بين الخطأ والصواب

TT

* دواء.. من دون متابعة الطبيب > من الأخطاء الشائعة التي انتشرت في السنوات الأخيرة، مع تطور الأمراض وتوفر أجيال دوائية جديدة طويلة المفعول وإمكانية اقتنائها وحفظها في الصيدلية المنزلية، أن البعض يظل يستعمل هذه الأدوية من دون متابعة منتظمة من قبل الطبيب المعالج إما لأنه اتقن استعمالها كما يعتقد أو لطول مواعيد المتابعة مع الطبيب.

وخلال الفترات ما بين مواعيد المتابعة يتعرض بعض المرضى لمضاعفات هذه الأدوية وتكون على درجات مختلفة قد تصل في بعض نوعيات من الأدوية الى توليد فكرة الانتحار أو حتى تنفيذها.

لقد أوضحت هيئة الغذاء والدواء الأميركية FDA في أحد تقاريرها ان الناس الذين يتناولون أدوية مضادة للتشنجات AntiConvulsant قد يكونون في خطر اكبر من سواهم بالنسبة للانتحار الفعلي او الافكار الانتحارية. فقد وجد أن هذه الادوية تؤثر في اعداد كبيرة من الناس الذين هم عادة بعيدون عن فكرة الانتحار، خاصة أن هذه الأدوية تستخدم على نطاق واسع في علاج مرض الصرع واضطرابات الالم وحالات اخرى بالاضافة الى استخدامها في الاضطراب الثنائي القطب. وقد اعتمدت هيئة الغذاء والدواء الأميركية في استنتاجاتها تلك على نتائج دراسات بحثية قامت بها على 11 نوعا من مضادات الصرع والتشنجات، وشملت ما يقرب من 28000 شخص في مختلف مجموعات الادوية وحوالي 16000 شخص تناولوا دواء وهميا غير فعال Placebos.

لقد وجد أن الافكار الانتحارية قد سجلت بواسطة 0.43 في المئة من مجموعة المرضى الذين تناولوا الادوية (حوالي 120) وبواسطة 0.22 في المئة من الناس الذين تناولوا أدوية وهمية Placebo (حوالي 35)، ورغم ان هذه المعدلات تعتبر منخفضة، إلا أن الخطورة لدى الذين يتناولون أحد أدوية التشنجات أو الصرع كانت ضعف الذين لا يتناولونها. كما وجد أن اربعة اشخاص في مجموعة التداوي انتحروا بالفعل، في حين أن أياً من الذين تناولوا الأدوية الوهمية لم يصدر عنهم أي تقرير. وعليه فقد أوصت هيئة الغذاء والدواء بالتأكيد على ضرورة أن يلم كافة الأطباء بأحدث المعلومات عن الأدوية التي يصفونها لمرضاهم، ومن ثم عليهم القيام بشرح المضاعفات المحتملة للمرضى وأسرهم، ويمكنهم تقديم النصح نحو تجنب ما قد يتعرض له البعض من خطر الأفكار الانتحارية.

وأكدت الهيئة على المرضى الذين يتناولون أياً من الادوية المذكورة، ألا يكفوا عن أخذ تلك الأدوية طالما أنها وصفت لهم من قبل الأطباء، ولكن عليهم المتابعة مع الطبيب. وتؤكد هيئة الأدوية أنها لم توصِ بعدم استخدام هذه الأدوية بل تطلب أن يتم أخذها بطريقة سليمة وصحيحة مع المتابعة المنتظمة.

* هل أجهزة الموسيقى الشخصية آمنة؟

* لقد أصبح أمرا شائعا أن ترى ابنك حاملا معه جهاز موسيقى من أي نوع كان، مثله في ذلك مثل جميع أطفال وشباب العالم، وقد تسأله سؤالا ولا يرد عليك لأنه لا يسمعك فصوت الجهاز مرتفع. وقد تلاحظ عند حديثك معه أنه يرفع صوته ويفضل الأصوات العالية.

تصنف الأكاديميةَ الأميركيةَ لعِلْمِ السمع جميع أجهزة الموسيقى الشخصية ضمن مصادر الضوضاء التي تتسبب في اصابة مسيئي استخدامها بضعف السمع ثم فقدانه، وتحث الآباء على ضرورة توعية أبنائهم بأضرار رفع صوت أجهزة الموسيقى الشخصية على قوة السمع، خاصة على المدى البعيد، والوقاية من احتمال فقدان السمع ببساطة بتَخفيض صوت تلك الأجهزة أثناء استعمالها.

