أستشارات طبية

TT

* فيتامين سي والقلب > هل يُفيدني تناول فيتامين سي يومياً للوقاية من أمراض القلب أو الأمراض الأخرى؟

عز الدين محمود - جدة ـ فيتامين سي أحد الفيتامينات المهمة للجسم، التي لا يستطيع جسم الإنسان صنعها، بخلاف بعض الحيوانات كالقطط أو غيرها. ومصدر تأمينه للجسم هو المنتجات الغذائية، والنباتية الطازجة منها على وجه الخصوص. ما حصل للبشر هو أنه منذ اكتشاف هذا الفيتامين في عشرينات القرن الماضي، والنصائح العشوائية تتوالى حول جدوى تناوله. خاصة بعد إنتاجه كحبوب دوائية.

ما يحتاجه الجسم يومياً، ومن دون تهاون في تأمينه، هو كمية لا تتجاوز 45 مليغراما، بحسب توجيهات منظمة الصحة العالمية. وهو ما يتحقق بتناول 25 غراما من الفلفل الأخضر أو الأحمر، سواء الحار أو البارد. أو تناول 35 غراما من البقدونس، أو نصف جوافة، أو برتقالة. وما فوق ذلك لا يحتاجه الجسم يقيناً طبياً إلا في حالات مرض نقص فيتامين سي أو ما يُعرف طبياً بمرض الإسقربوط.

أما تناول كميات عالية منه يومياً، أي أعلى من 1000 غرام، فلا فائدة علمية صحية منه، بل ربما له آثار جانبية ضارة.

وحتى أفضل ما يُقال عن فائدة تناول فيتامين سي، بكمية تتجاوز 200 مليغرام يومياً، في الوقاية من نزلات البرد أو حتى معالجة نزلات البرد حال حصولها، لم تثبت علمياً جدواه برغم إجراء أكثر من 30 دراسة طبية حول هذين الأمرين.

والأضعف منه الأدلة العلمية على جدوى تناول فيتامين سي للوقاية من شتى أنواع السرطان، أو لمعالجة السرطان، أو للوقاية من نوبات الربو، أو أنيميا نقص الحديد، أو الوقاية من تسوس الأسنان، أو الولادة المبكرة.

بالنسبة للشرايين في القلب وفي الدماغ، هناك توضيح صغير، فالدراسات التي بحثت في جدوى تناول كميات تفوق 500 مليغرام من فيتامين سي أثبتت فشل ذلك في الوقاية من السكتة الدماغية. والذي قد يُستنتج منها أنه مفيد في هذا الأمر هو الدراسات التي نظرت في تناول كميات من فيتامين سي لا تتجاوز 50 مليغراما، أي كميات تُقارب ما يجب على الإنسان بالأصل تناوله من فيتامين سي يومياً.

أما أمراض القلب، ففيتامين سي لا يعمل على خفض الكولسترول، ولا يُقلل من احتمالات الإصابة بالجلطة القلبية. ولذا لا تزال الهيئات الطبية العالمية لا تتبنى النصيحة بتناول حبوب فيتامين سي لهذه الغاية.

الإشكالية التي يجب التنبه لها جيداً ليست في كل ما تقدم، بل ثمة مؤشرات علمية على أن تناول كميات تفوق 500 مليغرام من فيتامين سي يومياً قد يكون سبباً في نشوء مشاكل في الشرايين القلبية. كما أن تناول كميات تتجاوز 2000 مليغرام منه يومياً يتسبب بنشوء حصاة الكلى وبالإسهال والغثيان والتهابات المعدة.

ومن الواجب أيضاً الحذر من تناول المرضى لفيتامين سي بكميات عالية يومياً، خاصة من لديهم تشمع بالكبد أو النقرس أو أنواع من اضطرابات عمل الكلى.

