الصداع النصفي لدى النساء سببه قلة الأستروجين

نظريات متعددة حول الدور الحاسم للهرمون الأنثوي في إطلاق نوبات المرض

ملايين الاميركيين اكثريتهم من النساء يعانون من الصداع النصفي (كي آر تي)
TT

يعتقد بعض الباحثين ان بعض النساء يعانين من الصداع النصفي (الشقيقة)، بسبب التغيرات المفاجئة في مستويات الاستروجين.

وهناك فجوة جنسية واسعة بين الرجل والمرأة عندما يتعلق الامر بالصداع النصفي، فالنساء البالغات هن اكثر عرضة للإصابة بهذا الصداع من الرجال بثلاثة اضعاف. وتختلف الاعراض ايضا، فالنساء اقل عرضة من الرجال في اختبار ظاهرة الهالة (أورة) aura، وهي الاضطرابات الغريبة في الرؤية والإحساسات الاخرى التي تسبق الجزء المؤلم من الصداع النصفي. لكنهن اكثر عرضة، لدى تعرضهن لنوبة الصداع هذه، للشعور بالغثيان والتقيؤ.

وهذه الاختلافات الجنسية بين الرجل والمرأة تشير الى ان هرمونات الاخيرة التي تتجدد باستمرار تلعب دورا حاسما في اطلاق نوبات الصداع النصفي، كما تشير جميع الدلائل الى الاستروجين. ولكن الامر ليس بهذه البساطة كبساطة تسبب الاستروجين بالصداع النصفي. وكانت مجموعة متزايدة من الابحاث قد اشارت الى ان الصداع النصفي بالنسبة الى بعض النساء سببه الهبوط العادي في مستويات الاستروجين الذي يحصل مع الدورة الشهرية. ومثل هذا الصداع النصفي الدوري الشهري، كما يدعى احيانا، قد يكون سببه الانخفاض في مستويات الاستروجين.

* مشكلة شائعة

* وهناك اشارات متعددة الى ان انخفاض مستويات الاستروجين قد يكون عاملا في الاصابة بالصداع النصفي، فقد لاحظ نصف النساء تقريبا اللواتي يعانين من الشقيقة، ان الصداع يحدث لديهن غالبا في فترات الحيض (العادة الشهرية)، وهو الوقت خلال الدورة الشهرية الذي تهبط فيه مستويات الاستروجين. ويحدث الصداع النصفي غالبا والذي يصاحب تناول موانع الحمل التي تؤخذ عن طريق الفم، اثناء الاسبوع الذي يجري فيه تناول الاقراص الوهمية التي لا تحتوي على اي استروجين. وقد تشتد اعراض هذا الصداع بالنسبة الى العديد من النساء خلال الفترة التي تسبق التوقف عن الحيض، وهي فترة السنوات القليلة التي تؤدي الى توقفه تماما، حين تتقلب مستويات الاستروجين صعودا ونزولا بشكل كبير، وهو امر طبيعي، لكون مبايض المرأة تشرع في الانغلاق.

وعلاوة على هذه الملاحظات، فقد قام الباحثون بتجارب تتعلق مباشرة بالاستروجين، ففي احدى الدراسات قام الباحثون بحقن 16 امرأة به قبل توقف الحيض لديهن وكن من المعرضات للاصابة بالصداع النصفي، و12 اخريات عاديات غير معرضات له. وتبين انه لم تتعرض ولا امرأة منهن الى الصداع خلال فترة 14 يوما بعد حقنهن بالاستروجين، لكن جميع الـ 16 من المعرضات للصداع تعرضن له عندما انخفضت مستويات الاستروجين.

* نظريات مختلفة

* ويعتقد بعض الباحثين ان الاستروجين يؤثر على مسالك الألم عن طريق التأثير على كميات الكيميائيات العصبية مثل الـ"سيروتونين" والـ"اوبييتس" وغيرها التي يطلقها الدماغ. ويبدو ان مثل هذه الكيميائيات العصبية تلعب دورا في الحساسية للالم. وعندما تتأثر مستوياتها تكون النتيجة الالم والشعور بالصداع النصفي.

ويعتقد باحثون اخرون انه قد يكون للاستروجين تأثير مباشر على الاوعية الدموية، ربما عن طريق تنبيه وتنشيط اطلاق اوكسيد النتريك الموسع النشيط لجدران الاوعية الدموية. وعندما تنخفض مستويات الاستروجين تنقبض الاوعية الدموية وتتوسع بشكل متقطع مؤدية الى ذلك الشعور بالنبض الذي يعاني منه المعرضون للصداع النصفي.

