بين الصواب والخطأ

TT

* الغلوكوما قد تنتهي بالعمى > من الأخطاء الشائعة أن يهمل الشخص منا العناية والاهتمام بما قد يشعر به من أعراض مرضية تطرأ على صحته. ومن ذلك شعوره المتكرر بصداع في مقدمة الرأس مما قد يشخصه الأطباء بأحد أمراض العيون ويأتي في مقدمتها وأهميتها ارتفاع ضغط العين المسمى بالمياه الزرقاء أو غلوكوما، والذي إن لم يتم تشخيصه وعلاجه مبكرا فإنه ينتهي حتما بفقدان البصر.

إن مرض المياه الزرقاء من الأمراض الشائعة وتبلغ نسبة الاصابة به حوالي 3% على المستوى العالمي. وبالفعل فإن كافة الأبحاث تؤكد أنه مرض خطير جدا، حيث أنه قد يؤدي إلى فقدان البصر دون أن يشعر المريض وأن الرجوع من هذه الحالة مستحيل. ولابد من التشخيص المبكر لمثل هذه الحالات وذلك لمنع مضاعفات المرض وتأثيرة على العصب البصرى حيث أن مجال الرؤية في مرضى المياه الزرقاء يبدأ فى التقلص تدريجيا حتى يفقد المريض القدرة على البصر.

لقد حظي علاج هذا المرض في الآونة الأخيرة على تطورات هامة، من أبرزها ظهور أنواع جديدة من القطرات الطبية، وهي ذات فاعلية في علاج مرض المياه الزرقاء، واستخدام حقنة جديدة للسيطرة على المياه الزرقاء الوعائية (أفاستين)، وطريقة العلاج هذه تعتبر الأولى من نوعها المفضلة فى العالم الآن لمساعدة مرضى المياه الزرقاء فى السيطرة على ارتفاع ضغط العين. ومن المستجدات في مجال عمليات المياه الزرقاء استخدام الغشاء المشيمي الذي سجل نجاحا كبيرا في السيطرة على المراحل المتقدمة من المرض. ونؤكد على أهمية متابعة المريض بعد العملية الجراحية ضمانا لاستمرار نجاح العملية.

إذن فنحن نؤكد على أهمية التوعية البيئية للمجتمع بمدى خطورة المياه الزرقاء وأهمية توعية المرضى بضرورة التشخيص المبكر لهذا المرض، وهو أمر بالغ الأهمية في المحافظة على البصر، إضافة الى أهمية الفحص الدوري للفئات المعرضة للإصابة بالمياه الزرقاء وخاصة الفئات ذات التاريخ الأسري للاصابة بهذا المرض، ونؤكد على ضرورة متابعة مرضى السكري لعدم تحولهم إلى مياه زرقاء وعائية وأن علاج هذا المرض يتطلب استخدام العلاج الموصوف من قبل الطبيب المختص طوال العمر.

* «طفل الربو» وممارسة الرياضة > من الأخطاء الشائعة عند كثير من الآباء والأمهات أن يمنعوا طفلهم المصاب بمرض الربو من اللعب مع أصدقائه وأقرانه في الحي الذي يسكنونه، كما يوجهونه لعدم ممارسة الألعاب الرياضية مع زملائه في المدرسة وذلك من باب الحرص والعناية بصحته وعدم تعرضه لنوبات الربو المزعجة، كما يقومون بالتنبيه على إدارة المدرسة بعدم مشاركته في الحصة المخصصة للتمارين البدنية.

إن الصواب في هذه الحالة هو تشجيع الطفل المصاب بمرض الربو على ممارسة الرياضة لا منعه من أدائها.

لقد أثبتت مجموعة من الدراسات في هذا الموضوع والتي رعتها مؤسسة نيموورس The Nemours Foundation (وهي مؤسسة غير ربحية انشئت منذ عام 1936، تدعم خدمات الرعاية الصحية للاطفال في ديلاوير وفلوريدا والولايات الأميركية المحيطة بهما)؛ أن الأطفال المصابين بالربو لا يحتاجون الى البقاء جالسين على المقاعد طوال الوقت، تحت رعاية طبية دائمة، منتظرين مواعيد تناول أدويتهم أو مترقبين حدوث نوبة ربو طارئة. بل تشير تلك الدراسات الى أنهم ما زالوا قادرين على ممارسة الرياضة واللعب طالما أن أزمات الربو تحت السيطرة. ولتجنب حدوث نوبة الربو وامكانية الانتقال الى غرفة الطوارئ بأحد المستشفيات، يجب ان يراعي والدا الطفل الربوي ملاحظة طفلهم ومتابعة تناوله جميع الادوية حسب الوقت والجرعة الموصوفة له من قبل الطبيب المعالج.

