بين الصواب والخطأ

د. عبد الحفيظ خوجة*

TT

* بدائل الثدي الصناعية.. ومضاعفاتها > من الخطأ أن تعتقد المرأة التي تُزرع لها أي مادة بديلة صناعية في الثدي، سواء أكان ذلك لغرض التجميل أو لغرض التعويض بعد عملية جراحية كاستئصال الثدي مثلا، أن تلك المادة سوف تحتفظ بشكلها للأبد وأنها خالية من العيوب والمضاعفات. قد يكون السبب عدم افهام المريضة بتفاصيل ذلك قبل الاجراء الجراحي. يؤكد المتخصصون في مجالي الجراحة العامة وجراحة التجميل، من خلال عدد كبير من الدراسات التي امتدت عشرات السنوات، أن 20% ممن زرع لهن سيليكون يحتجن الى إجراء عملية جراحية ثانية في غضون 10 سنوات لتصحيح الشكل، وأن نفس احتمالات الحاجة لاجراء عملية جراحية ثانية في غضون 10 سنوات تنطبق أيضا على من زرع لهن محلول الملح، ويكون ذلك إما بسبب تغير الشكل أو التعرض لتمزق الكبسولة (العبوة) المغلفة. أما بعد مضي حوالي 30 عاما من الزراعة فتكون هناك ضرورة وحاجة 100% الى ازالة او استبدال البالون المزروع.

في الحقيقة هناك مبدأ علمي واضح يشير الى أنه لا توجد زراعة صناعية بدون مخاطر او مضاعفات مستقبلية محتملة، ولكنها لا تصل الى درجة منع اجرائها. من بين تلك المضاعفات التي تعد اكثر شيوعا لزراعات الثدي نذكر ما يلي:

شد الكبسولة المحيطة بالمادة المزروعة capsular contracture.

حدوث نمو ندبات نسيجية حول "الزرعة" يؤدي الى الاحساس بشد غير مريح وزائد عن درجة تحمل المريضة.

تسرب كميات صغيرة من هلام السيليكون نتيجة تمزق الغلاف.

هناك ما يعرف بتجمع أو تكتل السيليكون "سيليكونوما siliconoma" وهو اسم مخيف، ولكنه أمر بسيط ولا يعني ورما حقيقيا، ولا يشكل أي خطر على الصحة، ويمكن تركه بدون تدخل إن كان في مكان مخفي وليس ظاهرا على سطح الثدي. أمراض النسيج الضام، قد تحدث متزامنة مع وجود الزرعة. لكن ليس هناك من الدراسات ما يثبت أو ينفي علاقتها بالزرعة نفسها، حيث انها شائعة الحدوث عند النساء بدون وجود زرعة في الثدي.

لقد أصبح من السهل جداً اكتشاف أي خلل يحدث لدى المرأة في هذا الجزء من الجسم. كما أصبح التشخيص بواسطة تصوير الثدي mammogram متوفرا في كافة المستشفيات والمراكز المعنية بهذا المجال. وهذه الوسيلة يمكنها تحديد الجزء المتسرب من الهلام، إن حصل ذلك، وكذلك الندبات النسيجية حوله، والتأكد من أن الكتلة المحسوسة بالفحص الاكلينيكي ما هي إلا تجمع وتكتل مادة السيليكون "سيليكونوما". والمطلوب من المرأة في هذه الحالة المتابعة المنتظمة وعمل فحص بالرنين المغناطيسي MRI exams بشكل دوري نصف سنوي أو سنوي باشراف الطبيب.

