لديّ فقر الدم الخبيث، وأحصل على حقنة شهرية من فيتامين «بي12». وقد سمعت أن حبة من هذا الفيتامين يمكنها أن تعوض عن الحقنة. فهل هذا صحيح؟
فقر الدم الخبيث pernicious anemia، حالة تظهر عندما لا يستطيع الجسم إنتاج كمية كافية من خلايا الدم الحمراء، نتيجة نقص في فيتامين «بي12» الذي يتم امتصاصه في اللفيفي ileum، وهو الجزء الأخير من الأمعاء الدقيقة.
ولكي يمتص هذا الفيتامين، فإن عليه أن يكون مرتبطا مع بروتين يسمى «العامل الجوهري»intrinsic factor، وهو بروتين يفرز في المعدة. ويظهر فقر الدم الخبيث عندما تحدث لدى بعض الأفراد حالة مناعية ذاتية تقلل من إنتاج هذا البروتين ـ وبالنتيجة يقل امتصاص فيتامين «بي 12». كما توجد حالات أخرى تؤدي إلى اختلال قدرة الجسم على امتصاص «بي12»، وهو الفيتامين الذي يوجد في اللحوم، ومشتقات الألبان، كما يوضع في منتجات رقائق الحبوب المعدة لإفطار الصباح.
وفي العادة، فإن الكبد يقوم بخزن كميات كبيرة من فيتامين «بي12»، بحيث إن فقر الدم لا يظهر إلا بعد سنوات من توقف الجسم عن امتصاص الفيتامين. ويؤدي فقر الدم إلى الضعف، الإجهاد، الدوخة، وخفقان وتسريع نبضات القلب. كما أن نقص فيتامين «بي12» قد يؤدي إلى حدوث مشاكل في الأعصاب.
وتقليديا يصف الأطباء للمصابين بمرض الدم الخبيث، حقنة من فيتامين «بي12». ويعطى المرضى حقنا يومية لزيادة كمياته، ثم ينتقلون إلى حقن أسبوعية، ثم شهرية منه. وقد تستمر هذه الحقن الأخيرة مدى الحياة.
وكما يظهر، فإن هذه الحقن ربما لا تكون ضرورية، إذ يستطيع بعض المصابين بفقر الدم الخبيث الحصول على كميات كافية من فيتامين «بي12» لأجسامهم، بعد تناولهم لجرعات من 1 مليغرام واحد إلى مليغرامين من حبوبه. وقد لا تبدو تلك الكمية كبيرة إلا أنها أكبر بـ 500 إلى 800 مرة من الجرعة اليومية التي يوصي بها الأطباء وهي 2.4 ميكروغرام. ولا تشكل تلك الجرعة الكبيرة المذكورة خطرا، لأن أجسام المصابين بفقر الدم الخبيث، تمتص جزءا يسيرا منها.
وإن حدث وتوجهت لاستخدام الحبة، فإن من المهم تناولها كل يوم. وإن كنت من الذين ينسون تناولها، أو أن الظروف لا تساعدك في ذلك، فمن الأفضل الإبقاء على الحقن. كما يتوفر «فيتامين «بي12» في حبوب تذوب تحت اللسان، وفي شكل بخاخ أو دهان (جل).
وإن قررت سوية مع طبيبك أن تجرب حبوب فيتامين «بي12»، بأي من أشكالها، فمن الضروري أن تجري فحصا دوريا للدم ـ وهو فحص بسيط ـ للتأكد من تناولك لكمية كافية من الفيتامين.
لماذا استخدمنا، نحن معشر الأطباء، الحقن لهذه الفترة الطويلة؟ لا، لم يكن هذا لأننا نشعر بالسرور لدى وصفنا للحقن. بل إن ذلك يعود إلى أنه وعند اكتشاف سبب فقر الدم الخبيث وعلاجه في العشرينات من القرن الماضي (هنا في جامعة هارفارد، بالمناسبة)، فإن أفضل الدلائل كانت تشير وتكرر أن الحبوب لن تؤدي مفعولها. إلا أننا نعلم الآن أن بمقدورها تأدية مفعولها لبعض الناس على الأقل.
* طبيب، رئيس تحرير «رسالة هارفارد الصحية»، خدمة هارفارد الطبية، «خدمات تريبيون ميديا».
خاص بـ «الشرق الأوسط»