إن ظاهرة ارتفاع صوت الطفل أثناء الكلام تعكس احتمال وجود مشكلة ما في سمعه، ويزداد هذا الاحتمال مع تعوده رفع صوت جهاز الموسيقى عاليا، وليس بمستبعد أن يكون قد اكتسب الآن نوعا من ضعف السمع سَوف يعجّلُ بحدوث فقدان السمع المرتبط عادة بالشَيْخُوخَة عندما يصبح هؤلاء الأطفالِ في الستينات والسبعينات من العمر. ويعتبر ضعف السمع المشكلة الصحية الثالثة الأكثر شيوعاً في الولايات المتّحدةِ ويؤثرُ في أكثر مِنْ 31 مليون أميركي. وتشير الاحصاءات إلى أن هناك واحدا من كل ثمانية أطفال في المجتمع الأميركي وبمجموع يصل الى حوالي 5 ملايين طفل أميركي عِنْدَهُمْ ضعف في السمع بسبب الضوضاء.

إنها مشكلة قابلة للوقاية بل والمنع كليَّاً، والحل بسيط للغاية وذلك بتَخفيض صوت الأجهزة الشخصية، وتفادي المناطقَ المشهورة بالضوضاءِ المفرطةِ، أَو باستعمال سدادةَ أذن، وهذه أمور يجهلها الأطفال ونادراً ما يَشكون من أعراضِ ضعف السمع، وعليه يكون التَشخيص المبكر صعبا. كما يجب أن يقوم الأطفال بزيارات منتظمة لاختصاصي السمعيات ويخضعوا لجلسةِ تقييم السمع وأن يتم عمل اختبار للسمع بانتظام من قبل متخصصين في السمعيات، وهؤلاء بدورهم يتعرفون على الأعراض التي قَدْ تَتضمّنُ صوتا مشوّشا أَو مكتومَا: صعوبة فهم المتحدث، دقّ أو رنين في الآذانِ، مما يشير الى أن الضرر قد أصبح وشيكا.

إن السمع حاسة مهمة وحرجة بالنسبة لسلامة الأطفال ولتطويرِ النطق، والسمع، وتَعَلم المهارات الاجتماعية لديهم.

* الألم المزمن وضرره على الدماغ

* من الاخطاء الشائعة أن يعتقد البعض أن المعاناة من ألم مزمن هي حالة لا علاج لها ويتوجب على المريض أن يتحمل هذا الألم طوال حياته. وهذا بالطبع مفهوم خاطئ، فللألم المزمن مضاعفات على الدماغ، وتتوفر حاليا مستحضرات طبية يطلق عليها مخففات الألم.

لقد ثبت من الدراسات والأبحاث الطبية أن الألم المزمن يمكن ان يعطل وظيفة الدماغ ويتسبب في حدوث مشاكل صحية مثل اضطراب النوم، والاكتئاب، والقلق وصعوبة اتخاذ القرارات البسيطة.

من تلك الدراسات، دراسة قام بها باحثون من كلية الطب في جامعة نورث ويست في شيكاغو Northwestern University"s Feinberg School of Medicine in Chicago استعملوا فيها أشعة الرنين المغناطيسي MRI الوظيفية لعمل مسح لنشاط الدماغ عند الناس الذين يعانون من آلام مزمنة في منطقة أسفل الظهر أثناء تتبعهم شريطا متحركا على شاشة الحاسوب، وكذلك قاموا بنفس الشيء مع مجموعة التحكم أي الذين لا يشكون من أي ألم.

بالنسبة للذين لا يعانون من الألم، أشارت نتائج الدراسة إلى أن مناطق الدماغ كانت في حالة توازن، وعندما تنشط إحدى المناطق، فإن المناطق الاخرى تهدأ. وبالنسبة للذين يعانون من الم مزمن، فإن المنطقة الامامية من لحاء المخ والمرتبطة بالعاطفة تظل في حالة نشاط عال تنكشف فيها الخلايا العصبية وتغير اتصالاتها مع بعضها بعضا، واستمرارها على هذا الحال يمكن ان يتسبب فى ضرر دائم للخلايا العصبية. ومن المعروف لدى العلماء والباحثين أن النشاط المفرط للخلايا العصبية اكثر من اللازم يؤدي الى تغيير اتصالاتها مع الخلايا العصبية الاخرى او أنها تموت، والسبب أنها لا تستطيع تحمل النشاط العالي لفترة طويلة.

هذا الاختلال الوظيفي المستمر في توازن الدماغ يمكن ان يغير إلى الابد الاشارات العصبية مسببا الأذى للدماغ. وهذه التغييرات قد تجعل من اتخاذ القرار أو من النهوض في الصباح بمزاج جيد أمرا صعبا. ويمكن لذلك الألم أن يؤدي الى الاكتئاب والى مشاكل أخرى، لأنه يؤثر في توازن الدماغ ككل.

هذه الدراسة نشرت في عدد فبراير 2008 من مجلة «علم الاعصاب»، وأوصت نتائجها بضرورة تطوير اساليب للتقييم والحؤول دون تعطيل وظائف الدماغ الناجم عن الألم المزمن.