السحايا والتهاب الدماغ الفيروسي.. الأعراض والوقاية

نصائح طبية بملاحظة الأعراض وتلقي اللقاح أو الإسراع بتشخيص المرض

TT

نبهت الرابطة القومية لالتهاب السحايا بالولايات المتحدة في الثالث والعشرين من شهر مايو (ايار) الحالي عموم الآباء والأمهات، الالتزام بإعطاء لقاح التهاب السحايا للأطفال. ويأتي هذا التنبيه بالتزامن مع قرب موسم الاجازات الصيفية ومشاركة الطلاب المخيمات الصيفية والتى تتسم بالازدحام.

كما نصحت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية الآباء والأمهات بضرورة تلقي جميع الأطفال في عمر 11 و12 عاما، لقاح بكتريا المكورات السحائية، ولقد ذكرت الرابطة المذكورة أن ثلاثة آلاف حالة التهاب السحايا تحدث سنويا. وتبلغ نسبة إصابة الأطفال والمراهقين 30%من الحالات، ويؤدي المرض الى وفاة الربع وإصابة الخمس بإعاقة مستديمة حسب إحصائيات الرابطة المذكورة.

* التهاب السحايا يصيب التهاب السحايا (meningitis) الأغشية الثلاثة (التى يطلق عليها السحايا) المحيطة بالدماغ. وينتج الالتهاب عادة عن إصابة بعدوى فيروسية أو بكتيرية أو فطرية تنتقل بصورة مباشرة من الأذن أو تجاويف الجيوب الأنفية الى المخ أو تنتقل من أى جزء من أجزاء الجسم الى المخ عبر مجرى الدم. ويعتبر التهاب السحايا الفيروسي الأكثر انتشارا والأقل خطورة وغالبا ما يصيب الأطفال والشباب، أما التهاب السحايا البكتيري فهو أشد خطورة ويؤثر في الأطفال بوجه خاص. وغالبا ما يبدأ هذا المرض المهدد للحياة، بأعراض شبيهة بأعراض الأنفلونزا أو الزكام التي تتفاقم بشكل سريع لدى الأطفال لتظهر الأعراض الكلاسيكية للمرض، والتي تشمل الحمى والصداع الشديد مع تيبس الرقبة وعدم الرغبة أو النفور من الضوء والقيء، وفي بعض الحالات قد يظهر طفح جلدى، ويصاب الأطفال بحالة من الخمول والنعاس الشديد والارتخاء.

ويجري الطبيب تشخيصا أوليا عادة بناء على ملاحظة الأعراض والفحص الطبي، ويتبع ذلك الفحص الطبي الأساسي لتشخيص المرض وهو البزل القطني(lumbar puncture)، حيث تؤخذ عينة من السائل النخاعي أسفل الظهر وتفحص تحت المجهر لتحديد السبب ونوع العدوى. وعادة ما ترتفع كريات الدم البيضاء ونسبة البروتين في السائل النخاعي مع انخفاض نسبة السكر فيه.

لا يتطلب التهاب السحايا الفيروسي ذو الأعراض الخفيفة في العادة علاجا معينا سوى المسكنات لتخفيف الألم ومخفضات الحرارة، حيث أنه يشفي تلقائيا ويتم التعافي بشكل كامل خلال أسبوع الى أسبوعين. أما في حالة الاصابة بالتهاب السحايا البكتيري، فيتطلب الأمر علاجا فوريا بإعطاء المريض المضادات الحيوية عبر الوريد من دون أدنى تأخير. وللوقت هنا أهمية بالغة في الأمر، فالدقائق القليلة يمكنها إنقاذ حياة المصاب وقد يستدعي الأمر في بعض الحالات إعطاء عقار الستيرويد للتخفيف من حدة الالتهاب. ومع ذلك يتعافى المريض بصورة أبطئ كثيرا من الالتهاب الفيروسي ويتفاوت الوقت اللازم للشفاء من حالة الى أخرى وحتى مع توفر أفضل العلاجات، تحدث الوفاة لقرابة 15% من المصابين بهذه الحالة.

وعلى الرغم من أن معظم المرضى يستعيدون كامل عافيتهم بعد الشفاء من التهابي السحايا الفيروسي والبكتيري، إلا أن الاصابة بالالتهاب البكتيري يمكن أن تخلف عند البعض مشاكل مستديمة ناتجة عن مضاعفات المرض كفقدان حاسة السمع أو ضعف الذاكرة.

