إرشادات السلامة لمنع الإصابات بالألعاب النارية

من أجل استمتاع أطفالنا بالعيد وفرحته

TT

حسنٌ ما تفعله بعض المدن في أيام الأعياد من إجراء عروض لإطلاق الألعاب النارية في سماء الليل، وبيد متخصصين في التعامل معها. وهذه الفعالية من مظاهر الفرحة بالعيد فيها حسنة صحية، إذْ ستُقدم متعة للأطفال وللكبار برؤية منظر الألعاب النارية، وعن بُعد، وفي أوقات محددة من بدايات الليل. والمظهر الحضاري والصحي للفرحة بإطلاق الألعاب النارية بتلك الصفة، لا علاقة له البتة بالتعبير العشوائي عن الفرحة دون مراعاة راحة الآخرين من مرضى أو نائمين أو بمشاعرهم، ولا بالسلامة والصحة، مما يفعله بعض الأطفال والمراهقين، في غفلة من أهاليهم أو بعلمهم، من إطلاق لتلك الألعاب النارية والمفرقعات على سبيل العبث والتسلية غير الهادفة، وفي داخل غرف أو حدائق المنازل أو بين تجمعات الأطفال أو على قارعة الطرقات. وهذا من الحكمة التي تطرحها الأكاديمية الأميركية لطب العيون بدعوة الناس إلى حضور عروض الألعاب النارية، والسبب هو أن حضور تلك العروض يُشبع الرغبة في مشاهدتها والاستمتاع بها دون احتمالات التعرض لآثارها السلبية مباشرة عند استخدام كل عائلة لتلك الألعاب النارية في المنازل.

ومشكلة عدم ضمان سلامة استخدام تلك الألعاب النارية، مشكلة عالمية، تُعاني منها مجتمعات غربي العالم وشرقيه. وكما أن ثمة جهوداً لضبط بيعها وضبط عدم استخدامها إلا منْ قبل متخصصين في التعامل معها وفي استخدام أنواع جيدة الصنع وآمنة الاستخدام، إلا أن كل الفرحة لا تكتمل لأي من المجتمعات العالمية التي يجرى فيها استخدام للألعاب النارية أثناء الأعياد أو المناسبات، حيث يتوالى حصول المنغصات من حوادث أو إصابات أو حالات حريق أو تسمم أو غيرها.

* إحصاءات عالمية وتظل المعلومات التي تزودنا بها الهيئات المتخصصة بإجراء الإحصاءات والاستطلاعات أحد أهم روافد تقدير أهمية المشكلات الصحية ومدى انتشارها ونوعيات تداعياتها ومضاعفاتها. وفي إبريل الماضي أصدرت الرابطة القومية للحماية من الحرائق بالولايات المتحدة تقريرها حول الألعاب النارية. وقالت فيه إن في عام 2005 كان 95% من الإصابات التي تمت معالجتها في أقسام الإسعاف بالمستشفيات نتيــجة استخدام ألعاب نارية تسمح باستخدامها الأنظمة الفيدرالية، ما يعني عدم صحة اعتقاد بعض المستهلكين لتلك الألعاب النارية بأن النوعيات القانونية منها والمسموح استخدامها آمنة، بل على العكس من ذلك، فإن الإصابات عالية جداً حتى حال استخدام تلك الأنواع المصرح بها. وأضاف التقرير بأن مخاطر الألعاب النارية لا تقتصر على أماكن استخدامها وإشعال فتائلها، وعلى الأشخاص الموجودين حولها، بل تمتد مخاطرها إلى أماكن صانعيها ابتداءً، وأماكن وكيفية نقلها، وأماكن وكيفية تخزينها، والى الأشخاص المتواجدين حولها في كل تلك الأماكن.

كما لاحظ التقرير فيما بين عام 2000 وعام 2004، بلغت حوادث الحرائق، الناجمة سنوياً عن الألعاب النارية، حوالي 30 ألف حالة، سواءً في المباني أو السيارات أو خارج المنازل.

