إرشادات جديدة حول إعداد المنتجات الغذائية المقطعّة

للحد من تفاقم حالات التسمم الغذائي بالبكتيريا

TT

مع تفاقم موجة حالات التسمم الغذائي في الولايات المتحدة خلال الأشهر الستة الماضية، ومع تزايد مخاوف الناس من الإقبال علي شرائها أو تناولها، أصدرت وكالة الغذاء والدواء الاميركية إرشادات جديدة حول كيفية إعداد المنتجات الغذائية المقطعة والمُعدة للبيع على أرفف المتاجر مثل الفواكه والخضار والسندويتشات (الشطائر) وغيرها، الجاهز غالبها للتناول المباشر من قبل المستهلكين.

وتضمنت الإرشادات التي تم الإعلان عنها قبل أسبوعين، ذات الطابع الاختياري في التطبيق من الناحية القانونية، طرقاً مُقترحة يُمكن باتباعها من قبل منتجي تلك المواد التموينية الغذائية أن يُقللوا من وصول الميكروبات إليها وفرص نموها فيها، والتي تتسبب في تفشي حالات التسمم الغذائي.

وقال الدكتور ديفيد أشنسون، مدير قسم الحماية الغذائية في إدارة التفاعل الطارئ والاتصالات بمركز سلامة الأطعمة والتغذية التطبيقية في الوكالة الأميركية، إن الحالات الوبائية الحديثة تشير بوضوح إلي أن مزيداً من الاهتمام يجب بذله لتقليل احتمالات حصول المزيد من تلك الحالات الوبائية للتسمم بالأطعمة. لأن، علي حد قوله، الكثير من تلك الحالات كان بالإمكان منع حصولها بالأصل من الناحية النظرية.

* تسمم غذائي وكانت بدايات سلسلة حالات التسمم الغذائي بالأطعمة في الولايات المتحدة قد حصلت في سبتمبر الماضي، وهو ما تابعه ملحق الصحة بـ«الشرق الأوسط» إضافة الى الأحداث اللاحقة بعده في هذا الموضوع. والذي حصل فيها تلوث منتجات السبانخ المزروعة في إحدى مناطق ولاية كاليفورنيا الأميركية ببكتيريا إي كولاي. وأدت إلى وفاة ثلاثة أشخاص، وإصابة أكثر من 200 شخص في 26 ولاية أميركية إضافة إلي كندا وغيرها من الدول التي وصلت منتجات السبانخ تلك إليها.

ثم حصلت وفي نفس الشهر، حالات تسمم وبائي بنوع آخر من البكتيريا، وهي السالمونيلا، في نوع آخر من المنتجات الغذائية النباتية، وهي الطماطم. وطالت الإصابات فيها 183 شخصاً في 21 ولاية أميركية إضافة إلى كندا.

ثم أعلنت السلطات الفيدرالية الصحية بالولايات المتحدة في ديسمبر الماضي، عن حالة وبائية جديدة للتسمم ببكتيريا إي كولاي في الخس الذي تُقدمه شركة أميركية لأشهر سلسلة مطاعم تقديم الوجبات المكسيكية السريعة في العالم أجمع. وفيها طالت الإصابات أكثر من 70 شخصاً في خمس من الولايات الأميركية.

ناهيك عن حالات التسمم بمعلبات زبدة الفول السوداني الذي تُنتجه مزارع ولاية جورجيا الأميركية، والتي أصاب تلوثها ببكتيريا سالمونيلا أكثر من 400 شخص في أكثر من 42 ولاية أميركية منذ بدء الحالة الوبائية في منتصف فبراير الماضي وحتى منتصف مارس الماضي، أي خلال حوالي الشهر الواحد! هذا غير الحالات الوبائية الأخرى الأقل عدد في أرقام الإصابات والضحايا، وغير بالطبع سلسلة حالات التسمم التي لا تزال تتوالى أصداؤها في الأسابيع الأخيرة، حول تسمم منتجات تغذية القطط والكلاب وغيرهما من الحيوانات المنزلية الأليفة في الولايات المتحدة.

