاتن» محل استراتيجيات اخرى التي قد تساعد عظامك.

ـ النترات: اظهرت دراسة كبيرة ان الأشخاص الذين يستخدمون الـ«نتروغليسيرين»، او اي نوع اخر من النترات لتخفيف الآلام الصدرية (الذبحة القلبية) يتعرضون الى نسبة 11 في المائة أقل للكسور من أولئك الذين لا يستخدمونه. ـ الـ«وارفارين»: استخدامه لمدة سنة أو أكثر من شأنه زيادة احتمالات التعرض لتكسر العظام.