هشاشة العظام لدى الرجال.. هل تقود إلى الإصابة بسرطان البروستاتا؟

الهرمونات الجنسية تلعب دورها

TT

شخصت حالة زوجتي البالغة من العمر 64 سنة، حديثا، بمرض هشاشة العظام. وقال لها الطبيب إن الأدوية ستساعدها في علاج المرض، كما أكد لها أن إصابتها بهشاشة العظام تشير إلى انخفاض خطر الإصابة بسرطان الثدي. وسؤالي هو: هل تؤثر هشاشة العظام لدى الرجال في خطر احتمال إصابتهم بسرطان البروستاتا؟

قد تبدو العلاقة بين العظام والثدي والبروستاتا، لأول وهلة، بعيدة جدا. ولكن في الواقع، هناك علاقة بينها. وتعتمد هذه العلاقة على حقيقة أن كل هذه الأعضاء الثلاثة تتأثر بالهرمونات الجنسية في جسم الإنسان.

* العظام والهرمونات الجنسية

* العظام أنسجة ديناميكية تخضع للتغيير الدائم خلال كل دورة حياتها. ففي فترة الفتوة، تحدث عملية تشكيل العظام بوتيرة أكبر من عملية الهدم، ولهذا تنمو العظام. ثم، وفي مرحلة الشباب البالغ، تصبح هاتان العمليتان متوازنتين، وتكون العظام في أقوى حالاتها.

ولكن ومع التقدم في العمر، فإن عملية هدم العظام تصبح الأقوى، وتأخذ العظام في فقدان الكالسيوم، وتصاب بالضعف. ويطلق الأطباء على النقص في (عوز) الكالسيوم الخفيف في العظام، اسم «ضعف العظام» osteopenia، وعلى حالة النقص الشديد في الكالسيوم اسم «هشاشة العظام» osteoporosis، وهي الحالة التي تسبب ترقق العظام وتزيد من مخاطر كسرها.

وتساعد الهرمونات الجنسية العظام على حفظ الكالسيوم. وعندما تتناقص مستويات هرمون الاستروجين بحدة لدى النساء عند وصولهن إلى سن اليأس من المحيض، يزداد فقدان العظام. أما لدى الرجال فإن مستويات هرمون التيستوستيرون تتناقص بشكل تدريجي، في المتوسط بمعدل 1% سنويا بعد عمر 40 سنة. ولهذا السبب فإن هشاشة العظام تكون شائعة أكثر بين النساء.

وتمتلك النساء اللاتي يتمتعن بمستويات عالية من الاستروجين عظاما أقوى عادة، ولكن، ولأن الاستروجين يؤدي دوره أيضا في تحفيز الثديين، فإن أولئك النساء يكون لديهن خطر أكبر في الإصابة بسرطان الثدي. إلا أن هذه الفروق صغيرة، ولكنها تفسر ما قاله الطبيب لزوجتك.

* دور التيستوستيرون

* ويلعب هرمون التيستوستيرون دوره في تحفيز البروستاتا والعظام. ولذا يعاني الرجال الذين توجد لديهم مستويات قليلة من التيستوستيرون (وهي الحالة المسماة «ضعف المناسل الوظيفي» hypogonadism)، أيضا من هشاشة العظام.

إلا أن العلاقة بين التيستوستيرون وبين سرطان البروستاتا معقدة، ولم يتمكن الباحثون من العثور على علاقة واضحة بين مستويات الهرمون الذكري هذا وبين خطر الإصابة بالسرطان. ومع هذا فإن دراسة على 1012 رجلا قد أظهرت فعلا أن أولئك الذين لديهم كثافة عظام عالية كانوا أكثر بـ1.9 مرة معرضين للإصابة بسرطان البروستاتا مقارنة بالرجال المصابين بهشاشة العظام. وهذه هي دراسة وحيدة، ولكن إن تم إثبات نتائجها فإن الخطوة المقبلة ستكون الشروع في البحث عن أسباب هذه العلاقة.

وإضافة إلى ارتفاع مستويات الهرمون، فإن الاحتمالات الأخرى (لخطر الإصابة) هي المستويات العالية لعوامل النمو مثل عامل النمو الشبيه بالإنسولين، أو الاستهلاك العالي للكالسيوم.

وعلى زوجتك أن تعلم أن معالجة هشاشة العظام لديها بالأدوية غير الاستروجينية nonestrogenic medication لن تزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي. وإضافة إلى الأدوية فعليها أن تتناول الجرعات المخصصة من فيتامين «دي»، والكالسيوم، مع إجراء كثير من رياضة رفع الأثقال ورياضة المقاومة.

وإن كنت من الصنف الذي تنتمي إليه غالبية الرجال، فلن تكون بحاجة إلى إجراء فحص دوري لقياس كثافة العظام، بل عليك ممارسة كثير من التمارين الرياضية، وتناول 800 إلى 1000 وحدة دولية من فيتامين «دي» يوميا (أو جرعات أكبر للأشخاص الأكبر سنا).

إلا أن تناول الكالسيوم أمر محير أكثر لك من زوجتك، ما دامت بعض الدراسات تشير إلى أن الرجال الذين يتناولون كميات كبيرة من الكالسيوم لديهم خطر أكبر في الإصابة بسرطان البروستاتا. وفي الوقت الراهن فإن جرعة من 1200 ملليغرام (مللغم) من الكالسيوم يوميا تبدو صحيحة لصحة عظامك وأيضا لصحة البروستاتا لديك.

* طبيب، رئيس تحرير رسالة هارفارد «مراقبة صحة الرجل»، خدمات «تريبيون ميديا»