انتشار متزايد.. للإصابات ببكتيريا معوية مدمرة

تنتعش في المستشفيات بسبب تدمير المضادات الحيوية للبكتيريا المفيدة لدى المرضى

TT

يأمل أي مريض يدخل إلى المستشفى في أن يخضع لعدد من الفحوص، ويتسلم علاجات تعيد الصحة إليه. وعندما يحصل على أدوية المضادات الحيوية فإنه يتوقع أنها ستقوم بعلاج العدوى، أو منع حدوثها لديه.

إلا أن الأمور لا تسير على هذا النحو؛ إذ يصاب عدد متزايد من المرضى بعدوى، حين وجودهم داخل المستشفيات. كما أن أدوية المضادات الحيوية يمكنها أن تزيد في الواقع من احتمالات الإصابة بعدوى موجودة داخل المستشفيات، خاصة حينما يتعلق الأمر ببكتيريا تسمى «كلوستريديوم ديفيسيل» Clostridium difficile.

على الرغم من أن الأطباء يجاهدون للسيطرة على عدوى الإصابات المعوية التي تسببها هذه البكتيريا التي يطلق عليها اختصارا «C. difficile»، فإن هذه العدوى قد تحولت إلى مشكلة شائعة، يصعب علاجها.

* «القلعة المعوية»

* لا يحيا الإنسان لوحده أبدا، لأن الجسم البشري يموج بالبكتيريا. ويحوي جسم كل شخص نحو 10 تريليونات من الخلايا، إضافة إلى استضافة الجسم لنحو 100 تريليونات من خلايا البكتيريا. وأغلب البكتيريا غير ضارة، بل وحتى الأنواع السيئة من البكتيريا تسلك سلوكا معتدلا في العادة، خاصة إن ظلت في مواقعها داخل الأنسجة التي تعودت على التعايش معها. كما أن بعض أنواع البكتيريا الموجودة داخل الجسم تكون مفيدة جدا له.

وتعتبر القناة الهضمية المثال الأول لهذا التعايش بين الإنسان وبين الجراثيم. وتحتوي القناة الهضمية المتوسطة على 500 إلى 1000 من الأنواع الميكروبية المختلفة التي تبدأ إقامتها هناك منذ أيام الطفولة الأولى وتظل هناك مدى الحياة. وتحيا غالبية هذه الأنواع الحية في الجزء الأسفل من القناة الهضمية، في الأمعاء الغليظة أو القولون. وفي الواقع، فإن مواد البراز تتألف بشكل كبير، من البكتيريا.

وتمتلك أقوى أنواع البكتيريا الكثيرة أسماء مخيفة مثل «إي كولاي» E. coli، «بروتيوس» Proteus، «كليبسيلا» Klebsiella، وبكتيريا المكور المعوي Enterococcus وأشباه البكتيريا Bacteroides. ويتسبب كل واحد من هذه الجراثيم في حدوث أمراض قاتلة، في حال نجاحها في التسرب إلى مجرى الدم أو مهاجمتها لأنسجة أخرى. إلا أن هذه البكتيريا تكون غير ضارة أثناء وجودها في القولون.

وفي الحقيقة، فإن البكتيريا القولونية العادية تساهم مساهمة مهمة في الصحة، فهي تنتج فيتامين «كيه» K، وتحفز جهاز المناعة مساعدة على إقامة التوازن اللازم بين عناصره، وتنزع كذلك سموم مختلف المواد الكيميائية التي يمكن أن تكون ضارة. والدور الحيوي الآخر لهذه البكتيريا هي الالتفاف حول أنواع البكتيريا الضارة، مثل بكتيريا «كلوستريديوم ديفيسيل»، وإخماد نشاطها.

* هجوم البكتيريا

* وتعتبر بكتيريا «كلوستريديوم ديفيسيل» السبب المهم الأكبر لحدوث الإسهال في الولايات المتحدة، إلا أنها لاعبة ضئيلة في قائمة طويلة من أنواع البكتيريا المعوية. وفي الحقيقة، فإن هذه البكتيريا توجد، ضمن أنواع البكتيريا المعوية الأخرى المعتادة، لدى 1 إلى 3 في المائة من الأشخاص البالغين الأصحاء. إلا أن بكتيريا «كلوستريديوم ديفيسيل» هذه توجد لديهم بأعداد قليلة جدا، وتكون غير ضارة في العادة.

