أسباب وراثية وبيئية وراء سرطان الثدي

اذا وجد التشوه الجيني في الآباء فإن احتمال إصابة الأبناء يبلغ 50 %

TT

س: كلتا عمتي توفيت بسبب سرطان الثدي، قبل سنوات طويلة، الاولى قبل وصولها سن اليأس من المحيض، والثانية بعده مباشرة. لدي الآن بنت عمرها 18 سنة، وبما أني والدها، فاني اعتقد انه يتوجب علي مفاتحتها بهذا الأمر. ولكن، هل اوجهها لكي تجري فحصا على جينات سرطان الثدي؟

ج: سرطان الثدي ينجم عن مجموعة من العوامل البيئية والجينية المتعددة. وما زلنا لا نعرف اكثر التغيرات، او التحويرات، الجينية المسببة له.

ومع ذلك فان بمقدورنا اجراء فحص لنوعين منها. وهذان التحوران اللذان يعرفان بالرمز BRCA- وهو رمز مختصر من الحروف الاولى من عبارة «سرطان الثدي» بالانجليزية - يتم توارثهما بشكل يسمى autosomal dominant pattern (وهو المصطلح الذي يعني ان الجين المتحور المتوارث يمكنه ان يسبب المرض حتى ولو انتقل من احد الوالدين فقط).

تشوه جيني وهذا يعني انه اذا حدث وان توارث الرجال او النساء هذا التشوه الجيني، فان هناك فرصة بنسبة 50 في المائة لنقل التشوه نحو ابنائهم وبناتهم. ولا يظهر سرطان الثدي لدى كل شخص حامل للتشوه BRCA-1، إلا أن خطر الاصابة به يكون اكبر من خطر اصابة عموم الناس. اما التشوه الجيني BRCA-2 فانه يزيد ايضا من خطر حدوث سرطان المبيض. سرطان الثدي نادر الحدوث لدى الرجال. ولكن، ان وجد التشوه الجيني لدى رجل فانه، كما هو الحال مع المرأة، سوف ينقله بالوراثة الى نصف اولاده من الذكور والإناث.

لقد توفيت كلتا عمتيك بالمرض وهما في عمر غير متقدم. هل جربت ان تبحث عن سجلاتهما الطبية؟ وهنا، فان انتفاء وجود تشوهات BRCA لا يلغي عدم وجود جميع العوامل الجينية الموروثة، فلربما توجد تشوهات جينية لم يكتشفها العلم بعد، تسبب اخطارا إضافية. الا انه وكما يبدو مما كتبت، فلا توجد سوى حالتين في عائلتك. وان لم تكن هناك حالات اخرى ذات صلة مثل سرطان البنكرياس او المبيض، فان من المحتمل ان لا توجد تشوهات جينية في عائلتك - ولا يوجد خطر متزايد من سرطان الثدي.

مخاطر وراثية وان كانت إحدى عمتيك تحمل جين BRCA المتحور، فان والدك كانت لديه فرصة لأن يحمل وبنسبة 50 في المائة، نفس التشوه الجيني هذا، بعد ان ورثه عن أبيه، مثلما ورثته اخته.

وان حدث ذلك فعلا فانك قد تكون قد ورثت نصف مخاطر والدك من التشوه الجيني BRCA. ولذلك فان اقصى خطر على ابنتك هو ان تكون قد ورثت منك خطرا بنسبة 12.5 في المائة من BRCA.

هل هذا الخطر كبير بما يكفي لاجراء فحص جيني؟ على ابنتك ان تقرر بنفسها بعد اجراء استشارات جينية حول فوائد الفحوص الجينية ومخاطرها.

الوالدان ليس لهما الخيار في توريث الابناء للجينات المتضررة. ومع ذلك، فقد يتولد شعور ما بالذنب والخجل. كما ان الابناء يعبرون عن غضبهم لهذا الأمر، من دون شعور احيانا. وبعض الناس يلومون الوالدين في توريثهما لجينات متضررة - إضافة الى كل الاخطاء الاخرى التي تحدث! ومع ذلك فان التعرف على وجود مشاكل تهدد الحياة ليس بالسهل لكل الناس. وهنا تتراوح ردود الافعال ما بين رد الفعل الايجابي، ظهور العزيمة القوية لحل المشكلة، الى الحزن، الكآبة المدمرة، او الخمول التام.

ولذلك فان من المهم ان تتعامل انت وابنتك مع الأمر بعناية كبيرة وتفكير متأن. وبالإضافة الى التعرف على احتمال وجود سجلات عمتيك الطبية، عليك الاتصال بأقاربك لمعرفة ما اذا كان أي منهم قد اجرى فحوصا جينية. وبالاعتماد على ما يتوفر لك من هذه المعلومات ومن العوامل الاخرى، يمكنك ان تذهب لاجراء فحوص متخصصة على الثدي.

ثم وبعد ذلك، يمكنك الحصول على تقييم للاخطار الشخصية من قبل استشاريين في الجينات او اطباء متخصصين في طب الجينات. وعندما يقوم احد الخبراء بتقديم شرح واف حول الخيارات المتوفرة، عادة ما يقول الناس «هذا ما لم اكن أتصوره البتة».

الاشخاص الذين لديهم التشوه الجيني BRCA بإمكانهم اتخاذ اجراء للحد من مخاطر السرطان. والاختيارات تعتمد هنا، على الجنس، العمر، ومرحلة التخطيط العائلي. فبعض النساء قد يخترن اجراء فحوص متكررة بأشعة تصوير الثدي (الماموغرام)، او الموجات فوق الصوتية، او المرنان المغناطيسي. اما الأخريات فيخترن انجاب الاولاد، والعناية بهم، ثم إزالة انسجة الثدي المهددة لهن. وفي حالة التشوه الجيني BRCA فانهن قد يحاولن إزالة انسجة المبيض ايضا. وتوجد خيارات ما قبل الولادة وما قبل زرع الجنين في الرحم، تهدف الى درء انتقال التشوه الجيني المسبب للسرطان نحو الاطفال.

وكما يبدو لي، فانك قلق جدا وراغب في حماية ابنتك. الا ان عليك وعلى والدك ان تخضعا للفحص اولا، بأمل ان يكون التشوه الجيني BRCA مفقودا من الحمض النووي «دي ان ايه» لكما.

* طبيبة، عضو هيئة تحرير «رسالة هارفارد الصحية»، «خدمات تريبيون ميديا»