وحول مدى انتشار الإصابات الناجمة عن استخدام الألعاب النارية تقول نشرات المراكز الأميركية للأمراض ومنع انتشارها CDC ، ان نتائج دراسة غرين و جوهلسكي، الصادرة عام 2006 ، قالت ان أكثر من 10800 شخص تمت معالجتهم على وجه السرعة ذلك العام في أقسام الإسعاف بالمستشفيات الأميركية نتيجة حوادث الألعاب النارية. ومن بين ألوف الإصابات هذه، استدعت الضرورة الطبية نظراً لعمق الإصابات إدخال 5% ، أي أكثر من 540 شخصا، منهم إلى المستشفيات لإجراء المعالجة واستكمال مراحلها اللازمة. هذا غير الحالات التي تمت معالجتها في العيادات الخارجية أو في المنازل.

ولاحظ الباحثون أن 60% من الإصابات تلك حصلت في فترة إحياء احتفالات الاستقلال السنوية. وخلال ذلك الوقت حصلت 45% من الإصابات لدى الأطفال الذين أعمارهم 14 سنة وما دون، وخصوصاً منْ هم في سن ما بين 10 إلى 14 سنة من العمر. وشكل الذكور حوالي 75% مقارنة بالإناث، وكانت الإصابات تطال بالدرجة الأولى الأطفال الذين يُباشرون استخدام تلك الألعاب النارية، مقارنة بالأطفال المتفرجين من حولهم. وحينما حاولت الدراسة معرفة نوعية الإصابات تلك، تبين أن 31% منها كانت في الأصابع واليدين. وطالت 25% من الإصابات العينين. في حين أن 20% منها أصابت الرأس والوجه.

وتحديداً تبين أن أكثر من نصف الإصابات كانت عبارة عن حروق. وهي الأعلى في إصابات أجزاء الجسم كله ماعدا العينين، حيث ان إصابات العينين كانت غالباً عبارة عن أنواع من التمزق أو تهتك أو اختراق أجسام غريبة لأجزاء العين المختلفة. مثل الجفون أو القرنية أو الملتحمة أو الأجزاء الأمامية الأخرى أو الأجزاء الخلفية. وما تثيره تلك الإحصاءات هو أن إصابات الألعاب النارية قد تتسبب بالفعل في حدوث العمى وفقد الإبصار وفي حصول حروق من الدرجة الثالثة التي قد تُخلف ظهور ندبات دائمة ومشوهة على سطح الجلد.

* كلها أنواع خطرة وحول نوعية الألعاب النارية وتأثيراتها، تقول الدراسة المتقدمة الذكر: ان الأصابع المفرقعة أو ما تُسمى الطراطيع Firecrackers ، تسببت في 26% من الإصابات التي تمت معاينتها في أقسام الإسعاف. وأن الألعاب النارية التي تُطلق الشرارات كالدوامة، ما يجعلها تبدو كالألماس sparklers ، تسببت بحوالي 17% منها. وكذلك الحال مع أنواعها الصاروخية rockets التي يتم إشعال فتيلها لتنطلق كالسهم. ومن بينها تسببت التي تُطلق الشرارات كالدوامة في أكثر من نصف إصابات الأطفال الذين هم دون سن الخامسة.

والأهم أن الإحصاءات التي تابعت حوادث الوفيات نتيجة استخدام الألعاب النارية، وجدت أن ثلث تلك الوفيات حصلت عند استخدام أنواع من تلك الألعاب يجب أن تُباع بالأصل وبصفة قانونية إلى محترفين في استخدامها وإطلاقها، وليس إلى هواة من المستهلكين أو إلى أطفال.

وتشير نشرات المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية أنه بالرغم من القوانين الفيدرالية المنظمة لانتشارها، وبعض الولايات تمنع تداولها واستخدامها مطلقاً، إلا أنها تجد طريقها إلى متناول أيدي الناس. وحتى الأنواع المسموح بها في بعض الولايات، مثل الأسهم الصاروخية، فإنها قادرة على الاصطدام بالوجه وإصابة العين واختراق أجزاء منها لتركيب عضو الإبصار والتسبب بالعمى. كما أن أنواع دومات الشرار قادرة على إحراق واختراق الملابس وصولاً إلى الجلد والتسبب بالحروق فيه. وعلينا أن نتذكر أن درجة حرارة تلك النوعية الشرارية تتجاوز 540 درجة مئوية، أو 1000 درجة فهرانهايت. ونفس الشيء مع أنواع أصابع المفرقعات أو الطراطيع، التي قد تنفجر بين الأصابع بمجرد إشعال فتيلها أو قد تتطاير هي أو أجزاء منها لتُصيب البعض.

