بين الخطأ والصواب

د. عبد الحفيظ خوجة *

TT

سرطان الثدي.. يصيب الرجال أيضاًِ!

* من الأخطاء الشائعة أن يعتقد الذكور أن سرطان الثدي والمبيض لا يصيب إلا النساء – وأن لا يدركوا أن جينات الأمراض يمكن ان تكون موروثة لهم من جانب الأب للأسرة.

نعم إن سرطان الثدي هو السرطان الرئيسي والاكثر شيوعا بين النساء، ومن المتوقع فى الولايات المتحدة أن تسجل اكثر من 178000 حالة جديدة بين الاميركيات، وأن تحدث بسببه اكثر من 40000 وفاة هذا العام. ولكن الرجل هو أيضا يصاب بالمرض، فنحو 2030 حالة تتوقع التقديرات أن تحدث هذا العام، اذ تستأثر بنحو1 في المئة من جميع حالات الاصابة بسرطان الثدي، ووفقا لجمعية السرطان الاميركية حوالي 450 من هذه الحالات عند الذكور ستكون قاتلة. ان الجينات من نوع «brca - 1 أو brca – 2» تزيد بشكل ملحوظ من خطر الاصابة بسرطان الثدي وهي الاكثر انتشارا بين العرق اليهودي الاوروبي الشرقي. وفي الرجال، تعمل على رفع خطر الاصابة بسرطان البروستاتا الى الضعفين، وخطر الاصابة بسرطان البنكرياس الى ثلاثة أضعاف، وسرطان الثدي الى سبع مرات على الارجح. بعد تشخيص سرطان الثدي في عدد من المرضى الذكور الذين لم يعرفوا أنهم كانوا معرضين للخطر، قامت د. ماري دالي من مركز فوكس تشاس للسرطان في فيلادلفيا. باجراء دراسة صغيرة، قدمتها يوم الجمعة الماضي 14 ديسمبر 2007 في مؤتمر عقد فى ولاية تكساس. وقالت انها الآن تحاول اقناع اكبر عدد من الاباء والابناء والاخوة للنساء اللائي لديهن جينات المرض أن يخضعوا للاختبار. وكجزء من دراسة اوسع نطاقا بشأن تصورات الخطورة الوراثية، قامت د. دالي بعمل مسح شمل 24 شخصا من اقارب النساء اللائي اجريت لهن اختبارات ايجابية لأحد هذه الجينات. وكان من النتائج أن خمسة فقط قد فهموا انهم هم ايضا قد يحملون جينات المرض. وعليه فقد حاولت د. دالي الوصول الى الرجال في هذه الاسر، وبخاصة الرجال الذين لديهم اطفال صغار، حتى لا يدركهم الموت قبل أن يجري لهم الاختبار، فهم وأبناؤهم وأحفادهم الذكور معرضون لخطر المرض، مثلهم في ذلك مثل النساء.

تلوث الهواء.. ومرضى الربو

* من الأخطاء الشائعة عدم الاهتمام بالظروف البيئية ومستوى تلوث الهواء بعادم السيارات خاصة عند وجود طفل مصاب بالربو! إن الاطفال المصابين بالربو الذين يتعرضون للهواء الملوث بعادم مركبات السير معرضون لازدياد لخطر الاصابة بمشاكل في التنفس وانخفاض حجم الرئة. نذكر هنا دراسة رائدة قام بها الدكتور فرناندو هولغوين، استاذ مساعد الجهاز التنفسي بكلية الطب في جامعة ايموري، استهدفت الأطفال في إحدى المدن الواقعة على الحدود المكسيكية، وهي نقطة العبور الى الولايات المتحدة، والتي غالبا ما تشهد ارتفاعا في مستوى تدفقات الحركة المرورية للسيارات، خاصة عند المعابر الحدودية، مصحوبة بانبعاثات عالية الكثافة من العادم.

وقد نشرت هذه الدراسة في العدد الثاني من ديسمبر في المجلة الاميركية للجهاز التنفسي وطب الرعاية الحرجة American Journal of Respiratory and Critical Care Medicine.

