القيلة السحائية العصبية .. مرض خلقي عند الأجنة والمواليد

من أسبابها عدم الحصول على الفولات.. والجراحة الميكروسكوبية علاجها الوحيد

(كي آر تي)
TT

تعتبر حالات عيوب الأنبوب العصبي عند الأجنة والمواليد من العوامل المهمة فى وفيات الاجنة والاطفال حديثي الولادة. ويُشخص فى الولايات المتحدة سنويا، نحو 4000 جنين على أنهم مصابون بعيوب الأنبوب العصبي، ومنها القيلة السحائية العصبية. ويتم فَقْد، على الاقل، الثلث منهم بسبب الاجهاض العفوي او الذي يتم بالاختيار.

وقد انخفض هذا العدد كثيرا عما كان عليه سابقا، حيث يشهد العالم حاليا هبوطا مستمرا في نسبة حدوث هذا النوع من العيوب الخلقية عند الأجنة والمواليد. ففي بريطانيا، هبطت النسبة اكثر من 10 اضعافها عن السنوات الـ 30 الماضية، اذ كانت في عام 1996 أقل من 0.5 لكل 1000 ولادة حية. وفي نفس الوقت لا تزال نسبة إصابة الأجنة بعيوب الأنبوب العصبي مرتفعة في بعض اجزاء العالم، لا سيما في البلدان النامية.

إن خطر حدوث وفاة مبكرة بين الاطفال حديثي الولادة الذين لديهم شق مفتوح في أسفل العمود الفقري، يختلف كثيرا من طفل لآخر فعلى سبيل المثال، يقدر معدل الوفيات بين المصابين المتضررين من الاطفال حديثي الولادة في المناطق الريفية فى شمال الصين، تقريبا 100%، وهولندا 35%، وفي الولايات المتحدة 19%، حيث يعتمد ذلك على حدة وشدة الحالة، بالاضافة الى عوامل اخرى منها توفرالامكانات الحديثة والمتطورة لعلاجها، وقبول استخدام التدخل الجراحي والوسائل الطبية الأخرى.

وعن القيلة السحائية العصبية، يقول الدكتور محمد فؤاد إبراهيم، استشاري جراحة المخ والأعصاب بالمستشفى السعودي الألماني بجدة، إنها عيب تكويني يظهر في حديثي الولادة عبارة عن نقص في تكوين عظام العمود الفقري مع تمدد بكيس الأغشية السحائية مع اختلال وظيفي أو تكويني بالحبل الشوكي قد يحدث نتيجة لتعرض الأم الى نقص الفيتامينات أو التعرض للاشعاع أو لأمراض فيروسية.

ويمكن تشخيص المرض عن طريق اجراء اشعة بالموجات الصوتية للأم الحامل قبل الولادة، واجراء فحص لمادة تسمى "ألفا فيتو بروتين" alpha pheto protein.

وبعد الولادة يقوم جراح المخ والاعصاب بتقييم حالة الجهاز العصبي للمولود والحركة بالساقين، ويقوم اختصاصي حديثي الولادة بالكشف على المولود لتقييم أي عيوب تكوينية أخرى.

يتم العلاج فقط عن طريق الجراحة باستخدام الميكروسكوب الجراحي لتسليك الاعصاب وارجاعها لمكانها الطبيعي مع اصلاح وترقيع الأغشية السحائية وتغطيتها بطبقات من الانسجة الطبيعية مع مراجعة حالة بطينات المخ لمتابعة حدوث استسقاء.

في حالة عدم اجراء الجراحة تحدث الوفاة بنسبة اكثر من 70% في خلال سنة لحدوث التهابات بالجرح تنتقل الى الجهاز العصبي. لكن مع اساليب الجراحة المتقدمة يتمكن حوالي 40% ـ 80% من الأطفال من القدرة على المشي بعد الجراحة والعلاج الطبيعي. وكمثال على هذه العيوب الخلقية الخطيرة التي تهدد حياة مصابيها بالموت أو الشلل ومدى إمكانية انقاذها. فقد حضرت فتاة عراقية تركمانية تبلغ من العمر 14 عاما من العراق إلى المستشفى السعودي الألماني بجدة، تعاني من وجود تكيس بالمنطقة القطنية والظهرية حوالي 20×15×7سم، وقد كان هذا التكيس يؤثر في حركة المريضة وأدى إلى وجود تشوهات بالأطراف السفلية نظرا لأنه تم إهمال الحالة منذ ولادتها قبل 14 عاما.

وقد قام فريق طبي من قسمي جراحة المخ والأعصاب وجراحة التجميل بعمل العملية الجراحية الدقيقة لإزالة هذا التكيس، حيث قام أ. د. محمد فؤاد، استشاري ورئيس قسم جراحة المخ والأعصاب بالمستشفى، بإجراء العملية من أجل إصلاح العيب الخلقي والمحافظة على النخاع الشوكي والأحبال العصبية حتى لا تتأثر حركة الساقين.

وبعد ذلك قام البروفيسور عبد الناصر خلاف، استشاري ورئيس قسم جراحة التجميل بالمستشفى بإجراء جراحة تجميلية لإصلاح المنطقة القطنية والظهرية، حيث كانت توجد مساحة كبيرة من ظهر الفتاة تحتاج إلى سديلة دموية موضعية لتغطية ما بعد الاستئصال الجراحي. وقد تماثلت المريضة للشفاء وعادت إلى منزلها بسلام بعد أن استغرقت العملية الجراحية حوالي 5 ساعات.

* دراسة أردنية حول عيوب الأنبوب العصبي لدى المواليد الذكور

* من الدراسات العربية في هذا المجال، الدراسة التي أجريت لتحديد معدّل وقوع عيوب الأنبوب العصبي لدى الاولاد الذكور في الأردن، وقد نشرها هاشم عقرباوي في مجلة الصحة Health Journal، لمنظمة الصحة العالمية، في العدد 4 من المجلد 11 في 4 مايو (أيار) 2005. وقد كانت الدراسة استطلاعية واستمرت عاما كاملا بين ابريل (نيسان) 2002 وأبريل (نيسان) 2003 في وحدة المواليد بمركز الملك حسين الطبي. وتم تحرّي وجود عيوب الأنبوب العصبي في جميع المواليد الأحياء، سواء مَن أتموا مدة الحمل أم مَن وُلدوا قبل تمام مدة الحمل. وتمت مقابلة أمهات الأطفال المصابين بهذه العيوب، بعد الولادة، لسؤالهن عن الرعاية التي تلقَّيْنَها قبل الولادة وعن سوابق وقوعات عيوب الأنبوب العصبي في الأسرة. ومن بين المواليد المشتركين في الدراسة والبالغ عددهم 5088 وليداً، كان 33 منهم مصاباً بعيوب الأنبوب العصبي، أي بنسبة 6.5 حالة لكل ألف ولادة حية. ولم يكن لدى أي من الأمهات اللاتي تمت ولادتهن لأطفال مصابين بهذه العيوب سوابق من الإصابة بهذا الداء، وحصلت جميعهن على الرعاية السابقة للولادة، لكن لم تحصل أيُّ منهن على الفولات (أملاح حمض الفوليك) كمكمِّل غذائي، بل لم يعرفن أهمية الفولات. ولم يتم تشخيص وجود هذا العيب قبل الولادة، على الرغم من إجراء التفرُّس بالموجات الفائقة الصوت طوال مدة الحمل. ورأى الباحث ضرورة اتخاذ التدابير المناسبة للحد من المعدل المرتفع لوقوع عيوب الأنبوب العصبي.