ولكن، ما الذي يحول هذه البكتيريا من لاعبة ضئيلة إلى جرثومة رئيسية تؤدي إلى حدوث الخراب لدى عدد متزايد من الأميركيين؟ من المدهش القول إن المتهم الرئيسي هنا، هو أدوية المضادات الحيوية. وقد يبدو هذا الأمر متناقضا، إلا أنه حقيقي، فالمضادات الحيوية موجهة للقضاء على البكتيريا، وهي تؤدي مهمتها هذه. ويقود استخدامها المناسب إلى تدمير البكتيريا الشديدة المسببة للعدوى. ولكن وحتى عندما تنجح هذه الأدوية في مهمتها فإنها تقود لا محالة إلى إحداث أضرار إضافية للبكتيريا غير الضارة التي تحيا في جسم الإنسان.

وعندما تتعرض البكتيريا المعوية الطبيعية إلى «النيران الصديقة» هذه، يحدث نوع من الفراغ. وتقوم بكتيريا «كلوستريديوم ديفيسيل» باغتنام الفرصة في الغالب وملء هذا الفراغ، خاصة لدى المرضى المنومين في المستشفيات، الذين يكون أكثرهم ضعيفا صحيا وغير مهيأ لمجابهة الإجهاد الناجم عن الإسهال والحمى.

* ما هي «كلوستريديوم ديفيسيل»؟

* اكتشف العلماء بكتيريا «كلوستريديوم ديفيسيل» عام 1935، إلا أنهم لم يتعرفوا على السبب الرئيسي لحدوث الإسهال المرتبط بتناول المضادات الحيوية إلا في عام 1978. وقد ارتبطت زيادة الإصابات بهذه البكتيريا في السبعينات من القرن الماضي، بازدياد استخدام المضاد الحيوي «كلينداميسين» clindamycin.

وخلال السنوات العشرين التي أعقبت ذلك، أدى استخدام أدوية المضادات الحيوية الواسعة من عائلتي أدوية «البنسلين»، وأدوية «سيفالوسبورين» cephalosporin إلى ازدياد كبير في عدوى وبائية من بكتيريا «كلوستريديوم ديفيسيل». وفي السنوات الأولى من القرن الحادي والعشرين عثر على صلة بين تناول المضادات الحيوية من عائلة أدوية «فلوروكوينولون» fluoroquinolone وبين الإصابة بنوع جديد خبيث أكثر خطرا من سلالات بكتيريا «كلوستريديوم ديفيسيل».

وتصنف بكتيريا «كلوستريديوم ديفيسيل» بأنها بكتيريا لا هوائية لأنها تنتعش عند انتفاء الأكسجين. ومثلها مثل أبناء عمومتها من أنواع البكتيريا في عائلة «كلوستريديوم» Clostridia ومنها تلك المسببة للكزاز، أو البوتولونيوم، أو الغنغرينا الغازية، فإن بكتيريا «كلوستريديوم ديفيسيل» تمر عبر دورة من الحياة التي تحول فيها أشكال التكاثر النشطة نفسها إلى مرحلة الأبواغ. وتكون الأبواغ spores خاملة، كما يكون تمثيلها الغذائي غير نشط، ولهذا لا تتسبب في حدوث أمراض. ولكن، وفي الوقت نفسه، فإن الأبواغ تكون قوية جدا ويصعب القضاء عليها بواسطة المواد المعقمة، كما أنها لا تتأثر بأقوى المضادات الحيوية.

كيف تسبب بكتيريا «كلوستريديوم ديفيسيل» المشكلات؟ يقوم الإنسان الحامل لأبواغ البكتيريا بطرحها مع البراز خارجا. وقد يحدث أن تتلوث الأيادي أو الطعام بالأبواغ، وبذلك تدخل إلى جسم إنسان آخر. وتأخذ الأبواغ في الحياة داخل القناة الهضمية للشخص الجديد.

وفي أفضل الظروف، فإن البكتيريا الموجودة بشكل طبيعي تحيط ببكتيريا «كلوستريديوم ديفيسيل» وتراقبها مانعة لعملها. ولكن إذا تعرضت البكتيريا الجيدة إلى التدمير بواسطة المضادات الحيوية، فإن بكتيريا «كلوستريديوم ديفيسيل» ستنتصر.

