أقراص منع الحمل للرجال.. قريبا في الأسواق

أمل طالما انتظرته النساء ويرفضه المستهدفون به

TT

في ما يشبه الحلم الجميل، ينتظر كثير من النساء والأطباء الخطوات النهائية للتجارب التي تجرى في المختبرات الأوروبية لإنتاج حبوب منع حمل يتناولها الرجال عوضا عن النساء، بينما ينظر الرجال للأمر بعين القلق والرفض، بل ويدعون في سريرتهم أن يطول الانتظار لأكبر وقت ممكن. التحكم في خصوبة الرجال

* وقد أعلنت ميشيل ويلش، البروفسور في مركز أبحاث علم التناسل في الأحياء بمعهد الملكة الطبي البحثي في أدنبره، أن التجارب المختبرية على الفئران مكنت الباحثين من التوصل إلى جين في خلايا الخصية مسؤول عن ترجمة الرسالة التي يحملها هرمون الأندروجين «الهرمون الذكوري»، وتحويلها إلى أمر بتصنيع الحيوانات المنوية. وعلى الرغم من أن الهدف الأساسي من التجارب كان التوصل إلى حل لمشكلة العقم عند الرجال الناتجة عن نقص عدد الحيوانات المنوية، فإن نتيجة البحث يمكن استخدامها أيضا في تصنيع عقار يثبط عمل هذا الجين بصورة مؤقتة، ما يعني التحكم في درجة الخصوبة الخاصة بالرجال. وقد نشر البحث في العدد الحالي لدورية «FASEB» الطبية الأميركية المتخصصة.

أخطار ومحاذير

* وعلى الرغم من أن أقراص منع الحمل للنساء متوافرة للاستخدام منذ ستينات القرن المنصرم، فإن التوصل إلى نتائج مبشرة في تصنيع أقراص «ذكورية» قد استغرق وقتا أطول مما ينبغي نظرا لاختلاف طبيعة عمل الهرمونات الأنثوية عن نظيرتها الذكورية. ويعلق على ذلك الدكتور ماجد الشيخ، استشاري أمراض الذكورة في كلية الطب بجامعة القاهرة، قائلا إن «التلاعب مع هرمون الأندروجين هو أمر جاد وخطير، فأي نقصان بمستوى الهرمون في الجسم يؤدي إلى ظهور علامات أنثوية على الرجل، كتضخم الثدي وترقق الصوت إلى جانب العقم، ولذلك فإن نتائج هذا البحث تعتبر جيدة، لأنها توصلت إلى منع تأثير الهرمون على إنتاج الحيوانات المنوية فقط من دون المساس بباقي وظائفه».

وتتباين ردود الأفعال تجاه مثل هذه النتائج بين سعادة غامرة بين النساء اللاتي ينتظرن بفارغ الصبر أي حلول تخلصهن من عناء تحمل مسؤولية تنظيم الأسرة الملقاة على عاتقهن. كما أن الأطباء أيضا ينتظرون حلولا أكثر إيجابية وفاعلية وأقل خطورة من وسائل منع الحمل الحالية، وهو الأمر الذي قد يتوافر، ولو نظريا، مع حلم أقراص منع الحمل الذكورية. على الجانب الآخر من المعادلة، يقف معظم الرجال، بغض النظر عن مستواهم الفكري والثقافي والاجتماعي، في ما بين رافض تمام الرفض لمجرد التفكير في الأمر، أو متشكك في النتائج، أو موافق على مضض.

وسائل منع الحمل

* ولكي يمكننا استيعاب الأمر بصورة أوضح، فعلينا أن نتفهم الوسائل المتاحة لمنع الحمل، وطريقة عملها، ومميزات وعيوب كل منها. وتنقسم الوسائل إلى أقسام رئيسية كثيرة، منها:

* وسائل طبيعية: وكلها طرق ثبت فشلها الذريع أو، على أفضل الافتراضات، قليلة الجدوى. ويندرج تحتها:

ـ الجماع في الفترة الآمنة: وهي الفترة البعيدة عن التبويض، وثبت فشل الطريقة لحدوث الكثير من المتغيرات الطارئة على موعد التبويض الشهري للمرأة أو لخطأ في الحساب الزمني. والوسيلة الوحيدة المحتملة لكي تنجح هذه الطريقة هي أن يكون أحد الزوجين طبيبا لأمراض النساء، أملا في متابعة مواعيد التبويض.

