صيدلانية عربية تعيّن أول خبيرة في برنامج بريطاني لمكافحة فيروس خطير

لتطوير علاج موجه لحالات الاعتلال النخاعي وسرطان الدم الناجمة عنه

الباحثة البريطانية - السودانية عزة النصيري
TT

عزة النصيري، البريطانية الجنسية السودانية المولد، ربما هي اول خبيرة من نوعها في العالم في الصيدلة، تعيّن في منصب لبرنامج خاص بأبحاث الإشراف والتحكم بفيروس نادر تنتشر عدواه بين سكان الارض، يمكنه التسبب بمرض خطير في نخاع العظام. ويطلق على الفيروس اسم «فيروس تي- الليمفاوي البشري من النوع الاول» Human t-lymphotropic virus type 1 (HTLV-1)، وهو ينتقل عبر الدم، او الاتصال الجنسي المباشر، وحتى بحليب الرضاعة. ويمكنه ان يؤدي لدى عدد قليل من الاشخاص المصابين به، الى ضعف مدمر في العضلات وهو الحالة الصحية التي يطلق عليها «الاعتلال النخاعي المرتبط بفيروس HTLV-1» واسمها بالانجليزية HTLV-1 associated myelopathy (HAM)، او الى مرض اللوكيميا / اللمفوما في خلايا «تي» المناعية البالغة adult t-cell leukaemia/lymphoma (ATLL).

وفي حديث الى «الشرق الاوسط»، قالت عزة النصيري انها كلفت رسميا قبل عدة اشهر بالعمل ضمن فريق من الاختصاصيين، كصيدلية متخصصة في البرنامج لمتابعة حالات المصابين بالفيروس من النواحي الدوائية.

* فيروس خطير فيروس HTLV-1 هو من نوع فيروسات «ريترفيروس» retrovirus، يصيب بين 10 و20 مليونا من البشر. ورغم ان منشأه عريق في القدم، فإن العلماء لم يتعرفوا عليه إلا في عام 1985. وقد انتقل الفيروس بين بقاع متباعدة من الارض، اذ يعتقد انه ظهر بين السكان الاصليين لأميركا الشمالية والجنوبية واستراليا واليابان وميلانيزيا، وهي جزر في المحيط الهادئ تقع الى الشمال من استراليا، لينتقل منها الى جنوب افريقيا وحوض الكاريبي وشرق آسيا. وتشير التقديرات الى ان عدد المصابين بالفيروس في بريطانيا يصل الى 22 الف شخص، اغلبهم لا تظهر لديهم أي اعراض له، ولا يعرف إلا اقل من 1000 مصاب منهم انهم يحملون الفيروس! وقالت النصيري انها لا تمتلك معلومات محددة عن انتقال المرض الى العالم العربي إلا انه قد يكون موجودا فيه بنسبة قليلة. واضافت ان المصابين به لا يعانون من اعراض محددة جدا.

وتقود الاصابة بالفيروس لدى 5 في المائة من حامليه الى أحد امرين: إما الاصابة بوهن مدمر في عضلات الاطراف السفلى من الجسم، أي حالة الاعتلال النخاعي المرتبط بفيروس HTLV-1 (HAM)، او الى سرطان الدم (ATLL). وفي الحالة الاولى يعاني المصابون من التهابات في النخاع الشوكي يمكنها ان تسبب عددا من الاعراض ومنها الآلام العصبية الحادة، سلس البول، الامساك، ضعف الانتصاب، وتيبس الاطراف السفلى وفقدانها لقوتها.

اما العلاج فيشمل معالجة الاعراض، فيما لا تزال الابحاث الخاصة لتطوير علاج مضاد للفيروس جارية الآن. ويعالج الذين يعانون من سرطان الدم بالعلاج الكيميائي، كما اظهرت بعض انواع المعالجة بواسطة عقاقير مضادة للفيروسات اظهرت نتائج مشجعة.

ورغم انه لا يشخص في بريطانيا سنويا سوى 12 شخصا بالحالة الاولى وحوالي 20 آخرين بالحالة الثانية، فإن عدد الحالات في ازدياد. ويعود ذلك جزئيا الى تأخر هيئة فحص الدم في بريطانيا في رصد الفيروس في عينات الدم المخزونة، حتى عام 2002. ويضاف الى هذا العامل ازدياد انتقال الافراد بين بقاع العالم التي ينتشر فيها الفيروس وبين بريطانيا.