وثمة نظرية ثالثة تقترح ان انخفاض معدلات الاستروجين تسبب الصداع النصفي عن طريق جعل الاعصاب في الوجه والجمجمة حساسة جدا، اذ قد يلعب الاستروجين دورا في كبت الاحساس بالالم في مثل هذه الاعصاب، بما في ذلك عصب الـ "ثلاثي التوائم"، وهو عصب الاحساس المهم في الوجه. وعندما تنخفض معدلات الاستروجين تفقد الانظمة التي تدير عادة النشاط العصبي في الوجه ادارتها المحكمة، مما يزيد من الحساسية للالم. ومع زيادة هذه الحساسية تحدث ظاهرة اخرى غير ضارة مثل توسع الاوعية الدموية في الجمجمة التي تعجل بحدوث صداع نصفي شديد.

* الوقاية والعلاج

* الاساليب العادية لتخفيض معدلات الصداع النصفي او شدته، تشمل الحصول على نوم كاف وتناول الطعام بشكل منتظم والامتناع عن تناول الكثير من المشروبات والمرطبات الغنية بالكافيين، ومحاولة عدم التوتر. اما النساء اللواتي يعانين من الصداع النصفي بسبب انخفاض معدلات الاستروجين ربما، فينصحن احيانا باتباع هذه الخطوات بعناية لدى اقتراب عادتهن الشهرية التي قد تحول دون الوصول الى نقطة حصول الصداع النصفي. ويحث بعض الاطباء النساء على تدوين يوميات خاصة بالصداع لشهور عدة كأسلوب لمعرفة عدد مرات الاصابة التي هي قريبة من موعد العادة الشهرية. وعلى الرغم من ان الكثير من النساء يصبن بالصداع غالبا اثناء اقتراب موعد عادتهن الشهرية، الا ان اقل من 10 في المئة منهن يصبن بها خلال العادة الشهرية. ولدى الاصابة بالصداع فقط اثناء فترات الحيض، تقترح دراسات صغيرة عديدة تناول العقاقير المضادة للالتهاب غير الستيرودية NSAIDS مثل الـ"نابروكسين" (اليفي) على سبيل الوقاية قبل موعد الحيض، وخلاله، وبعده، بغية درء الصداع الذي يسببه نقص الاستروجين.

ولدى حصول الصداع النصفي، غالبا اثناء فترة الحيض، وايضا خلال الاوقات الاخرى، هناك العديد من اساليب العلاج التي اكتشفت التي تخفض من عدد مرات نوبات الصداع، بما في ذلك مثبطات انزيم الانجيوتنسين ACE وحاصرات مستقبلات الانجيوتنسين، والعقاقير المضادة للنوبات، وحاصرات بيتا، وحاصرات قناة الكالسيوم، وعقاقير "ترايسيليك" الدورية.

وبالطيع اذا سبب نقص الاستروجين الصداع النصفي، يبدو الجواب الواضح في انه يتوجب على النساء تناول اقراص الاستروجين لدى تناقص معدلاته. وتقترح دراسات صغيرة عديدة ان مثل هذا المسعى قد ينجح، لكن دراسات اخرى تشير الى فشل هذا المسعى. الى ذلك هناك قلق متزايد يتعلق بسلامة النساء اللواتي يتاولن استروجين اضافيا لفترات طويلة من الزمن.

وحالما يبدأ الصداع النصفي فإن علاج النوع الذي يتعلق بالعادة الشهرية لا يختلف بتاتا عن علاج انواع الصداع الاخرى العادية، خاصة، ان الكثيرات من النساء يتجاوبن جيدا مع العقاقير العادية، بما في ذلك "تريبتانس" triptans (Amerge, Imitrex وغيرها) وNSAIDS.

* أقراص منع الحمل

* اغلبية اقراص منع الحمل هي مزيج من الاستروجين والبروجيستين الذي يحول دون حصول الحمل، عن طريق وقف الاباضة بشكل رئيسي. وجرى تطوير تناول هذه الاقراص 21 يوما متواصلا والانقطاع عنها سبعة ايام للمحافظة على فترات العادة الشهرية (رغم ان البعض يقول ان هذه ليست عادة شهرية نظرا الى انه لا توجد عملية اباضة)، وبالتالي جعل منع الحمل عن طريق تناول الاقراص عن طريق الفم يبدو امرا طبيعيا اكثر. وتأتي الاقراص في رزمات من 28 قرصا، لكن الاقراص السبعة الاخيرة هي اقراص وهمية. ومثل هذه الجدولة قد تثير بعض المشكلات نتيجة ارتفاع معدلات الاستروجين وانخفاضها، منها ربما الصداع النصفي.