* الوقاية يخشى الكثيرون أن يصاب أطفالهم بالمرض لدى سماعهم عن ظهور حالة مرضية في المنطقة التي يعيشون فيها، لكن الكثيرين لا يعلمون أن من الصعب التقاط عدوى التهاب السحايا الجرثومي من شخص لآخر، ولحدوث ذلك ينبغى على الإنسان أن يستنشق الهواء نفسه الذي يستنشقه الشخص المصاب لعدة ساعات. ومع ذلك يعد خطر العدوى محدودا، ويمكن منع انتشار العدوى بين الأشخاص القريبين من المصاب بفاعلية عن طريق إعطائهم مضادات حيوية لمدة يومين.

ويتلقى الأطفال حاليا في العديد من البلدان لقاحا ضد بكتيريا الإنفلونزا الدموية (haemophilus influenza b) من النوع «بي»، وهي أحد أكثر أنواع البكتيريا المسببة للمرض انتشارا. ولبكتيريا المكورة السحائية سلالتان رئيسيتان في أوروبا تسببان التهاب السحايا، ويتوفر حاليا لقاح للسلالة «سي» وهو جزء من برنامج تطعيم الأطفال النموذجي، ومن المتوقع أن يتوفر لقاح للسلالة «بي» الأكثر انتشارا في وقت قريب.

* التهاب الدماغ الفيروسي يؤدي هذا المرض الفيروسي الذي يصيب أنسجة الدماغ نفسه، الى حدوث التهاب وارتفاع في الضغط داخل الجمجمة. وهو مرض نادر بشكل عام وخفيف لا يلبث أن يزول خلال بضعة أيام. وينتشر التهاب الدماغ الفيروسي (viral encephalitis) بين الصغار وكبار السن. يصاب الشخص بالمرض نتيجة لمضاعفات بعد الإصابة بمرض فيروسي آخر كالنكاف أو الحصبة والحصبة الألمانية، أو بسبب الاصابة بفيروس الهربس البسيط، الذي يعد من أخطر أنواع الاصابة لما فيه من خطورة على الحياة. وتوجد أنواع أشد خطورة في بعض أرجاء العالم كالتهاب الدماغ الياباني في جنوب شرقي آسيا، والتهاب الدماغ الكاليفورني في الولايات المتحدة، وحمى نهر روس في استراليا، والتهاب الدماغ النيل الغربي في مصر والسودان.

لدى اشتباه الطبيب بإصابة الطفل بالمرض بعد ملاحظة الأعراض التي تشمل الحمى والصداع والشعور بالخمول والنعاس وهي أعراض مشابهة لأعراض التهاب السحايا، يقوم بإدخال المريض الى المستشفى على الفور لأخذ عينة من السائل النخاعي، عمل صور للدماغ بالأشعة المقطعية أو الرنين المغناطيسي أو إجراء تخطيط لكهرباء الدماغ.

ويتساءل البعض: لم كل هذه الفحوصات على الرغم من خفة المرض؟ وهنا نقول من المعرف أن التهاب الدماغ الفيروسي مرض خفيف والشفاء منه تلقائي، لكن لدى الاصابة بفيروس الهربس البسيط، قد تحدث مضاعفات للمرض كحدوث نوبات تشنجية (الصرع) أو أعراض تنتج عن تلف خلايا الدماغ أو فقدان الوعي التام (coma) ومن هنا تأتي الخطورة. وبسبب تلك المضاعفات قد تحدث الوفاة بنسبة 20 في المائة أو تلف دائم لبعض خلايا الدماغ مؤدية الى حدوث إعاقة مستديمة.

لا يوجد علاج نوعي لبعض أشكال التهاب الدماغ الفيروسي ويشفى معظم المصابين به من تلقاء أنفسهم كما أسلفت، ولكن يعطى عقار الأسيكلوفير (مضاد للفيروس) حال الاصابة بفيروس الهربس البسيط عن طريق الوريد، وحتى الآن لا يتوفر سوى لقاح واق لالتهاب الدماغ الياباني.

* التعرف على طفح المكورات السحائية

* من الممكن أن يحدث التهاب السحايا الناتج عن عدوى بجراثيم المكورات السحائية عن طريق عدوى في مجرى الدم، وفد يؤدي ذلك أحيانا الى ظهور طفح جلدي أرجواني مميز يظهر على شكل كدمات، تظهر فجأة وتنتشر بشكل سريع، وتصبح بقعا أرجوانية صغيرة داكنة.

ومن الأمور التي تساعد على التعرف على هذا الطفح هو أنها لا تبيض (أى لا تختفي) حال الضغط عليها باستخدام كوب زجاجي. وفي حال الشك في طبيعة الطفح، على الأخص حال ترافق ظهوره مع وجود أى من الأعراض الأخرى، يجب استشارة الطبيب وأخذ الطفل الى أقرب مركز طبي على وجه السرعة.