وبالرغم من أن الإرشادات الجديدة غير إلزامية التطبيق من قبل منتجي الأغذية المقطعة من الخضار والفواكه، إلا أن نيغا بيرو، مدير مكتب سلامة الغذاء بالإدارة الأميركية المتقدمة الذكر، قال إننا لم نستثني إمكانية جعلها قوانين إلزامية، إلا أن البدء في إصدارها لتطبيقها كقوانين غير إلزامية أسرع من جهة الاستفادة من تطبيقها، بدل الانتظار لوقت طويل وفق الإجراءات المتبعة اللازمة لإصدار القوانين المُلزمة. وقال بأن 25% من حالات أوبئة التسمم الغذائي التي حصلت في الولايات المتحدة بين عام 1996 وعام 2006، كانت بسبب تناول أحد أنواع المنتجات الطازجة المُقطعة. وأضاف إن طريقة إجراء عملية إنتاج وإعداد وتغليف هذه المنتجات الطازجة المقطعة ترفع من احتمالات تلوثها بالبكتيريا عبر تمزق الغطاء الطبيعي الحافظ لها عند الإنتاج. أي كتقشير الخضار أو الفواكه وتقطيعها. إضافة إلي أن الالتصاق اليدوي الشديد بها أثناء عملية الإعداد والإنتاج يرفع من إمكانيات تلوثها أيضاً. كما انه استطرد بالقول إن التوسع في إنتاجها وتوسع إقبال المستهلكين على تناولها، مقارنة بالماضي، رفع من حالات التسمم التي تم رصد حصولها.

ارشادات صحية وضمن مداخلات الدكتور أشنسون، قوله تعليقاً بالاستناد إلي المعلومات التي صرحت بها إدارة مراكز السيطرة على الأمراض ومنع انتشارها في الولايات المتحدة فإن العدد الكلي لحالات أوبئة الإصابة بالتسمم الغذائي لمنتجات الغذائية فيما بين عام 1998 وعام 2004 ظلت متساوية، لكننا نشهد في الآونة الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً في عدد تلك الإصابات الناجمة عن تناول المنتجات الغذائية المقطعة. وأضاف بأن الإرشادات الجديدة تُعطي توجيهاً جديداً للمنتجين حول كيفية إعداد قطع الخس المقطعة طولياً، وشرائح الطماطم، والسلطات الممتزجة، وصغار جذور الجزر المقشرة، وقطع زهيرات البروكلي والقرنبيط، والملفوف المخروط، وقطع البطيخ، وشرائح الأناناس وغيرهم.

وتتبع الإرشادات كيفية التعامل مع تلك المنتجات من حين قطافها أو حصادها، إلي مراحل الإعداد الإنتاجية التي تمر بها في سبيل تهيئتها كمنتجات طازجة مُقطعة. وتشمل جوانب تتعلق بنظافة وصحة العاملين في تلك المراحل الإنتاجية، إلي مراحل التغليف والنقل والحفظ والعرض على أرفف ثلاجات المتاجر. ثم ما بعد ذلك من بدء تعامل المستهلك معها من حين الشراء إلى التناول.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى تحدث الدكتور أشنسون عن ضرورة فهم كيفية تمكن بكتيريا أي كولاي، وغيرها من أنواع البكتيريا المتسببة في حالات التسمم الغذائي، من الوصول إلي تلك المنتجات الغذائية والتكاثر فيها، وبالتالي التسبب في إصابات المستهلكين، لأننا على حد قوله لا نملك جميع الإجابات عن جميع الأسئلة المطروحة اليوم حولها في كيفية التسبب بحالات التسمم الغذائي.

وعلى سبيل المثال فإننا لو راجعنا تقارير مراكز السيطرة علي الأمراض ومنع انتشارها في الولايات المتحدة حول حالات التسمم ببكتيريا أي كولاي في قطع التاكو التي دأبت على تقديمها أكبر شركات العالم في قطاع أطعمة تاكو، نجد أن نوع إي كولاي ذاك هو واحد من بين مئات أنواع سلالات بكتيريا إي كولاي، والتي غالبها لا يتسبب بأي أعراض مرضية متى ما وصل إلي الجهاز الهضمي للإنسان. لكن ذاك النوع بالذات يمتاز بأن لديه القدرة على إنتاج أنواع من السموم البكتيرية التي يُؤدي تناولها إلى ظهور أعراض الإصابة بالتسمم الغذائي.

وهذه البكتيريا توجد في معظم عجول المزارع، وقد تصل إلى لحومها أثناء السلخ. كما أن من المحتمل أنها وصلت إلي قطع الخس أو الطماطم أو السلامي أو الحليب غير المبستر.