عقار الأسيتامينوفين يعرض المراهقين إلى الربو والإكزيما

دراسة جديدة تحذر من عواقب تناوله

TT

يعد عقار الأسيتامينوفين (الباراسيتامول) أحد أفضل المسكنات البسيطة وخوافض الحرارة وأكثرها انتشارا، نظرا لما يتمتع به العقار من فاعلية كبيرة إلى جانب قلة أعراضه الجانبية ومخاطره. وتنتشر العقاقير المحتوية على مادة الأسيتامينوفين في الدول كافة تحت أسماء مختلفة، مثل «بانادول» و«تايلينول» و«أناسين 3» و«أكامول»، ولا يحتاج استخدامها إلى وصفة طبية في أغلب دول العالم.

حذرت دراسة حديثة من أثر استخدام العقاقير المحتوية على مادة الأسيتامينوفين (الباراسيتامول) في الفئة العمرية للمراهقين على زيادة نسب الإصابة بداء الربو الشعبي والإكزيما الجلدية وأعراض الحساسية؛ إذ أشارت نتائج الدراسة الصادرة عن معهد الأبحاث الطبية النيوزيلندي إلى أن استخدام الأسيتامينوفين من قبل المراهقين في سن 13 إلى 14 عاما قد صاحبه ارتفاع معدل الإصابة بالأزمات الربوية.

ويوضح الموقع الإلكتروني للجمعية الأميركية لأطباء الأمراض الصدرية الذي نشر الدراسة، قبل أن تنشر في عدد لاحق للدورية الأميركية لطب الجهاز التنفسي والحالات الحرجة American Journal of Respiratory and Critical Care Medicine، أن البحث النيوزيلندي تم لصالح «الدراسة العالمية حول الربو والحساسية في سن الطفولة (إيساك) ISAAC»، وهي الدراسة العالمية الأهم والأشمل حتى الآن في ما يخص إصابات الحساسية والربو الشعبي والإكزيما لنحو مليوني طفل في 106 دول حول العالم.

واعتمد البحث النيوزيلاندي مبدئيا على استبيانات لـ«إيساك» تم إجراءها في 113 مركزا طبيا بخمسين دولة مختلفة حول العالم، وشمل 300 ألف مراهق في عمر 13 إلى 14 عاما. واهتم الاستبيان بالسؤال حول طبيعة تعاطي هؤلاء المراهقين لعقاقير تحتوي على الأسيتامينوفين، من حيث الكمية والمدة الزمنية، وقسمهم إلى ثلاث فئات: غير مستخدمين، مستخدم متوسط (مرة واحدة على الأقل في العام)، ومستخدم بإفراط (مرة واحدة على الأقل في الشهر). كما اهتم الاستبيان بتقصي حالة المراهقين من حيث الإصابة بأعراض الحساسية أو الربو الشعبي أو الإكزيما.

نوبات الربو والإكزيما

* وأشار الاستبيان إلى وجود رابط قوي بين استخدام الأسيتامينوفين وبين مخاطر الإصابة بنوبات الربو أو الإكزيما، حيث ظهر أن فرص حدوث الأزمات الربوية تضاعفت تقريبا بين المستخدمين المتوسطين مقارنة بغير المستخدمين، ووصلت إلى أكثر من 2.5 بين المستخدمين بإفراط. كما أظهرت الدراسة ارتفاع نسب حدوث التهابات الأغشية المخاطية (نتيجة الحساسية) والإكزيما بين المستخدمين.

وكان مما عضد النتائج، ما توصلت إليه دراسة أخرى تمت على مجموعة صغيرة من البشر في إثيوبيا عن وجود ارتباط قوي بين استخدام الأسيتامينوفين ونشوء الربو الشعبي وأعراض الحساسية. إضافة إلى نتائج دراسة أخرى أسبق في الولايات المتحدة، اهتمت بدراسة أفضلية استخدام العقاقير المحتوية على الأسيتامينوفين أو الإيبروفين في علاج حالات ارتفاع درجات الحرارة لدى المراهقين، واتضح للقائمين على الدراسة تردد بعض الحالات (التي ارتفعت حرارتها لأسباب تنفسية) بعد العلاج على عيادات الصدر للشكوى من أعراض الحساسية أو الربو.

أسباب مجهولة

* وعلى الرغم من نتائج الدراسة القاطعة، فإنها لم تستطع أن تقدم إجابات مباشرة حول الأسباب الحقيقية التي ترفع من معدل الإصابة بأمراض الربو الشعبي والإكزيما وأعراض الحساسية بين المراهقين في حال استخدامهم للأسيتامينوفين. وإن كان هناك كثير من النظريات المقبولة التي قد تفسر مثل هذا الارتباط؛ ومنها: أن الأسيتامينوفين قد يكون له تأثير مثير لأعراض الالتهاب العام في الجسم، عبر مسار معقد، يؤدي إلى ظهور أعراض الحساسية الناجمة عن تفاعلات مناعية، مثل الربو والإكزيما.

أو أن الأسيتامينوفين، على العكس، يثبط من المناعة بقدر ما، بحيث تستمر الأعراض لفترات طويلة، خاصة تلك الناجمة عن الإصابة بميكروبات مثيرة للأغشية المخاطية للجهاز التنفسي، التي تثير الحساسية لدى الأطفال وتتسبب في أزمات ربوية.

ويؤكد البروفسور ريتشارد بيزلي، أستاذ الطب في معهد الأبحاث الطبية النيوزيلندي، أن نتائج الدراسة يجب أخذها على محمل الجد، ويجب أن يتم إجراء مزيد من الأبحاث حول هذا الموضوع؛ إذ إن أمراض مثل الربو الشعبي تؤرق المجتمع العالمي بما فيه الكفاية، وتضع أعباء صحية ومادية ونفسية كبيرة على كاهل المسؤولين من القطاعات كافة، ولو كان إيقاف استخدام عقار كالأسيتامينوفين في فئة عمرية معينة سيسهم في تقليص فرص الإصابة بتلك الأمراض، فيجب السعي حثيثا من أجل التأكد من ارتباط العقار وحدوث الأعراض بكل الطرق الممكنة، قبل وقف استخدامه الفعلي لتلك الفئة العمرية.