وتتكاثر هذه البكتيريا وتنمو وتفرز سمومها التي تصيب بالضرر بطانة القولون مسببة الإسهال، والالتهاب، بل وأسوأ من ذلك في بعض الأحيان. فإن كانت السلالات العادية من هذه البكتيريا تفرز نوعين من السموم يسميان سم «إيه» A وسم «بي» B، فإن السلالات الخبيثة المفرطة النشاط من هذه البكتيريا تفرز من سم «إيه» كميات أكثر بما يصل إلى 16 مرة ومن سم «بي» إلى ما يصل إلى 23 مرة.

* المهددون بالإصابة

* وعلى الرغم من أن بكتيريا «كلوستريديوم ديفيسيل» يمكنها أن تنتعش لدى الإنسان من دون سبب واضح فإن الغالبية العظمى من ضحاياها هم من مرضى المستشفيات أو دور الرعاية الصحية الدائمة، وأكثرهم ممن تناولوا أدوية من المضادات الحيوية.

ويمكن لأي دواء من أدوية المضادات الحيوية أن يمهد الطريق لانتعاش بكتيريا «كلوستريديوم ديفيسيل»، إلا أن أكثر المضادات الحيوية التي تؤدي إلى انتشارها هي الأدوية التي تؤثر على بكتيريا الأمعاء الغليظة، وإضافة إلى «كلينداميسين» فإن تلك الأدوية تضم أنواعا متنوعة من البنسلين، وأنواع «سيفالوسبورين»، وأنواع «فلوروكوينولون».

ويتعرض المرضى المصابون بأمراض خطيرة ويقضون أوقاتا طويلة في المستشفى، وكذلك المرضى الذين تزيد أعمارهم على 65 سنة، لخطر أكبر.

ولأن حمض المعدة يساعد في مكافحة بكتيريا «كلوستريديوم ديفيسيل»، فإن العلاجات القوية المضادة للقرحة الموجودة ضمن أدوية مثبطات مضخة البروتون proton-pump inhibitor تزيد من خطر التهديد بالإصابة ببكتيريا «كلوستريديوم ديفيسيل».

* الأعراض

* يمكن للأشخاص الأصحاء حمل بكتيريا «كلوستريديوم ديفيسيل» من دون علمهم. وفي بعض الأحيان فإنهم قد يكونون حاملين لنوع من سلالات متحورة من هذه البكتيريا لا تفرز السموم، أو أن تكون كمياتها ضئيلة جدا، أو أن لدى البعض منهم أجساما مضادة طبيعية في الدم تقوم بتحييد سموم «إيه» و«بي». وهناك حيث تأخذ بكتيريا «كلوستريديوم ديفيسيل» في إحداث المشكلات، فإن الأعراض تشمل نطاقا يمتد في نطاق من الأعراض الخفيفة إلى الشديدة، بل وحتى الخطيرة التي تهدد الحياة. ويطلق الأطباء - المولعون دوما بالمصطلحات المختصرة - اسم «CDAD» على «المرض المرتبط ببكتيريا (كلوستريديوم ديفيسيل)» Clostridium difficile - associated disease.

أخف الأعراض التي يولدها «المرض المرتبط ببكتيريا (كلوستريديوم ديفيسيل)»، هي إسهال مائي ثلاث مرات في اليوم على الأقل، يكون مصاحبا في العادة بتقلصات في الجزء الأسفل من الأمعاء. ولا يظهر هنا نزف الدم والحمى، ويكون عدد خلايا الدم البيضاء اعتياديا.

الأعراض المتوسطة تشمل الإسهال المتواصل، وأوجاع في منطقة البطن، والحمى. ويكون الغثيان شائعا. ولا يظهر الإسهال مصحوبا بالدم، إلا أن الفحوص قد ترصد بعض آثار النزف المعوي. وتظهر فحوصات الدم وجود عدد كبير من خلايا الدم البيضاء.

الأعراض الشديدة للمرض، تظهر على شكل حرارة وارتفاع كبير جدا في عدد خلايا الدم البيضاء، كما أن ضغط الدم لدى المريض قد يكون متدنيا، وفي بعض الأحيان يكون قليلا إلى درجة الخطورة. وقد يكون النزف المعوي قويا. وفي حالات «المرض المرتبط ببكتيريا (كلوستريديوم ديفيسيل)» الحرجة جدا، فإنه يقود إلى مضاعفات تسمى «توسع القولون المتسمم» toxic megacolon بحيث يمكن أن يتعرض القولون إلى التشقق أو الخرق.

