مادة «سوربيتول» في العلك الخالي من السكر سبب للإسهال

دراسة حديثة تحذر من الإفراط في تناوله

(كي آر تي)
TT

حينما يهتم الطبيب بشكوى مريضه، لا بد أن يجد تعليلاً لما يُؤذيه، ومن ثم وسيلة لمعالجة الشكوى تلك. هذه هي الرسالة التي تُستخلص من التقرير الذي أصدره الأطباء الألمان ضمن عدد 12 يناير الحالي من المجلة الطبية البريطانية حول العلاقة ما بين استهلاك أنواع العلك الخالية من السكر sugar-free gum وبين نقص الوزن والإصابة بالإسهال. ذلك أن الأطباء من برلين لاحظوا أن الإفراط في تناول أنواع العلك المُحلاة بمادة سوربيتول sorbitol تسبب في حالات شديدة من نقص الوزن نتيجة للإسهال، لدى شابة ورجل بالغ.

وتُستخدم عادة مادة سوربيتول، في أنواع العلك الخالية من السكر، كإضافة تُعطي طعماً حلواً بدلاً من إضافة أحد أنواع السكر العادي إليها. ويلجأ الأشخاص الذين يُحاولون اتباع وسائل لإنقاص الوزن، إلى تقليل كمية الطاقة في غذائهم اليومي. واحدى وسائل تقليل كميات عالية من الطاقة الغذائية هي استبدال تناول المُحليات الصناعية بتناول السكر العادي. ومعلوم أن كمية الطاقة في مواد المُحليات الصناعية أقل بكثير مما هي في المواد السكرية والنشوية. ولذا ينتشر بينهم تناول أنواع من العلك الخالي من السكر، أو تناول غيرها من المأكولات أو المشروبات المُحلاة والخالية من السكر، أو ما يُسمى بالـ«دايت».

* البحث عن السبب وكانت شابة تبلغ إحدى وعشرين عاماً، قد راجعت الأطباء للشكوى من الإسهال الذي تسبب بفقدها حوالي 24 رطلاً (الرطل نحو 453 غراما) من وزنها. كما راجع رجل يبلغ السادسة والأربعين من العمر نفس الأطباء الألمان لفقده حوالي 46 رطلاً من وزنه بسبب الإسهال. وظلت شكواهما غامضة السبب لدى الأطباء إلى أن سألوهما عن عادتهما في مضغ العلك والأنواع التي يستخدمانها لذلك.

ووجد الأطباء أن كليهما يستهلك الكثير من مادة سوربيتول الحلوة الطعم، وبشكل رئيسي في أنواع العلك التي يتناولانها. وتبين تحديداً أنهما كانا يستهلكان ما بين 15 إلى 20 من ألواح العلك المحتوية على مادة سوربيتول، أي ما يُعادل تناول حوالي 20 غراما من تلك المادة المحلاة. كما أن الرجل كان يستهلك تلك المادة المُحلاة في أنواع أخرى من الحلويات، غير العلك، بما يُقارب استهلاك حوالي 200 غرام منها يومياً.

وشكا كلاهما من تكرار التردد إلى دورة المياه، لأكثر من 10 مرات يومياً. كما أنه أُُجريت لكليهما فحوصات وتحاليل طبية متعمقة لمعرفة سبب الإسهال ونقص الوزن. إلا أن الأمر لم يتبين، حتى تم سؤالهما عن نوع العلك الذي يستخدمانه.

وقال البروفسور هيربيرت لوتشس Herbert Lochs ، كاتب التقرير المنشور وطبيب الباطنية بجامعة هيمبولدت Humboldt University في برلين، إن معرفة حقيقة عادة الإفراط في مضغ نوعية العلك تلك كانت الحل لذلك الغموض في سبب شكواهما، إذْ من المعلوم أن الإكثار من تناول مادة سوربيتول مرتبط بخطورة الإصابة بالإسهال.

