الورم الغضروفي السرطاني الخبيث في الفك

الأكثر شراسة وعنفا والأندر حدوثا

TT

يصاب الفكّان من وجه الانسان بحالات مرضية مختلفة منها التشوهات الخلقية ومنها الحالات المكتسبة وأشدها وأخطرها الأورام الخبيثة.

تحدث الى «الشرق الأوسط» الدكتور عواض البشري استشاري جراحة الوجه والفكين بمستشفى النور التخصصي بمكة المكرمة، مشيرا الى أن الأورام الغضروفية السرطانية الخبيثة هي الأكثر شراسة وعنفا من بين الأورام التي تصيب الفكين وتصل نسبة الاصابة بها 1-2% من الأورام السرطانية في منطقة الرأس والعنق، وغالبا ما يصيب هذا النوع من الأورام المرضى في عمر 30 - 35 سنة، ولا يوجد فرق بين الرجال والنساء في نسبة الاصابة. كما ان الورم الغضروفي السرطاني الخبيث يصيب عادة الفكين بشكل متساو تقريبا.

ومن المعروف أن هذا الورم غير حساس للأشعة وتكون استجابته للعلاج الكيميائي أيضاً محدودة، وبالتالي فإن أفضل علاج له هو الاستئصال الجراحي الكامل مع استئصال حدود آمنة. ومن خصائص الورم أنه لا يميل للانتقال لأماكن أخرى في الجسم. ولكن خطورته تكمن في احتمالات الانتكاس.

* حالة طبية

* كمثال على هذا المرض الشرس، استقبلت عيادة جراحة الوجه والفكين سيدة في بداية العقد الثالث من العمر، أحست في البداية بتورم بسيط داخل الفم في الناحية اليمنى من الفك العلوي وتم تشخيص التورم على أنه كيس ناتج عن الأسنان وتم استئصاله وأخذت عينة أظهرت نتيجتها أنسجة ملتهبة. ظهر الورم من جديد في نفس المكان، بعد ستة أشهر، استؤصل واظهرت العينة أنه أنسجة ملتهبة مرة أخرى. وبعد عدة شهور حصل تورم جديد بحجم أكبر في نفس المكان، استؤصل وأظهرت عينته احتمال وجود ورم سرطاني.

بعد سنة ونصف السنة، حصل تورم جديد في المنطقة ذاتها، شخّص على أنه ورم سرطاني غضروفي خبيث ويحتاج الى العلاج الكيميائي لصعوبة العملية الجراحية.

بعد ذلك راجعت المريضة أطباء من مختلف الدول، وأشاروا عليها بالعلاج الإشعاعي نظرا لخروج الورم عن السيطرة الجراحية وخضعت المريضة للعلاج الإشعاعي 24 جلسة على مدى 15 شهرا.

* التدخل الجراحي

* أوضح الدكتور البشري للمريضة أن التدخل الجراحي لاستئصال مثل هذا الورم السرطاني الغضروفي الخبيث، خاصة إذا كانت الاصابة في الفك العلوي من الرأس ليس بالأمر السهل، خاصة عندما يكون حجم الورم كبيرا، وغالبا ما تواجه الجراح صعوبات وعقبات في هذه الحالة، يعود سببها الى عوامل كثيرة من أهمها: احتمال وصول الورم للدماغ، احتمال كبير في وجود تآكل في عظم الفك (وقد يكون كاملا)، احتمال تآكل عظم الوجنة من طرف الوجه المصاب بالورم وكذلك الأنف، واحتمال وجود إزاحة للعين خارج الحجاج من الطرف المصاب. وكذلك من المحتمل أن يكون الورم قد امتد إلى الجيوب الأنفية وجيوب الجبهة. ولكن لكي يصل الورم الى هذه المرحلة المتقدمة يحتاج الى عدة سنوات، لذا فالتشخيص المبكر لهذه الأمراض هو من أكبر عوامل النجاح الجراحي.

وهناك صعوبات أخرى قد تواجه الفريق الطبي مثل صعوبة التخدير وصعوبة التنفس بعد العملية.

بدأ التخطيط للعمل الجراحي باستكمال جميع الفحوصات المخبرية والشعاعية اللازمة، كالأشعة المقطعية والمغناطيسية حتى يتم تحديد امتداد الورم، ثم تم استشارة التخصصات ذات العلاقة في هذه الحالة كجراحة المخ والأعصاب، وكذلك جراحة الأنف والأذن، كما يجب تأمين كمية كافية من الدم، وقد يضطر الجراح في هذه الحالة لعمل شق حنجري للحفاظ على التنفس بعد العمل الجراحي.

وبما أن الوجه هو مركز الجمال في الإنسان، لذا فإن الشق الجراحي يجب أن يكون تجميلياً، خاصة إذا كان الورم كبيراً وأدى الى تآكل عظام الوجه.

ثم يتم الاستئصال الجراحي الكامل للورم مع أخذ حدود آمنة، نظرا لتصلب الورم فقد يتم تقسيمه إلى أجزاء بواسطة المطرقة والأزميل ومن ثم إزالة الورم كاملا، وبعد ذلك يتم تعويض الجزء المفقود من هيكل الوجه مؤقتا بواسطة جبيرة بلاستيكية وصفائح معدنية رقيقة، حيث يتم التعويض النهائي بعد التأكد من عدم رجوع الورم ويكون تعويض الأنسجة وعظام الوجه المفقودة بعظام وأنسجة من الحوض أو الساق ويتم توصيل الأوردة والشرايين المغذية لها مجهريا. وهذا النوع من الأورام يعتبر نادرا وقليل الاصابة للفكين.