نجاحات في شفاء الالتهاب الكبدي «سي».. وطفرة في العلاج الموجه لأورام الرئة

أبحاث وتقارير في مؤتمرين علميين

TT

في مؤتمرين منفصلين عقدا في القاهرة الأسبوع الماضي، أعلن علماء وباحثون متخصصون في مجال علاج أمراض الالتهابات الكبدية الفيروسية، عن تزايد نسبة معدلات الشفاء بين مرضى الالتهاب الكبدي الفيروسي «سي» (C) في مصر والشرق الأوسط، وعن تفوق عقار «الإنترفيرون» ممتد المفعول، المنتج بخبرات وأياد مصرية، كثالث دولة على مستوى العالم تنتج هذا العقار، في مكافحة المرض والحد من مخاطره، كما أعلن أطباء علاج الأورام في المؤتمر الثاني، أن المستقبل أفضل عند علاج حالات سرطان الرئة باستخدام العلاجات الموجهة الحديثة، التي تعد ثورة في خط العلاج الأول لأورام الرئة، حيث تستهدف مستقبلات النمو داخل الخلايا السرطانية فقط، وتعمل على إيقاف قدرتها على الإصلاح الذاتي الذي تقاومه من خلاله العلاج الكيميائي.

وعقدت المؤتمر الأول، كلية الطب في جامعة القاهرة الاثنين الماضي، احتفالا بافتتاح أول مركز متخصص لرعاية مرضى الالتهابات الكبدية الفيروسية في مصر، على هامش المبادرة التي أطلقتها الكلية وعلماؤها، لرعاية مرضى الالتهابات الكبدية الفيروسية، وبخاصة فيروس «سي»، الذي يفتك بالملايين سنويا في مصر والشرق الأوسط والعالم، تحت عنوان «بنحب الحياة من غير (سي)». وشارك فيه نخبة من علماء علاج أمراض الكبد الفيروسية في مصر والشرق الأوسط، تحت رعاية وتمويل صندوق تطوير البحوث والتكنولوجيا التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي.

وأكد الدكتور هاني هلال، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، في كلمته الافتتاحية أن الدولة تولي اهتماما كبيرا للبحث العلمي في حلول جادة، لمحاربة أمراض الكبد الفيروسية، وبخاصة فيروس «C» الذي يصيب أكثر من 12% من المصريين والعرب.

وأشار البروفسور جمال عصمت، أستاذ الأمراض المتوطنة والكبد، إلى أن مصر نجحت في إنتاج «الإنترفيرون» ممتد المفعول، كثالث دولة على مستوى العالم تنجح في ذلك، وأن «النتائج البحثية التي قام بها العلماء، على مدى الثلاث سنوات الماضية في مختلف أنحاء مصر، توضح جليا مدى فاعلية العقار المصري، وأنه لا يقل بحال عن نظيره الأجنبي، بل يفوقه لكون أعراضه الجانبية أقل، بشهادة المعامل ووحدات الأبحاث المحايدة العالمية».

وأشار البروفسور أحمد سامح فريد، عميد كلية طب القصر العيني، والدكتور حسام كامل رئيس جامعة القاهرة، إلى أن الجهود البحثية ستستمر، بدعم من الدولة، وبالتنسيق مع الدول الشرق أوسطية، لإيجاد مزيد من الحلول في محاولة للقضاء نهائيا على المرض، ومنها العلاجات الجينية، واستنباط مصل جديد للوقاية من المرض.

وحول الصعوبات التي تواجه إنتاج مثل هذا المصل حتى الآن، أوضح البروفسور حسن الشناوي، أستاذ أمراض الكبد في جامعة المنوفية، أن هناك سببين رئيسيين يعوقان هذا الإنجاز، الأول هو تعدد فصائل فيروس «سي» عالميا، وإن كانت أكثر الإصابات في الشرق الأوسط من الفصيلة الرابعة (أكثر من 85%)، وتليها الفصيلة الثالثة، وهو الأمر الذي يعوق تضافر الجهود العالمية في اتجاه موحد، كما أن تعدد الفصائل يفرض إنتاج أكثر من لقاح للمرض. أما السبب الثاني، فإنه يتعلق بطبيعة الأجسام المضادة التي ينتجها الجهاز المناعي، في محاولة لمكافحة المرض عند دخوله الجسم، حيث إن تلك الأجسام لا تستطيع القضاء على المرض، كنظيرتها مثلا في حالة فيروس «بي» (B)، وبالتالي فإن إنتاج مصل ينشط الجهاز المناعي ذاته لمحاربة المرض يعد أمرا لا نفع فيه، والأمل في إنتاج لقاح جيني لقتل الخلايا الفيروسية ذاتها.

