أدوية علاج قرحة المعدة متهمة بالتسبب في كسور مفصل الورك

اهتمام طبي واسع بسلامة عنق عظمة الفخذ

مسنّ اميركي يمارس التمارين الرياضية بمساعدة اختصاصية في العلاج الطبيعي، بعد تعرضه لكسر في عظم الحوض (كي آر تي)
TT

حذرت دراسة دنماركية من أن احتمالات الوفاة ترتفع حال إصابة المتقدمين في العمر بكسور في الورك. وقال الباحثون في دراستهم، المنشورة ضمن عدد نوفمبر من مجلة المجمع الأميركي لطب الشيخوخة، إن مقارنة أسباب وفاة لحوالي 700 ألف شخص، فيما بين عام 1981 وعام 2001، دلت على أن حصول كسر في الورك عامل سلبي من ناحية مقدار عمر الإنسان. كما لاحظوا أن احتمالات إصابة الرجل بكسر في الورك، خلال حياته، ارتفعت إلى حوالي 30%، خاصة لمن هم فوق سن 75 سنة.

هذا، وبرّأت إدارة الغذاء والدواء الأميركية أدوية معالجة قرحة المعدة، وتحديداً الأنواع المثبطة لضخ البروتونات، من الإدعاءات التي اتهمتها بتسببها باضطرابات في القلب. إلا أن الإدارة أكدت، في تقريرها الصادر في 10 ديسمبر الحالي، أنها بصدد فتح تحقيق جاد حول إدعاءات أخرى لدور هذه الأدوية، مثل نيكسيوم وبريلوزك، في التسبب بارتفاع الإصابات بكسور مفصل الورك.

التهاب المفاصل

* من جانب آخر، قدم باحثون من هولندا ما يُمكنه أن يُساعد الأطباء على معرفة المرضى الأكثر عرضة لأن تتطور إصابات مفصل الورك لديهم بـ «الالتهاب المفصلي العظمي» osteoarthritis ، أو ما يُعرف بين الناس بالروماتيزم. وقالوا في دراستهم المنشورة ضمن عدد 15 ديسمبر من مجلة «الروماتيزم والتهاب المفاصل» إن ثمة عوامل ترفع من احتمالات سوء حالة الالتهاب الروماتيزمي في مفصل الورك، ما يضطر إلى إجراء عملية استبدال ذلك المفصل كحل نهائي في معالجة الحالة. وأشاروا إلى أن مقدار العمر وجمود المفصل عن الحركة في الصباح ونوعية الألم هي أهم العوامل التي يجب تقييمها مبكراً وأثناء مراحل متابعة المرضى.

وأكد باحثون بريطانيون أن المتابعات الطويلة، لمن أُجريت لهم عمليات استبدال مفصل الورك، تُعطي نتيجة مفادها أن التحسن الوظيفي لديهم يستمر بدرجة عالية وأساسية مع مرور الوقت. وقالوا في دراستهم المنشورة في عدد 15 ديسمبر الحالي من مجلة «بحوث ورعاية التهاب المفاصل» إن الدراسات السابقة بحثت في نتائج المتابعات على المدى القصير لتلك العملية، وأن دراستهم تابعت بالبحث لمدة تقارب تسع سنوات ما يحصل عند هؤلاء الذين خضعوا لعملية استبدال مفصل الورك، وقارنوه بما يحصل لدى مجموعة أخرى، مكونة من نفس العدد، لمرضى التهاب روماتيزمي في مفصل الورك، لكن لم يخضعوا للعملية.

ويلتقي في مفصل الورك كل من الرأس الكروي لعظمة الفخذ مع تجويف مقابل في عظمة الحوض على شكل نصف كرة، ولذا فإن المفصل مكون من كرة داخلة في تجويف. وضمن تراكيب معقدة في توازن الكرة داخل التجويف بأربطة وغضاريف، والأهم هو أحزمة من العضلات المحيطة في الحوض والبطن وأسفل الظهر والفخذ، يتشكل ذلك النظام من الحماية والثبات والمتانة ومرونة الحركة لهذا المفصل المهم في ربط الأطراف السفلى مع جذع الجسم في منطقة الحوض. هذا وتؤكد كثير من المصادر الطبية العالمية على أن مفصل الورك أحد المناطق المنسية لدى الناس والأطباء، ولا يزال الاهتمام الصحي بها وبسلامتها وبمعالجة إصابتها دون المستوى المطلوب. والمفصل، لدى المتقدمين في العمر، معرض للكسور غير المرتبطة بأسباب إصابات الحوادث، وكذلك للالتهابات الروماتيزمية ولغيرها من الحالات المرضية العميقة التأثير على الصحة وسلامة الحياة.

