التعامل مع حالات التعب والإرهاق... معالجات ووقاية

TT

إن بعضا من أسباب حالات التعب والإرهاق هي أصلا أمراض عضوية، وهي ما تتم معالجتها طبياً، مثل تناول حبوب الحديد لمعالجة فقر الدم، أو معالجة اضطرابات التنفس أثناء النوم، بالأوكسجين، أو ضبط نسبة سكر الدم في حالات مرض السكري، أو تعويض كسل الغدة الدرقية بالهرمون الدرقي، أو معالجة حالات الالتهابات الميكروبية بالمضادات الحيوية أو غيرها، أو تعويض الحالات التي ثبت فيها نقص الفيتامينات والمعادن في الجسم بتناول حبوب الفيتامينات والمعادن.

لكن الجوانب الأربعة في المعالجة والوقاية من حالات التعب هي الأهم في غالبية الحالات التي تصيب الناس، وتشمل:

أولاً: التغذية الصحية. والأساس في التغذية واختيارات أنواع مكونات الوجبات الغذائية وتوزيع كميات تناولها هو تحقيق تزويد الجسم بما يحتاجه للنمو والطاقة للقيام بالأنشطة اليومية المطلوبة.

والتوازن في المكونات هو العنصر الأول. والمكونات الصحية للغذاء تشمل البروتينات والدهون والسكريات، والتي يتم الحصول عليها بتناول المنتجات الطبيعية من المصادر النباتية والحيوانية والبحرية، وهي التي ستزود الجسم بالفيتامينات والمعادن اللازم له. كما أن تقسيم كميات الطعام إلى وجبات متعددة، تحتوي مقادير قليلة، يتم تناولها على فترات متعاقبة طوال اليوم. كي يسهل على الجسم هضمها والتعامل مع محتوياتها، والأهم الاستفادة منها لإبعاد التعب والإرهاق.

لذا فإن البدء بتناول ما يحتاجه الجسم يكون من أول النهار، أي بتناول وجبة الإفطار الأساسية. وهي التي يجب أن تحتوي على كميات قليلة من الدهون، والكثير من الألياف، وعلى أنواع السكريات العديدة التي يتم هضمها بشكل متواصل لتُمد الجسم أيضاً بشكل متواصل بالسكريات البسيطة اللازمة لإنتاج الطاقة، مثل التي في الحبوب الكاملة والفواكه، وكذلك تجنب الإنسان حذف إحدى الوجبات، بل عليه تناول وجبة خفيفة كل ثلاث أو أربع ساعات.

ثانياً: النوم بشكل صحي. ما يحتاجه الجسم هو نوم لمدة وكيفية تلبية حاجة الجسم للراحة ولإتمام الكثير من العمليات الحيوية التي لا تتم عادة بشكل كافٍ أثناء فترات الاستيقاظ. وما قد لا يُدركه الكثيرون هو أن النوم احتياج حيوي للجسم، أي أنه أكثر من مجرد ضرورة، على الإنسان القيام به. وثمة وسائل وطرق لتهيئة ظروف صحية وبيئية لنوم سليم، تتعلق بمكان النوم نفسه وتتعلق بنشاط الجسم من عمل وظيفي وتغذية وأنشطة أخرى قبل النوم، وتتعلق بكيفية التعامل مع الظروف التي تعترض القيام بعملية النوم قبل الدخول فيه وأثنائه.

ثالثاً: تقليل التوتر النفسي، وهو ما يصعب إزالته بالكلية وبشكل تام من حياة الإنسان، لكن تفاعلات الإنسان بما يجري حوله وما يمر به في الظروف البيئية من أسرة وعمل وظيفي وتفاعل اجتماعي وجوانب عاطفية، يجب أن لا يُطلق الإنسان العنان لها لتُؤثر بشكل سلبي علي حياته وجسمه وصحته وراحته. والملاحظ، كما يقول أطباء جامعة هارفارد، إن أكثر أسباب استمرار الشعور بالتعب هو التوتر النفسي والتفاعل العاطفي لمشاعر الإنسان مع أسباب التوتر تلك. والواقع أن من يشعرون بالتعب ربما لا يتعرضون لضغوط نفسية أكثر من تلك التي يتعرض غيرهم لها، بل ربما نفسها أو أقل منها. لكن الإشكال هو في طريقة التفاعل مع كمية الضغوط وأسباب التوتر ومدى حساسية المرء لها. وهنا يختلف الناس وتختلف مهاراتهم في التعامل معها، وبالتالي يختلف مدى نجاح البعض في امتصاص الضغوط النفسية وتأثيراتها الموترة لهم، وفشل آخرين في ذلك. وثمة وسائل عدة، سواء من الموروثات الثقافية أو وسائل الاسترخاء النفسي البدني من مساج (تدليك) أو يوغا أو رياضة أو ترفيه أو سياحة أو رحلات أو تنويع الأعمال الوظيفية أو غيرها من تعامل المرء مع تخفيف حدة تأثره بما قد يُؤذي راحته النفسية والبدنية. والتعامل السليم مع ظروف العمل الوظيفي وأسباب التوتر النفسي فيه على المرء جانب رحب ومُؤثر في إيجابيات حُسن التصرف فيه.

رابعاً: النشاط وعدم الكسل. وهو جانب يضع باحثو «مايو كلينك» له أهمية عالية في تخفيف وإزالة والوقاية من حالات الشعور بالتعب. ومجالات النشاط تبدأ من الاستيقاظ المبكر بعد أخذ قسط كاف من النوم، وتستمر طوال اليوم سواء في العلاقات الشخصية الأسرية مع شريكة الحياة أو أفراد الأسرة، أو في مجالات العمل الوظيفي، أو ممارسة الهوايات، أو التغذية، أو جوانب الأنشطة الترفيهية.