وأضاف إن ثمة عدة تقارير لحالات من المرضى قد تم نشرها في السابق، لتأثير مادة سوربيتول في التسبب بالإسهال، يعود بعضها إلى مرحلة الثمانينات الماضية. وفي تلك التقارير لم يكن لدى أولئك المُصابين بالإسهال، أي ضعف في قدرات الأمعاء على امتصاص المواد الغذائية Malabsorbtion أو حالات سوء التغذية Malnutrition. ومعلوم أن كلتا الحالتين قد تنجم عن، أو تؤدي إلى، حصول حالات الإسهال.

وانحلت العقدة، إذْ ما أن توقفت تلك الشابة عن تناول نوعية العلك تلك، زالت عنها أعراض الإسهال، وأمست لا تحتاج للذهاب إلى دورة المياه إلا مرة واحدة في اليوم، وأمكن بالتالي السماح لها بمغادرة المستشفى. وبعد عام، لاحظ الأطباء في متابعتهم لحالتها أن وزنها زاد بمقدار 15 رطلا.

ونفس الشيء تقريباً حصل مع الرجل بعد توقفه عن تناول العلك المحتوي على مادة سوربيتول، حيث أصبح لا يحتاج إلى الذهاب إلى دورة المياه إلا مرة في اليوم، وبعد ستة أشهر زاد وزنه حوالي 11 رطلا.

وحول ما هي الكمية الآمنة التي يمكن تناولها يومياً من مادة سوربيتول، قال البروفيسور لوتشس إن من الصعب الإجابة، بدقة. وكنا كباحثين قد فكرنا أن نُجري تجارب على أشخاص أصحاء لمعرفة الكمية التي لا تتسبب في مشاكل، إلا أننا لم نفعل ذلك بعد.

ومما هو معروف أن إدارة الغذاء والدواء الأميركية تقول إن خطر الإصابة بالإسهال مرتبط بتناول كمية تتجاوز 50 غراما من مادة سوربيتول في اليوم.

* سوربيتول وحلاوة الطعم ومادة سوربيتول هي أحد أنواع السكريات الكحولية المنتجة من سكر الغلوكوز العادي التي تتحلل في الجسم ببطء. وتتم إضافتها إلى بعض أنواع شراب الكحة Cough Syrups الخالية من السكر. كما أنها تُستخدم كمادة مُحلية، بديلة للسكر، تُضاف إلى أصناف المنتجات الغذائية الخالية من السكر، مثل العلك أو الحلويات أو الأطعمة أو الآيسكريم (البوظة) أو المشروبات الغازية وغير الغازية أو غيرهما.

وتجدر ملاحظة أن هذا النوع من المُحليات الصناعية يحتوي على كمية من الطاقة، إذْ إن الغرام الواحد منها يُعطي حوالي 2.6 كالوري (سعرة حرارية) ، هذا بالمقارنة مع الغرام الواحد من السكر العادي أو النشويات الذي يُعطي الجسم طاقة تُقدر بـ 4.2 كالوري.

وثمة استخدامات أخرى لمادة سوربيتول، في مستحضرات التجميل والصناعات الغذائية وبعض أنواع الأدوية.

ان عمل مادة سوربيتول على حث حصول عملية الإسهال، ليس نابعاً من قدرة هذه المادة على إثارة النشاط في حركة الأمعاء، بل في تسببها في زيادة كميات الماء في الأمعاء الغليظة، ما يُؤدي إلى تسهيل إخراج الفضلات من الأمعاء. أي أنها مُصنفة كمادة ملينة غير منشطة لحركة الأمعاء Non-Stimulant Laxative. ولذا تُستخدم إما كشراب يُؤخذ عن طريق الفم أو كتحميلة شرجية Suppository.

والإشكالية هي في تناول كميات عالية من مادة سوربيتول، لأن ذلك يتسبب في حصول ألم بالبطن وغازات وإسهال، بدرجات متفاوتة. كما أن تناولها قد يُثير نوبات القولون العصبي لدى منْ هم مُصابون به.

وثمة إشكالية صحية أخرى، حينما تُنتج خلايا الجسم مادة سوربيتول نتيجة ارتفاع نسبة سكر الدم لدى مرضى السكري. ذلك أن ظهور هذه المادة في خلايا العين أو الخلايا العصبية إحدى آليات ظهور أمراض شبكية العين Retinopathy لدى مرضى السكري، وكذلك حصول تضرر الأعصاب Neuropathy لديهم.