متلازمة انقطاع التنفس خلال النوم.. تؤدي إلى الوفاة

ترتبط بأمراض السكري والقلب وارتفاع ضغط الدم

TT

يعاني كثير من الناس ممن يعرف طبيا بمتلازمة انقطاع التنفس الانسدادي خلال النوم (Obstructive Sleep Apnea Syndrome)، وهي عبارة عن نوبات متكررة من انسداد مجرى التنفس العلوي تحدث فقط خلال النوم مما يؤدي إلى توقف كامل لسريان الهواء وانخفاض نسبة تشبع الدم بالأوكسجين. وترتبط هذه النوبات بالشخير وتتسبب في رداءة النوم وتكرار التنبه خلال الليل، وبالتالي زيادة الخمول والنعاس خلال النهار.

في لقاء أجرته «صحتك» مع الدكتور أيمن بدر كريّم استشاري الأمراض الصدرية واضطرابات النوم مدير مركز اضطرابات النوم بمدينة الملك عبد العزيز الطبية - الشؤون الصحية بالحرس الوطني بجدة، أوضح أن نسبة الإصابة بهذا المرض تصل إلى 5 - 17% من الأفراد حسب دراسات مختلفة، وغالبهم من الرجال، وتزيد إلى أكثر من ذلك لدى أصحاب الأوزان المفرطة، وقد تصل إلى 33% لدى الذين تبلغ أعمارهم 70 عاما. وقد ثبت من عدة دراسات طبية، أن انقطاع التنفس الانسدادي خلال النوم يشكل عنصر خطر أساسيا ومستقلا يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بارتفاع ضغط الدم وصعوبة التحكم به في 60% من الحالات. ومن الدلائل القوية ما يشير إلى ارتباطه بقصور الدورة الدموية لشرايين القلب التاجية وهبوط عضلة القلب واختلال نبضاته، وكذلك بجلطات شرايين المخ، فضلا عن مقاومة هرمون الأنسولين وبالتالي خطر الإصابة بمرض السكري.

* عوامل خطر الإصابة

* ولا يشير الدكتور كريّم إلى غياب الإحصاءات الدقيقة عن مدى انتشار متلازمة انقطاع التنفس خلال النوم في السعودية أو غيرها من المجتمعات العربية، إلا أن الدلائل الأولية تشير إلى انتشاره بكثرة بين سكان المملكة حيث إن الشخير - وهو المظهر الرئيسي من مظاهر انقطاع النفس خلال النوم - عرَض شائع بين الرجال والنساء، مثل غيره من العوامل الأخرى المرتبطة بهذا الاضطراب كفرط الوزن، وتقدم العمر، وإصابة أحد الأقارب بنفس المرض، ووجود بعض التغيرات الخلقية كهبوط سقف الحلق وترهله، وتضخم اللهاة وقاعدة اللسان، والإصابة بارتفاع ضغط الدم، واحتشاء عضلة القلب، ومرض السكري، إضافة إلى سوء العادات السلوكية المصاحبة للنوم كالسهر والتدخين، التي تعتبر جميعها من بين أهم عوامل خطر الإصابة بالشخير وانقطاع التنفس خلال النوم.

* خطر الوفاة

* وبالحديث عن خطورة المرض على الحياة، يقول الدكتور أيمن كريّم: «الجديد في هذا المجال، دراسة حديثة نُشرت في مجلة (النوم) الطبية، حيث تم على مدى 18 عاما متابعة 1522 مريضا من الرجال والنساء المصابين بمتلازمة انقطاع التنفس خلال النوم ولم تتم معالجتهم بأي وسيلة. وأظهرت الدراسة زيادة معدل الوفيات بين أفراد المجموعة المصابين بهذا الاضطراب إلى 19% منهم (ما يعادل 3 أضعاف)، مقارنة بمعدل 4% فقط ضمن الأفراد غير المصابين به، وذلك على الرغم من تساوي عوامل الخطر الأخرى بين المجموعتين، كالوزن والفئة العمرية والإصابة بارتفاع ضغط الدم ومرض السكري وغيرها». وكانت أكثر الوفيات ضمن الأشخاص الذين يعانون انقطاع التنفس خلال النوم بصورة شديدة، حسب معدل نوبات انقطاع التنفس الذي تجاوز ثلاثين نوبة في الساعة الواحدة من ساعات النوم كمؤشر على شدة المرض.

