«الهوميوباثي».. أسلوب علاجي في ميدان الطب الاختياري

د.هناء شمس لـ «الشرق الأوسط» : يُعالج ما عجز الطب الحديث عنه

TT

ما بين مؤيد ومعارض، بدأت الساحة الصحية تمتلئ بأساليب علاجية جديدة تماماً على مجتمعاتنا العربية، ومنها «الهوميوباثي»، وهو القائم على المعالجة بمواد إذا ما أعطيت للأصحاء تسببت في ظهور نفس أعراض الأمراض التي تعالجها عادة تلك الأدوية. واختلفت تسميات الترجمة العربية لـ homeopathy ما بين «العلاج بالطاقة المثلية»، إلى «الطب التجانسي»، مروراً بمسمى «علم الإيحاءات». وإن اختلفت الترجمات، فانه يظل هو أحد الأنظمة الطبية المتكاملة الثلاث، ضمن منظومات الطب الاختياري العديدة والمتشعبة، التي تشمل «الطب الصيني والطب الهندي والهوميوباثي». والأصل أن يطلق نظام طب متكامل على النظام الطبي الذي له قاعدة علاجية وتشخيصية وصناعة دوائية.

وحسب تأكيد المعالجين بالهوميوباثى فهو قائم على صناعة دوائية خاصة به. ويأتي الخطأ الكبير في الخلط ما بين مصطلحي Haemopathy والذي يعني أمراض هيموغلوبين الدم وبين Homeopathy وهو ما يعني الطب التجانسي أو أياً كان من الترجمات الثلاث السابقة.

* الهوميوباثي والطب الحديث

* في لقاء لـ«الشرق الأوسط» أوضحت د.هناء شمس الحائزة شهادة عالمية في homeopathy من بريطانيا L.I.C.H. وأستاذة إيحاءات سابقة في كلية ليكلاند البريطانية، حول مدى تعارض الهوميوباثي مع الطب الحديث، أن هدف الاثنين واحد، وهو مساعدة المريض على الشفاء. ولكن الفرق الرئيسي هو نظرة المعالجين بنظام الهوميوباثي للأعراض التي تظهر على المرضى، فالطب الحديث ينظر للأعراض على أنها الصورة التي يتمثل بها المرض في جسم الإنسان، ولكننا في طب الهوميوباثي ننظر للعرض المرضي على أنه التقنية الدفاعية المناعية التي اختارها الجسم للدفاع عن نفسه للوصول إلى الاتزان، أو اللغة التي يتحدث بها الجسم ليعرب عن خلل ما بداخله حتى يساعد صاحبه على تغيير نمط أو سلوك حياتيه كي يصل إلى الاتزان. وأضافت د. شمس أن للهيموباثي دورا حتى في الإسعافات الأولية بحكم مطابقة الأعراض التي يشكو منها المريض أو تظهر عليه مع صورة الدواء المناسبة. وبذلك يتمكن المعالج بالهيموباثي من إسعاف المريض، على حد قولها، قبل ظهور نتائج الأشعة أو التحاليل.

* ضرورة أم ترف؟

* وبالسؤال عن ما إذا كانت المعالجة بالهيموباثي ضرورة علاجية حياتية أم هي مجرد ترف في تحسين جوانب من الصحة، أوضحت د. شمس أن الإقبال الشديد من المرضى في العالم كله على ممارسي الطب غير التقليدي، هو الإثبات الأقوى على ضرورة وجوده. وأضافت أنها لا تعتقد أن أيا من الأطباء أو المسؤولين عن الصحة في العالم كله يستطيع أن ينكر أن الطب الحديث، وهو في قمة تقدمه العلمي التكنولوجي، أصبح غير قادر على إيجاد إجابات قاطعة على الكثير من الأمراض. ولذلك انتشرت الأمراض المزمنة التي في كثير من الأحيان يطلب من أصحابها التعايش معها سلمياً. واستطردت بالقول، وهنا يأتي دور الطب غير التقليدي، حيث يظهر أثره واضحاً في الكثير من هذه الأمراض مثل «الصداع النصفي، آلام المفاصل، الأرق، الذئبة الحمراء، الروماتويد. أو يظهر أثره عند تماثل المرضى للشفاء بعد العمليات الجراحية، فنرى من يلجأ منهم إلى علاج غير تقليدي إلى جانب وصفة الطبيب. وبالتأكيد، على حد قولها، فإن تماثله للشفاء أسرع، وآلام ومشاكل ما بعد الجراحة تقريباً غير موجودة.

