أستشارات طبية

TT

* جلطات ليست خفيفة

* والدتي لديها ارتفاع ضغط الدم. وأُصيبت بصعوبة في الكلام. وأخبرنا الطبيب بأنها جلطات خفيفة لأنها زالت بعد حوالي يوم. لكنها تكررت ثم أُصيبت بشلل نصفي. هل كان ثمة ما يُمكن فعله لتجنب ذلك؟

وداد أحمد ـ الرياض ـ هذا ملخص لرسالتك. والقصة من المُقدر أن تحصل بهذه الطريقة التي ذكرتها، لكن كان من الممكن فعل الكثير. والطبيب حينما راجعته الوالدة لأول مرة بعد حصول الشلل النصفي، قصد بكلامه «جلطة خفيفة» أن أعراضها على نطق الكلام زالت تماماً خلال 24 ساعة. وإلا فإنها ليست خفيفة بمعنى أنها هينة وغير ذات شأن أو أهمية.

الإشكالية هي أن غالبية الناس الذين يُصابون بما يُسمى جلطات خفيفة لا يُراجعون مباشرة الطبيب أو قسم الإسعاف في المستشفى، وخاصة لأن الأعراض غالباً ما تزول خلال ساعات أو ربما دقائق ويعتقد المرء أو ذووه آنذاك أن السبب هو حصول إرهاق أو ما شابه. والحقيقة أنها ليست ذلك بل هي «منذرات» بأن «مشكلة ما» تجري فصولها في الدماغ. وللأسف تشير الإحصاءات أن أقل من 10% ممن يتعرضون لهذه الجلطات الخفيفة يُراجعون الأطباء مباشرة. ونسبة مهمة ممن يُعانون من هذه الجلطات الخفيفة يُصابون بجلطات دماغية أكبر خلال بضعة أيام.

ولذا فإن أعراضاً مثل صعوبة مفاجئة في الكلام أو عدم القدرة عليه، أو عدم القدرة على فهم ما يقوله الآخرون، أو حصول ضعف في الحركة أو الإحساس للوجه أو القدمين أو اليدين، أو اضطرابات في إبصار إحدى العينين أو كلتيهما أو ضعف أو عدم قدرة على الوقوف، أو اختلال الحفاظ على توازن المشي، هي كلها علامات منذرة يجب التعامل معها بجدية.

المشكلة الأعمق هي حرج البعض من الشكوى للأطباء بإصابته بأي من الأعراض المرضية، وخاصة عند حصولها وزوالها، واعتقادهم أن الأمر لا يستدعي زيارة الطبيب أو الذهاب للإسعاف، أو شعورهم بأنهم قد يكونون مزعجين للأطباء إذا ما أتوا إلى المستشفى دونما داع، على حد ظنهم. وهذا من الخطأ الواضح، لأن الأطباء والمستشفيات ليست فقط لخدمة المرضى المعروف تشخيص أمراضهم، بل هي لمن يشكون من أمور صحية غير طبيعية وغير معتادة لمعرفة ما إذا كانت علامات على وجود أمراض أو لا علاقة لها بالمرض. وحتى عند اكتشاف الطبيب أن الأمر هين وليس مرضاً، فما الحرج من الذهاب للمستشفى للاطمئنان طالما أن الطبيب موجود لخدمته؟

* الضجيج وضعف السمع

* أعاني من ضعف في السمع، هل للأمر علاقة بالضجيج؟

أم مهند ـ الكويت ـ لم يتضح لي من سؤالك الذي اختصرته، مصدر الضجيج لديك. بمعنى هل له علاقة بمحيط السكن أو العمل أو المنزل. كما لم يتضح لي مقدار عمرك ولا ما إذا كنت تشكين من أية أمراض مزمنة أو تتناولين أية أدوية.

وعلى كل حال، فإن غالبية الناس تتدنى لديهم قدرات السمع مع التقدم في العمر. لكن عامل العمر بذاته، لا يتسبب بنقص مُؤثر في قدرات السمع فيما قبل بلوغ سن الستين. وحتى مع التقدم في العمر، فإن اتخاذ احتياطات الوقاية من التعرض للضجيج، مع الاهتمام بصحة تراكيب الأذن، والاهتمام بنوعية الأدوية التي نتناولها للعلاج الضروري، كله يعمل على الحفاظ على قدرات السمع حتى مراحل تتجاوز سن الستين بكثير. هذا هو الأصل.

ولعل من أمثلة تأثيرات الضجيج التي تذكرها المصادر الطبية، والتي تُوضح حقيقة ضرر الضجيج، هي أن النجار العادي في سن الخامسة والعشرين لديه قدرات سمع مماثلة لما لدى موظف مكتبي في سن الخمسين ويعمل في أماكن هادئة! وقيسي عليهما المدرسين والحرفيين في المصانع والورش وغيرهم.