* سمنة الحامل ومخاطر العيوب الخلقية لوليدها > من الأخطاء الشائعة في كثير من المجتمعات اصرار الأم بأن تعمل ابنتها المتزوجة على زيادة وزنها، حيث إنها مقبلة على الحمل والولادة لأنهما أمران منهكان للصحة، كما تعتقد، ولذلك لا بد من الاستعداد لهما بزيادة الاكل كماً وعدم الاهتمام بالنوع كالالتزام بالعناصر الغذائية الأساسية. هذا خطأ كبير على صحة الأم الحامل وكذلك على صحة وليدها المنتظر، بزيادة خطر اصابة الأطفال المولودين بالعيوب الخلقية المختلفة، الأمر الذي أثبتته دراسة حديثة نشرت في مجلة أرشيف طب الأطفال والمراهقين، عدد اغسطس 2007. أجراها فريق طبي في جامعة تكساس في هيوستن وترأسها الدكتور د. كيم والر. استخدم الباحثون معلومات سبق تجميعها في الدراسة الوطنية لمكافحة عيوب الولادة الخلقية، وهي دراسة أجريت في مواقع متعددة، واعتمدت على السكان مباشرة لاكثر من 30 فئة مختلفة من العيوب الخلقية الهيكلية. وتمت مراجعة بيانات المواليد بين عامي 1997 و 2002 على اكثر من 10،000 طفل ولدوا بتشوهات خلقية، تمت مقارنتها بحوالي 4000 طفل من العاديين. وجد الفريق الباحث أن الأم السمينة زاد عندها احتمال ان تلد طفلا عنده شق في العمود الفقري لاكثر من الضعف. كما وُجد من هذه الدراسة زيادة في مخاطر أخرى مرتبطة بسمنة الام قبل الحمل، وكان من أهمها عيوب القلب، الشرج، القضيب، الأطراف، الحجاب الحاجز والسرة. ووُجد أيضاً أن الامهات زائدات الوزن فقط ولم تصنفن كبدينات، كانت لديهن دلالة بسيطة ولكنها اصغر حجما بالارتباط مع بعض هذه العيوب.

أما العكس كأن تكون المرأة أقل وزنا من الطبيعي، فإن العيب الخلقي الوحيد المرتبط بوزنها كان ارتفاعا طفيفا في خطر الاصابة بشق الشفاه " الشفة الأرنبية". إن هذه المعلومات والنتائج توفر لنا أدلة علمية جديدة على العلاقة بين السمنة عند الامهات ومخاطرها على الأبناء، وتدعو النساء الحوامل للمتابعة المنتظمة عند طبيب الأسرة ثم عند طبيب النساء والولادة مع تقدم مراحل الحمل لتلافي حدوث مثل هذه العيوب الخلقية لا سمح الله.

* السعال المزمن.. قد يكون وراءه مرض خطير > يخطئ كثير من المدخنين في اهمال علاج السعال المزمن الذي يعاني منه عادة المدخنون باعتبار أنه حالة مزمنة ولا خوف منها، حيث إن السبب هو التدخين فقط، وتستمر معاناته من هذه الحالة طويلا، في حين أن العلاج متاح ولن يكلف أكثر من زيارة لاستشارة الطبيب.

السعال المزمن هو الذي يستمر لمدة اطول من ثلاثة اسابيع، وأسبابه متعددة ولا تقتصر على التدخين وحده كما يعتقد البعض، وتأثيراته تختلف حسب نوع المسبب، فمنها ما هو حميد ولا يتعدى كونه حالة مزعجة نتيجة تهيج في منطقة البلعوم أو الحنجرة كالتدخين، ومنها ما يحمل خطرا كبيرا على الصحة كما في حالات الأورام الخبيثة. ومن أهم تلك الأسباب ما يلي:

* التدخين: الذي يؤدي الى التهاب الشعب الهوائية المزمن.

حساسية الأنف: يمكن ان تؤدي الى زيادة الافرازات الأنفية الخلفية، وخصوصا عند المرضى الذين لديهم التهاب مزمن في الجيوب الأنفية.

أمراض صدرية: مثل الربو الشعبي، الإلتهاب الرئوي المزمن كمرض الدرن، وتليف الرئتين.

الحموضة المعدية: وهي ارتجاع عصارة المعدة في عكس الاتجاه من المعدة الى المريء فالحنجرة. بعض الأدوية: مثل تلك التي تُثبط الإنزيم المُحول للأنجيوتنسين ACE inhibitors، او مانعة "بيتا" المستخدمة في علاج ارتفاع ضغط الدم أو أمراض الشقيقة والجلوكوما (الماء الأزرق). أورام خبيثة: مثل سرطان الرئة.

عليه يجب زيارة الطبيب، وإعطاء التاريخ المرضي بشكل دقيق، وعمل الفحوص اللازمة مثل أشعة الصدر وأشعة الجيوب الانفية وفحص وظائف الرئتين وغيرها حسب مرئيات الطبيب مما يساعد على تشخيص السبب ووضع خطة العلاج المناسبة كتغيير دواء الضغط إذا كان هو السبب، واعطاء أدوية للأمراض المسببة للسعال المزمن كالربو وارتجاع عصارة المعدة أو علاج حساسية الأنف. وفي جميع الحالات يجب التوقف عن التدخين نهائياً ليس فقط من أجل علاج السعال وإنما للوقاية من العديد من الأمراض الخطيرة المصاحبة للتدخين.