* نصائح لاستخدام الألعاب النارية.. لا تضمن السلامة التامة

* بمراجعة إصدارات كل من المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية CDC ، والمجلس الوطني لسلامة الألعاب النارية بالولايات المتحدة National Council on Fireworks Safety ، ومفوضية سلامة المنتجات المستهلكة بالولايات المتحدة U.S. Consumer Product Safety Commission ، نجد أن ثمة عناصر مشتركة في إرشاداتهم للسلامة في استخدام الألعاب النارية.

وتُطرح عدة عناصر كعوامل ترفع من احتمالات حصول الإصابات في هذه الحالات. ولعل القرب الشديد من الألعاب النارية، خاصة بعد إشعال فتيلها، وفقدان المهارات في سرعة الحركة، خاصة لدى الأطفال الصغار، والفضول الزائد لديهم في تفحص كل شيء، خاصة تلك الألعاب التي تم إشعال فتيلها لكنها لم تنفجر أو تُصدر الشرر. وتتفق الإرشادات على أن أفضل وسيلة للأمان والسلامة هو الابتعاد عن أماكن استخدامها وإشعالها، ومراقبة ما يجري والاستمتاع به عن بعد. وهو ما يجب أن يتم على الأطفال بمنعهم مطلقاً من الاقتراب من تلك الأمكنة. وعلى من يستخدمها الحرص على قراءة تعليمات الاستخدام الملصقة على تلك الألعاب النارية، وتجنب استخدام الأنواع الرخيصة الخالية من الملصقات التعريفية، والتأكد من ابتعاد الأطفال عنه، وإشعال الفتيل بعد وضع تلك الألعاب النارية على أسطح ناعمة ومسطحة وخالية من الثقوب أو الأوراق أو أوراق الأشجار أو المواد القابلة للاشتعال، مع عدم محاولة إعادة إشعال فتيل أي واحدة منها فشل في إشعالها أول مرة، بل ألقها في الماء وتخلص منها. مع عدم إشعالها أيضاً في وعاء زجاجي أو حتى معدني. والحرص على الإبقاء على دلو من الماء بقربه لاستخدامه بسرعة حال حصول حريق. والحرص على خزنها في أماكن جافة وباردة وبعيدة عن أي مصادر للهب أو النيران، مع أن الأفضل هو التخلص مما زاد عن حاجة الاستخدام.

* الأكاديمية الأميركية لطب العيون وعروض الألعاب النارية

* ضمن نشراتها حول الإصابات التي تطال العين والسلامة منها، تقول الأكاديمية الأميركية لطب العيون بأنها تدعو الناس إلى حضور عروض الألعاب النارية بدلاً من استخدام تلك الألعاب النارية في المنازل. والسبب هو أن حضور تلك العروض يُشبع الرغبة في مشاهدتها والاستمتاع بها دون احتمالات التعرض لآثارها السلبية مباشرة.

وتعلل الأكاديمية نصيحتها تلك بحضور العروض العامة للألعاب النارية بتقليل ذلك من فرص حصول الإصابات جراء إطلاقها في أماكن عشوائية من قبل أفراد الأسرة. وتقول الأكاديمية ان احصاءاتها تقول إن ثمة أكثر من 8500 حالة إصابات سنوياً في الولايات المتحدة جراء استخدام الألعاب النارية. منها أكثر من 2000 إصابة في العيون. وثلث تلك الإصابات في العين تتسبب بأضرار دائمة، ربعها فقد تام أو جزئي لقدرات الإبصار. وتحديداً قالت إن واحدة من كل عشرين إصابة في العين تُؤدي إما إلى فقد الإبصار المفيد أو تتطلب إزالة العين نظراً لتلفها.

وأن ربع إصابات العيون تحصل لدى من يحضرون لمشاهدة منْ يُطلقونها من عامة الناس. وأن ربعها أيضاً يحصل لدى الأطفال الأولاد ممن هم ما بين 13 و15 سنة.