لقاح القوباء المنطقية.. ومبررات استخدامه

عالي الكلفة وهناك بعض الشكوك في فوائده

آلام القوباء المنطقية قد تزيد عذاب الاصابة بالقوباء المنطقية.. مريض اميركي عانى من ألم في ذراعه وكتفه بسبب المرض سبعة اعوام متتالية (كي آر تي)
TT

عندما قامت ادارة الاغذية والعقاقير الاميركية بالموافقة على دواء "زوستافاكس" Zostavax في خريف العام الماضي، بدا ان لقاح القوباء المنطقية (او القوباء النطاقي وهو المرض الذي يعرف ايضا باسم النطاق او الزنّار الناري) هذا سيترك اثرا كبيرا. وتبين ان التجارب السريرية الواسعة التي اعتمدت عليها هذه الادارة، اظهرت ان اللقاح هذا خفض بنسبة النصف خطورة الاصابة بهذا المرض. والاكثر من ذلك تبين انه يخفض خطورة تطور الألم العصبي الذي يعقب الاصابة به وعلاجه، والذي يصيب شخصا واحدا من بين كل ثلاث حالات من الاشخاص البالغين من العمر 60 سنة وما فوق. وقد يكون هذا المرض غير مريح بتاتا، فعلاوة الى ظهور الطفح السيئ، قد يتطور الامر الى ألم شديد وحرارة عالية واضطرابات في المعدة او صداع. لكن الألم العائد الى الألم العصبي الذي يعقب الاصابة، قد يجعل الحياة تعيسة لأشهر وربما لسنوات. وقد تسود لديك اعتقاد بأن اي لقاح قد ينقذ حياة الناس من هذه الحالة المزرية، ربما يصبح موضع حفاوة الجميع، لكن الامر ليس كذلك، فالاطباء والدوائر الصحية لم تدفع بهذا الاتجاه. كما ان بعض المصابين بالمرض لاقوا صعوبة في الحصول عليه، كما حصل بعض الاضطراب حول ما اذا كان ينبغي للاشخاص الذين اصيبوا قبلا به، الحصول عليه. واضافة الى كل ذلك فهو غالي الثمن.

وهنا بعض المشاكل التي اعترضت سبيل هذا اللقاح:

- قد لا يمثل (اللقاح) انجازا كبيرا، لان بعض شركة "ميرك" للأدوية تفرض 150 دولارا ثمن الحقنة الواحدة من اللقاح. اما كلفة الاطباء والمستشفيات الاضافية فقد تصل الى 150 دولارا. وعلى سبيل المقارنة تبلغ كلفة حقنة لقاح الانفلونزا ما بين 11 و15 دولارا، في حين يكلف لقاح ذات الرئة نحو 25 دولارا. وتقليديا تعتبر اللقاحات اجمالا واحدة من اكثر الصفقات المفيدة لحياة الانسان التي تسدد قيمتها مضاعفة مرات عديدة على صعيد تفادي الامراض والوفاة المبكرة. لكن كلفتها شرعت في التصاعد مما أخل في وضوح اقتصادياتها، وجعلها مشوهة غير واضحة المعالم. وكان تحليل عن "زوستافاكس" نشر في مجلة "أنالس اوف انتيرنال ميدسين" في العام الماضي قد وضعه في المرتبة الوسطى في ما يتعلق بالكلفة مقابل الفاعلية.

- تغطية تأمينية لقطاعات معينة: وطبيعيا كلما ارتفعت كلفة اللقاح كلما زادت تحفظات شركات التأمين. وقد جرت الموافقة على لقاح "زوستافاكس" للاشخاص الذين تعدوا سن الستين وما فوق. من هنا فان تغطية العناية الصحية تعتبر مسألة رئيسية.

- قيمة مشكوك فيها للاشخاص الذين أصيبوا بالقوباء المنطقية: عندما قامت اللجنة الاستشارية التابعة للحكومة الاتحادية الخاصة باجراءات التحصين، بتوصية الاشخاص الذين اصيبوا بالقوباء المنطقية لأخذ اللقاح، فقد فعلت ذلك نظرا لان بعض الاشخاص قد يشخصون احيانا به، في الوقت الذي لا يكونون مصابين به بتاتا. ولكن اذا كانت هناك حالة حقيقية منه فان احتمالات حدوث اصابة اخرى به تكون منخفضة جدا، وهذا هو السبب الذي دعا بعض الهيئات الطبية في الولايات المتحدة الى عدم تقديم اللقاح الى الاشخاص الذين اصيبوا به.

- مشاكل وصعوبات لوجيستيكية: ينبغي تخزين لقاح "زوستافاكس" في درجة حرارة خمس درجات فهرنهايت (15 درجات مئوية تحت الصفر). وأغلبية الاطباء الذين يرون مرضى بالغين لا يملكون مجمدات لحفظ اللقاح في درجة البرودة اللازمة. من هنا قام بعض المستشفيات بتأسيس عيادات مركزية خاصة باللقاح هذا، ولكن بموجب موعد خاص ويديرها صيادلة. وقد تعني هذه للمرضى ان يقوموا برحلة اضافية الى المستشفى.

