داء الكلب.. الوقاية والتحصين

واسع الانتشار ووفياته عالية وخاصة بين الأطفال والمزارعين

TT

داء الكلب (rabies) مرض فيروسي حيواني المنشأ يصيب الحيوانات الأليفة والبرية، وينتقل منها إلى الإنسان أو حيوان آخر من خلال التعرض للعاب الحيوانات الموبوءة مباشرة، عن طريق عض الأنسجة الجلدية المتشققة والأغشية المخاطية أو خدشها أو لحسها مثلا. ويؤدي داء الكلب، بعد تطور أعراضه، إلى وفاة المصاب به، سواء كان حيواناً أو آدمياً. لقد ظهر كلب الخفافيش، في الآونة الأخيرة، كمستودع وبائي مهم في بعض مناطق العالم (مثل الأميركتين وأستراليا). وحدثت معظم وفيات داء الكلب الموثقة، في أميركا الشمالية، جراء الإصابة بنوع من أنواع فيروس داء الكلب الذي يصيب الخفافيش الفضية الشعر. كما تتزايد، في أميركا الجنوبية، حالات كلب الحيوانات البرية، وخاصة كلب الخفافيش. وفي عام 2003، تجاوز عدد الوفيات التي حدثت في أميركا الجنوبية بسبب عضات الحيوانات البرية، لأول مرة، عدد الوفيات الناجمة عن عضات الكلاب، غير أن الكلاب لا تزال تشكل الحيوانات المستضيفة الرئيسية في أفريقيا وآسيا، وهي المسؤولة عن معظم وفيات الكلب البشري التي تحدث في شتى أرجاء العالم.

* آخر الدراسات المعطيات الموثقة الخاصة بداء الكلب شحيحة في العديد من مناطق المعمورة، مما يجعل تقييم آثاره الكاملة على صحة البشر والحيوانات أمراً صعباً.

منظمة الصحة العالمية أجرت عام 2004، دارسة لإعادة تقييم العبء الناجم عن داء الكلب، فأشارت إلى حدوث 55 ألف حالة وفاة في السنة جراء هذا المرض، تتحمل آسيا أكبر عبء صحي فيها (إذ يُقدر عدد الوفيات الناجمة عن المرض بنحو 31 ألف حالة وفاة)، ثم أفريقيا (24 ألف حالة وفاة). وفي كل عام يتلقى نحو 10 مليون نسمة العلاجات اللازمة بعد تعرضهم لحيوانات يُشتبه في إصابتها بداء الكلب.

في أواخر التسعينات ومطلع عام 2000، تم التخلص من داء الكلب الذي كان منتشراً بين الحيوانات البرّية في بلدان غرب أوروبا، وذلك بفضل حملات التطعيم الفموي التي اضطلعت بها تلك البلدان (سويسرا عام 1999؛ وفرنسا عام 2000؛ وبلجيكا ولوكسمبرغ عام 2001؛ والجمهورية التشيكية عام 2004). وتم أيضاً الإبلاغ عن حدوث انخفاض هائل في عدد حالات الكلب البشرية خلال الأعوام الأخيرة في أميركا الجنوبية وبعض البلدان الآسيوية، وذلك عقب تنفيذ برامج لتحسين علاج الآدميين في فترة ما بعد التعرّض وتطعيم الكلاب.

* العدوى والأعراض يُصاب المرء بعدوى الكلب، في أغلب الأحيان، عن طريق التعرض لعضات الحيوانات الموبوءة مثل الكلاب أو القطط. ويمثل الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم 15 عاماً 30% إلى 60% من ضحايا عضّات الكلاب في المناطق التي يتوطنها داء الكلب الكلبي. كما ترتفع نسبة الاصابة عند عمال الزراعة والعاملين بالخدمات البيطرية. أعراض الكلب الأولى، عادة، هي أعراض غير نوعية تشير إلى إصابة الجهاز المعدي المعوي و/أو الجهاز العصبي المركزي. وفي المرحلة الحادة، تطغى على تلك الأعراض علامات الهياج وعلامات الشلل تعقبها الغيبوبة والوفاة في جميع الحالات، جراء الفشل التنفسي. * الوقاية والتحصين والعلاج لا يوجد علاج لمرض الكلب فى حالة ظهور الأعراض المرضية على المصاب. وتتمثل الوقاية من المرض في غسل الجرح أو نقطة التعرّض بالماء والصابون، مع استخدام مادة مطهّرة. وينبغي إعطاء لقاح الكلب في أسرع وقت ممكن باتباع الإجراءات المعترف بها من قبل منظمة الصحة العالمية. كما ينبغي التخلي عن إنتاج لقاحات داء الكلب المعدة بالأنسجة العصبية، والاستعاضة عنها باللقاحات الحديثة والفعالة والشديدة النقاء التي تُحصل بواسطة زرع الخلايا أو استخدام أجنّة البيض. وينبغي إعطاء الغلوبولين المناعي (الضدّ) لجميع المعرضين خاصة الذين يعانون كبت المناعة. وينبغي إعطاء جرعة تامة من الغلوبولين المناعي المضاد للكلب، أو أكبر كمية يمكن أن يتحمّلها جسم الإنسان، داخل موضع الجرح وحوله.

يجب أن تكون الوقاية من داء الكلب البشري جهداً مجتمعياًَ يبذله المسؤولون البيطريون ومسؤولو الصحة العمومية على حد سواء للتخلص من ذلك الداء بالتركيز، أساساً، على تطعيم الكلاب بشكل جموعي.

إنّ الأنواع المختلفة للغلوبولين المناعي المضاد للكلب غالية الثمن، وقد تكون نادرة الوجود أو منعدمة تماماً في معظم البلدان النامية التي يتوطنها المرض، وعليه يجب تعزيز برامج الوقاية لحماية الفئات السكانية المعرّضة لمخاطر الإصابة بداء الكلب في البلدان الصناعية، وخاصة الأطفال.