بين الصواب والخطأ

د. عبد الحفيظ خوجة*

TT

من الأخطاء التي تقع فيها بعض السيدات، عدم عرض حالتهن المرضية مبكرا على الطبيب المناسب وهو «طبيب النساء»، وذلك بالنسبة لاضطرابات الدورة الشهرية وتأخرها عن موعدها إلى شهرين أو ثلاثة، وعدم الانجاب للمتزوجات وهن في سن الانجاب، وزيادة الوزن، ظهور حب الشباب في الوجه، ظهور شعر في اماكن جديدة كالشنب والذقن.

إن هذه الأعراض تدل على «تكيس المبايض» وهو عبارة عن متلازمة تصيب السيدات في سن الانجاب.

يقول الدكتور انتصار راغب الطيلوني استشاري أمراض النساء والتوليد والعقم، إن هذه المتلازمة تحدث نتيجة خلل في الهرمونين المسؤولين عن التبييض في المرأة واللذين يفرزان من الغدة النخامية. ويتم تشخيص هذه المتلازمة باجراء تحليل لهذه الهرمونات في الايام الخمسة الاولى من الدورة كما يمكن تشخيصها بصورة قاطعة بواسطة التصوير التلفزيوني.

أما التحليل الباثوفسيولوجي لهذه المتلازمة فان قلة افراز الهرمون المسؤول عن تكبير البويضة في المبيض يؤدي الى عدم نمو البويضة بالصورة المطلوبة فتتكون البويضات اصغر من الحجم اللازم لنزولها، وبذلك تبقى في المبيض كما ان ارتفاع هرمون الحليب وتأثيره الدائم والمستمرعلى خلايا المبيض يؤدي الى افراز هرمون التستستيرون المذكر والذي يكون بدوره مسؤولاً عن زيادة الوزن وظهور حب الشباب والشعر الزائد في جسم المرأة.

أما العلاج فيعتمد على عدة امور، منها عمر المريضة، ما اذا كانت متزوجة أم لا، وما اذا ترغب في الحمل ام لا.

فإذا كانت المريضة غير متزوجة او لا ترغب في الحمل فإن العلاج يتمحور في اعطائها الهرمونات من اجل تقليل افراز الهرمون المذكر من المبيض كما تساعد على تنظيم الدورة. وافضل علاج في مثل هذه الحالات هو حبوب منع الحمل بجميع انواعها.

أما اذا كان نمو الشعر كثيرا فهناك نوع من حبوب منع الحمل لها تأثير في تخفيف نمو الشعر بالاضافة الى تنظيمها للدورة الشهرية. أما اذا كانت المرأة ترغب في الحمل فيتم العلاج عادة باعطاء المحرضات لتنشيط التبويض، إما على شكل حبوب او حقن حسب الحاجة. كما انه يمكن اضافة عقار «جلوكوفاج» وهو عقار يستخدم لتخفيض السكر لدى مرضى السكري ووجد ان له تأثيرا جيدا في تحريض التبويض.

ويمكن معالجة التكيس باجراء عملية «كي» وخرم للمبايض بواسطة المنظار حتى يتم التخلص من التكيس وبالتالي التقليل من افراز الهرمون المذكر ثم تعطى المحرضات للتبويض.

* النظافة أساس الوقاية من الأخطاء الشائعة إهمالنا المحافظة على تطبيق سبل النظافة العامة مما يتسبب في إصابتنا وخاصة أطفالنا بعدوى الأمراض، ومنها حالات الاسهال الناجمة عن بلع طفيليات المرض الذي يطلق عليه «جارديا».

مرض جارديا عبارة عن عدوى طفيلية سببها جارديا الأمعاء Giardia intestinalis، وهو كائن حي مجهري يَعِيشُ في أمعاء الناسِ والحيواناتِ المُصَابةِ. يُسبّبُ هذا الطفيل أعراض معوية تتضمن إسهالا، غازات، تَشَنُّجا معديا، وغثيانا.

