النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط.. يعزز صحة العقل أيضا

مع النشاط البدني المتواصل

TT

الشهر الماضي، زرت جاري الذي كان ينفذ بعض أعمال البناء في منزله. وكان عامل البناء رجلا إيطالي المنشأ قدرت أن عمره في الخمسينات، إلا أنه أخبرني أنه يقترب من 70 سنة! وقد تطوع بإخباري بمنطلقاته الحياتية، فهو يشغل نفسه بنشاط بدني شديد طيلة اليوم، ثم يتناول وجبة إيطالية جيدة ثم ينام بهناء مثل الطفل.

الغذاء والعقل

* وفي ذلك الحين نفسه نشرت المجلة الطبية الأميركية دراستين قدمتا دعما علميا لفلسفة عامل البناء هذا حول الحياة الصحية. فقد أظهرت دراسة متواصلة أجراها الدكتور نيكولاس سكارميس وزملاؤه في جامعة كولومبيا منذ عام 2006 على 1880 من سكان مدينة نيويورك أن اتباع النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط بمقدوره، مع ممارسة النشاط البدني، التقليل من الإصابة بمرض ألزهايمر.

وفي دراسة قريبة على نحو 1400 من البالغين الفرنسيين الأكبر سنا، أظهرت الدكتورة كاثرين فيرت وزملاؤها في جامعة بوردو أن الأشخاص الملتزمين بالنظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط، يرصد لديهم أكثر من غيرهم، تدهور أبطأ في وظائف الإدراك من غيرهم، وذلك بعد قياس الإدراك في «اختبار الحالة العقلية المصغّر» mini ـ mental status exam (MMSE).

نظام غذائي

* لا يوجد نظام غذائي للبحر الأبيض المتوسط «رسمي» معتمد. وعموما، فإن هذا النظام الغذائي يحتوي على القليل من الدهون المشبعة، وعلى الكثير من الألياف. وتشكل الفواكه والخضراوات والحبوب والبقول والمكسرات والبذور نحو نصف ما يتناوله متبعو النظام من الغذاء يوميا. وقد تشكل الدهون نحو 40 في المائة من مجموع السعرات الحرارية اليومية، إلا أن أغلبها يأتي من زيت الزيتون، وهو من الدهون غير المشبعة.

ويتألف باقي الغذاء من كمية قليلة من الجبن، واللبن الزبادي، والسمك، والدجاج، فيما يتم تناول اللحوم الحمراء بين فترة وأخرى. أما النشاط البدني فهو جزء من الحياة اليومية.

وقد تمت البرهنة إلى حد كبير على أن الأشخاص الذين يتبعون هذا النظام يعيشون أطول وأنهم أقل تعرضا لأمراض القلب والأوعية الدموية، والسرطان، وربما الأمراض العصبية.

وقد أجريت دراسة نيويورك على أشخاص منحدرين من أصول إسبانية وأفريقية، فيما حاولت الدراسة الفرنسية تعميم النتائج على مجموعات أوسع نطاقا. وقد وظفت فيها أربعة اختبارات مختلفة لقياس الإدراك، إلا أنها لم ترصد تدهور قدرات الإدراك إلا في اختبار الحالة العقلية المصغّر.

وفيما تابع علماء جامعة كولومبيا المتطوعين على مدى 16 سنة، تابع باحثو جامعة بوردو متطوعيهم 6 سنوات. والنتيجة المستخلصة هنا هي أن توليفة من النظام الغذائي الصحي مع النشاط البدني، تساعد المخ على البقاء سليما، والذهن حادا.

* طبيب، رئيس تحرير «رسالة هارفارد للصحة النفسية»، «خدمات تريبيون ميديا».