انطلاق الحملة الوطنية للتطعيم ضد الحصبة في السعودية

تبدأ السبت وتهدف إلى القضاء على المرض بحلول عام 2010

TT

مرض الحصبة هو أحد الأمراض الفيروسية المعدية التي تنشط، عادة، خلال الفترة ما بين يناير(كانون الثاني) الى ابريل (نيسان)، ولا تزال الحصبة من الأسباب الرئيسة لوفاة صغار الأطفال على مستوى العالم على الرغم من توافر لقاح مأمون وناجع ضدها. وقد أثرت عمليات التطعيم تأثيرا كبيرا في وفيات الحصبة، فقد تم بين عامي 2000 و 2005 تطعيم أكثر من 360 مليون طفل في جميع أنحاء العالم باللقاح المضاد للحصبة، وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية واليونيسيف الى ان معدل تغطية التحصين العالمية باللقاح الروتيني ضد الحصبة ارتفع بين عامي 1999 و 2005، من 71% الى 77%.

* مرض مميت تحدثت الى "الشرق الأوسط" الدكتورة زينب عزالدين استشارية طب أسرة ومشرفة القطاع الصحي الثالث بادارة الرعاية الصحية الأولية بمحافظة جدة، مشيرة الى آخر تقرير احصائي لمنظمة الصحة العالمية، الذي يوضح ان نسبة الوفيات الناتجة عن الاصابة بالحصبة قد انخفضت بنسبة 60% على مستوى العالم، حيث انخفضت أعداد الوفيات بالحصبة في افريقيا وحدها من 873.000 حالة وفاة في عام 1999 لتصل 345.000 حالة في عام 2005، بسبب حملات تطعيم الأطفال التي تقوم بها منظمات دولية ضد الاصابة بالحصبة طوال الثماني سنوات الماضية.

ومن المعروف علميا وعالميا، أن مرض الحصبة من الأمراض التي لها نشاط دوري كل اربع سنوات، عليه ارتفعت نسبة الاصابة بالحصبة هذا العام بين 3% و 5% نتيجة التفشيات الوبائية العالمية. في مايو (أيار) 2005، اعتمدت جمعية الصحة العالمية الثامنة والخمسون الرؤية والاستراتيجية العالميتين للتمنيع المشتركتين بين منظمة الصحة العالمية واليونيسيف، وتدعو الرؤية الاستراتيجية البلدان الى تخفيض وفيات الحصبة العالمية بنسبة 90% بحلول عام 2010، مقارنة بالتقديرات المسجلة في عام 2000.

* حملة وطنية وضمن استراتيجيات وزارة الصحة بالمملكة للتخلص من أمراض الطفولة المعدية فإن الوزارة سوف تنفذ حملة وطنية للتطعيم ضد الحصبة لجميع الفئات العمرية من 9 أشهر الى 18 سنة في جميع مناطق المملكة، وذلك في اطار التزام المملكة لمنظمة الصحة العالمية بازالة الحصبة بحلول عام 2010.

تركز الحملة على الأطفال وطلاب وطالبات المدارس في كافة مناطق المملكة، وتبدأ السبت المقبل بتاريخ 12 شعبان 1428 (25 اغسطس الجاري) حتى 11 ذو القعدة (21 نوفمبر)، وتنفذ على مرحلتين. علما بأن السعودية قطعت شوطا كبيرا في الحد من انتشار مرض الحصبة، وذلك من خلال البرنامج الوقائي لوزارة الصحة، بربط شهادات الميلاد بالتطعيم، وكذلك انتشار حملات التحصين لطلاب المدارس التي بدأت منذ سنوات طويلة، الأمر الذي جعل نسبة تغطية هذا المرض بين الأطفال تصل الى 96.5% لكل 100 ألف من السكان، حسب آخر احصائية عن وزارة الصحة.

* الأعراض والمضاعفات

* مرض فيروسي معد جدا وسريع الانتشار، والانسان هو المضيف الوحيد لفيروس الحصبة. وفيروس الحصبة من فصيلة فيروسات بارميسكو التي تحتوي على الحمض النووي (ار. ان. ايه) ولها غلاف خارجي.

توضح الدكتورة زينب عزالدين أن فيروس الحصبة ينتقل عن طريق الرذاذ المنتشر في الهواء، عن طريق السعال أو العطس، أو مخالطة شخص موبوء عن كثب أو مخالطة الافرازات الصادرة عن أنفه او حلقه بشكل مباشر. وبناء عليه، ينشأ احتمال ظهور الحصبة على شكل أوبئة قد تتسبب في حدوث العديد من الوفيات، خاصة في صفوف الأطفال ممن يعانون سوء التغذية.