* رائحة البول > هل تغير رائحة البول يعني وجود التهاب بولي؟

ع. عبد الرحمن - جدة ـ هذا فحوى سؤالك. ليس بالضرورة ان يكون تغير رائحة البول علامة على وجود التهاب، وكما ذكرت في سؤالك، أجرى الطبيب لك تحاليل للبول ولم يثبت منها وجود أي التهاب فيه. الأصل في الحالات الطبيعية للإنسان، أن البول الجديد لا رائحة له بشكل واضح، وهو البول الذي تم للتو إخراجه من الكلى ولم يستقر في المثانة لوقت طويل. لكن عند وجود التهاب في مجاري البول، فإن البكتيريا تعمل على تحويل مركبات اليوريا في البول إلى مواد الأمونيا ذات الرائحة النفاذة الكريهة. والأعراض الأهم لوجود التهاب مجاري البول هي إما حُرقة أثناء التبول أو الشعور بتكرار الرغبة بالتبول أو مواجهة صعوبات في إخراج البول، إضافة إلى احتمال ارتفاع حرارة الجسم أو الشعور بالإعياء والغثيان.

ونفس الشيء قد يحصل عند إخراج البول وبقائه للتفاعل مع الميكروبات خارج الجسم بمرور الوقت. كما أن عدم إخراج البول طوال الليل مع عدم شرب كميات كافية من الماء قد يُؤديان إلى إخراج بول مركز وذي رائحة نفاذة ولون أصفر غامق. وهو ما قد يحصل مع الإنسان عادة عند الجفاف، إذْ هنا يتغير اللون وتختلف الرائحة. ولذا فإن لون البول، وليس رائحته، هو من أقوى المؤشرات على وجود جفاف في الجسم، حيث يتسبب عدم شرب كميات كافية من الماء بتركيز اللون الأصفر في البول، بينما يُصبح لون البول أشبه بالماء حال إرواء الجسم بحاجته من الماء.

وهناك حالات أخرى، تتغير فيها رائحة البول، مثل تناول المضادات الحيوية أو تناول حبوب الفيتامينات أو المعادن، أو تناول بعض من الأطعمة. ومن المهم لمرضى السكري التنبه إلى لون البول وإلى رائحته، لأنهم أكثر عُرضة لالتهابات البول، أو لحصول حالات الحموضة الكيتونية أو للجفاف أو غيرها من الاضطرابات.

* زيادة عرق الكفين > عمري 30 سنة، وأشكو من زيادة عرق الكفين، هل العملية الجراحية للأعصاب مفيدة؟

سهام أحمد - الدار البيضاء.

ـ لا تُوجد في غالب الحالات أسباب مرضية لزيادة إفراز العرق في باطن الكفين أو القدمين، أو حتى الإبطين، وفي 40% من الحالات تلعب الوراثة دوراً مهماً في التسبب بالأمر، بمعنى أنه لا يُوجد مرض يُقال عنه " زيادة تعرق الكفين". ومع ذلك فإن من الضروري التأكد من سلامة الغدة الدرقية. وثمة من يُفضل أن ينسب الأمر، حتى في التسمية العلمية، إلى زيادة نشاط الجهاز العصبي اللاإرادي، وذلك عبر نشاط عقد عصبية معينة موجودة في أجزاء من الصدر والرقبة. وغالباً ما يزداد التعرق آنذاك عند التعرض لمواقف يُصاحبها توتر نفسي، مثل الاختبارات بأنواعها أو المقابلات الشخصية أو غيرها من مواقف الحياة اليومية. ومن النادر أن يتسبب الأمر بزيادة في العرق لدرجة شديدة تحول دون القدرة على إمساك الأشياء أو قيادة السيارة أو غيرها. وقد تُفيد محاولات تعلم مهارات التحكم في تفاعلات التوتر، لكن الحبوب الدوائية المثبطة للجهاز العصبي قد لا تُفيد الكثيرين. وهناك من يقول بأن العلاج بالإبر الصينية قد يُجدي، لكني لا أعلم عن وجود أدلة علمية تُثبت قدرتها على إزالة المشكلة، وبالتالي يصعب عليّ نُصحك باللجوء إليها.

