دراسات عن عوامل الخطر.. لدى مرضى هشاشة العظام

غالبية المصابين يتعرضون لكسور الفقرات وعنق عظمة الفخذ

TT

تظل الإصابة بهشاشة (ترقّق) العظام أمرا مقلقا بالنسبة لكل البشر، كونها مشكلة عالمية تهدد كبار السن، خاصة النساء بعد سن اليأس (ما بعد انقطاع الطمث). وهشاشة العظام Osteoporosis هي المرحلة المتقدمة مما يسمى «وهن العظام» Osteopenia، التي تدعى أيضا «الترقق» أو «التخلخل» في تنويعات لغوية مختلفة للمفهوم نفسه. وهي الحالة المرضية التي يفقد فيها النسيج العظمي جزءا من مكوناته المعدنية، الكالسيوم في الأساس، كما يحدث اضطراب في كتلته البروتينية وتتدهور حالته البنائية.

وحسب تقديرات لمنظمة الصحة العالمية، فإن هذه الحالة تصيب نحو نصف النساء وثلث الرجال فوق سن السبعين، بينما تصيب نحو ثلث النساء وخمس الرجال فوق الخمسين. وتقدر أعداد المصابين في أوروبا وأميركا وحدهما بأكثر من 75 مليون فرد، وتؤكد الإحصاءات أن 50 في المائة منهم يصابون بالكسور، خاصة كسور الفقرات وكسر عنق عظمة الفخذ. ويعد كسر عنق الفخذ من أسوأ الكسور قاطبة نظرا لعدة أسباب؛ أهمها صعوبة تثبيته خارجيا عن طريق الجبائر، وفشل معظم عمليات التثبيت الداخلي في مرضى الهشاشة، حيث إن عظامهم تكون في حالة شديدة السوء وقابلة للتفتت، إلى جانب خطورة الكسور في هذه المنطقة على شرايين وأعصاب الساق التي قد تؤدي إلى الشلل أو النزف القاتل في 20 في المائة من الحالات (طبقا لمنظمة الصحة العالمية)، إضافة إلى صعوبة التئام الكسور عامة في هؤلاء الأشخاص، ليكون الحل الوحيد المتاح هو عمليات استبدال مفصل الفخذ بأكمله بآخر صناعي معدني (يصنع حاليا من مادة التيتانيوم لندرة تفاعلها داخل الجسم). وهي عملية كبرى ذات مخاطرة، بالنظر إلى سن المريض وحالته الصحية، وتصل تكلفتها إلى نحو 50 ألف دولار.

دراسة موسعة

* كل ذلك دعا كثيرا من المنظمات إلى إجراء دراسات موسعة لمحاولة تدارك مواطن الخطورة التي قد يتعرض لها مرضى هشاشة العظام، الذين يصفهم تقرير لمنظمة الصحة العالمية بـ«القنبلة الموقوتة» حيث توقع أن يصل عدد من يعانون من كسور عنق الفخذ في عام 2050 إلى أكثر من 6 ملايين شخص حول العالم. وفي هذا الإطار، نشرت دورية «هشاشة العظام» Osteoporosis International الدولية المتخصصة، في بداية أبريل (نيسان) الحالي بحثا مهما تحت عنوان: «الدراسة العالمية لمرض هشاشة العظام لدى السيدات GLOW»، وهي دراسة تمت على مدى 5 أعوام وشملت بيانات صحية تخص ما يفوق 60 ألف امرأة تخطت سن اليأس في 10 دول، بمشاركة فاعلة من عدد من جامعات وهيئات عالمية وتحت إدارة المركز البحثي بكلية الطب بجامعة ماساتشوستس الأميركية. وحسب البروفسور إيثل سيريس مدير «مركز هشاشة العظام» بجامعة كولومبيا الأميركية، المشرف الرئيسي على الدراسة، فإن الغرض الأول من هذه الدراسة هو تعريف المرضى من السيدات بالعوامل التي قد ترتفع معها احتمالية الإصابة لاحقا بكسور العظام حتى يأخذن حذرهن مبكرا، وكذلك تعريف الأطباء بمقاييس ومعايير تقييم الحالات التي يتابعونها. ويؤكد سيريس أن المدهش في الأمر هو أن معظم النساء اللاتي خضعن للدراسة كن على جهل تام بتلك العوامل؛ إذ قال إن 43 في المائة فقط منهن يعلمن أنهن أكثر عرضة للكسور من غيرهن في العمر ذاته، وإن 33 في المائة فقط يعرفن أن لديهن أكثر من عنصر واحد من عوامل الخطر. ويشمل البحث عددا من العوامل التي تزيد معها فرص حدوث الكسور، وهي تقدم السن، ونقص الوزن، والتاريخ المرضي للكسور في الأبوين، والتاريخ الشخصي السابق في التعرض للكسور، واستخدام العقاقير المحتوية على الكورتيزون أو مشتقاته التي يشيع استخدامها في كثير من الأمراض، والتدخين، واستهلاك الكحوليات المفرط، والتعرض للسقوط مرتين أو أكثر في العام الأخير، والإصابة بمرض التهاب الروماتويد المفصلي، واستئصال الرحم الكلي أو مرحلة اليأس المبكر. ويشير سيريس إلى أن أي سيدة لديها أي من هذه الجوانب هي أكثر عرضة لحدوث الكسور، وأنه كلما ازدادت النقاط لديها ازدادت المخاطر طبقا لمعيار تم إعداده بالدراسة مكون من خمس درجات. ويؤكد على ضرورة خضوع مثل تلك الحالات للفحص المتكرر، خاصة الذي يقيس كثافة العظام، إلى جانب أهمية تعليمهن ضرورة المحافظة الشديدة على النفس من التعرض للسقوط أو الحوادث المنزلية التي قد تؤدي إلى الكسور.

* اختصاصي أمراض النساء والتوليد