* التشخيص

* يمكن لأية ممرضة خبيرة أن تشك في وجود «المرض المرتبط ببكتيريا «كلوستريديوم ديفيسيل)» CDAD عند وجود إسهال ذي رائحة كريهة. إلا أنه حتى ومع وجود هذا المؤشر، فإن من الواجب إجراء فحوصات أدق.

وعلى الرغم من أنه يمكن لمتخصص في الميكروبيولوجيا إجراء زراعة لبكتيريا «كلوستريديوم ديفيسيل» من عينة تؤخذ من براز المصاب بالمرض المرتبط بهذه البكتيريا، فإن هذا الاختبار لا يجرى إلا نادرا لأنه بطيء، وثقيل، وذو تكلفة عالية.

وبدلا من رصد البكتيريا نفسها، فإن الوسيلة القياسية المعتمدة هي تشخيص مرض «CDAD» بواسطة رصد سموم البكتيريا داخل براز المصاب. وقد استندت أولى الفحوص إلى حقيقة أن بكتيريا «كلوستريديوم ديفيسيل» تؤدي إلى إحداث أضرار مرئية في الخلايا الموجودة في زراعة الأنسجة. إلا أن الكثير من المختبرات تخلت عن هذه الفحوص لسميّة الخلايا بسبب فترة التشخيص الطويلة التي تمتد إلى 48 ساعة، وبسبب التكلفة.

أما الاختبارات المناعية الحديثة فيمكنها رصد سموم بكتيريا «كلوستريديوم ديفيسيل» في غضون ساعات قلائل. وتعتمد أكثر المختبرات على هذه الاختبارات البسيطة إلا أن المشكلة فيها هي ضرورة وجود كميات غزيرة من السموم تكفي لكي تتعرف عليها إنزيمات التحاليل المناعية immunoassays، وإلا فإنها لن تتمكن من رصد المرض. وإن ظل الطبيب متشككا في وجود المرض على الرغم من النتيجة السلبية لاختبار التحاليل المناعية، فيمكنه طلب إعادة الاختبار أو إرسال عينة إلى المختبر لإجراء اختبار على الخلايا. وفي المستقبل القريب ستدمج الفحوص اختبارات سميّة الخلايا الحساسة مع سرعة وبساطة التحاليل المناعية. وإن أكدت نتائج فحص السموم وجود الإصابة، فإن على الأطباء الاكتفاء بالأمر، أما إن جاءت النتائج سلبية فإن بمقدورهم في بعض الأحيان إجراء تشخيص أعمق.. لمدى قدم أو قدمين نحو الداخل، وذلك بفحص بطانة القولون بواسطة المناظير. وفي هذه الحالة فإن من الضرورة الاستعانة بخبراء للفحص. وفي الحالات الخفيفة إلى المتوسطة من المرض فإن علامات واضحة من الترسبات الصفراء تظهر على بطانة القولون، تسمى «التهابات غشاء القولون الزائفة» pseudomembranous colitis. وفي هذه الحالات غالبا ما يظهر التصوير المقطعي الطبقي ازديادا في سمك جدار القولون. وعلى الرغم من أن وسائل التصوير ليست ضرورية في الحالات الخفيفة من المرض، فإنها مهمة لمرضى الحالات المتوسطة والشديدة المهددين بظهور مضاعفات «تضخم القولون المتسمم».

* علاج قياسي

* الخطوة الأولى للعلاج هي وقف تناول أدوية المضادات الحيوية التي أدت إلى حدوث الإصابة بـ«المرض المرتبط ببكتيريا (كلوستريديوم ديفيسيل)» CDAD. وقد يبدو ذلك الأمر بسيطا، إلا أنه مسألة صعبة للمرضى الذين يحتاجون إلى تناول المضادات الحيوية.

وعلى الرغم من أن عقارا من المضادات الحيوية يمكنه أن يحفز مرض «CDAD» هذا، فإن الخطوة التالية للعلاج هي «مكافحة النار بالنار»، أي وفي هذه الحالة، بإعطاء مضاد حيوي قاتل لبكتيريا «كلوستريديوم ديفيسيل».