اللجوء إلى العملية الجراحية، أي لقطع أجزاء من أعصاب الجهاز العصبي اللاإرادي في الرقبة، يجب أن يكون لدواع جادة، بمعنى أن تكون زيادة تعرق اليدين تُؤثر في أنشطة الإنسان اليومية. وهذا أمر يصعب عليّ أو على غيري من الأطباء إبداء نصيحة طبية فيه عن بُعد، بل الواجب مراجعة الأمر مع الطبيب المتابع، والتأكد من أن أسباب الحالة لا علاقة لها بالتوتر النفسي، وذلك لأمرين، الأول أن التوتر النفسي يُمكن التعامل معه وتعلم كيفية تخفيفه، والثاني أن العملية لا تُجدي منْ السبب لديهم هو التوتر النفسي. هذا بالإضافة إلى اللجوء لطبيب جراح ذي خبرة في التعامل مع أعصاب منطقة الرقبة وأعلى الصدر. وهناك اليوم عدة تقنيات لإجراء قطع هذه الأعصاب جراحياً، بدءاً من عمليات تعتمد على الفتح الجراحي المباشر للجلد، ووصولاً إلى عمليات تُجرى بواسطة المنظار من خلال فتحات صغيرة جداً في الجلد.

* العطش والسكري > لديّ مرض السكري وأعاني من العطش. هل يعني الشعور بذلك أن السكري غير منضبط؟

هبة أحمد - القاهرة ـ الشعور بالعطش الشديد قد يكون أحد أعراض عدم انضباط تعامل أعضاء الجسم مع السكري، أي نتيجة لارتفاع نسبة السكر في الدم. والسبب أن ارتفاع نسبة السكر في الدم يعني ارتفاع كمية السكر التي تصل إلى عمليات التصفية والتنقية التي تجري طبيعياً في الكلى. وعادة ما تُحاول الكلى جهدها في منع تسرب السكر مع سائل البول الخارج من الكلى نتيجة عملية تصفية الدم. لكن قدرتها محدودة حال ارتفاع نسبة السكر في الدم. وهو الأمر الذي يُؤدي إلى وجود كميات عالية من السكر في البول. ولأسباب فسيولوجية معقدة لا تستطيع الكلى السماح للبول بالخروج منها حال تشبعه بالسكر إلا مع افراز كميات عالية من الماء. أي بعبارة أكثر شعبية لا تستطيع الكلى السماح بإخراج بول "ذي حلاوة زائدة في الطعم". وهو ما يعني تلقائياً خسارة كميات من الماء مع البول. ولذا يلاحظ مريض السكري أن زيادة كميات البول يعقبها حصول زيادة الشعور بالعطش والرغبة في شرب الماء. وذلك لتعويض النقص في ماء الجسم.

لكن هذا ليس وحده سبب شعور البعض، وحتى من مرضى السكري، بالعطش. بل ثمة أسباب أخرى. ولعل من أهمها وجود جفاف ونقص في كمية الماء بالجسم بما لا علاقة له باضطرابات نسبة سكر الدم. كما عند ارتفاع حرارة الطقس أو حال بذل المجهود البدني أو قلة شرب الماء أو ربما اضطرابات هرمونية عدة. وقد يكون الأمر لا علاقة له أيضاً بنقص كمية الماء في الجسم، بل ربما نتيجة لزيادة تناول المأكولات المالحة أو للرغبة الطاغية في تكرار شرب الماء أي كنوع من الوسواس القهري.

ولذا تختلف وسيلة معالجة أو العمل على التغلب على الشعور بالعطش في كل هذه الحالات. وحينما يكون السبب هو اضطرابات نسبة سكر الدم، فإن العلاج موجه نحو ضبط نسبة السكر في الدم بالدرجة الأولى، لأن تحقيق ذلك يُزيل المشكلة برمتها. وحينما تكون ثمة اضطرابات في إفراز هرمونات معينة من الدماغ، معنية بالعطش وشرب الماء، فإن الحل هو قطع تناول الماء حتى تعتدل آلية إفراز هذا الهرمون من الدماغ. أما حال كثرة شرب الماء بصفة قهرية، مع عدم تسبب ذلك بأي اضطرابات في كيمياء الدم، فإن الأمر يُترك للإنسان دونما تدخل طبي.