الدم الصناعي.. بدائل جديدة لإنقاذ الحياة

يعوض عن مخاطر نقل الدم البشري وتعرضه لفيروسات كامنة

TT

يعتبر نقل الدم ومشتقاته جزءا من العلاج المساعد في حالات مرضية كثيرة، وقد تصل أهمية نقل الدم الى انقاذ الحياة لدى الإنسان خاصة في حالات النزيف الحاد. ورغم أهمية عملية نقل الدم ومشتقاته إلا انه توجد مخاطر كثيرة تنتج عن عملية نقل الدم. ومنها المخاطر الحادة، وهذا النوع تظهر علاماته وأعراضه مباشرة على المريض. أما النوع الآخر من المخاطر فهو النوع المزمن وعادة ما يكون هذا النوع في المرضى الذين ينقل لهم دم بشكل شهري منتظم. ومن أمثلة هذا النوع من المخاطر نقل دم يحتوي على فيروسات الكبد «بي» و«سي» وكذلك نقل الفيروس المسبب لمرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز).

* دم نقي

* يشيرالدكتور سعيد محمد العمودي مدير بنك الدم بمستشفى الملك فهد بجدة، الى الاحتياطات التي تتخذها بنوك الدم لفحص الدم للحصول على دم خالٍ من الفيروسات، والتي نذكر منها على سبيل المثال اختيار المتبرع السليم، فحص الدم مخبرياً للفيروسات المسببة للكبد الوبائي ومتلازمة الإيدز. ورغم ذلك ما زالت هناك نسبة في نقل تلك الفيروسات والسبب في ذلك هو ما يسمى فترة الحضانة التي يكون فيها المتبرع مصابا بهذه الفيروسات ولكن الفحوصات المخبرية تكون سالبة.

وقد ادى هذا الى البحث عن بدائل اقل خطراً وتكلفة مثل نقل السوائل للحفاظ على حجم الدم، ومثال على هذه السوائل محلول لاكتات رنجر ودكستران وهيدروكسي ايثيل النشا وغيرها. كما يمكن استخدام العقاقير البروتينية التي يجري إنتاجها بالهندسة الوراثية مثل «الأريثروبوتين» الذي يساعد على إنتاج كريات الدم الحمراء و«الأنترلوكين» الذي يساعد على إنتاج الصفائح الدموية ومادة الـ«غروث هرمون» (هرمون النمو) التي تساعد على إنتاج مختلف أنواع كريات الدم البيضاء. ورغم ذلك ما زالت الحاجة ماسة لإنتاج الدم الصناعي.

* خصائص مهمة

* إن الدم الصناعي المثالي المنتج يجب أن تتوفر فيه مجموعة من الخصائص:

اولا: يجب ان يكون استخدامه مأمونا ومتوافقاً داخل الجسم البشري. وهذا يعني ان الدم الصناعي يمكن تجهيزه لازالة جميع العوامل المسببه للامراض مثل الفيروسات والكائنات المجهرية.

ثانيا: يجب ان يكون قادرا على نقل الاوكسجين الى انحاء الجسم، ثم اطلاقه وتحريره عند الخلايا التي تحتاج إليه.

ثالثا: يجب أن يكون جاهزا ومتوفرا دائما على الرف، بخلاف التبرع بالدم، فالدم الصناعي يمكن تخزينه لأكثر من عام. وهذا على النقيض من الدم الطبيعي الذي لا يمكن تخزينه لأكثر من شهر واحد قبل ان يصبح منتهي الصلاحية.

* منتجات جديدة

* وهناك مجموعتان كبيرتان من المنتجات المختلفة التي يجري تطويرها بوصفها بدائل للدم، فهي تختلف في الاساس بسبب الطريقة التي تحمل الاوكسجين. ويقوم احدها على الهيدروكربون، في حين ان الآخر هو الهيموغلوبين المنتج القائم.

ويضيف الدكتور سعيد العمودي، أنه قد أعلن في الثاني والعشرين من شهر أغسطس (آب) الماضي عن بدء التجارب الخاصة باستعمال احد منتجات الدم الصناعي في الولايات المتحدة في حالات إصابة الدماغ. ومن المتوقع أن تظهر نتائجها بحلول نهاية هذا العام.

إن المادة التي استخدمت هي مادة الأوكسيسايت وهي مركب مشتق من مادة بيرفلوروكربون Perfluorocarbons PFC حيث تعمل هذه المادة على حمل الأوكسجين بدل مركب الهيموغلوبين في خلايا الدم الحمراء.

لقد تم اكتشاف مادة بيرفلوروكربون في الستينات من القرن الماضي، لكن انقطعت من حينها الأبحاث حولها إلى أن عاد الحديث عنها في السنوات القليلة الماضية وهي مادة قادرة على إذابة واحتواء كميات عالية من الأوكسجين وتوزيعها على خلايا الجسم وهي مركبات لا لون أو رائحة لها كما أنها ثابتة لا تتأثر بالجسم ولا تؤذي أعضاء الجسم ويتم التخلص منها عبر الرئتين مع النفس وهي مادة رخيصة الثمن لكنها تحتاج إلى طريقة خاصة بتكوين مزيجها قبل حقنها في الأوعية الدموية وتتطلب أن يتنفس المريض كميات عالية من الأوكسجين عبر القناع أما أعراضها الجانبية فهي شبيهة بالإنفلونزا.

أما بالنسبة للمشروع الأوروبي بهذا الصدد فهناك خطان، الأول هو البديل المشابه لهيموغلوبين الدم والنوع الآخر هو البديل الصناعي المكون من مواد كيميائية لا علاقة لهما بما في الجسم تعرف اختصاراً ( بي أف سي).

الهيموغلوبين الصناعي شبيه بما في الجسم من تعديلات تقلل من آثاره الجانبية على الكلى والخيارات المطروحة لتطوير هيئته هي إما بخلطه بمركبات أخرى أو وضع غلاف حوله كالكبسولة (العبوة) والاهتمام منصب على البحث عن مصدر للهيموغلوبين والمصادر المقترحة إما من الدم البشري وهو ما سيواجه صعوبات في تأمين الكميات اللازمة أو دم البقر وهو ما يواجه اعتراضات قبل بدء الأبحاث نتيجة حالات جنون البقر في بريطانيا أما المصدر الأقرب للواقع فهو استخدام الميكروبات عبر تقنية الهندسة الوراثية.

أخيراً استقر المشروع الأوروبي تحت عنوان بدائل الدم الأوروبية المدعوم من الاتحاد الأوروبي والذي بدأ بشكل رسمي العام الماضي بقيادة الدكتور كينث لاو من جامعة نوتنغهام بالمملكة المتحدة ويضم اثنتي عشرة أكاديمية علمية ومؤسسة صناعية وهو مشروع بحث لمدة ثلاث سنوات لإنتاج هيموغلوبين من الميكروبات.