استشارات طبية

بإشراف د. حسن محمد صندقجي*

TT

البيض والكولسترول

* الطبيب المُعالج لوالدي منعه من تناول البيض، بينما ذكرت في مقالك أن البيض لا يرفع الكولسترول، أرجو التوضيح؟

محمد بن أحمد - السعودية.

ـ تناول والدك للبيض لا يرفع الكولسترول لديه. ومن الخطأ الادعاء أن تناول البيض له دور في ارتفاع نسبة الكولسترول. وليس للأطباء أو غيرهم أن يقولوا ذلك للناس. كيف، ولا يُوجد ما يُثبت أن تناوله سبب في رفع نسبة الكولسترول الخفيف الضار في الدم، أو في رفع احتمالات الإصابة بأمراض شرايين القلب، أو في زيادة عُرضة حصول تداعياتها، بل تتواتر الأدلة العلمية على عدم صحة أي من كل ذلك. علاقة تناول البيض بارتفاع الكولسترول مشكلة تاريخية. وثمة أسباب متعددة لوجود «وهم» من هذا النوع لدى البعض في الوسط الطبي. وهذا الوهم لا يقتصر على البيض، بل يتعداه إلى الروبيان، الجمبري، والاستكوزا وغيرهما في الإدعاء دونما دليل علمي بأن تناولها يرفع الكولسترول. ما حصل قبل حوالي 50 عاماً، أن الأطباء في الولايات المتحدة هالهم ارتفاع الإصابات بأمراض شرايين القلب، وتعرفوا على أن ارتفاع نسبة كولسترول الدم سبب في نشوء هذه الأمراض في الشرايين. وحينما نظروا في غذاء الأميركيين وجدوا أن معدل كمية ما يتناوله المرء من كولسترول غذائي هو 600 ملغم يومياً، وأن أكثر منتج غذائي يحتوي على الكولسترول في مكوناته هو البيض. فاستنتجوا، دونما أي دراسة أو بحث، أن على الإنسان أن لا يتناول أكثر من 300 ملغ من الكولسترول يومياً. وأن على المرء أن يمتنع عن تناول البيض، أو يُقلل إلى حد كبير من ذلك.

ومعلوم أن أي نصائح طبية يجب أن تُبنى على أدلة ثابتة. والطب لا يملك أي دليل على أن الطبيعي هو تناول أقل من 300 ملغم من الكولسترول يومياً، ولا أن البيض يتسبب في ارتفاعه.

كما أنه من المعلوم أن الطب يتطور في جانبين، أحدهما اكتشاف أدوية أو وسائل علاج جديدة أو يفهم آليات وأسباب نشوء الأمراض، والثاني في مراجعة صحة ثبوت أي إرشادات طبية. والباحثون، منذ عام 1999، لاحظوا من مجموعات متنوعة من الدراسات الطبية، أن تناول البيض لا علاقة له برفع الكولسترول. والمخيف في الأمر ليس اعتقاد الناس بتسبب البيض في رفع الكولسترول، بل في استمرار الاعتقاد بذلك بين الأطباء أنفسهم. ولاحظت دراسة أسترالية أن 73% من الأطباء العامين يعتقدون صحة ذلك.

وعلينا أن نلحظ حقيقة مهمة، وهي أن 20% فقط من الكولسترول الموجود في الدم يأتي من الغذاء، و80% منه يأتي مما يُنتجه الكبد. وما يتحكم في إنتاج الكبد للكولسترول هو الوراثة وتناول الدهون المشبعة والدهون المتحولة. ولذا فإن أفضل، وأقوى وأبلغ تأثيراً، وسيلة علاجية لارتفاع الكولسترول هي أدوية مجموعة ستاتين، مثل زوكور وليبيتور وغيرهما. والتي تعمل على خفض إنتاج الكبد للكولسترول.

وحتى لو كان البيض يحتوي كميات عالية من الكولسترول، فإن الأمعاء لا تمتصه، وذلك لسببين. الأول أن الأمعاء لا تمتص الكولسترول إلا في وجود الدهون، ومعلوم أن الدهون مركبات كيميائية مختلفة تماماً عن الكولسترول. والثاني أن ثمة مركبات كيميائية في البيض ثبت علمياً أنها تمنع الأمعاء من امتصاص كولسترول البيض.

هذا عن الكلام كله عن تناول البيض المسلوق وحده. أما حال طهي البيض مع الزبدة أو السمن أو غيره من الدهون المُهدرجة، فإن الحديث يأخذ منحى آخر تماماً. لأن الدهون في الزبدة أو السمن أو الزيوت النباتية المُهدرجة، تعمل على رفع امتصاص الأمعاء للكولسترول وتعمل أيضاً على تنشيط عملية إنتاج الكبد للكولسترول.

