الثلاسيميا والأنيميا المنجلية.. أمراض دم وراثية منتشرة

تنتقل من جينات الوالدين المتغيرة إلى الأبناء

TT

تعتبر أمراض الدم الوراثية مثل مرض الثلاسيميا والأنيميا المنجلية وأمراض سيولة الدم من الأمراض المنتشرة على مستوى المملكة والتي تكلف الدولة مبالغ كبيرة جدا لعلاجها، إضافة إلى الآثار الاقتصادية التي تترتب على تأثر إنتاج هؤلاء المرضى وكثرة غيابهم عن العمل. وبمناسبة اليوم العالمي للثلاسيميا لهذا العام، أقيمت محاضرات علمية عن طبيعة المرض وأعراضه وكيفية الوقاية منه، وطرحت المستجدات في علاجه بالإضافة إلى حلقات تثقيفية وتوعية للمرضى وذويهم تحت إشراف الدكتور غازي بن عبد الله دمنهوري رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية لأصدقاء مرضى الثلاسيميا والأنيميا المنجلية، والدكتورة فاتن بنت محمد عمر السايس عضو مؤسس في الجمعية.

الثلاسيميا Thalassemia، التي يطلق عليها أيضا اسم «أنيميا ـ أو فقر دم ـ البحر الأبيض المتوسط)، أحد أمراض الدم الوراثية التي تصيب الأطفال في مراحل عمرهم المبكرة، أي أنها تنتقل من الآباء إلى الأبناء، وهذا يعني أنه إذا كان الوالدان يفتقدان لجينات صنع الهيموغلوبين أو كانت هذه الجينات متغيرة، فإن الأبناء سوف يعانون من مرض الثلاسيميا. وتنقسم الثلاسيميا إلى ثلاثة أنواع حسب شدة المرض: ثلاسيميا بسيطة، ثلاسيميا متوسطة، وثلاسيميا كبرى. والشكل الأكثر حدة وشدة من هذه الأنواع الثلاثة هو الثلاسيميا الكبرى. هذا النوع يحدث عندما يرث الطفل اثنين من الجينات المتغيرة واحدا من الأم والآخر من الأب. وتظهر لدى الأطفال المولودين بأنيميا من النوع الشديد أعراض فقر الدم الحادة عادة في السنة الأولى من حياتهم ويفتقرون إلى القدرة على إنتاج الهيموغلوبين الطبيعي (كريات الدم الحمراء).

ويعاني المصابون من النوع الشديد من إعياء مستمر ولا ينمون بشكل طبيعي، وإذا تركوا بدون علاج سيصابون بتشوهات في العظام. وقد تتدهور الحالة وتودي بحياتهم من جراء مضاعفات الثلاسيميا الشائعة التي تتضمن الآتي:

* تراكم الحديد.

* العدوي.

* تشوهات العظم.

* تضخم الطحال.

* تباطؤ معدلات النمو.

* الإصابة بمشكلات في القلب.

ويحتاج مرضى الثلاسيميا إلى عمليات نقل دم باستمرار، بمعدل مرة واحدة كل ثلاثة إلى أربعة أسابيع وعلى مدي الحياة. ونتيجة لذلك يحدث تراكم للحديد في جميع أنسجة الجسم المختلفة نتيجة التكسر المستمر لكريات الدم الحمراء، ومع مرور الوقت وإن لم يعالج المريض، فإن تراكم الحديد يؤثر على الأعضاء المهمة في جسمه ويؤدي إلى فشل هذه الأعضاء وخاصة القلب، وعليه قد تحدث الوفاة في سن مبكرة لمرضى الثلاسيميا. ولتفادي ذلك ولمنع تراكم الحديد يستعمل العلاج الطارد للحديد والمعروف بـ«ديسفيرال» Desferal بطريقة مستمرة فيؤخذ يوميا لمدة 12 ساعة عن طريق مضخة خاصة ويحقن بها تحت الجلد طيلة حياة المريض. أو أن يتم استعمال الدواء الجديد إكسجيد Exjade الذي يؤخذ عن طريق الفم مرة واحدة يوميا، فيوفر التزاما كبيرا للمرضى بأخذ الدواء في موعده وهو أمر يعتبر من أكبر العقبات التي تواجه المرضى الذين يستخدمون المضخات وحقن تحت الجلد. ثم هناك عمليات زرع النخاع التي تساعد كثيرا من المرضى وخاصة الأطفال.

الأنيميا المنجلية sickle cell anemia هي أحد أنواع فقر الدم التي تصيب كريات الدم الحمراء، وتعتبر من أشهر أمراض الدم الوراثية التي تسبب تكسر كريات الدم الحمراء. وكلمة منجلية مأخوذة من المنجل، وذلك لأن كريات الدم الحمراء تأخذ شكل المنجل أو الهلال عند نقص الأكسجين. وفي المملكة العربية السعودية، توجد هذه المشكلة بشكل واسع في منطقة الأحساء والقطيف بشرق المملكة ومنطقة جيزان بجنوبها الغربي، حيث يحمل كل أربعة أفراد من بين عشرين فردا هذا المرض، أي أن نسبة حاملي صفة المرض تقدر بحوالي 20 في المائة وهي نسبة لا يمكن تجاهلها. وهذا يعني أن احتمال إصابة الجنين بهذا المرض تصل إلى 25 في المائة في حالة كون الأم حاملة للمرض ومتزوجة من رجل حامل للمرض أيضا.