ـ القذف خارج المهبل عند الجماع: طريقة مجهدة للزوجين، وتزيد من معدل التوتر أثناء العلاقة الجنسية، والتي من المفترض أن يحيطها أكبر قدر من السكينة. كما أن الخطأ وارد، وقد لا يتمكن الزوجان من ضبط إيقاعهما بصورة جيدة، وعندها يسبق السيف العذل.

وسائل لحجز السائل المنوي ـ الواقي الذكري: وسيلة متوسطة القوة، يعيبها أن بعض أنواع الواقي الذكري قد تكون مغشوشة، ما يعني أن يكون بها تسريب ما، كما أن ظروف التخزين السيئة قد توثر على جودة المنتج وتؤدي إلى تشققه أو قطعه عند الاستخدام. بالإضافة إلى أن نسبة لا يستهان بها من الرجال والنساء تنزعج من استخدامه.

ـ الواقيات النسائية: أنواعها متعددة، وفكرتها تناظر الواقيات الذكرية، ولها المميزات والعيوب نفسها، كما أن استخدامها يتطلب تدريبا جيدا للمرأة.

* وسائل كيميائية: وهي مستحضرات كيماوية في هيئة كريمات أو أقراص مهبلية تقوم بقتل الحيوانات المنوية، وهي لا تستخدم وحدها، بل كعامل مساعد مع الواقيات.

* أجهزة منع الحمل الرحمية «اللولب»: وهي على اختلاف أنواعها، تشترك في كونها تمنع الحمل عن طريق زيادة توتر الرحم، ما يمنع البويضة المخصبة من التعلق ببطانة الرحم في وقت مناسب، وبالتالي يقوم الجسم بطردها مع الدورة الشهرية. وهي وسيلة رائعة النتائج، ولو أن عيوبها كثيرة، أهمها زيادة، قد تكون غير طبيعية، في كمية وأيام الدورة الشهرية، واستخدامها يحتاج إلى متابعة دورية من متخصص. كما أن عيبها الأكبر والأشهر والأخطر، هو زيادة نسبة حدوث الحمل خارج الرحم عن المعدل الطبيعي لدى مستخدميها.

* وسائل هرمونية «نسائية»: وتتنوع ما بين أقراص، وحقن، وكبسولات تزرع تحت الجلد، وما شابه. تتميز بقدرتها الفائقة على منع الحمل عن طريق منع حدوث التبويض بطريقة أو بأخرى. ولكن يعيبها أن استخدام الهرمونات محظور لفئات كثيرة من النساء، كما أن استخدامها قد يؤدي إلى بعض أنواع من الخلل الهرموني الذي قد يطول أو يقصر علاجه فيما بعد.

* ربط الأنابيب الرحمية: من أنجح الوسائل المعروفة لمنع الحمل، وإن ظلت مرفوضة من كثير من الأزواج لاعتقاد سائد بأنها تصيب من تستخدمها بعقم دائم. ويعيبها أنها تتم عن طريق الجراحة أو مناظير البطن.

* ربط الأنابيب الناقلة للسائل المنوي: تناظر الوسيلة السابقة في كل شيء، ولكن معظم الرجال يرفضون إجراءها لاعتقادهم الخاطئ أنها تؤثر على الفحولة.

من كل ما سبق، نستنتج أن كل الوسائل لها ما لها وعليها ما عليها، ويظل حلم الأطباء بـ«يوتوبيا» منع الحمل، أو الوسيلة الفاضلة، حيث كل المميزات مثل: أن تكون رخيصة، ومتاحة، وسهلة ومريحة أثناء الاستخدام، وينتفي مفعولها عند التوقف عن استخدامها، وليست لها أعراض جانبية. وكل هذه المزايا ينتظرها المنتظرون في أقراص منع الحمل للرجال، فهل تحقق لهم مآربهم.

* اختصاصي في أمراض النساء والتوليد