وفي هذا الصدد، أشار الشناوي إلى أن اللقاح ضد فيروس «بي» ساهم في خفض نسب الإصابة العالمية بالمرض، ووصلت نسبة المصابين في الشرق الأوسط إلى نحو 3% فقط، بعد أن كانت في ما مضى تتجاوز 8%.

* سرطان الرئة

* وعقد المؤتمر الثاني، في فندق «سميراميس إنتركونتننتال» تحت عنوان «معا ضد سرطان الرئة»، بمشاركة كبار أطباء علاج الأورام، لمناقشة خلاصة الأبحاث التي تم إجراؤها على مدى أكثر من عام، بوحدات علاج الأورام الرئوية في مختلف الجامعات المصرية حول سرطان الرئة، الذي يعد السبب الثاني في حالات الوفاة السنوية الناتجة عن الإصابة بالسرطان على مستوى العالم.

واستعرض المتحدثون أسباب الإصابة بسرطان الرئة وسبل العلاج، كما ناقش المؤتمر الطرق العلاجية الموجهة التي تستهدف الخلية السرطانية من دون المساس بالخلايا السليمة، مما أدى إلى طفرة في نسب الاستجابة ورفع معدلات الحياة. وقال البروفسور ياسر عبد القادر، أستاذ علاج الأورام في جامعة القاهرة: «إن سرطان الرئة يمثل مشكلة صحية قومية، ليس في مصر وحدها، بل على مستوى العالم أجمع، نظرا إلى أن 70% من المرضى يتم تشخيص حالاتهم في مراحل متقدمة».

ولفت عبد القادر إلى أن الاستجابة للعلاج الكيميائي في الحالات المتقدمة كانت متواضعة خلال الثمانينات والتسعينات، إلا أن تطوير العلاجات الموجهة خلال الأعوام الماضية، التي تستهدف مستقبلات النمو داخل الخلايا السرطانية فقط، وتعمل على إيقاف قدرتها على الإصلاح الذاتي الذي تقاوم من خلاله العلاج الكيميائي، يعد نقلة نوعية في علاج سرطان الرئة.

وأوضح عبد القادر أن أحدث هذه الأدوية وأكثرها فاعلية عقارا «بيفاسيزوماب – أفاستن»، و«تارسيفا – إرلوتونيب»، مؤكدا أن العقار الأول قد أحدث طفرة في علاج المراحل المتقدمة من سرطان الرئة، بتحقيق زيادة تصل من 25 إلى 30% في نسبة السيطرة والاستجابة، مقارنة بالعلاج الكيميائي منفردا.

ومن جانبها، قالت البروفسورة رباب جعفر، الأستاذة بالمعهد القومي للأورام: «إن الرجال أكثر عرضة للإصابة بسرطان الرئة، حيث تمثل نسبة الإصابة 8.2% بين الذكور، و2.4% بين الإناث، من إجمالي حالات الإصابة بالسرطان في العالم العربي». وأشارت إلى أن سرطان الرئة يعد ثاني أكثر أنواع السرطان شيوعا، من حيث التشخيص بين الرجال والنساء، حيث يأتي في المرتبة الثانية بعد سرطان الثدي بالنسبة للسيدات، وبعد سرطان البروستاتا بالنسبة للرجال.

وأضافت رباب أن «من أهم العوامل التي تجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بسرطان الرئة، التعرض للمواد المسرطنة، والعادات الصحية السيئة، مثل التدخين بجميع أنواعه، كما يعد الاستعداد الوراثي أيضا من الأسباب المهمة، حيث يؤدي بصورة مباشرة للإصابة بالسرطان أو لزيادة احتمالات الإصابة به».

وفي السياق ذاته، أوضح البروفسور شريف عمر، أستاذ جراحة الأورام في جامعة القاهرة، أن هناك نوعين من سرطان الرئة، سرطان خلايا الرئة الصغيرة، ويمثل 20% من حالات الإصابة، ويتميز بتكاثر خلايا الرئة الصغيرة بشكل سريع، وانتقالها لأجهزة الجسم الأخرى، وسرطان خلايا الرئة غير الصغيرة، ويمثل 80% من حالات سرطان الرئة التي يتم تشخيصها، حيث يستجيب بصورة أفضل للتدخل الجراحي، والعلاج الإشعاعي، والعلاج الموجه.