أما بالنسبة للطفل الذي لا يعاني من التعرض لنوبات الربو بشكل متكرر، فانه يكون قادرا على أداء اي نوع من الرياضة بدون تحفظات مثل ركوب الدراجات الهوائية، لعبة كرة السلة وكرة القدم..الخ كما يجب على الوالدين أن يحرصا دائما على اقتناء وحمل أدوية علاج الربو كحالة طارئة للطفل الذي يعاني من الربو. وبدلا من حرمان هذا الطفل من ممارسة التمارين مع زملائه، يجب اخبار مدرب التمارين الرياضية بحالة الطفل الصحية وأنه قد يتعرض في أي وقت لنوبة من نوبات الربو، حتى يكون محتاطا لعمل اللازم معه.

* سوء تغذية رغم وفرة الطعام > من الأخطاء الشائعة الآن وفي معظم المجتمعات في العالم، المتقدمة منها والنامية، التوجه الى الوجبات السريعة والأطعمة الجاهزة، واعتماد البعض عليها كليا في طعامهم اليومي. ويعتقدون أن المظهر الخارجي لأجسامهم، وخاصة عندما يبدون زائدي الوزن، دلالة على تمام الصحة.

من الواضح أن هناك ثمة رأي شائع خاطئ يدور بين الناس وهو أن الشخص البدين لا يمكن أن يكون مصابا بسوء التغذية.

يؤكد خبراء التغذية أن الوجبات السريعة لا تعتبر غذاء صحيا متكاملا فهي مرتفعة في محتواها من الدهن والملح مما يؤدي الى زيادة الوزن مع ظهور أعراض سوء التغذية. ويؤكد الدكتور مارينوس ايليا، استاذ التغذية والأيض السريري في جامعة ساوثهامبتون أن سوء التغذية يمكن أن يصيب الشخص رغم تناوله كميات كبيرة من الأطعمة، إذا كانت خالية أو فقيرة من الفاكهة والخضروات. والعكس صحيح أيضا، فوجبات مقننة الكمية جيدة النوعية، تعتبر غذاء صحيا يقي من أمراض سوء التغذية. ومثال على ذلك «التقنين الغذائي» إبان الحرب العالمية الثانية، فقد كانت عملية ناجحة جدا، في بريطانيا مثلا، حيث كانت تكفل الحصول على الكمية المخصصة من الطعام المكون من الحنطة والحليب والبيض واللحوم والفواكه، وهي أصناف من الطعام الصحي التي توفر غذاء اكثر توازنا، وذلك حسب الدكتور كولين وايني، رئيس منتدى السمنة الوطني في بريطانيا.

ووفقا للاحصاءات الحكومية فإن 75 في المائة من البريطانيين زائدو الوزن؛ وأكثر من الخمس يعانون من البدانة، ومصابون بالعديد من المشاكل الصحية المحتملة مع السمنة ومضاعفاتها مثل السكري وأمراض القلب.

يشير الدكتور الاستير مكينلاي، استشاري أمراض الجهاز الهضمي والمعدة ورئيس فريق العمل البريطاني لمجموعة سوء التغذية، أن نسبة المرضى الذين يعانون من سوء التغذية في تزايد مستمر ويرجح ان عددا كبيرا منهم ينتمون الى فئة البدينين. ويشير خبراء التغذية الى أن عدد الاطفال البريطانيين الذين يعانون من سوء التغذية اقرب الى 4 ملايين نسمة، حوالى 6% من السكان.

وعادة لا تكتشف هذه الحالات قبل حدوث نقص حاد ومضاعفات شديدة، حيث يتعرض مرضى سوء التغذية الى مشاكل صحية متعددة كسقوط الشعر، ضمور العضلات، انتفاخ البطن، الكساح، فقر الدم، تضخم الغدة الدرقية، نزيف اللثة ومشاكل جلدية مختلفة بسبب نقص الفيتامينات، إضافة الى أن نقص حمض الفوليك في النظام الغذائي للمرأة الحامل يعرض المولود للعيوب الخلقية.

إننا لا ندعو للعودة الى التقنين الغذائي، وفي نفس الوقت لا نرفع اللوم عن الاقبال المفرط على الوجبات السريعة والاغذية المجهزة التي لا تتضمن سوى كميات ضئيلة من المغذيات الصحية، ولكننا نوصي بالاعتدال والتوازن في النظام الغذائي وأن نحرص على تناول البروتينات والفاكهة والخضروات بشكل أساسي.