وأفضل الأدوية هنا هي «ميترونيدازول» metronidazole («فلاجيل» Flagyl) و«فانكوميسين» vancomycin («فانكوسين» Vancocin).

ويوصي أغلب الخبراء بدواء «ميترونيدازول» للحالات الخفيفة ودواء «فانكوميسين» للحالات المتوسطة والشديدة من المرض.

وما دامت بكتيريا «كلوستريديوم ديفيسيل» تستوطن القناة الهضمية فيفضل تناول هذه الأدوية عبر الفم. ومع هذا فقد يستفيد المرضى المصابون بحالات شديدة من مرض «CDAD» من حقن دواء «ميترونيدازول» في الوريد إضافة إلى تناول دواء «فانكوميسين» عبر الفم (إن كان المريض في حالة تسمح له بتناوله عبر الفم).

وربما تكون الخطوات الملحقة أو الإضافية الأخرى مساعدة. فعلى الرغم من وجود تناقضات تشمل تحذير السلطات الصحية من مغبة تناول أدوية ضد الإسهال البطيء، لأن هذه الأدوية تؤدي من الناحية النظرية على الأقل إلى إعاقة عمل الجسم في محاولته التخلص من بكتيريا «كلوستريديوم ديفيسيل». ولكن ومن جهة أخرى فإن أدوية «كوليستيرامين» cholestyramine («كويستران» Questran) أو «كوليستيبول» colestipol («كوليستيد» Colestid) المصنوعة من الراتنج resin التي تعطى عبر الفم - التي تستخدم في المعتاد لخفض مستوى الكولسترول العالي - قد تساعد على تخفيف أعراض مرض «CDAD» بعد أن ترتبط مع سموم البكتيريا. ومن سوء الحظ فإن الراتنج يرتبط أيضا بدواء «فانكوميسين» ولذا يجب عدم استعمال هذه الأدوية معه.

وقد تتطلب الحالات الشديدة من المرض تدخلات إضافية أقوى. ولأن توسع القولون المتسمم حالة تهدد حياة الإنسان، فإن المرضى الذين يعانون من مضاعفات المرض يخضعون لعملية جراحية طارئة، قد تتطلب استئصال القولون.

* علاجات بديلة وتجريبية

* تستجيب الحالات الخفيفة والمتوسطة من الإصابات بعدوى بكتيريا «كلوستريديوم ديفيسيل» للعلاج بأدوية «ميترونيدازول» و«فانكوميسين» بشكل جيد. إلا أن بعض المصابين يشفون ببطء في حين ينتكس البعض الآخر لتظهر العدوى مجددا لديهم. ولذا يبحث الأطباء عن استراتيجيات علاجية جديدة.

وما دامت بكتيريا «كلوستريديوم ديفيسيل» تنتعش في الظروف التي تتعرض فيها البكتيريا الطبيعية في القولون للتدمير، فإن المنطلق المنطقي هو زيادة ضخ الميكروبات غير الضارة المسماة «بروبيوتيك» probiotics. وفي حالة الإصابة ببكتيريا «كلوستريديوم ديفيسيل» فان هناك دلائل مختلطة على أن «بروبيوتيك» معينة (أنواع من الخمائر Saccharomyces وعصيّات حامض اللبنيك Lactobacillus) قد تقلل من خطر ظهور مرض «CDAD»، إلا أن هناك دلائل قليلة بأن وجودها يسرع الشفاء عند الإصابة بالمرض.

المنطلق الآخر هو تطوير دواء جديد لعلاج «CDAD». وعقار «ريفاكسيمين» Rifaximin (زيفاكسان» Xifaxan) هو دواء من المضادات الحيوية التي تمتص مواده على مستويات نانوية (النانو واحد من المليار) دقيقة متناهية في الصغر، أجازته وكالة الغذاء والدواء لعلاج حالات «إسهال المسافرين». وتفترض دراسات صغيرة أنه قد يكون فعالا لعلاج مرض «CDAD». أما عقار «توليفامير» tolevamer وهو دواء تجريبي من مواد راتنجية ترتبط بسموم البكتيريا فيبدو أنه دواء واعد لعلاج الحالات الخفيفة والمتوسطة للمرض.