أما بالنسبة للأعراض فإن الخلايا غير الطبيعية، كريات الدم الحمراء منجلية الشكل، تتحلل عادة بعد فترة قصيرة من إنتاجها، وقد تعيق مرور الدم خلال الشعيرات الدموية، وقد تسد أوعية الدم فتسبب آلاما مبرحة في أجزاء مختلفة من الجسم خاصة في العظام وبشكل خاص في عظام الأطراف والظهر. وقد تسد الكريات الحمراء المنجلية أي وعاء من الأوعية الدموية في الأعضاء الحيوية في الجسم مثل الرئتين أو البطن أو حتى المخ، وبذلك تسبب مضاعفات خطيرة إضافة إلى الآلام المبرحة التي يعاني منها الشخص المصاب. وعليه فيكون الهدف من العلاج هو تخفيف حدة المرض بتناول الكثير من السوائل استخدام الأدوية المسكنة وخافضات الحرارة، وقد تحتاج بعض الحالات لإعطاء مهدئات أقوى للألم مثل الكودايين والمورفين وغيرهما تحت إشراف الطبيب، وهو لا يعتبر علاجا شافيا. لكن عمليات استبدال نخاع العظام تشكل حلا جيدا لبعض المرضى، إلا أنها باهظة التكاليف مع صعوبة إيجاد متبرع مناسب للمريض.

* أمراض الدم الوراثية.. اهتمامات عليا

* في خطوة رائدة لمكافحة أمراض الدم الوراثية، سبق أن صدر قرار رسمي يلزم بالفحص قبل الزواج مما ساعد على خفض عدد المصابين بشكل كبير.

* ومن منطلق أهمية هذه المجموعة من الأمراض وأهمية رعاية المرضى المصابين بها، تم تأسيس الجمعية السعودية الخيرية لمرضى الثلاسيميا والأنيميا المنجلية لمساعدة هؤلاء المرضى وذويهم، للوصول إلى أرقى المستويات العالمية في تقديم خدمة اجتماعية وطبية وقائية وعلاجية متميزة للمرضى، وتخفيف المعاناة الإنسانية لمرضى الثلاسيميا والأنيميا المنجلية وذويهم.

* «الندوة المصغرة للجمعية الأميركية لبنوك الدم» في جدة > رعى مدير جامعة الملك عبد العزيز الأستاذ الدكتور أسامة بن صادق طيب فعاليات الندوة المصغرة للجمعية الأميركية لبنوك الدم AABB Mini Symposium التي نظمتها كلية العلوم الطبية التطبيقية بالجامعة في أواخر شهر أبريل (نيسان) الماضي، حيث تمت مناقشة المستجدات في طب نقل الدم وصاحبها إقامة خمس ورش عمل متخصصة في رعاية مرضى الثلاسيميا، ومرضى السيولة، وتطبيقات الجودة، واستخدامات أجهزة فصل المكونات. ووفقا للدكتورة سلوى إبراهيم عبد الرزاق هنداوي استشارية وأستاذة مساعدة في أمراض الدم وطب نقل الدم المديرة الطبية لخدمات طب نقل الدم بمستشفى جامعة الملك عبد العزيز فإنه قد أقيمت للمرة الأولى خارج الولايات المتحدة الأميركية دورة تحضير مقيمي بنوك الدم من قبل الجمعية الأميركية لبنوك الدم. كما أوضحت أن قسم خدمات نقل الدم بجامعة الملك عبد العزيز، يعتبر أول بنك تابع لمستشفى تعليمي في الشرق الأوسط يحصل على الاعتماد الأكاديمي من قبل الجمعية الأميركية لبنوك الدم، وهي أعلى وأهم هيئة عالمية لاعتماد بنوك الدم.

هذا وقد أوصت الندوة بالآتي:

* التأكيد على الالتزام بقواعد ضبط الجودة في كل إجراءات نقل الدم وطب نقل الدم.

* العمل على حصول بنوك الدم على الاعتراف المهني من قبل الجهات العالمية المانحة لهذا الاعتراف (منظمة بنوك الدم العالمية أو غيرها).

* التوصية بإدراج الوسائل المخبرية الخاصة بالكشف عن البكتريا وبالذات في الصفائح الدموية المركزة بالإضافة إلى الإجراءات الحالية المتفق عليها للكشف عن الفيروسات، مثل فحص.(NAT)

* ما زالت الملاريا تشكل أحد أهم مخاطر نقل الدم على مستوى المملكة وعليه يجب إدخال الوسائل المخبرية الحساسة للكشف على دم المتبرعين.

* يجب اتباع قاعدة الطب المهني المبني على البراهين والأدلة عند نقل مشتقات الدم المختلفة للمرضى والعمل على إيجاد معايير محلية لذلك.

* يجب إيجاد آلية متفق عليها من قِبل كل المؤسسات الصحية لتسجيل أي مضاعفات تنتج عن نقل مشتقات الدم المختلفة ((Hemovigilance، وإنشاء نظام يقظة خاص بخدمات نقل الدم على نطاق المملكة العربية السعودية.

* إن الحاجة ماسة لحملات إعلامية واسعة ومكثفة للتثقيف بأهمية التبرع بالدم حتى نصل إلى الاعتماد الكامل على التبرع الذاتي.