بين الخطأ والصواب

د. عبد الحفيظ خوجة *

TT

قصر القامة وهورمون النمو

* من الأخطاء الشائعة لدى الكثيرين، خاصة مع انتشار الثقافة الصحية بين أفراد المجتمع واطلاعهم على المستجدات في طرق العلاج، ومنها قصر القامة، أن يتوجه الآباء إلى الأطباء طالبين، باصرار، اعطاء أبنائهم هورمون النمو بهدف زيادة الطول.

من الواضح أن هناك سوء فهم لدى العامة من الناس، بأن هورمونِ النمو دواء حاسم يُصلح أية مشكلة في الطول، بينما تؤكد الحقائق العلمية أن هورمونِ النمو لَرُبَّما لهُ تأثيراتُ محدودةُ جداً في حالاتِ القامة القصيرةِ متى ما كانت مستويات الهورمونِ في الحدود الطبيعية.

لقصر القامة أسباب عديدة، منها الوراثة، نقص هورموناتِ الغدة الدرقّيةِ، وقد يكون سبب قصر القامة مجهولا وهو ما يُطلق عليه علميا Idiopathic. والأطفال في مثل هذه الأسبابِ لا يستفيدُون عادة من تزويدهم بهورمونِ النمو كعلاج، إلا النوع مجهول السبب فبَعْض الأطفالِ قَدْ يستفيدون منه قليلا.

إن العلاج بهذا الهورمون ليس أمرا بسيطا ويُعطى عادة، في الحالات المثالية، بين الأعمارِ 5 و10 سنوات، وقَدْ يستمر العلاج بضع سَنَوات، ويكون على شكل حقن تعطى من ست الى سبع حقن في الأسبوع، ويكون تحت متابعة واشراف طبي دقيق، حيث يتم ايقاف العلاج في حالة عدم وجود زيادة ملحوظة في معدل النمو بعد عِدّة أشهر.

وطبقاً لتعليماتِ ادارة الغذاء والدواء الأميركية FDA لعام 2003، فإن الأطفال من ذوي القامة القصيرة مجهولة السبب، يَتأهّلُون لأخذ هورمون النمو، إذا كان ارتفاعهم تحت الحد الأدنى الطبيعي، وكان الطول المتوقع لهم عند البلوغ، حسب تحديد الطبيب المختص، تحت المدى الطبيعيِ.

البروفيسور كينيث كوبلاند أستاذ اضطرابات الغدد الصماء عند الأطفال في جامعةِ أوكلاهوما ورئيس جمعِية «لوسن ويلكنز للغدد الصماء عند الأطفال»، يشير الى أن هناك عددا من الأخطار التي نخشى منها في هذا النوع من العلاج، مثل:

التأثير السرطاني: حتى وإن كان خطره بسيطا فهو أمر مقْلق، وهناك الكثير مِنْ الدراسات التي تبحث في مدى تأثير هورمون النمو على اللوكيميا والأنواعِ الأخرى مِنْ الأورامِ. تأثيرات أخرى على مفاصلِ الورك في الأطفالِ البدينين.

مرض السكّري: في حالاتِ نادرةِ جداً.

الشعور بصداع حادّ: مؤقت ولا يعتبر خطيرا.

ولهذا فمن غير المقبول من الآباء تدخلهم وتأثيرهم في بعض الأطباء للبدء في العلاج بهورمون النمو، فلو كان أمامنا طفل قصير جداً وارتفاعه المُتَوَقّع سيّئ جدا، فقبل بدء العلاج يجب أَنْ نوازنَ الأخطار، مقابل المنافعِ. لكن إذا كان هذا الطفل سيصل الى الحد الأدنى من الارتفاع الطبيعيِ للبالغِ، من دون معالجةِ، فمن الأفضل عدم تعريضه لأيّ خطر وإن كان ضئيلا.

إن هؤلاء الأبناء الذين يعانون من قصر القامة يَجِب أَنْ يَتم عرضهم أولاً على طبيبِ أطفال متخصص في الغدد الصماء، ليقوم بتقييم الحالة من جميع الاحتمالات.

أكل أكثر ووزن أقل

* من الأخطاء الشائعة أن يقبل الواحد منا على تناول أصناف الطعام من دون مراعاة كثافة الطاقة التي يحملها كل صنف منها، وتكون النتيجة الحتمية ما نراه على أرض الواقع من زيادة الأوزان وبروز الكروش وما يتبعها من مضاعفات السمنة الخطيرة.

لا شك أن الكل يود أَنْ يَأْكلَ أكثر ويزِن أقل. هذا ممكن إذا فكّر الشخص في «الكثافةً» عند اختيار الأطعمةَ وبحث عن قوائمِ الأطعمةِ ذات الطاقةِ منخفضةِ الكثافةِ.

وبلغة التغذيةِ، فإن الأطعمة المنخفضة في «كثافة الطاقةِ» تمتلك الكثير مِنْ الماءِ والأليافِ والقليل من السُعرات الحراريةَ التي تسبب السمنة.

وطبقاً لدراسة حديثة، فإن قطعة واحدة من فطيرةِ التفاح، على سبيل المثال، تمنح الجسم حوالي 400 سُعرة حراريةَ؛ ويمكن الحصول على نفس هذه السُعرات الحراريةِ، بأكل خمس تفاحاتِ صحّيِة، ويبدأ الاحساس بالشبع بعد التفاحة الثانية أو الثالثة، مع عدم تأثر الوزن.

وأيضا يمكن للشخص أن يَأْكل أطعمةَ عالية الكثافة في كُلّ شيء ما عدا الدهنِ والسُعرات الحراريةِ مثل البطيخ، الكمثرى، الخيار، القرنبيط، والتوت، فهي لا تُساعدُ على النحافة فقط، بل تتميز بنوعيةَ قيمتها الغذائيةَ العالية أيضاً.

وعندما قَارنَ الباحثون، في الدراسة، أشخاصا على حميات غذائية مختلفة: منخفضة، متوسطة، عاليةِ الكثافةِ في الطاقةِ، وجدوا أن الذين فضّلوا أطعمة منخفضة في مستوى كثافةِ الطاقةِ تخلصوا في المتَوسّط من حوالي 250 سُعرة حراريةَ في اليوم (النِساء)، وحوالي 425 سُعرة حرارية (الرجال) مقَارنَة بالمجموعاتِ الأخرى. ورغم ذلك لَمْ تتأثر النوعية الغذائية لوجباتِ طعامهم.

في الحقيقة، كَانَ عِنْدَهُمْ كميات أعلى مِنْ الفيتاميناتِ: ألف، سي، بي- 6، حامض الفوليك، الحديد، الكالسيوم، والبوتاسيوم.

بمعنى آخر، فإن أكل مستوى منخفض على مِقياسِ كثافة الطاقة لَيسَ فقط جيدا لخصرِ مثالي، بل هو جيدُ للصحة العامة؛ فالأليافُ الإضافية والعناصر الغذائيةُ الأساسية تُكافحُ الأمراض.

* استشاري في طب المجتمع - مدير مركز المساعدية التخصصي ـ مستشفى الملك فهد بجدة [email protected]