* معالجات متنوعة

* يؤكد ممارسو الهوميوباثي أنه يعالج الاكتئاب والقلق والوسواس والمخاوف، وكثيراً من مشاكل الأطفال مثل صعوبات التعلم وكثرة الحركة وقلة التركيز والتبول اللا إرادي . وفي ما يتعلق بمرض السرطان، ذكرت د. شمس أن راما كرشنا الهندي، الشهير بالمعالجة بالهوميوباثى، له الكثير من النجاحات في علاج السرطان، بينما مجتمعاتنا لا زالت تركز فقط على مقدرة الهوميوباثي على مساعدة مريض السرطان في التخلص من الألم أو الآثار الجانبية للإشعاع أو العلاج الكيمائي أو تحسين حالته النفسية بعيداً عن قدرته على العلاج، بحكم أنه لم يعترف به ولا زالت وزارات الصحة لا تؤيد الهوميوباثي. كما أنه إلى جانب نجاحه مع أمراض السرطان فهو يساعد كثيراً في مجال ذوى الاحتياجات الخاصة، وخصوصاً الذين يعانون من مرض التوحد، حيث يعد الهوميوباثى مؤثراً جداً في وقف الطفل عن الصراخ أو مساعدته على أن يبدأ في الانتظام بعمليات الإخراج أو يكف عن عض يده أو طرف قميصه أو يتوقف عن عض أمه وأخيه، كما يوقف الحركات الترددية أو يكف عن تحسس أعضائه التناسلية، كما تتحسن شهيته للطعام.

وأضافت أن مما لا شك فيه أن الجمع الأكبر من الأطباء في المجتمعات العربية يرفضون وبشدة الطب غير الحديث، ولكن للأسف على غير دراية أو علم، على حد قولها. ولو أن رأيهم هذا كان مبنياً على أساس بحث علمي لتقبلناه جميعاً ! وفي المقابل هناك الكثير من الأطباء ممن قرأوا وبحثوا يؤمنون بالطب غير التقليدي أرى منهم الكثير من زملائي يلجأ لسؤالي للعلاج لهم أو لأسرهم أو لمرضاهم.

وتعد الإمارات الدولة العربية الوحيدة التي سمحت بممارسة الهوميوباثي شريطة أن يجتاز الممارس الامتحان الذي يثبت كفاءته. وفيما تعد ممارسة الهوميوباثي غير رسمية في مصر إلا أن الجمعية المصرية العلمية للهوميوباثي تقوم بتدريسه.

* الهوميوباثي.. تفسير ألماني لكلام أبقراط

* أسس الطبيب الألماني كريستيان صموئيل هانمان (1755 ـ 1843) نظام طب هوميوباثي. وكان قد ترك ممارسة الطب في بلده واتجه إلى ترجمة الكتب الطبية. وفى إحدى المرات بينما كان يترجم أحد المقالات الطبية، قرأ أن أحد الأطباء البريطانيين توصل إلى عقار جديد للملاريا من الكينين، وأنه أرجع جدوى اكتشافه إلى كون الكينين مادة كيميائية قابضة. لكن الدكتور هانمان افترض أن خاصية الكينين القابضة لم تكن وراء نجاحه كعقار لعلاج الملاريا، لأن هناك العديد من المواد الكيميائية الأكثر قابضية من الكينين، ولكنها لا تؤثر وبأي حال من الأحوال في علاج الملاريا. ولذا جرب هانمان تناول الكينين، وأثار دهشته أن مجرد تناول عدة جرعات صغيرة جداً منه أدى إلى الشعور ببعض من أعراض الملاريا كالرعشة، وزيادة العرق، والإجهاد الشديد، وارتفاع الحرارة. واستنتج أن الكينين هو عقار جيد للملاريا ليس لأنه قابض بل لأنه إذا أعطى للأصحاء سبب ظهور أعراض الملاريا عليهم، وإذا توقف عن تناوله، زالت هذه الأعراض. واستلهم من تجربته الوحيدة مبادئ الطب التجانسي. وزعم بأنها تتطابق مع ما قاله أبقراط قديماً «داوها بالتي كانت هي الداء»، حيث كان الإغريق إذا ما أصيب أحدهم بالإسهال مثلاً عولج بعقار مسهل، على اعتبار أن الإسهال هو التقنية الدفاعية المناعية التي اختارها الجسم للدفاع عن نفسه والتخلص من الميكروب الذي تعرض له، وبذلك لا بد من مساندة الجسم في دفاعه وليس إيقافه. وأن ذلك من شأنه زيادة قوته ومقدرته على الدفاع في المرات التالية.

وبالتالي أمكنه استدعاء الكثير من المتطوعين لتناول عقاقير مختلفة قام هو بتحضيرها عن طريق الإذابة والتخفيف ومعظمها كان من السموم. ثم قام بتسجيل الأعراض التي ظهرت عقب تناول كل مادة، ومن هنا أصبح لديه دليل سجل به الكثير من المواد بالأعراض التي تسببها في الأصحاء وبالتالي هي نفس الأعراض التي تعالجها في المرضى.

ومن هذه النقطة أصبحت لديه دراية بأعراض التسمم التي تظهر عقب تناول الكثير من السموم والفرق بينها، كما تمكن من مساعدة الجسم ومساندته عند ظهور أعراض التسمم عند المرضى قبل أن يضعف الجسم ويتنازل أمام السم.