تقليل السعرات الحرارية في الغذاء.. هل يحسّن الذاكرة؟

يعزز الحيوية ويطيل الأعمار

TT

عمري 65 سنة، ولا أعتقد أن ذاكرتي جيدة مثلما كانت عليه في السابق. وقد قرأت حديثا عن دراسة أشارت إلى إمكانية تحسين الذاكرة بواسطة تقليل تناول الطعام. هل هناك أي حقيقة في هذا الأمر، خصوصا أنه يبدو ممتازا جدا بحيث لا يمكن تصديقه؟

إن ذلك ليس جنونا كما يبدو. فالدراسة التي تتحدث عنها نشرت في مجلة مرموقة هي «أعمال الأكاديمية الوطنية للعلوم» (PNAS)، وقد جاءت، بعد آلاف من الدراسات حول عمليات الحد من تناول السعرات الحرارية. وفي الحيوانات التي تمت دراستها، ابتداء من أبسط المخلوقات إلى أعلى اللبائن (الثدييات) مثل الإنسان، ظهر أن تقليل كميات السعرات الحرارية المتناولة يوميا بنحو 30 في المائة يؤدي إلى تعزيز الحيوية وإطالة الأعمار.

وفي دراسة «PNAS» هذه، تم توزيع 50 شخصا، بلغ متوسط أعمارهم 60 سنة تقريبا، على ثلاث مجموعات غذائية، الأولى: تناول أفرادها غذاء تم خفض سعراته الحرارية بنسبة 30 في المائة. والثانية: ضم غذاؤها كميات كبيرة من الدهون غير المشبعة (من الأنواع الموجودة في الزيوت النباتية مثل زيت الزيتون، والسمك)، وهو نوع من الغذاء تفترض بعض الدراسات أنه يعزز الذاكرة. أما المجموعة الثالثة فتناول أفرادها غذاءهم اليومي المعتاد.

الغذاء والدماغ وعند بدء الدراسة، التي استمرت ثلاثة أشهر، كانت نقاط اختبارات الذاكرة متشابهة لدى كل المشاركين. ولكن عند نهايتها، ظهر أن أفراد المجموعة التي اتبعت نظاما غذائيا محدودا في السعرات الحرارية، سجلوا نقاطا أفضل في اختبارات الذاكرة بنسبة 20 في المائة، مقارنة بنقاط اختباراتهم في بدايتها. ولكن أفراد المجموعتين الأخريين لم يسجلوا أي تحسن في الذاكرة.

وقد ترابطت نقاط تحسن الذاكرة، مع التغيرات في التمثيل الغذائي في الجسم (انخفاض مستوى الأنسولين، وبروتين «سي ريأكتيف» وهو من علامات الالتهاب)، وهي التغيرات التي ربما كانت قد عززت من الروابط بين خلايا الدماغ المسؤولة عن الذاكرة.

وكانت الدراسة صغيرة، وقصيرة نسبيا، لذلك فإنها لا تعتبر من النوع الحاسم، حتى ولو جاءت دراسات أكبر وأطول في الزمن لتؤكد هذه النتائج، فإن من الإنصاف طرح التساؤلات حول مدى تطبيقاتها العملية. فكم منا بمقدوره خفض السعرات الغذائية في غذائه بنسبة 30 في المائة؟

ومع هذا، فإن العلماء يعكفون على تطوير عقاقير تحاكي في عملها تأثيرات الحد من تناول السعرات الحرارية، وقد أظهرت مثل هذه العقاقير فاعليتها عند استخدامها على الفئران، إلا أن تأثيراتها الكاملة على ذاكرة الحيوانات لا تزال في طور التقييم.

وفي رأيي، فإن الحد من تناول السعرات الحرارية، لا يمكن أن يكون في أغلب الأحوال عمليا لأكثرية الناس، رغم معرفتي ببعض الناس الذين أخذوا بتطبيقه ولا يزالون ملتزمين به.

إلا أنني أعتقد أن من الممكن في يوم ما، توفير أدوية للمساعدة في علاج فقدان الذاكرة، والكثير من المشاكل الأخرى المرتبطة بتقدم العمر.

* طبيب، ورئيس تحرير «رسالة هارفارد الصحية»، خدمات «تريبيون ميديا».