- الحاجة الى السرعة: استهدفت اللقاحات تقليديا الامراض السارية، لذلك فان للتلقيح فوائده واغراضه الاجتماعية، اذ انك في هذه الحالة تقي ذاتك والآخرين الذين قد تعديهم بالمرض المعدي. والاشخاص المصابون بالقوباء المنطقية قد يصيبون الآخرين بعدوى فيروس القوباء herpes الذي قد يسبب المرض (النتيجة هي جدري الماء وليس القوباء المنطقية). ومع ذلك فان القوباء المنطقية هي اقل عدوى وتسببا في الهلاك من الانفلونزا والحصبة والعديد من الامراض الاخرى التي نتلقى اللقاح من اجلها.

اذن، هل قامت ادارة الاغذية والعقاقير الاميركية بالاستخفاف بالفوائد المجناة من التلقيح؟ ان احدى أكثر النتائج المؤثرة التي استخلصت من دراسة الوقاية من القوباء المنطقية والتي قادت الى الموافقة على اللقاح، هي وجود تخفيض بنحو الثلثين في ظهور الألم العصبي الذي يعقب فترة الاصابة. لكن نسبة الثلثين، اي 67 في المئة، لنكون اكثر دقة، لا تظهر في اي معلومات موثقة من قبل ادارة الاغذية والعقاقير الاميركية الخاصة بـ "زوستافاكس". وكان الدكتور مايكل اوكسمان رئيس هيئة دراسة الوقاية من القوباء المنطقية قد رفع شكوى الى الادارة هذه بأنها استخدمت الاحصاءات الخطأ، وقللت من اهمية فوائد اللقاح. ومع ذلك ليس الجميع مقتنعا ان "زوستافاكس" هو عقار مهم جدا. وعلى الرغم من التخفيضات المهمة في الخطورة النسبية يتوجب تلقيح 370 شخصا للحيلولة دون ظهور حالة واحدة من الالم العصبي الذي يعقب فترة العلاج خلال السنوات الثلاث المقبلة، فهل هذا انفاق مبرر لأغراض العناية الصحية؟ قد تبدو هذه الارقام افضل اذا اخذنا في الاعتبار ان المناعة تدوم اكثر من ثلاث سنوات.

* خدمة هارفارد الطبية – الحقوق: 2005 بريزيدانت آند فيلوز – كلية هارفارد

* هل ينبغي أخذ لقاح القوباء المنطقية؟

* لا يصاب المرء بالقوباء المنطقية ما لم يصب اولا بجدري الماء. وحاليا 90 في المئة من الاميركيين البالغين قد اصيبوا بجدري الماء، كما ان واحدا من كل ثلاثة سيصاب بالقوباء المنطقية في مرحلة من حياتهم. لكن اللقاح يخفض هذه الخطورة الى النصف.

ولا يبدو ان ردود الفعل الشديدة للقاح، انها تشكل مشكلة كبيرة، فبعضهم القليل يصابون بالطفح حول موقع الحقنة. وهناك دائما امكانية حصول المزيد من التأثيرات الجانبية كلما اخذ المزيد من الاشخاص الحقنة هذه.

ويشكل السن عاملا اخر، فقد جرت الموافقة على قيام الذين بلغوا سن الستين وما فوق بأخذ اللقاح. واحتمالات الاصابة بالقوباء المنطقية تزداد مع العمر. لكن هناك عقبة ثانية وهي انه كلما تقدم الانسان في العمر كلما فقد اللقاح فعاليته ضد هذه الحالة. وهذا امر معقد، اذ بالنسبة الى العديد من الاشخاص فان اسوأ جزء في القوباء المنطقية هو الالم العصبي الذي يعقب الاصابة به. واظهرت نتائج التجارب والاختبارات السريرية الواسعة ان اللقاح هو اكثر فعالية في منع الالم العصبي في الاشخاص الذين بلغوا سن السبعين وما فوق، من اولئك الذين تتراوح اعمارهم بين سن الستين والـ 69 سنة.

ويقول الخبراء الذين تحدثنا اليهم ان النظام المناعي الذي تم تعزيزه بالاصابة بالقوباء المنطقية، وبالتالي محاولة تعزيزه اكثر بواسطة اللقاح لا يؤدي الكثير من العمل، لا سيما في السنوات التي تعقب الاصابة. لكن المناعة التي تسببها القوباء المنطقية قد تتضاءل وفقا للفترة التي مضت على الاصابة، مما يعني انه قد تكون هناك بعض الفائدة من أخذ اللقاح.

واخيرا هناك الكلفة العالية التي ينبغي اخذها بعين الاعتبار ودراسة ما اذا كانت مغطاة من قبل التأمين الصحي ام لا.