كسر مفصل الورك

* وحتى ضمن تراكيبه المعقدة وأنظمة الحماية المتينة المحيطة به، لا تزال الإصابات بكسر مفصل الورك في ارتفاع مستمر. وبالرغم من أن الإنسان في أي مرحلة من العمر عُرضة للإصابة بالكسر هذا، إلا أن غالبية منْ يحتاجون للدخول إلى المستشفى للعلاج هم من كبار السن. وتحديداً، من بين كل عشرة أشخاص يصابون بكسر الورك فإن تسعة منهم تجاوزوا عمر 65 سنة. وتشكل إصابات النساء به ثلاثة أضعاف تلك التي تطال الرجال. ويرتبط السبب بارتفاع نسبة حصول حالة هشاشة العظم لدى النساء، ما يعني أن وجود هشاشة في العظم عامل مستقل في ارتفاع الإصابات بكسور مفصل الورك لدى الرجال كما هو لدى النساء. ومفصل الورك ذو تركيب خاص، ما يحمي، في المراحل المبكرة من العمر، من تأثره بالحوادث والإصابات. لكن ثمة عدة عوامل تجعل من السهل حصول كسر فيه لدى كبار السن. وتشكل هشاشة العظام وضعف تكوينه السبب الرئيسي لسهولة حصول الكسور في تلك المراحل المتقدمة من العمر. وهي حالة تنتج عن قائمة طويلة من الأسباب الهورمونية والغذائية وقلة النشاط البدني. كما أن اضطرابات التوازن لدى الوقوف أو المشي التي تصاحب العديد من الأمراض المزمنة في المفاصل والقلب والأعصاب والغدد وغيرها، واختلال المشي نتيجة ضعف البصر أو السمع أو التغذية، وحالات تقلب الوعي والتركيز الذهني بكل تفاصيلها الطبية، وزيادة الوزن، والمعاناة من الآثار الجانبية لأنواع عدة من الأدوية التي يتناولها كبار السن، وتناول كثير مما يؤثر على الوعي بالذات من عقاقير أو مشروبات، كلها عوامل تجعل من السهل أن تُؤدي حوادث، بسيطة ظاهرياً، إلى إصابات عميقة في مفصل الورك. وعند حصول الكسر في مفصل الورك، قد يشعر المريض بألم في الورك أو أعلى الفخذ، كما يُصبح من الصعب عليه الاعتماد في المشي على الساق التي في أعلاها حصل الكسر، وقد يظهر انتفاخ وتجمد في مفصل الورك المتضرر. لكن بفحص مبدئي سريع وبسيط، قد يتمكن الطبيب من تشخيص إصابة كسر في مفصل الورك أو قد يغلب على ظنه حصول ذلك. وهنا يطلب من المريض الاستلقاء على الظهر، وأن يرفع بنفسه كامل ساقه، ثم يكرر ذلك الرفع للساق المستقيمة حال محاولة الطبيب مقاومته على إتمام فعل ذلك. وحال وجود كسر في الورك، فإن المريض يشعر بألم في الفخذ وأسفل الحوض عند كلتا المحاولتين لرفع الساق.

معالجة ومضاعفات

* وتنظر المصادر الطبية بعين الجد والاهتمام إلى هذا النوع من كسور العظم، خاصة عند حصوله لدى كبار السن. وذلك بالنظر إلى ارتفاع احتمالات الإصابة آنذاك بمضاعفات وتداعيات قد لا تُؤثر سلباً على الصحة العامة للإنسان، بل قد تُهدد سلامة حياته. وهناك نوعان من كسور مفصل الورك، الأول يحصل في منطقة عنق عظمة الفخذ، أي على بعد ما بين بوصة إلى بوصتين (البوصة 2.5 سم تقريبا) من المفصل. والثاني يحصل في منطقة «ما بين المدورين»، أي تحت منطقة عنق عظمة الفخذ، وعلى بعد ما بين 3 إلى 4 بوصات من المفصل. وفي النوع الأول يُؤثر الكسر على تغذية العظم بالدم، ما يُؤخر التحام والتئام الكسر آنذاك. وفي النوع الثاني تتأثر المنطقة التي تلتحم فيها العضلات المختلفة بعظم الفخذ، ما يُخل بالحركة والتوازن بشكل أكبر مما يحصل في النوع الأول. ويقول الباحثون من مايو كلينك إن كسر مفصل الورك «إصابة خطرة». وبالرغم من أن المعالجة المباشرة للكسر نفسه ممكنة، إلا أن المضاعفات والتداعيات الصحية المحتملة الحصول في الفترة إلى حين إتمام شفاء الكسر، قد تهدد حياة الإنسان. وهنا مربط الفرس بالنسبة للأمر برمته. وخلال مراحل معالجة الكسر في مفصل الورك، حينما لا تسمح الحالة الصحية للمصاب بالخضوع للعملية الجراحية، قد يضطر الطبيب إلى تثبيت نظام من السحب والشد كي يُعطي فسحة لالتئام الكسر في المفصل بطريقة طبيعية. والإشكالية في هذا الأسلوب العلاجي، الذي يضطر إليه الطبيب، هو عدم إمكانية حركة المريض لمدة طويلة. وهو ما قد يتسبب بتجلطات في أوردة الساقين والفخذين، بكل تداعيات ذلك، المهددة للحياة، على الرئة والقلب. كما أنه ترتفع احتمالات حصول «قروح السرير» Bedsores في مناطق مختلفة من الجلد حال عدم الحركة، والتهابات البول والتهابات الرئة، إضافة إلى ضمور وهزال العضلات في الجسم.

