اضطرابات التواصل.. وحلولها

تشمل الضعف في مهارات النطق والصوت واللغة

TT

يعد التواصل من أهم خصائص الإنسان، فهو يشمل قدرتنا على التعبير عن أنفسنا وحاجاتنا، والاستجابة والتفاعل مع الآخرين من حولنا.

واضطرابات التواصل هي حدوث أي اضطراب في قدرة الفرد على الفهم والتعبير عن أفكاره، أو خبراته، أو معرفته أو مشاعره. والمقصود هنا وجود أي ضعف ظاهر في مهارات النطق واللغة، الذي يمكن أن يكون خلقيا أو مكتسبا. وهذه المهارات تشمل مهارات النطق والطلاقة والصوت واللغة الاستقبالية (الفهم) أو التعبيرية.

تحدثت إلى «صحتك»، الدكتورة نهلة أحمد دشاش، استشارية النطق واللغة، ومدير الخدمات لعلاجية في «مركز جدة للنطق والسمع»، وعضو اللجنة المنظمة للمؤتمر السنوي الحادي عشر للاضطرابات التواصلية، الذي اختتم أعماله يوم الخميس، 13 مايو (أيار) 2010، وأوضحت أن اللغة تعتبر من إحدى أهم وسائل التعبير والتفاعل الإنساني، لذا نجد أن التأخر أو الاضطراب اللغوي في اللغة أحد أهم الأسباب التي تؤثر على التواصل الفعال مع الأشخاص من حولهم. فعدم قدرة الشخص على الكلام والتعبير عن حاجاته ورغباته قد تؤثر بشكل أساسي في سلوكه وفي علاقته بمن حوله. وهي مشكلة قد تترك الأهل في دائرة من الحيرة والإحباط.

اضطراب النطق

* النطق هو العمليات الخاصة بتحويل اللغة إلى رموز، وذلك عن طريق تشكيل الأصوات والمقاطع لكي تصل إلى أذن المستمع. فإذا كان الاضطراب في مهارات النطق وظيفيا، فهذا يعني صعوبة تشكيل الأصوات وربطها ببعضها بعض بصورة عادية وواضحة تتناسب مع عمر الشخص الزمني وجنسه.

أما إذا كان اضطراب النطق ناتجا عن خلل في البرمجة الكلامية (Apraxia)، فهو اضطراب في الكلام يعيق الشخص عن نطق ما يريده بشكل صحيح وثابت. ولا تنشأ هذه الاضطراب عن ضعف في عضلات النطق، ولكن بسبب حدوث خلل في برمجة الكلام. وتتراوح شدة هذه الاضطراب بين بسيطة وشديدة.

التلعثم والتأتأة

* أما اضطرابات الطلاقة، أو التلعثم، ويطلق عليها أيضا التأتأة أو التهتهة أو عدم الطلاقة، فتعرف على أنها أحد الاضطرابات التواصلية التي تتسم بانقطاع لاإرادي وغير عادي يعيق استمرارية واسترسال الكلام بالشكل الطبيعي.

وهذا الانقطاع قد يكون على شكل أو أكثر من الأشكال التالية:

- التكرار: الصوت، المقطع، الكلمة، الجملة.

- الإطالة: إطالة الأصوات.

- الوقفة: مسموعة أو صامتة.

اضطرابات الصوت أما اضطرابات الصوت فتعرف بغياب نوعية الصوت، والنبرة، وعلو الصوت، والرنين، وطول مدة إصدار الصوت، وإصدار ما سبق بشكل غير طبيعي، وذلك لأسباب وظيفية أو عضوية (كظهور حبيبات على الحبال الصوتية) تظهر في شكل بحة صوتية/صوت أجش، أو وجود تغيير في نبرة الصوت أو الشعور بعدم الارتياح أثناء عملية الكلام.

وتضيف د. دشاش أن هناك الكثير من العوامل التي تؤدي إلى حدوث الاضطرابات اللغوية، أو تأخر في اكتساب اللغة، وعادة ما يكون سبب الاضطراب اللغوي واضحا، حيث يعاني الشخص اضطرابا محددا، وتكون مشكلة اللغة أو التأخر في اكتسابها ناتجا عن هذا الاضطراب، أي إن اضطراب اللغة ثانوي للمشكلة الأساسية التي يعانيها الشخص.

ومن أهم الاضطرابات والعوامل التي تسبب حدوث تأخر أو اضطراب في اللغة، الضعف أو الفقدان السمعي، والقصور في القدرات العقلية، والولادة المبكرة، والتأخر في اكتساب اللغة، واضطراب التوحد، واضطراب قلة الانتباه وفرط الحركة، والعامل الوراثي، وعوامل وظروف أخرى مثل الإصابات الدماغية (كالجلطة الدماغية).

اهتمام باضطرابات التواصل ولأهمية مشكلات واضطرابات التواصل، أقام «مركز جدة للنطق والسمع» مؤتمره السنوي الحادي عشر للاضطرابات التواصلية. وقد تناول مواضيع متنوعة في مجال تقييم وعلاج اضطرابات النطق والسمع واللغة والتواصل. وتم التركيز على عقد ورش العمل المتخصصة التي تهدف إلى تعريف المشاركين بالمهارات العملية والتطبيقية في مجال تقييم وعلاج اضطرابات السمع والنطق واللغة والاضطرابات السلوكية، وتعريفهم أيضا بمبدأ الفاعلية العلاجية التي تعتبر من أهم المبادئ التي يجب مراعاتها عند تقديم الخدمات العلاجية، حيث إن إخصائي النطق واللغة غالبا ما يجد نفسه أمام كم هائل من الأهداف العلاجية التي يمكن أن يعمل عليها. لذا، فإن من الضروري جدا التركيز على توفير الخدمات، استنادا إلى مبدأ الفاعلية العلاجية، خصوصا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار مبدأ الفترة الحرجة لاكتساب اللغة والاعتبارات الأخرى، مثل التكاليف العلاجية، وارتفاع نسبة المراجعين للإخصائيين والوقت والجهد.