ولتَقليص ومكافحة هذا المرض تنصح مراكز مراقبة الأمراضِ ومنع انتشارها الأميركيةِ CDC بالآتي:

ـ عدم وَضْع الأجسامِ الملوثة في الفَم أَو أن يبتلع الطفل الأجسامَ التي لُوّثَت بطفيل جارديا.

ـ عدم شرب الماءِ الملوّثَ بطفيل المرض مِنْ المسابحِ العامة، والحمامات الساخنة، والجاكوزي، ومن النافورات والبحيرات، ومياه الأنهار والبركات، أَو الجداول.

ـ عدم أكل الأطعمةِ غير المطبوخةِ مثل الخضروات والفاكهة إلا بعد غسلها جيداً، أَو المطبوخة نصف طبخ، فطفيل جارديا يقاوم معظم الظروف الصعبة.

ـ غسل اليدين جيدا قبل تناول الطعام فذلك يحمي من بلع الطفيل العالق باليدين بعد مصافحة مريض، مثلاً، يداه ملوثتان بالطفيل.

* إصابات الأطفال من الأخطاء الشائعة في مجتمعنا وفي كثير من المجتمعات الخليجية أن يُعطى الطفل حرية كاملة للعب واللهو بجوار الشاطئ كيفما شاء وبأي وسيلة أراد، دونما تكون خلفه عيون الوالدين تراقبه وترعاه. وفي لحظة السعادة الغامرة التي تحيط بالأسرة تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فهذا طفل في حالة ارتجاج في الدماغ نتيجة سقوطه من الحصان الجامح، وذاك طفل مخضب بدمائه نتيجة دهسه بإحدى عربات الأطفال الطائشة. وطفل ثالث ورابع في حالات مشابهة.

إن الصواب أن تظل أعيننا تراقب الأطفال حتى وإن كانوا يلعبون في أماكن مخصصة للأطفال. فالأماكن العامة لا تزال تشكل مصدرا رئيساً للعديد من الاصابات والحوادث.

ولزيادة نسبة حدوث هذه الاصابات التي تستقبلها أقسام الطوارئ بالمستشفيات فقد قام قسم الجراحة بمستشفى الملك فهد بجدة مؤخراً باجراء دراسة برئاسة الدكتور عاطف مهدي استشاري ورئيس أقسام الجراحة وتم تقديمها في المؤتمر الوطني الأول لطب الطوارئ بهدف تحديد مدى خطورة وجدية بعض الإصابات المتعلقة بالأطفال أثناء وجودهم مع ذويهم للهو. وتم الاستشهاد ببعض حالات الأطفال اللذين وصلوا إلى قسم الطوارئ اخيرا في وضع صحي سيئ، ومنهم طفلان الأول 4 سنوات والآخر 6 سنوات، تعرضا لدهس بواسطة عربات تجرها أحصنة في منطقة كورنيش جدة في غضون أسبوعين.

كانت إصابة الأول خطيرة مع وجود نزيف حاد بالبطن نتيجة إصابة وتهتك شديد بالفص الأيمن من الكبد. تم على أثره إخضاعه لعملية جراحية طارئة جرى خلالها استئصال الفص الأيمن للكبد المتهتك، وتم إنقاذ حياته. وكانت إصابة الثاني أشد خطورة حيث كان يعاني من تمزق شديد بالقنوات الصفراوية للكبد مع وجود تسرب للعصارة الصفراوية داخل تجويف البطن مما استدعى تدخلا جراحيا طارئا لرتق القنوات الصفراوية وتصريف العصارة الصفراوية. ويتضح من هاتين الحادثتين مدى الحاجة لاهتمام الأسرة بسلامة وأمن أطفالها أينما كانوا.

* استشاري في طب المجتمع مدير مركز المساعدية التخصصي ـ مستشفى الملك فهد بجدة [email protected]