وطبيب والدك مُصيب في منعه من تناول البيض إن كان والدك ذكر له أنه لا يتناول إلا البيض المقلي ولا يُحب تناول البيض المسلوق. ونفس الكلام ينطبق على الروبيان والاستكوزا وغيرهما من المنتجات الغذائية الخالية من الدهون المشبعة.

وإن أحببت زيداً من التعمق في العرض، فأدلك على مقالين نُشرا في ملحق الصحة بالشرق الأوسط بتاريخ كل من 18 أغسطس 2005، وبتاريخ 24 أغسطس 2006.

فيروس الكبد «بي» والجنين

* لديّ التهاب الكبد الفيروسي من نوع «بي»، وأنا حامل، هل ينتقل للجنين؟

فاتن أ- الأردن.

ـ يُمكن للفيروس الانتقال من الأم إلى الجنين أثناء الحمل والولادة. ولأن جهاز مناعة الطفل ضعيف، فإن حصول عملية التهاب كبدي واسعة النطاق، تُؤدي إلى ظهور صفار وارتفاع إنزيمات الكبد، غالباً لا تحصل. بل تمر الحالة بهدوء. ما يُنصح به طبياً هو أن يتلقى طفلك خلال الـ 12 ساعة الأولى من بعد الولادة للقاح التهاب الكبد من نوع بي، كما عليه أن يُعطى كمية من الأجسام المضادة لهذا الفيروس. وهو ما سيفعله الأطباء بعد ولادتك طفلك. ثم سيقومون بعد 12 شهراً بإجراء اختبارات مدى نسبة مناعة الطفل ضد فيروس التهاب الكبد الوبائي من نوع بي، عبر تحليل نسبة الدم لثلاثة مؤشرات يعرفها الأطباء.

وبناءً على نتائج كل واحد منها يعرف الأطباء هل الطفل مُصاب بالفيروس، أو أنه تكونت لديه مناعة منه. وكذلك معرفة مصدر تكون المناعة لديه، أي هل هي بسبب اللقاح الذي تلقاه بعد الولادة أم أنه حصلت عدوى منك إليه ثم تفاعل جهاز المناعة معها وقضى عليها ومن ثم أصبحت لدى الطفل مناعة ضد الفيروس.

وكما تلاحظين، فإن الأمر ليس حتمياً في احتمال إصابة الجنين بالفيروس، وحتى لو حصل ذلك فإن ثمة جدوى من تلقيه للقاح والأجسام المضادة. وعليه لا داعي للتشاؤم كثيراً لكن عليك أن تتابعي مع طبيب الأطفال للوضع كما تقدم.

ألم بعد الشرخ الشرجي

* لقد قمت بعمل عملية الشرخ الشرجي والبواسير منذ حوالي ثلاثة أشهر ولكننى ما زلت حتى الآن أعاني من الآم عند التبرز وذهبت إلى الطبيب وقال إن عندي بعض الالتهابات وأعطاني بعض الأدوية ولم أشعر بأي تحسن حتى الآن. فما سبب ذلك؟، هل هو سوء في العملية؟

أحمد بهاء - السعودية

* هذا نص سؤالك. وغالباً ما ينشأ الشرخ الشرجي في الجدار الخلفي لأنبوب الشرج. وأهم أسباب ذلك هو الإمساك المزمن وبذل جهد مُضاعف أثناء محاولة إتمام عملية التبرز. وحال نشوء الشرخ تحصل حالة من فرط انقباض العضلات العاصرة لفتحة الشرج، ما قد يزيد الألم عند التبرز أو في طوال الوقت. والمعالجة الجراحية هي لحالات الشرخ المزمن، بينما يُمكن معالجة حالات الشرخ الحاد عبر وسائل علاجية تُخفف من درجة انقباض العضلات العاصرة. ومن غير الواضح في سؤالك نوع الإجراء الجراحي في العملية، هل هو توسيع من أجل ارتخاء انقباض العضلة العاصرة، أم هو عملية استئصال لأنسجة الشرخ نفسه لتنمو أنسجة جديدة سليمة كي تُبطن تلك المنطقة التي حصل الشرخ فيها من أنبوب الشرج.

والأصل أن لا يستمر الألم أكثر من ثلاثة أسابيع بعد القيام باستئصال أنسجة الشرخ. وكذلك الحال بعد التوسيع وإعطاء فرصة لالتئام أنسجة الشرخ. ولا يستطيع أحد عن بعد أن يُقيم عمل طبيبك الجراح، ولذا إن لم تكن مرتاحاً، كما هو واضح، من أداء الطبيب وعلاجه، فعليك مراجعة طبيب يفحص الحالة التي لديك ويُقيم وضعها، ويُجيب عن استفسارك الأخير.

* استشاري باطنية وقلب ـ مركز الأمير سلطان للقلب في الرياض

* ص.ب. 7897، الرمز البريدي 11159 - [email protected]