واشارت الباحثة البريطانية - السودانية، الى ان معلوماتها تشير الى ان السعودية سبقت بريطانيا في هذا الشأن، حيث بدأت مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الابحاث في الرياض بمسح الدم المتبرع به للتعرف على الفيروس في عام 1989.

* خبيرة سودانية وقد تم تعيين عزة النصيري، التي حصلت على شهادتها من كلية الصيدلة بجامعة لندن عام 1992، بوصفها اختصاصية في الصيدلة بهدف معالجة المصابين بفيروس HTLV-1 في المركز الوطني لدراسات الريتروفيروسات البشرية التابع لمؤسسة الخدمات الصحية الحكومية البريطانية، الذي يقع ضمن المسؤولية المشتركة لجامعة إمبريال كوليدج في لندن ومستشفى سانت ماري في لندن وموقعه الالكتروني هو: www.htlv1.eu. وتضم مجموعة العمل على هذا الفيروس ايضا طبيبا استشاريا وممرضة للأعمال السريرية ومتخصصا في العلاج الفيزيائي العصبي. وكانت مجلة الصيدلة البريطانية (فارمسيوتيكال جورنال) التي تصدرها جمعية الصيدلة الملكية قد نشرت في طبعتها الالكترونية اخيرا، موضوعا مفصلا عن تعيين النصيري، وصفته بأنه الاول من نوعه في العالم. ونقلت عن غراهام تايلور كبير الاطباء الاستشاريين في المركز، انه كان مصمما على تعيين صيدلي متخصص للفريق بسبب تعدد الوصفات الصيدلية لمختلف المصابين بهذا الفيروس. واضاف ان تركيز المركز على الاعمال السريرية يتطلب وجود صيدلي متخصص للمساهمة فيها.

وقالت عزة النصيري، التي ولدت في الخرطوم عام 1971، ان عملها في مستشفى جامعة يونيفيرستي كوليدج في لندن، ثم في مستشفى سانت ماري قد أهلها للمنصب الجديد نظرا لتعاملها مع مختلف اعراض الامراض وخصوصا في ميدان علوم الاعصاب اضافة الى اشرافها على تقديم وصفات الاختصاصات الطبية، واهتماماتها المتواصلة في علم المناعة والامراض المعدية. واضافت ان تحديات المنصب الجديد، والعمل كعضو مكمل مع أفراد فريق الرعاية الصحية هو الذي جذبها اليه. وهي تعتقد ان هناك دورا فعالا للصيدلي المتخصص في علاج هذا المرض الخطير. وتستقبل العيادة المتخصصة في المركز ولثلاثة ايام في الاسبوع، المصابين الذين يشاركون في الاختبارات السريرية على الفيروس. ويتمثل دور النصيري في تمكين المرضى من «ادارة» اعراض حالة HAM المرضية. وتقول ان النطاق المعقد من الاعراض، اضافة الى حقيقة ان الكثير من المرضى هم من الذين يتناولون ادوية اضافية يشترونها من دون وصفة طبية، او يمارسون علاجات الطب البديل، يخلق خليطا من المحفزات التي تقود الى قلة الاستجابة للعلاج والى ظهور اعراض مؤذية.

وتضيف ان العيادة تستقبل نحو 400 مريض، وقالت ان «غالبية المرضى الذين يزورون العيادة جربوا العديد من العلاجات، ولذلك فإن عليّ ان اسجل كل تاريخ تناولهم للأدوية» قبل وصف العقاقير لهم. هي تقدم خدماتها للمرضى هاتفيا ايضا وتتصل للتنسيق مع أطبائهم العائليين في مناطق سكناهم.

وتجدر الاشارة الى ان المركز يهدف الى توسيع نطاق ابحاثه. وتستخدم في اختباراته عقاقير معترف بها، خصوصا لتخفيف اعراض الاعتلال النخاعي HAM بتقليل التهابات الحبل الشوكي، ومنها عقاقير لتثبيط المناعة ومضادة للصرع.

وقالت النصيري ان فريق العمل يدرس تأثير عقار «سيكلوسبورين» Ciclosporin، وهو من مضادات الالتهاب لعلاج الحالة، وهناك خطط لدراسة تأثير ادوية اخرى العام المقبل مثل «إنفليكسيماب» infliximab و «فولبوريت الصوديوم» sodium valproate في المستقبل.