إنتاج حبال صوتية.. للتغلب على صعوبات نطق الكلمات

مشروع علمي أميركي لتعويض الأنسجة التالفة المسببة لبحة الصوت

حماية الاحبال الصوتية مهمة للمغنين.. رسم للمغنية البريطانية كايتي ميلوا (كي آر تي)
TT

يأمل الباحثون في الولايات المتحدة في النجاح لتطوير إنتاج أنسجة لحبال صوتية جديدة تُستخدم في استبدال الأنسجة التالفة فيها، والتي يُؤثر استمرار وجودها، كأنسجة تالفة، في نوعية الصوت الذي يصدر من الإنسان حال نطق الكلام.

* مشروع طموح وكان قد تم الإعلان في العاشر من شهر أغسطس الحالي، عن البدء في برنامج بحثي طموح مدته خمس سنوات، وبتمويل من المؤسسة القومية للصمم واضطرابات التواصل الأخرى بلغ 1,8 مليون دولار، للتوصل إلى إنتاج الأنسجة المأمولة.

وسيقوم فريق من باحثي جامعة ديلاوير في ولاية ديلاوير الأميركية باختبار نوعين من الأنسجة المصنعة بتقنيات شبيهة بهندسة إنتاج الأنسجة لإعادة توليد أنسجة ضامة مرنة يُمكن استخدامها في اكتساب الحبال الصوتية مرونة الحركة الترددية. وهي الحركات الترددية اللازمة لإصدار الأصوات من خلالها ثنياتها، حال خروج الهواء من الرئة عبر القصبة الهوائية التي تقع الحبال الصوتية في أعلاها، أي ضمن تراكيب الحنجرة.

والمعلوم أن إساءة استخدام الحبال الصوتية من قبل البعض تتسبب بنشوء ندبات في تلك الأنسجة الضامة، ما يُفقدها مرونة الحركة الترددية الدقيقة في إصدار أصوات نطق الكلام. وهو ما يُؤدي بالتالي إلى الإصابة بظهور صوت أجش أو خشن، أو على أقل تقدير مختلف عن ذلك الصوت الطبيعي المعتاد لكلام ذلك الإنسان. وتتألف الندبة من أنسجة ضامة تتكون لدى محاولة الجسم إحداث التئام في المناطق التي تعرضت للتهتك أو الإصابات. لكنها أنسجة قوية وصلبة البنية، ومتى ما تكونت، أفقدت تلك المنطقة تكوينها الطبيعي. ولعل أقرب الأمثلة للعيان تلك الندبات التي تنشأ مكان التئام جروح الجلد.

وإحدى الطرق التي سيشملها البحث هي جدوى استخدام مادة جيلاتينية تُحقن داخل منطقة الأنسجة التالفة من أجل تحسين مرونة حركتها ومنع نشوء الندبة فيها. والطريقة الأخرى ستستخدم إنشاء نسيج حيوي وظيفي جديد يقوم بنفس وظيفة الأنسجة الحية الطبيعية. أي أنه سيكون مكوناً من مزيج خلايا الأنسجة الضامة الطبيعية الموجودة في ثنيات الحبال الصوتية، بالإضافة إلى مواد صناعية أخرى تُشكل الوسط الذي ستعيش فيه تلك الخلايا الضامة الطبيعية. وسيُضاف إلى هذا المزيج مواد كيميائية محفزة لاكتساب الخصائص الحيوية البيولوجية والقدرات الحركية الميكانيكية، ما يجعل هذا النسيج قادراً على أداء الوظائف الحيوية الحركية كالعضو الطبيعي للحبال الصوتية. وهو ما يُعتبر تحدياً علمياً في التوظيف التطبيقي لتقنيات هندسة بناء الأنسجة. وكان قد سبق لملحق الصحة بـ "الشرق الأوسط" قد عرض جوانب من تعقيدات تلك التطبيقات عند الحديث عن بناء الباحثين من الولايات المتحدة للمثانة الصناعية.

* الكلام والصوت وينتج صوت نطق الكلمات أو غيره من الأصوات التي يُصدرها الإنسان جراء مرور الهواء الخارج من الرئتين، أثناء عملية الزفير، عبر القصبة الهوائية إلى خارج الجسم من خلال الأنف. وخلال هذه العملية يمر الهواء في أعلى القصبة الهوائية بتراكيب الحنجرة، أو الصندوق الصوتي، التي تضم الحبال الصوتية. والحبال الصوتية عبارة عن رباطين من العضلات التي تمتلك خاصية الاهتزاز الترددي، ما ينتج عنه تحويل الصوت المصمت لخروج تيار الهواء من الرئة إلى صوت مسموع مختلف في درجات طبقات النغمات وحدة الترددات.