يظل الفيروس نشطا ومعديا في الهواء أو على المساحات الموبوءة طوال فترة قد تبلغ ساعتين من الزمن، ويمكن ان ينقل الشخص الموبوء الفيروس الى شخص آخر خلال فترة تتراوح بين اليوم الرابع الذي يسبق ظهور الطفح عليه واليوم الرابع الذي يلي ذلك، واذا أصيب شخص بالحصبة، فإن ثمة احتمالا بأن ينتقل الفيروس الى نسبة كبيرة من مخالطة الحميمين. وتقسم الدكتورة زينب عزالدين ملامح الحصبة السريرية إلى مرحلتين:

المرحلة الأولى: تبدأ بحمى شديدة في اليوم العاشر او الثاني عشر (فترة الحضانة) بعد التعرض للفيروس وتدوم من يوم الى سبعة ايام. وقد يصاب المريض أيضا في هذه المرحلة الأولى، بزكام (سيلان الأنف) وسعال واحمرار في العينين ودمعان وبقع صغيرة بيضاء داخل الخدين (بقع كوبلك).

المرحلة الثانية: في غضون فترة تتراوح بين سبعة ايام و 18 يوما عقب التعرض للفيروس، ومتوسطها 14 يوما، يظهر طفح في الوجه وأعلى العنق، يمتد خلال ثلاثة ايام تقريبا الى اسفل الجسم ويطال اليدين والقدمين في نهاية المطاف، يدوم فترة تتراوح بين خمسة وستة أيام، ثم يختفي بعد ذلك. يُمنع الطفل من الذهاب الى المدرسة حتى يتماثل للشفاء أو لمدة اسبوع من ظهور الطفح الجلدي.

تعد الحصبة في غالب الأحيان مرضا مزعجا يتسم بأعراض خفيفة أو معتدلة. أما الحصبة الوخيمة، فإنها تصيب على الأرجح صغار الأطفال الذين يعانون سوء التغذية، خاصة الذين لا يتلقون الكمية الكافية من الفيتامين (أيه)، أو الذين ضعف نظامهم المناعي بسبب الامراض.

وفيات الحصبة تحدث عادة بسبب المضاعفات، خاصة لدى الأطفال دون سن الخامسة أو البالغين الذين تتجاوز أعمارهم 20 عاما. وتشير التقديرات الى أن من أكثر مضاعفات الحصبة:

ـ التهاب الاذن الوسطى: يصيب 5 - 15% من مجموع الحالات.

ـ الالتهاب الرئوي: يصيب 5 - 10% من مجموع الحالات، ويعد أكثر اسباب الوفاة الناجمة عن الحصبة شيوعا.

ـ التهاب الدماغ: يحدث لحالة واحدة لكل 1000 حالة، ويعتبر عدوى خطرة.

ـ الاسهال الوخيم: قد يؤدي الى الجفاف.

ـ العمى ويتراوح معدل الوفيات من الحالات المصابة في البلدان النامية، عموما بين 1 و5%، لكنه قد يبلغ 25% لدى الفئات السكانية التي ترتفع فيها معدلات سوء التغذية وتنقص فيها فرص الحصول على الرعاية الصحية. وتتكون لدى الأشخاص الذين يتعافون من الحصبة مناعة تدوم مدى الحياة.

* التشخيص والعلاج

* بواسطة التاريخ المرضي، والعلامات السريرية (مثل بقع كوبلك والطفح الجلدي)، ويمكن اجراء تحليل دم للتعرف على وجود أضداد ضد فيروس الحصبة في الدم، واجراء زراعة للفيروس.

تقول الدكتورة زينب عز الدين انه ليس للحصبة علاج نوعي، وعلاج المرض فقط بالأدوية غير النوعية، مثل المسكنات ومخفضات الحرارة واستخدام المضادات الحيوية في حال وجود التهابات بكتيرية ثانوية، مثل التهاب الأذن الوسطى والتهاب الرئة.

من الممكن ان يتلقى الأطفال الذين أثبت التشخيص اصابتهم بالحصبة جرعتين من الفيتامين (أيه) كمكمل غذائي، مع ضمان مرور 24 ساعة بين الجرعة والأخرى، فاعطاء تلك المكملات وقت التشخيص من شأنه المساعدة على توقي العمى والأضرار التي تلحق بالعين، كما تبين ان التغذية التكميلية بالفيتامين (أيه) تسهم في تخفيض عدد الوفيات الناجمة عن الحصبة بنسبة 50%. ويتم تطعيم جميع المخالطين ومتابعتهم طوال فترة الحضانة.

اما الوقاية فتشمل:

- التطعيم الروتيني: وهو اعطاء الطفل جرعتين من اللقاح الثلاث فيروسي عند سن 12 شهرا، ثم يعطى الطفل جرعة ثانية لزيادة المناعة عند عمر 4 – 6 سنوات (قبل دخول المدرسة).

- التطعيم من خلال الحملات الوطنية: وترمي الى تطعيم جميع الأطفال بغض النظر عن خلفيتهم التطعيمية. ويمكن لهذا الاجراء ضمان المناعة ضد الحصبة للأطفال الذين لم يتلقوا جرعة سابقة من اللقاح المضاد للمرض، وكذلك الأطفال الذين تم تطعيمهم ولم يطوروا مناعة ضد المرض عقب التطعيم، إذ هناك الكثير من الأطفال الأكبر سنا ممن لم يستفيدوا من التطعيم ولم يصابوا بالعدوى، فهم يفتقرون بالتالي الى المناعة اللازمة ضد المرض.