وكانت وكالة الاغذية والعقاقير الاميركية FDA قد وافقت على تركيبات متعددة من الاقراص التي من شأنها ان تخفض عدد الايام التي يجري فيها التوقف عن تناول الاقراص. ومثال على ذلك منتوج يدعى "سيزيونيل" Seasonale المصمم لتناوله لمدة ثلاثة شهور مع التوقف عنه لأسبوع واحد. وفي مايو الماضي وافقت FDA على اقراص "ليبريل" Lybrel المصممة لتناولها باستمرار دون انقطاع مما يعني وقف عملية الحيض تماما.

وسواء كانت هذه المنتجات الجديدة تعني الاصابة اقل بالصداع النصفي ام لا، فما زال الامر غير واضحا. وكانت دراسات عديدة قد وجدت ان النساء اللواتي يتناولن الاستروجين باستمرار يصبن بالصداع اقل وبدرجة اخف مقارنة باللواتي يستخدمن الصيغة التقليدية 21/7. لكن الباحثين حذروا من ان مثل هذا الانقطاع ليس بالعصا السحرية ملاحظين ان النساء غالبا ما يتوقفن عن تناول اقراص منع الحمل نظرا الى اعتقادهن ان مثل هذه الاقراص تسبب لهن الصداع.

وخطر الاصابة بالنوبات القلبية هي مشكلة معقدة اخرى لان التعرض لنوبات الصداع النصفي هو عامل خطورة لمثل هذه النوبات لاسيما بالنسبة الى الاشخاص الذين يصابون بها مع "الهالة". لكن تناول اقراص منع الحمل هي اكثر خطورة اذا صاحبتها عادة التدخين. ولهذا السبب ينصح الاطباء ان يكونوا حذرين جدا في ما يتعلق بوصف اقراص منع الحمل للواتي تعانين من الصداع النصفي، وبالتالي التوقف عادة عن وصفها لهن اذا ما شرعت احداهن بالتعرض الى الصداع بعد تناول الاقراص.

* توقف العادة الشهرية

* بعد التوقف عن العادة الشهرية (الدخول في سن اليأس) يتوقف المبيضان من اطلاق البويضات وينتجان كمية اقل من الاستروجين والبروجيستين. واذا كان انخفاض معدل الاستروجين يسبب الصداع النصفي فان المراة بعد سن اليأس تكون عرضة لصداع شديد للغاية. لكن العكس يحدث عادة ربما ان ذلك عائد الى ان مستويات الاستروجين رغم انها منخفضة لا تتقلب وتتأرجح صعودا ونزولا.

وغالبا ما تعاني النساء خلال الاضطرابات التي تسبق التوقف عن العادة الشهرية من فترات غير منتظمة من حالات النزيف، غير انه لا توجد العديد من الدراسات التي تركزت على الفترات هذه التي تسبق سن اليأس، لكن دراسات اخرى وجدت ان الصداع النصفي هو اكثر شيوعا خلال الفترات التي تسبق التوقف عن العادة الشهرية من بعدها. ويبدو ان العلاج بالهرمونات الذي يعقب التوقف عن الحيض يجعل الصداع النصفي اكثر سوءا، لكن ليس بالنسبة الى جميع النساء. ولكن درجة هذه السوء تعتمد على كمية الاستروجين في الاقراص. وكما هو الحال بالنسبة الى اقراص منع الحمل فان مشكلة الصداع النصفي قد يكون سببها التقلبات في مستويات الاستروجين التي تحدثها اقراص الهرمونات. ومع العلاج الهرموني الدوري cyclic يجري تناول الاستروجين على شكل اقراص لمدة 25 يوما بحيث يجري اضافة البروجيستين في وقت ما بين اليوم العاشر والـ14 تعقبها فترة توقف تدوم ثلاثة الى خمسة ايام. والتوقفات المستمرة عن الاستروجين مع وضع رقع الاستروجين على الجلد قد تكون اقل احتمالا للتسبب في الصداع النصفي نظرا الى انها تنظم تسليم الاستروجين. لكن الامر بحاجة طبعا الى المزيد من الابحاث لتقرير ما اذا كان ذلك يشكل فرقا بالنسبة الى الذين يعانون من الصداع النصفي.

* خدمة هارفارد الطبية – الحقوق: 2005 بريزيدانت آند فيلوز – كلية هارفارد