فحص هولغوين وزملاؤه 200 طفل من المصابين بالربو وغير المصابين الذين تتراوح اعمارهم بين 6 الى 12 عاما، الذين كانوا يعيشون في مدينة على الحدود. وعلى مدى سنة كاملة، قام الباحثون بقياس كثافة حركة المرور المتصلة بالملوثات بالقرب من بيوت الاطفال ومدارسهم. وفي مدة اربعة اشهر، قاموا بتقييم وظائف الرئة لكل طفل وتسجيل أي اعراض في الجهاز التنفسي. وجد الباحثون ان الاطفال الذين يعانون من الربو فقط قد تأثروا من المعيشة في منازل واقعة في مناطق حركة المرور الكثيفة. وكان هؤلاء الاطفال لديهم مستويات أعلى من الزفير، فضلا عن حدوث انخفاض في كل من حجم الرئتين وجريان الهواء. وخلص الباحثون الى أن العيش على مسافة 50 مترا من الطريق ذي الكثافة في الحركة المرورية يؤدي الى زيادة خطر الأعراض في الجهاز التنفسي عند الطفل المصاب بالربو أكثر بـ 50 في المئة عن الطفل السليم. كما تأكد لهم ان السكن على مقربة من حركة مرور السيارات وما ينبعث منها من ملوثات ذات صلة، سواء في البيت أو في المدرسة، يمكن ان يؤدي الى آثار مزمنة في صحة الجهاز التنفسي للاطفال المصابين بالربو. وهذا مما يؤكد على ضرورة مراعاة سكن هؤلاء الأطفال بعيدا عن مصادر التلوث.

الفلوريد.. صحة الأسنان لكل الأعمار

* من الأخطاء الشائعة أن يعتقد الكثيرون أن فوائد عنصر الفلوريد تقتصر على الأطفال فقط وأنه ليس لهذا العنصر دور مع الكبار خاصة المسنين منهم. لقد عرفت فوائد الفلوريد منذ أكثر من 60 عاماً وقد اشتمل العدد رقم (3) من المجلد الثالث لمجلة التغذية Nutrition Bulletinعلى فوائد الفلوريد وسلامة عملية الفلورة fluoridation. وللفلوريد وظائف حيوية عديدة مهمة لصحة الإنسان حيث يدخل في تركيب الاسنان والعظام، ويثبط نشاط البكتيريا المنتجة للاحماض (التي تسبب تسوس ونخر الأسنان)، ويعمل على ترسيب الفوسفات والكالسيوم. أما عن كبار السن، فهم أيضا يستفيدون من الفلوريد في حماية أسنانهم من التسوس أو خفض معدلات حدوثه. وقد كشفت دراسة نشرت اخيرا في مجلة الصحة العامة للأسنان Journal of Public Health Dentistry عن النتائج التي توصل إليها الباحثون من أن الفلوريد المضاف إلى مياه الشرب يمكن أن يقي كبار السن من الأميركيين من تسوس الأسنان ويقلل من نسبة الاصابة. وعندما فحص الباحثون الفئات العمرية للمشاركين في تلك الدراسة تبين لهم أن الأطفال استفادوا منها ولكن الكبار في سن 58 عاما فما فوق استفادوا بدرجة أكبر.

إن مركز مكافحة ومنع الأمراض في الولايات المتحدة يوصي باستعمال الفلوريد باعتباره واحدا من أعظم الإنجازات البشرية الصحية في القرن العشرين الماضي. وكافة الدراسات العلمية حول تأثيراته أجمعت على الحقيقة العلمية عن الفلوريد من أنه يقي من الاصابة بتسويس أسنان الأطفال بنسبة تتراوح ما بين 15 إلى 40%، الأمر الذي لا يُوفره أي أمر آخر سوى الحرص على تنظيف الأسنان. وللحصول على هذه النتيجة الباهرة تتم إضافة الفلوريد إلى مياه الشرب والى معاجين الأسنان ومحاليل غسول الفم، كما أن أطباء الأسنان يستخدمونه في عياداتهم مع الأطفال، إضافة إلى أنه يتوفر في كثير من المشروبات الطبيعية كالشاي أو العصائر المعلبة المعززة بالفلوريد، والأطعمة كالمنتجات البحرية وغيرها.

لقد ركزت الكثير من الأبحاث السابقة على دراسة تأثير مياه الشرب المزودة بالفلوريد على الأطفال، ويتعين الآن الانتباه بشكل أكبر الى فوائد الفلوريد الممكنة لكبار السن.

إن إضافة الفلوريد لمياه الشرب، وفقاً للرابطة الأميركية لطب الأسنان، أمر في غاية الأهمية، ووفقاً لهذه الدراسة الأخيرة أصبح ضرورياً لكل الناس من كافة الأعمار، بشرط ألا يتعدى الكمية المناسبة لتحقيق هذه الغاية والتي تختلف باختلاف المناطق ومصادر مياه الشرب، علما بأن الحد الأعلى هو 4 مليغرامات من الفلوريد لكل لتر من الماء.

* استشاري في طب المجتمع مدير مركز المساعدية التخصصي ـ مستشفى الملك فهد بجدة [email protected]