قوانين المرور الصارمة تُقلل من إزهاق الأرواح في حوادث الطرقات

باحثون أميركيون يُؤكدون جدواها

تناول الكحول وقيادة السيارة.. خطر مميت (كي آر تي)
TT

قوانين المرور التي يتبناها العديد من الولايات الأميركية، بالسحب الفوري لرخصة قيادة السيارات لمن تثبت قيادتهم لها حال تناول الكحول، تُنقذ من إزهاق أرواح المئات من الناس في الحوادث على قارعة الطرقات. هذا ما أكدته نتائج دراسة الباحثين من كلية الطب لجامعة فلوريدا بالولايات المتحدة.

ولا تزال نتائج الدراسات الطبية تتوالى حول تداعيات اضطرابات تناول الكحول على الصحة وعلى سلامة الإنسان. وتظل مشكلة تناول الكحول أحد أهم أسباب الوفيات والإصابات البالغة نتيجة لحوادث المرور في مناطق عدة من العالم. وتتفاوت أساليب الفحص عن مدى تناول كميات الكحول، إلا أن طريقة فحص نسبة الكحول في النفس هي من الوسائل الدقيقة التي تبناها العديد من الدول. والتي تغير مقدار رقم نتائج اعتبار الحد الأعلى المسموح فيها بقيادة السيارات.

* دراسة من فلوريدا

* ووفق ما تم نشره في عدد أغسطس الحالي من مجلة "إدمان المسكرات: أبحاث إكلينيكية ومختبرات"، فإن الباحثين راجعوا المعلومات المتعلقة بحوادث السير الناجمة عن تناول المشروبات الكحولية، وذلك في الفترة ما بين يناير 1976 وديسمبر 2002، أي خلال 27 عاماً، وذلك ابتغاء معرفة ماهية تأثير القوانين المرورية على معدل الوفيات الناجمة عن تلك الحوادث.

وتم الحصول على تلك المعلومات من سجلات نظام تحليل تقارير الوفيات (FARS) . وهو الذي يجمع كافة المعلومات المتعلق بكل حادث مروري تحصل فيه على أقل تقدير وفاة واحدة، والذي تحتفظ به الإدارة القومية لسلامة الطرقات السريعة بالولايات المتحدة. ووجد باحثو جامعة فلوريدا أن قوانين الولايات التي تفرض الحرمان الفوري من رخصة قيادة السيارة للسائق الذي يُثبت اختبار النفس وجود الكحول في جسمه حال قيادته للمركبة، لها تأثير رادع على توجه المرء لقيادة المركبة حال شرب المواد المسكرة. وأدت إلى إنقاذ أرواح أكثر من 800 إنسان من الموت في شتى أنواع حوادث المرور المُروعة، وذلك في كل عام. أي أنها منعت وفاة حوالي 21600 شخص خلال سنوات المراجعة تلك. وقام الباحثون بتتبع تلك القوانين للولايات عبر السنين طوال مدة الدراسة لتحديد كل التغيرات في سنّ القوانين لكل ولاية على حدة، كي يُمكن بالتالي حساب الاختلاف في التأثير عبر الزمن فيما بين الوفيات المرورية والمقارنة فيما بين الولايات في ذلك. كما تمت متابعة التغيرات في عدد السائقين المُصرح لهم بقيادة السيارات ومستوى المرور للمركبات والتغيرات في مزيج أنواع المركبات السائرة على الطرقات السريعة في كل ولاية ومعايير الأمان الواجب تطبيقها من قبل السائقين ومرافقيهم الراكبين معهم وقوانين ربط أحزمة المقاعد وتطور تغيرات قوانين فرض تحديد السرعة وأعلى حد لها أثناء سير المركبات في الطرق السريعة.

* سلامة الحياة والسكر

* وقال البروفيسور الكسندر واغنر، المتخصص في علم الأمراض الوبائية بكلية الطب التابعة لجامعة فلوريدا، إن التهديد بالسحب الفوري وحرمان السائق من رخصة قيادة السيارة هو أكبر رادع في التأثير يُمكن تطبيقه من التهديد بأي عقوبات أشد حدة يتم تنفيذها في وقت لاحق، لأن هذا الإجراء الفوري قلل من أعداد الوفيات الناجمة عن شاربي إما القليل أو المتوسط أو الكثير من الكحول.

هذا وتُطبق القوانين الصارمة بالسحب الفوري لرخصة القيادة كل الولايات الأميركية ما عدا تسع ولايات، وهي كنتاكي ومتشغن ومونتانا ونيوجيرسي ونيويورك وبنسيلفينيا ورود أيلاند وجنوبي داكوتا وتيننيسي. وتقول المؤسسة القومية لإساءة استخدم الكحول والمخدرات بالولايات المتحدة إن ما كان أشبه بالمثل لدى الناس قبل أكثر من عشرين عاماً، هو الحث على تناول شيء من الكحول من أجل الطريق، في إشارة إلى سائقي السيارات. لكن كأمة بدأنا نتنبه إلى المخاطر المرتبطة بقيادة السيارات حال تناول الكحول. ونتيجة لتفاعل اهتمام المعلمين ووسائل الإعلام والمشرعين ومطبقي القانون وغيرهم شهدت البلاد تناقص عدد الناس الذين يموتون أو يُصابون بسبب القيادة للمركبات حال السكر. وهو موضوع صحي عام لأنه لا يُعرض حياة سائق السيارة للخطر بل الراكبين معه والمشاركين له في استخدام الطرقات.