والواقع أن الضجيج اليوم أصبح محيطاً بالناس أكثر من السابق، مثل التلفزيون، الراديو، المكنسة الكهربائية، مكيفات الهواء، في الشوارع وغيرها. ويبدو أن المهم في الضجيج هو أن كل العوامل له، مثل درجة علو الصوت، حدة الصوت وطول وقت التعرض له بأي نوعية كانت.

والإشكالية هي أن غالبية الناس لا يتنبهون لتأثيرات الضجيج على سمعهم لأن الضجيج بحد ذاته لا يترك شعوراً أو معاناة من أعراض مؤلمة مثلاً. وحتى الأعراض البسيطة مثل الضغط في الاذن أو عدم فهم الكلام الذي يُقال أمام الشخص آنذاك وغيرها من الأعراض، فإنها تزول سريعاً، لكنها تترك تأثيرات عميقة ومتراكمة على تراكيب قدرات السمع.

وأولى العلامات التي تدل على حصول ضرر من الضجيج على السمع هي عدم القدرة على سماع الأصوات ذات الحدة العالية حينما لا تصدر بضجيج عال، مثل زقزقة العصافير أو كلام النساء والأطفال. ومع مرور الوقت واستمرار تضرر الأذن بالضجيج، يُصبح حتى كلام الرجال غير مفهوم. ومما يجدر التنبه إليه أن الضجيج ليس ضاراً فقط بالسمع، بل يتعدى إلى أجزاء أخرى من الجسم. وثمة من المؤشرات العلمية والدراسات الطبية التي تُؤكد أن الضجيج عامل في رفع مقدار ضغط الدم. وأوضح الأمثلة على ذلك هو أن سكان المناطق المحيطة بالمطارات عُرضة للإصابة بارتفاع ضغط الدم.

* المياه المعدنية والأطفال والصوديوم

* هل من الصحي أن نشرب المياه المعدنية؟

حنان فريد ـ القاهرة ـ هذا ملخص رسالتك الطويلة حول ماء الشرب. والأصل أن يشرب المرء ماءً نقياً خالياً من الملوثات العضوية والكيميائية والميكروبات. لا أعلم ما سبب رغبتك في اللجوء إلى المياه المعدنية للشرب بدلاً من ماء الحنفية. وفي أي مكان إن كانت ثمة هواجس من نظافتها فإن ثمة راشحات (فلاتر) خاصة يُمكنها تنقية الماء مما قد يعلق به في خزانات المياه أو أنابيب تمديدات الماء.

المياه المعدنية المُعبأة مضمونة النقاء من الميكروبات حال خروجها من مصانع تعبئة المياه. أما بعد ذلك فلا ضمانة فيها إلا إحكام غلقها. لأنها في الغالب تعتمد على وسيلة التعقيم بالأوزون، وليس بالكلور مثل مياه الحنفيات. والأوزون وإن كان فاعلاً في تعقيم الماء من الميكروبات، إلا أن مفعوله آن، أي فقط وقت تعريض الماء له، بخلاف الكلور الكيميائي الذي تستمر قدرة تعقيمه طالما كان موجوداً في الماء.

هذا من جانب، ومن جانب آخر مهم، فإن المياه المعدنية المُعبأة لا تحتوي في الغالب على الفلوريد. ومعلوم لديك أن الفلوريد عامل مهم جداً في وقاية أسنان الأطفال والبالغين من التسوس. وعليه فإن من المهم أن لا تكون المياه المعدنية المصدر الوحيد لمياه شرب الأطفال إلا إذا كنت ستوفرين لأطفالك الفلوريد عبر مراجعة طبيب الأسنان.

ما ذكرت عن الصوديوم، أي العنصر في ملح الطعام، ليس دقيقاً وربما فيه شيء من التعقيد عند تفصيل الحديث عنه. إذْ إن المياه المعدنية قد تحتوي أنواع منها على كميات عالية من الصوديوم وقد تحتوي على كميات منخفضة. لكن ليس بالضرورة أن قراءة كتابة ما يدل على أن محتوى كمية الصوديوم في تلك العبوة منخفض، بأنه شيء صحي، بل الأمر خاضع لمُعالجي المياه لحسابات عدة في عدد ونوعية المعادن وتوازن شحناتها الكهربائية. ولذا فإن من الممكن أن تكون المياه منخفضة المحتوى من الصوديوم لكنها عالية في أملاح أخرى ضارة. وعليه فإن اعتماد بعض شركات المياه على إغراء المُستهلك بوجود كميات منخفضة من الصوديوم ليس على إطلاقه في ضرورة جذب المستهلك. وربما تسنح فرصة لعرض الموضوع بشيء من التفصيل في ملحق الصحة لاحقا.