عملية جراحية

* وتظل العملية الجراحية، لإصلاح الكسر في مفصل الورك، هي الطريقة المثالية لمعالجة الحالة. ويتحدد نوع العملية الجراحية بناءً على مقدار العمر، ونوعية وشدة وموقع الكسر الحاصل في تراكيب المفصل المعقدة. وللنوع الأول من الكسور، قد يلجأ الطبيب إما إلى تثبيت أجزاء العظم مع بعضها البعض بمسمار برغي لولبي screw إن أمكن بذلك ضبط توازن التحام أجزاء العظم المكسورة. أو أنه يلجأ إلى استبدال رأس وعنق عظمة الفخذ بجزء معدني مطابق metal prosthesis ، كنوع من الإصلاح الجزئي للمفصل hemiarthroplasty. لكن طبيب العظام الجراح قد يضطر، حال تهتك المفصل وصعوبة إجراء الطرق المتقدمة في إصلاح كسره، إلى إجراء عملية استبدال كامل مفصل الورك Total hip replacement.

أما في معالجة النوع الثاني، فقد يكفي أن يتدخل الطبيب جراحياً لتثبيت الكسر بمسمار برغي لولبي، أو وفق ما تبدو له الحال من صور الأشعة.

وغالباً لا تستمر فترة البقاء في المستشفى أكثر من أسبوع، عند اللجوء إلى العلاج الجراحي للكسر. بخلاف ما لو كانت حالة المريض لا تسمح بمثل هذا الحل المثالي، كما تقدم.

طرق بسيطة للوقاية تحمي من تداعيات صحية عميقة

* ما تتحدث عنه المصادر الطبية من أنواع الحوادث التي قد ينجم عنها حصول كسر في مفصل الورك، ليست هي حوادث السيارات أو الورش في المصانع أو غيرها، بل إنها حوادث بسيطة وغاية في التفاهة بنظر أي إنسان، قد تُؤدي إلى اختلال توازن المرأة الكبيرة في السن أو الرجل المسن. وتشير الإحصاءات إلى أن تعثر المرأة أو الرجل بأشياء في منزله أو خارج منزله قد تُعرضه للسقوط وغيره، مما قد يضر بالورك.

والأساس في الوقاية من حوادث كسور مفصل الورك هو الاهتمام بتشخيص ومعالجة هشاشة العظم، والعمل على وقاية السيدات والرجال الكبار في السن من أي عامل يُؤدي إلى السقوط، ومحاولة حماية ما حول مفصل الورك ما أمكن بالألبسة المناسبة.

والوقاية من السقوط في المنزل أو خارجه تتطلب الاهتمام بالأمراض الأخرى المصاحبة، وإجراء كشف دوري للنظر، والتدقيق في تناول أي أدوية أو مهدئات، والمتابعة مع الطبيب للأدوية وتأثيراتها الجانبية. كما تتطلب الوقاية المنزلية، تهيئة بيئة منزلية تُسمى «بيئة مضادة للسقوط» بالمصطلح الطبي. وهي ما تشمل عناصرها الاهتمام بجفاف الأسطح التي يمشي عليها المرء، في الحمام وغيره، وترتيب قطع البساط والسجاد بطريقة لا يتعثر المرء بها. وإضاءة غرف المنزل بكمية كافية من الضوء ليلاً ونهاراً، وتسهيل الوصول إلى مفاتيح مصابيح الإنارة، كأن تكون في أول كل حجرة. وإزالة كافة توصيلات الأسلاك عن سطح الأرض، كالتي للهاتف أو التلفاز وغيرها. والحرص على تكرار ترتيب المنزل لمنع تراكم قطع الأثاث وغيرها في الحجرات والممرات، ووضع مقابض يستند إليها كبير السن في الممرات ودورات المياه. إضافة إلى عدم وضع الأشياء التي قد يحتاجها كبير السن في أماكن عالية. وكذلك العناية بتوفير أحذية جيدة، وغير ذلك مما يستطيع الأبناء أو البنات التفكير بتوفيره كي يمنعوا حوادث التعثر لدى أمهاتهم أو آبائهم أو غيرهم من كبار السن.