وتقول المؤسسة القومية لسلامة الطرقات السريعة بالولايات المتحدة إنه يموت سنوياً حوالي 16 ألف إنسان جراء الحوادث الناجمة عن تعاطي الكحول أو أحد أنواع المخدرات. ومن نتائج المسح الإحصائي لعام 2003 للمؤسسة المذكورة، فإن 34% ممن أعمارهم ما بين 21 و 25 سنة أكدوا قيادتهم للسيارة في العام الماضي للمسح حال إما تناول الكحول أو تعاطي أحد أنواع المخدرات. ونفس الشيء لدى 24% ممن أعمارهم ما بين 26 و 34 سنة. ونسبة الرجال كانت ضعف نسبة النساء في تلك الأمور.

وترى أن تناول الكحول أحد أهم الأسباب التي يُمكن منع حصولها في التسبب بحوادث السير بشكل عام. وأن ثلث الوفيات الناجمة عن حوادث المرور في كثير من الولايات كان سببها تناول الكحول. مما يجعل من تناول الكحول أحد الأسباب الرئيسة في الوفيات المرورية التي يُمكن الحيلولة دون وقوعها.

وتظل الوقاية من وقوع حوادث المرور تلك، عبر تجنب القيادة للسيارات مطلقاً حال تناول الكحول وعدم السماح بالمطلق لأي من الأصدقاء بقيادة السيارة حال شربه للكحول والتخطيط المسبق بعدم الشرب للكحوليات أو عدم قيادة السيارة حال الرغبة في أي منهما.

* تحليل نسبة الكحول

* وتتم في الجسم عملية التخلص من الكحول عبر إما استهلاكه في الكبد وتحويله إلى مواد كيميائية أخرى، أو ما يُسمى بأيض (تمثيل غذائي) metabolism الكحول في الكبد، وإما عبر الإخراج المباشر مع البول وإما عبر الإخراج من خلال هواء التنفس الخارج من الرئة. وتختلف نسبة التخلص بأي الطرق الثلاث المذكورة بين الناس. لكن الغالب أن يتم التخلص من حوالي ما بين 90 إلى 98 % عبر الأيض في الكبد. وما بين 1 إلى 3% بالإخراج مع البول. وما بين 1 إلى 5% عبر هواء النفس من خلال الرئة. ونسبة لا تتجاوز 0,5% عبر إفرازات العرق أو الدموع.

ويبدأ ظهور الكحول في البول بعد حوالي 40 دقيقة من شرب الكحول، في حين يتم التخلص من الكحول عبر عمليات الأيض حال امتصاص الأمعاء له ووصوله إلى الكبد. وثمة من الباحثين من يقول ان معدة بعض الرجال تحتوي على الأنزيم اللازم لتكسير الكحول في معدتهم. وهو ما يعني بدء التخلص منه حتى قبل امتصاص الأمعاء له.

وبالرغم من عدم وجود أي دواء يُسرع في مساعدة الكبد على التخلص من الكحول وتقليل تأثر الجسم به، إلا أن من المعروف أن ثمة أدوية تُبطئ من التخلص منه مثل الأسبرين والباندول ( تاينيلول) وأدوية قرحة المعدة مثل زنتاك وتاغاميت.

ولذا يتم تحديد مدى وجود كمية من الكحول في الجسم إما عبر تحليل الدم المباشر لتحديد نسبة الكحول أو تحليل نسبة الكحول في هواء التنفس أو تحليل نسبة الكحول في البول.

وبشكل عام فإن وجود الكحول بنسبة وحدة واحدة مثلاً في هواء التنفس يعكس وجود 2100 وحدة منه في الدم. وبصفة أدق تتراوح النسبة ما بين 1300 إلى 3100 وحدة في الدم لكل وحدة واحدة في هواء التنفس. وهو ما يختلف ليس فقط بين إنسان وآخر، بل لدى الإنسان نفسه من حين لآخر.

وتسبب عدة عوامل في اختلاف نتائج التحليل، منها الكمية التي تم تناولها. وحجم الجسم، لأن الأشخاص النحيلين تعلو لديهم النسبة أكثر من البدينين. وكذلك الحال مع سرعة تناول كميات الكحول، إذْ كلما زادت السرعة وقلت المدة الزمنية لتناول الكمية كلما ارتفعت النسبة بشكل سريع في الدم. والنساء أعلى في الوصول إلى نسب عالية من الكحول في الدم مقارنة بالرجال، نظراً لأن أجسامهن تحتوي كمية أقل من المياه التي ينتشر الكحول فيها بسهولة، وكمية أعلى من الشحوم التي لا يخترقها الكحول بسهولة. ولذا لو تناول رجل وامرأة نفس كمية الكحول بنفس السرعة فإن النسبة ستكون أعلى لدى المرأة خلال مدة معينة.