أهمية التدخل المبكر

* كما شاركت في المؤتمر الدكتورة سوزان آينزلغ، الأستاذة المساعدة في كلية دار الحكمة في مدينة جدة، واستشارية في التحليل السلوكي التطبيقي، حيث شرحت مكونات واستخدام نموذج التعليم السلوكي المباشر في تدريس مهارات القراءة والكتابة واللغة والتواصل وطرق تطبيق هذا النموذج وخصائصه وفوائده في تدريس المهارات الأكاديمية والتواصلية لدى الطلبة الذين يعانون مشكلات طيف التوحد، والمشكلات السلوكية والاجتماعية. وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذا النموذج يعتبر من أنجح البرامج التدريبية، إن لم يكن أفضلها على الإطلاق، كما ثبت من خلال الكثير من الأبحاث على مر العقود الماضية.

وتحدثت في هذا المؤتمر الدكتورة نهى دشاش، استشارية أمراض النطق واللغة، عن «أساليب وتطبيقات التدخل المبكر للأطفال من سن ما بعد الولادة حتى سن الثالثة»، وأوضحت أهم الأهداف العلاجية التواصلية وطرق تحقيقها وإنجازها للأطفال من سن الولادة وحتى ثلاث سنوات، الذين لديهم اضطراب في التواصل، حيث دلت الأبحاث على أن توافر الخدمات العلاجية والخبرات الفنية المناسبة في عمر مبكر يساعد على التقليل من آثار الاضطراب أو الإعاقة في مختلف النواحي التطورية.

معينات بصرية

* وتحدثت الدكتورة ديبرا آرين إخصائية أمراض النطق واللغة من «مركز ستبنغ ستونز» في دبي، عن «استخدام المعينات البصرية والمرئية والقصص الاجتماعية، لتحسين وتعزيز حياة الأطفال الذين يعانون اضطرابات طيف التوحد» وركزت على تطوير المهارات للإخصائيين وللإخصائيات في تطبيق البرامج التأهيلية والتدريبية التي تعتمد على استخدام الجداول المرئية والمخزون الاجتماعي لتحسين مهارات التحصيل العلمي والمهارات اللغوية والعملية في جميع المواقف الحياتية لدى الأطفال الذين يعانون اضطرابات طيف التوحد. فهؤلاء الأطفال غالبا ما يواجهون تحديات وصعوبات في النواحي الأكاديمية والتواصلية والعملية في الحياة اليومية، سواء في البيت أو المدرسة أو المجتمع بكامله.

مشكلات النطق والفونولوجي

* تحدث الدكتور ياسر الصعبي، استشاري النطق واللغة ورئيس وحدة الأبحاث الإكلينيكية رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر، عن «طرق تقييم وعلاج المشكلات النطقية والفونولوجية في اللغة العربية»، وركز على تعريف المشاركين بتطور البناء الصوتي والفونولوجي في اللغة العربية، والتمييز بين الأخطاء والمشكلات النطقية والأخطاء والمشكلات الفونولوجية، والعوامل والأسباب المحتملة لنشوء وتطور هذه المشكلات، كما ركز على الاختبارات المتوافرة في اللغة العربية، التي تساعد إخصائيي النطق واللغة في تقييم الأخطاء والمشكلات النطقية والفونولوجية.

شهادة الجدارة الإكلينيكية وتميزت ندوة هذا العام بتوفير ساعات معتمدة للإخصائيين والإخصائيات الذين يحملون شهادة الجدارة الإكلينيكية من «جمعية النطق والسمع واللغة الأميركية»American Speech - Language and Hearing Association (ASHA)، وذلك بالتعاون مع جامعة هاورد Howard University في الولايات المتحدة الأميركية كجهة ساعات تعليمية معتمدة لـ (ASHA). وبهذا يكون «مركز جدة للنطق والسمع» المركز الوحيد المعتمد على مستوى الخليج والوطن العربي، الذي يقوم بتوفير هذه الفرصة، التي توفر على الكثير من الإخصائيين والإخصائيات عناء السفر إلى الولايات المتحدة الأميركية للحصول على هذه الساعات، وإضافة إلى ذلك فإن الندوة كانت أيضا معتمدة من قبل الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، وهذه توفر أيضا فرصة مهمة للإخصائيين والإخصائيات الذين هم في حاجة إلى هذه الساعات للحفاظ على رخصهم المهينة < لماذا لم يتكلم طفلي حتى الآن؟

* أجاب الدكتور مالك أبو صفية، استشاري ومدير قسم السمعيات في «مركز جدة للنطق والسمع»، عن هذا السؤال الذي يردده كل أب وأم لديه طفل يعاني اضطراب التواصل، موضحا المبادئ الأساسية التي تتعلق بالفترة الحرجة في مرحلة اكتساب اللغة وتطورها لخدمة الأطفال الذين يعانون ضعفا سمعيا، واضطرابات لغوية أخرى. وتطرق إلى جدوى استخدام المعينات السمعية وزراعة القوقعة الإلكترونية، وركز على التعريف بعوامل صعوبة تعلم اللغة وتطورها بالشكل الملائم، وأكد على أهمية توفير البيئة الملائمة والمناسبة لتطور اللغة، وبخاصة في السنوات الأولى من عمر الطفل.