وتشهد المنطلقات التجريبية الأخرى على أن «المرض المرتبط ببكتيريا «كلوستريديوم ديفيسيل)»، معقد حقا. إذ يبحث العلماء في عملية حقن الإميونوغلوبولين immunoglobulin (IVIG) في الوريد بأمل أن تحتوي هذه البروتينات الصحية المأخوذة من متطوعين أصحاء على أجسام مضادة تقوم بتحييد سموم بكتيريا «كلوستريديوم ديفيسيل».

وقد أكدت دراسة في عام 2010 الحالي فائدة الأجسام المضادة التي تتوجه خصيصا لمكافحة سموم هذه البكتيريا. وشملت دراسات أخرى إعطاء حقنة شرجية من دواء «فانكوميسين» للمرضى الذين لا يتمكنون من تناوله عبر الفم.

كما يجرب الباحثون أيضا «العلاج البكتيري البرازي» fecal bacteriotherapy الذي يتم فيه استخدام البكتيريا المعوية الموجودة في البراز الطبيعي في حقنة شرجية * تعطى للمرضى بمرض «CDAD».

* عودة الإصابة

* يتعافى أغلب المرضى بحالات خفيفة إلى متوسطة من المرض خلال 10 إلى 14 يوما من تناول دوائي «ميترونيدازول» أو «فانكوميسين». ولو كان مرض «CDAD» عدوى عادية لانتهى أمره. إلا أنه ولسوء الحظ، فإن نحو 20 في المائة من المرضى يصابون مرة أخرى به بعد توقف العلاج.

ويقضي دواء «ميترونيدازول» و«فانكوميسين» على الشكل النشط من بكتيريا «كلوستريديوم ديفيسيل» ولذا تتوقف البكتيريا عن إفراز سمومها ويتوقف الإسهال. إلا أن أبواغ البكتيريا تنجو، ولذا فعندما يتوقف العلاج، فإن بإمكانها أن تحيا مجددا وتفرز السموم. ولذا، فإن عاد الإسهال، فعلى الطبيب إعادة فحوص التشخيص.

وفي أحوال كثيرة تقاوم أي بكتيريا أدوية المضادات الحيوية. إلا أن ذلك لا ينطبق على بكتيريا «كلوستريديوم ديفيسيل» لأنها تظل تستجيب للعلاج بدواءي «ميترونيدازول» و«فانكوميسين».

ويوصي أغلب الخبراء بعلاج مطول بدواء «فانكوميسين» في حالات عودة الإصابة، وينادي بعضهم بالعلاج لمدة شهر مع جرعة تتناقص تدريجيا، بينما يدعو آخرون إلى إجراء علاج متقطع. كما لا يوجد إجماع بينهم حول عملية العلاج عند عودة الإصابة، فهناك خيار لإعطاء «فانكوميسين» أولا ويليه «ريفاكسيمين». إلا أن بعض الخبراء يتوجهون لاستخدام العلاج التجريبي IVIG، أو «بروبيوتيك»، أو العلاج البكتيري البرازي.

* الوقاية من العدوى

* إن العدوى ببكتيريا «كلوستريديوم ديفيسيل» مسألة يمكن الوقاية منها. وتبدأ خطوات الوقاية بإجراء تشخيص لمرض «CDAD» بحيث يمكن السيطرة على العدوى قبل انتشارها. وأهم الخطوات منع الاتصال بالمرضى أو ملامستهم، وتحويل المرضى للنوم في غرف خاصة وتنظيف أفراد الطاقم الطبي أياديهم، والاحتراس عند ملامسة المريض.

ومن المفروض تعقيم الأسطح الجافة في غرف المرضى؛ إذ إن أبواغ بكتيريا «كلوستريديوم ديفيسيل» يمكنها الديمومة لأسابيع وأشهر عند وجودها على تلك الأسطح.

وعندما تحدث الإصابة في المنزل يصبح غسل أيادي المريض وأفراد العائلة بالماء والصابون ضروريا، ويستحسن أن يستخدم المريض حماما ودورة مياه منفصلين.

إن بكتيريا «كلوستريديوم ديفيسيل» قديمة، إلا أن «المرض المرتبط ببكتيريا (كلوستريديوم ديفيسيل)» جديد نسبيا، وسببه المضادات الحيوية. ولذا ينبغي توظيفها بشكل ملائم لصحة الإنسان.

* رسالة هارفارد «مراقبة صحة الرجل»، خدمات «تريبيون ميديا»