دراسة ألمانية غنية بالمعلومات حول الصداع الجنسي

متابعات لتطور الإصابة ولمعالجاتها

TT

كان الدكتور أكيم فريسي وزملاؤه الباحثون من كلية الطب بجامعة مونستر الألمانية، قد قاموا بتحليل المعلومات المتعلقة بستين مُصاباً بحالة الصداع المرتبطة بممارسة العملية الجنسية headache associated with sexual activity (HSA). وبمراجعة أسباب الصداع لدى المرضى المراجعين للعيادات الخارجية المتخصصة في متابعة حالات الصداع عموماً، تم التعرف على 60 مُصاباً بهذا النوع من الصداع في الفترة ما بين عام 1996 وعام 2004. وبعد التقييم الأولي للدخول في الدراسة، قام الباحثون بمتابعة المرضى على مرحلتين في الفترة ما بين عام 2003 وعام 2006. وتراوحت فترة المتابعة ما بين سنة إلى 6 سنوات. وقال الباحثون إن الغاية من الدراسة هي الوصول إلى معلومات حول التنبؤ المستقبلي لحالات المُصابين بالصداع المرتبط بالنشاط الجنسي. وكذلك تقييم أفضل وسائل علاجه.

ولاحظ الباحثون أن أعمار المُصابين متفاوتة، لكن متوسط أعمارهم عند بدء الشكوى من نوبات الصداع تلك هو 37 سنة. وتنوعت نوعية الصداع، ما بين صداع يبدأ خفيفاً ثم تتدرج قوة حدته، ونوع يظهر شديداً في القوة منذ بداية نوبة الصداع. كما تفاوتت أوقات ظهور الصداع، إذْ منه ما يبدأ في احدى مراحل العملية الجنسية قبل بلوغ مرحلة نشوة اللذة مع القذف orgasm ، ومنه ما يبدأ الصداع مع تلك المرحلة المتأخرة في العملية الجنسية.

وفي تحديد لنوعية وتيرة الإصابة بالصداع عند ممارسة الجنس التي كانوا يُعانون منها قبل مراجعتهم للأطباء، قسم الباحثون شريحة المرضى إلى فئتين. وشكلت الفئة الأولى 75% من المرضى، وهي الفئة التي شملت منْ قالوا بأنهم كانوا يُعانون من نوبات مفردة ووحيدة عارضة من الصداع الجنسي Episodic HSA قبل مراجعة الطبيب. ومن بين هذه الفئة قال 80% إن تلك النوبات من الصداع زالت عنهم ولم تتكرر لاحقاً طوال فترة المتابعة الطبية. وتحديداً بعد ثلاث سنوات من بدء المعاناة منه. أما البقية فمنهم من تكرر الأمر لديه ثم زال، ومنهم من تكرر الأمر إلى حد المعاناة المزمنة منه كلما تمت ممارسة النشاط الجنسي.

أما الفئة الثانية، أي 25% من عموم شريحة البحث، فشملت من كانوا يُعانون منذ البداية من نوبات مزمنة للصداع الجنسي. ومن بين هذه الفئة كان 60% يشكون من الصداع في 20% من حالات ممارسة النشاط الجنسي. أما البقية فنصفهم كان يشكو من الصداع دوماً ومع كل ممارسة للعملية الجنسية، والنصف الآخر كان يشكو منها في حوالي 50% من حالات ممارسة العملية الجنسية.

وتعني هذه النتائج أن تكرار الصداع منذ بدايات ظهوره والشكوى منه، إنما هو علامة على ارتفاع احتمالات استمرارية معاناة المُصاب منه مدة طويلة. وأن هناك نسبة تصل إلى 20% لتطور الأمر إلى صداع مزمن مع ممارسة العملية الجنسية لدى من كانوا يُعانون من نوبات مفردة من الصداع منذ البداية. وقام الباحثون بحساب نسبة انتشار ما يُعرف بتكرار المعاناة من نوبات الصداع الجنسي، أي مدى المعاناة لفترة زمنية من الصداع الجنسي، ثم زوال تلك النوبات عن الحصول، وبعد ذلك قد تكرر الإصابة مرة أخرى بنوبات من الصداع حال ممارسة العملية الجنسية. وقالوا بأنهم لاحظوا أن المعدل المشترك للتكرار الكلي لحالات الصداع الجنسي خلال فترة من المتابعة استمرت بمعدل ست سنوات هو 43%. وهي نسبة عالية في تكرار ظهور مرحلة المعاناة لفترة زمنية وكذلك تكرار زوالها، سواءً عند الشخص نفسه أو لدى عموم المُصابين بتلك النوبات من الصداع الجنسي. إلا أن الباحثين قالوا إن تكرار المعاناة من الصداع الجنسي كان أعلى لدى منْ يُعانون من نوبات مزمنة للصداع الجنسي بالأصل، بخلاف من يُعانون من نوبات متقطعة منه.

وقال الباحثون إن غالبية حالات الصداع الجنسي لا تحتاج إلى أي علاج، لكن حوالي 15% من المعانين منه يُصابون بنوبات شديدة من الصداع، الذي قد يستمر ما بين 4 إلى 24 ساعة. ولاحظوا أن منْ يُصابون بنوبات شديدة من الصداع الجنسي أو المُصابين بتكرار مزمن لحالات الصداع تلك قد يستفيدون من تناول الأدوية.

وقالوا بأن التناول الوقائي المبكر prophylactic treatment ، لأحد أدوية حاصرات مستقبلات البيتا beta-blockers ، مثل بروبرانولول أو ميتابرالول، مفيد في تقليل احتمالات تكرار نوبات الصداع. كما أن تناول أحد أنواع الأدوية المضادة للالتهابات والمسكنة للألم من الأنواع غير الستيرودية، مثل إندوميثاسين، مفيد أيضاً حال حصول أي من نوبات الصداع الجنسي تلك.

وفي دراسة أخرى للباحثين في نفس عدد المجلة الطبية، حاول الباحثون معرفة العلاقة بين الإصابة بصداع الشقيقة migraine ، أو ما يُعرف بالصداع النصفي، وبين الإصابة بالصداع الجنسي. وتناولوا بالفحص 100 شخص مُصاب بصداع الشقيقة و 100 سليم منه. وتبين أن 5% من المُصابين بصداع الشقيقة مُصابون أيضاً بالصداع الجنسي، في حين لم تكن ثمة أية إصابة بالصداع الجنسي بين منْ لم يكونوا مُصابين بصداع الشقيقة.

وقال الباحثون إن هذه النتيجة في إصابة مرضى صداع الشقيقة بالصداع الجنسي تُقابلها نتائج دراسات سابقة أظهرت إصابة مرضى الصداع الجنسي بصداع الشقيقة. وهو ما يعني على حد قول الباحثين أن علاقة الارتباط فيما بين نوعي الصداع هي ثنائية الاتجاه. وتوصلوا إلى نتيجة مبدئية جداً وهي أن نسبة انتشار الصداع الجنسي في المجتمعات تُقارب 1%.