وتضاف هذه الدراسة إلى رصيد الدراسات التي حذرت من زيادة معدل الوفيات لدى المصابين بمتلازمة انقطاع التنفس خلال النوم ولم يتم علاجهم على المدى الطويل، وربطت ما بينه وبين زيادة نسبة الإصابة بارتفاع ضغط الدم وداء السكري وجلطات الدماغ، فضلا عن ارتفاع معدلات حوادث السيارات، كأسباب خطر تزيد جميعها من احتمال الوفاة لدى المرضى المصابين بهذا الاضطراب.

* تأثيرات مرض السكري

* وتُعد متلازمة انقطاع التنفس خلال النوم منتشرة بين الرجال بنسبة الضعف مقارنة بالنساء، وهي أخطر أنواع اضطرابات التنفس خلال النوم. وخلصت دراسة حديثة أجريت على 60 شخصا من المصابين بمرض السكري، نشرت في «المجلة الأميركية للأمراض الصدرية والعناية الحرجة» (AJRCCM) خلال شهر يناير (كانون الثاني) من السنة الحالية، إلى نتيجة مهمة مفادها ارتباط مرض انقطاع التنفس خلال النوم، بتدهور التحكم في مستويات السكر في الدم لدى مرضى السكري. كما قدرت الدراسة معاناة نحو 80% من مرضى السكري، بنوع من أنواع اضطراب التنفس خلال النوم بدرجات متفاوتة، حيث تأكد إصابتهم بانقطاع التنفس خلال النوم عن طريق إجراء دراسة مختبرية للنوم خلال الليل، إلا أن انقطاع التنفس خلال النوم لديهم لم يحظَ بالتشخيص السليم والعلاج المبكر من قِبل الأطباء المعالجين، مما يرفع من احتمال إصابتهم بمضاعفات مرض السكري المختلفة.

وبناء على هذه الأدلة، يرى الدكتور كريّم ضرورة الاهتمام بنشر الوعي بين أفراد المجتمع والعاملين في القطاع الصحي بتشخيص وعلاج انقطاع التنفس خلال النوم، خصوصا لدى المصابين بغيره من الأمراض المزمنة، والدعوة إلى إنشاء مراكز طبية متخصصة في تشخيص وعلاج هذا النوع الخطير من اضطرابات النوم.

* التشخيص والعلاج

* ومن أجل الوصول إلى التشخيص الدقيق، يقول الدكتور كريّم: «يحتاج المريض إلى الخضوع لدراسة مختبرية للنوم (Polysomnography) لرصد اضطرابات التنفس، حيث يتم تسجيل رسم الدماغ ورصد الشخير وملاحظة حركة التنفس ومتابعة تدفق الهواء وانقطاعه المتكرر بواسطة مجسات توضع قريبا من الأنف وكذلك تسجيل نسبة الأوكسجين في الدم عن طريق النبض طوال ساعات النوم».

ويقدم الطبيب المختص في اضطرابات النوم بعد ذلك تقريرا مفصلا عن شدة ونوعية الحالة، وخطة العلاج بناء على مراجعته للتخطيط والإشارات المرصودة خلال نوم المريض تحت الاختبار. وفي معظم حالات انقطاع التنفس خلال النوم، يُطلب من المريض الخضوع لدراسة مختبرية للنوم لمرة ثانية، بغية اختبار استجابته لعلاج ضغط الهواء الإيجابي (CPAP) وتحديد مستوى الضغط المناسب، حيث يختلف الضغط المحدد من حالة إلى أخرى.

ويبدد الدكتور أيمن كريّم من جهته الفكرة السائدة أن فحص النوم إجراء مؤلم، بل على العكس فإنه يطلب من المريض النوم بصورة عادية قدر الإمكان.

ويؤكد على أن انقطاع التنفس خلال النوم هو مرض خطير، لكن يمكن علاجه طبيا في معظم الحالات أو بوسائل جراحية في بعض الحالات (جراحات الأنف والحلق، وجراحات المعدة لنقص الوزن)، وبالتالي تجنب مضاعفاته الصحية والاجتماعية بشكل كبير. ويساعد نقص الوزن الزائد والامتناع عن التدخين وانتظام مواعيد النوم والاستيقاظ على تحسن حالة المريض.

وفي أغلب الحالات الناجحة يتم اللجوء إلى معالجة المريض بواسطة جهاز «CPAP» الذي يدفع الهواء المضغوط بدرجات متفاوتة خلال مجرى التنفس بواسطة كمامة توضع على الأنف أو الأنف والفم معا، مما يعمل على إبقاء مجرى الهواء مفتوحا وتأمين استقرار وظيفة التنفس خلال النوم، ومن ثم الشعور بالراحة عند الاستيقاظ وخلال ساعات النهار.