ونوعية الصوت الصادر عن حنجرة كل إنسان، هي علامة مميزة له. وأشبه بتلك البصمات لأطراف الأصابع، التي تميز إنساناً عن آخر. ولدى غالبية الناس، يلعب صوت نطق الكلام دوراً مهماً في الشخصية وكيفية تفاعلها مع المحيطين بهم، لأننا نعتمد عليه كثيراً في التواصل ونوعيته والرسائل المُراد إيصالها ، لا من خلال مكونات كلمات الجمل فحسب، بل على خصائص شتى متعددة في طريقة إصدار أصواتها. واضافة الى هذا فان ثمة الكثيرين جداً من الناس الذين تعتمد جوانب شتى من حياتهم على حبالهم الصوتية وكفاءة عملها بشكل طبيعي أو فوق طبيعي. وهذا ما يعني أننا كأشخاص طبيعيين بحاجة إلى حبال صوتية سليمة ومرنة وتتفاعل بطريقة طبيعية مع ما نريد من كيفية في إصدار أصوات نطق الكلمات للجمل. وهو ما يتطلب أن نعتني بتلك الحبال وسلامتها في الاستخدام اليومي لها وفي حال تعرضنا لأية ظروف أو أمراض قد تطولها بالضرر.

* إصابات الحبال الصوتية وثمة العديد من الأمور التي يُمكنها أن تتسبب بالضرر في الحبال الصوتية، ما قد يحرم المرء من خصائص تفاعلاتها الطبيعية في إصدار الأصوات المتميزة والأصوات الطبيعية. وهي تشمل التهابات الجهاز التنفسي العلوي بالميكروبات، والالتهابات الناجمة عن ترجيع محتويات المعدة وأحماضها إلى المريء، ومن ثم وصولها إلى أجزاء أعلى كالتي في الحنجرة ومنها الحبال الصوتية. إضافة إلى سوء استخدام الحبال الصوتية أو فرط استخدامها بطرق خاطئة غير صحية لضمان سلامتها. كما يُؤدي إلى تلك النتيجة ظهور عقد من النتوءات الحميدة على الحبال الصوتية في أجزاء أخرى من الحنجرة أو أورام سرطانية فيهما أو حصول حالات من التشنج العصبي العضلي أو التعرض لبعض حالات الصدمات النفسية. لكن، كما تقول المؤسسة القومية للصمم واضطرابات التواصل الأخرى في الولايات المتحدة: ان من المهم تذكر أن غالبية اضطرابات إصدار أصوات الكلام يُمكن معالجتها بكفاءة إذا ما تم تشخيص وجودها في وقت مبكر، أي سرعة مراجعة الأطباء بمجرد الشعور بها، مثل عند بدء الإحساس بخشونة أو بحة في الصوت، أو ملاحظة عدم القدرة على بلوغ طبقات عالية من الصوت، من المعتاد لدى البعض بلوغها، أو الشعور فجأة بأن الصوت أصبح عميقاً بشكل غير طبيعي. أو أن ثمة صعوبة في إصدار أصوات الكلام. أو غيرها مما يعلم المرء بأنه ليس طبيعياً.

* نصائح طبية للوقاية من اضطرابات صوت الكلام

* تتضمن إرشادات المؤسسة القومية للصمم واضطرابات التواصل الأخرى في الولايات المتحدة، حول الوقاية من الإصابة باضطرابات إصدار أصوات نطق الكلمات، العناصر التالية:

_ تقليل تناول المشروبات المحتوية على الكافيين أو الكحول، لأنهما يعملان كمدرات للبول، ما يتسبب في جفاف الجسم وقلة السوائل فيه، وهو ما ينجم عنه جفاف الحبال الصوتية، وأضافت المؤسسة أن الكحول يعمل على تهييج طبقة الأغشية المخاطية الرقيقة المغلفة للحبال الصوتية. ومقابل ذلك يجب الاهتمام بالإكثار من شرب السوائل والماء على وجه الخصوص. وتحديداً ستة أو ثمانية أكواب يومياً.

_ الامتناع عن التدخين، وتجنب الأماكن التي يوجد فيها المدخنون حال فعلهم ذلك. وتشير الدراسات إلى أن سرطان الحبال الصوتية أعلى لدى المدخنين.

_ ممارسة طريقة سليمة في التنفس أثناء الكلام أو الغناء أو إلقاء المحاضرات، لأن من المهم دعم الحبال الصوتية وعملية إصدار الأصوات بأخذ نفس عميق يُسهم في مساعدة عضلة الحجاب الحاجز على دفع الهواء أثناء خروجه من الرئة بشكل جيد وقوي.

_ تجنب تناول ما يُسهم في حصول ترجيع أحماض ومحتويات المعدة إلى المريء، مثل البهارات والفلفل الحار.

_ استخدام مرطب لهواء المنزل، خاصة في الشتاء أو البيئات المناخية الجافة. والأفضل دوماً تكوين نسبة 30% من رطوبة الهواء.

_ عدم إساءة استخدام الحبال الصوتية، أو الإفراط في ذلك، خاصة عند الشكوى من بحة الصوت، مع تجنب الحديث في أماكن الضجة الشديدة لأنه سيتطلب لاشعورياً الصراخ أثناء الكلام لإسماع الغير.

_ اتخاذ الحيطة باتباع وسائل الوقاية من إصابات التهابات الجهاز التنفسي العلوي الميكروبية. _ تجنب استخدام سوائل غرغرة الفم والحلق المحتوية على الكحول أو مواد كيميائية مهيجة. ولو أردت ذلك فعليك بمزيج الماء والملح. أما من يلجأون إلى تلك الغرغرة للتخلص من رائحة غير محببة في الفم، فعليهم مراجعة الطبيب لأن سبب ذلك قد يكون التهابات ميكروبية في أجزاء من الجهاز التنفسي العلوي أو نتيجة لترجيع المعدة.