الأبوة.. وسرطان البروستاتا

دراسات حديثة تبحث في مخاطر المرض وعلاقته بعدد الذرية وجنسها

TT

الدراسات الجينية السابقة دققت في الشجرة العائلية، بهدف العثور على العوامل التي كانت موجودة لدى الأجيال السابقة، المؤثرة على فرص الإصابة بسرطان البروستاتا. أما الدراسات الحديثة التي تبحث في علاقة خصوبة الذكور وجنس ذريتهم بالإصابة بسرطان البروستاتا، فإنها تحمل من التكهنات أكثر مما تحمله من النتائج الحاسمة. فالعلم لم يتوصل إلى أي صلة مباشرة بين ازدياد مستويات هرمون التستوستيرون الذكري وبين خطر سرطان البروستاتا.

العلماء لا يعرفون مسببات سرطان البروستاتا، إلا أن الوراثة تلعب دورها فيه بالتأكيد. وفي عام 1998، اكتشف العلماء أول جين لسرطان البروستاتا، أطلقوا عليه اسم «أتش بي سي1» HPC1. ومنذ ذلك الحين تم التعرف على عدد من الجينات الخاصة بسرطان البروستاتا. وهذه الجينات تساعد سوية مع التحورات الأخرى، التي لا تزال خافية، على تفسير حالات ازدياد مخاطر الإصابة بسرطان البروستاتا لدى الأشخاص الذين رصد لدى أفراد عائلاتهم «تاريخ» من الإصابات بهذا المرض.

وبمعنى ما، فإن هذه الدراسات الجينية المهمة تدقق في الشجرة العائلية بهدف العثور على العوامل التي كانت موجودة لدى الأجيال السابقة، التي كان بمقدورها التأثير على فرص الإصابة بسرطان البروستاتا.

ولكن، هل بمقدور ذرية الرجل أن تقدم بعض الإجابات؟ ووفقا لدراستين حول الأبوة وسرطان البروستاتا، فان الجواب هو «ربما».

* السرطان وعدد المواليد

* في الدراسة الأولى، أجرى علماء سويديون تقييما لـ48 ألفا و850 رجلا من الذين شخص لديهم سرطان البروستاتا بين عامي 1958 و1998، وتقييما لنفس العدد من الرجال من نفس الأعمار الذين تم اختيارهم عشوائيا، السليمين من المرض.

ثم وبعد ذلك، دقق الباحثون في مسألة ما إذا كان ميلاد الأطفال لديهم، له صلة بخطر الإصابة بسرطان البروستاتا. وعندما تمت مقارنة النتائج ظهر أن معدل الخصوبة المتدني بدا وكأنه يقلل من خطر سرطان البروستاتا. وكان الرجال الذين لم يولد لهم طفل أو ولد لديهم طفل واحد، أقل عرضة بنسبة 17 في المائة من أن يشخصوا بسرطان البروستاتا، مقارنة بالرجال الذين ولد لديهم طفلان أو أكثر.

وطرحت الدراسة السويدية نظرية تقول إن الرجال الذين لم يولد لهم أطفال، لديهم معدلات قليلة من التيستوستيرون، الأمر الذي يقلل من القدرات التناسلية، ويحمي البروستاتا في نفس الوقت. وهذا الطرح استفزازي ويحمل ضربا من التكهنات.

إن الصلة بين مستويات الهرمون وبين الخصوبة معقدة، وفي كل الأحوال، فإن العلماء لم يتوصلوا إلى أي صلة مباشرة بين مستويات التستوستيرون وبين خطر سرطان البروستاتا. كما أن الدراسة السويدية أخفقت أيضا في تقييم الحالة الزوجية والنشاط الجنسي، وعوامل السلوك مثل النظام الغذائي، التي كلها قد تدحض الصلة بين قدرات الإخصاب وبين سرطان البروستاتا.

* عيوب الكروموسوم الذكري

* وبدلا من التدقيق في عدد الأطفال الذين ولدوا للرجال المدروسين قام علماء قي الولايات المتحدة وإسرائيل، بالتدقيق في ما إذا كان جنس الطفل المولود له تأثير على مخاطر الإصابة. وأفادت هذه الدراسة الواسعة التي شملت 712 رجلا مصابين بسرطان البروستاتا، بأن الرجال الذين ولدت لهم فتيات، يظهر لديهم بنسبة 40 في المائة أكثر، خطر الإصابة بسرطان البروستاتا مقارنة بالرجال الذين لديهم طفل ذكر واحد على الأقل. وتكهن العلماء بأن عيبا في الكروموسوم «واي»، قد يفسر وجود هذه الصلة. والكروموسوم «واي» هو الكروموسوم الذكري الذي ينتقل من الأب إلى أولاده من الذكور. والعيب الموجود في الكروموسوم «واي» يقود إلى ولادة عدد أقل من الأطفال الذكور، وهذا العيب قد يزيد أيضا من خطر الإصابة بسرطان البروستاتا.

وكلا الدراستين مليئة بالتكهنات ولم تقدما نتائج حاسمة، وكلاهما لا يؤثران على خطط الإنجاب العائلية. إلا أنهما أظهرتا توجهات العلماء للبحث عن إجابات جديدة لفك الألغاز التي تحيط بسرطان البروستاتا. وبين هذا وذاك، فإن الرجل الذي يبحث عن أدلة ولو كانت بعيدة حول الأخطار المستقبلية على صحته، يحاول على الأغلب البحث عنها في حياة أبيه أكثر من حياة أبنائه!

* رسالة هارفارد «مراقبة صحة الرجل»، خدمات «تريبيون ميديا».