علاج واعد لمرضى الالتهاب الكبدي الفيروسي «سي»

يحقق الشفاء بنسبة تصل إلى 80% في أقل من ستة أشهر

TT

يعد التهاب الكبد الفيروسي «سي» HCV من أكثر أمراض الكبد خطورة، وقد وصف بالوباء «الصامت» لعدم وجود أعراض مرضية له في المراحل الأولى من الإصابة التي تمر عادة دون أن يعرف المصاب بحدوثها، فيبقى مجهولا بشكل نسبي. ويتم تشخيصه عادة في مراحله المزمنة عندما يبدأ ظهور الأعراض بالعلامات المبكرة لتأثر الكبد.

ويصيب الالتهاب الفيروسي «سي» 170 مليون إنسان على مستوى العالم، على الأقل. ويقدر عدد الذين يموتون سنويا بسببه بـ10000 إنسان. وعليه فإنه يعتبر أكبر مرض مهدد للصحة بشكل عام.

لسوء حظ المرضى، فلا يوجد لقاح ضد الفيروس «سي»، وتظل الطريقة الوحيدة هي الوقاية من المرض، وذلك بتقليص خطر التعرض للفيروس، وهذا يعني أن يتفادى المرء تصرفات غير صحية مثل المشاركة في استعمال الإبر أو المشاركة في الأغراض الشخصية مثل فرشاة الأسنان وشفرة الحلاقة ومقلمة الأظافر مع شخص مصاب بالمرض، وتفادي الوخز أو الجرح اللاإرادي بإبرة أو مشرط ملوث بالفيروس أثناء العمل في المختبرات أو في غرف العمليات، والوشم أو الحجامة بإبر غير معقمة، أو الشذوذ الجنسي أو العلاقات الجنسية المحرمة.

ولا يحقق العلاج المتوفر حاليا سوى فائدة لا تزيد على 50 في المائة من عدد المرضى المعالجين.

* مستجدات العلاج

* وقد التقت «صحتك» في «الشرق الأوسط» الباحثة السعودية في علم الفيروسات الممرضة، الدكتورة إلهام طلعت قطان، للحوار حول المستجدات الأخيرة في علاج هذا المرض، فأكدت أولا أن فيروس الالتهاب الكبدي الوبائي المزمن واسع الانتشار في جميع أنحاء العالم، حيث زاد سوء المرض، مما شكل عبئا على مؤسسات الرعاية الصحية، إضافة إلى التكاليف العالية للعلاج والمتابعة التي تقدر في الولايات المتحدة وحدها بما يزيد على 5 مليارات دولار سنويا.

وأضافت أن العلاج الفعال والوحيد حاليا هو الجمع بين العلاجين «بيج - إنترفيرون – ألفا» peginterferon alfa عن طريق الحقن و«ريبافيرين» ribavirin عن طريق الفم (peg - IFNa + RBV)، وهما مكلفان وباهظا الثمن، ولهما الكثير من الآثار الجانبية، كما أن العلاج، ولسوء الحظ، ليس فعالا إلا فيما يصل إلى 50 في المائة من المصابين وذلك بالنوع الوراثي سي 1.

وتطرقت الدكتورة إلهام قطان إلى الدراسة التي أجرتها مؤخرا حول الاستجابة للعلاج، فأفادت بأنها قامت باختبار الأنماط البروتينية الرابطة بين العلاجين peg - IFNa + RBV، وذلك باختيار المرضى المصابين في فترات مختلفة تبعا لاختلاف استجابتهم للعلاج، حيث عادة ما تكون نسبة الاستجابة وتقبل العلاج متصلة بمعدل ثبات الفيروس وتصل إلى 55 في المائة، وتجدر الإشارة إلى أن القيمة التنبؤية لحركية أو ديناميكية الفيروس خلال مرحلة تلقي العلاج تتصل بالعوامل الأساسية التي تربط المريض ومقاومته للعلاج بالفيروس، وبالتالي تحديد استجابته.

وبالمقارنة بدراسات أخرى عالمية أشارت د. قطان إلى الدراسات اليابانية الحديثة التي أظهرت أن استراتيجية التحور في الفيروس ترتبط بشكل إيجابي باستجابة المريض للعلاج؛ فهناك استجابة مستمرة برهنت على أنها مرتبطة بالتطور والتحور النوعي للفيروس، في الوقت الذي يرتبط فيه النوع الأساسي ارتباطا وثيقا بعدم استجابة المريض.

ولكن يأتي هذا الاستنتاج على العكس تماما مع نتائج الدراسة التي قامت بها د. قطان وكذلك الدراسات التي أجريت في كل من أوروبا وأميركا التي أثبتت أن التطور أو التحور النوعي للفيروس يحدث في أقل من عام مع التردد التضاعفي والمنخفض جدا للفيروس. في الوقت الذي أظهرت فيه نتائج هذه الدراسات أن أي تغييرات تحصل في الفيروس تكون نتيجة لحدوث طفرات لا تؤثر ولا ترتبط باستجابة المريض، الأمر الذي من شأنه التمكن من اختيار أفضل لأولئك الذين سيستفيدون من الاستمرار في العلاج.

* أبحاث جديدة

* وذكرت د. قطان أن البحث عن الرؤية الحيوية في هذا المرض تمت من خلال التركيز على زيادة الاهتمام في السنوات الأخيرة بنتيجة التقدم الذي أحرزته التكنولوجيا والعلوم، ففي مقال نشر الشهر الماضي في الولايات المتحدة الأميركية، قال البروفسور كينيث شيرمان، في جامعة سينسيناتي كلية الطب، الذي قام فريقه بإجراء بحث مع شركة «فيرتكس» للأدوية، إن الدراسة عثرت الآن على دليل على أن تركيبة الفيرتكس VRTX أو الاسم العلمي Telaprevir مع العلاجات القياسية من كل من البيج إنترفيرون والريبافيرين peg - IFNa + RBV، يمكنها السيطرة على مرض الكبد المزمن في مدة زمنية تتراوح من 24 إلى 48 أسبوعا.

وفي المرحلة الثالثة من البحث، التي تم فيها اختبار 540 مريضا من الذين لم تسبق معالجتهم لفيروس التهاب الكبد الوبائي بالعلاجات القياسية البيج إنترفيرون والريبافيرين peg - IFNa + RBV، فقد تم استخدام العقار التجريبي VRTX، مضافا إليه كلا العلاجين (البيج إنترفيرون والريبافيرين peg - IFNa + RBV) على مجموعة من المرضى ولمدة 24 أسبوعا. وبينت النتائج والتحاليل المخبرية أن الفيروس تمت السيطرة عليه في 92 في المائة من المرضى، في حين شفي 88 في المائة من المرضى في 48 أسبوعا. في حين جاء الكشف عن الفيروس في الأسابيع الأربعة و12 من الدراسة بنتائج سلبية، مما دل على فعالية العلاج بصورة جيدة. في حين أنه انخفض معدل التضاعف الفيروسي فيما يقرب من 7 في المائة من المرضى المختارين في هذه الدراسة. أما القليل الباقي من المرضى فلم يشفوا مع العلاج لعدم تمكنهم من الاستجابة له.

ومن المتوقع لهذه البيانات أن تكون جزءا من حقوق الشركة للحصول على موافقة الولايات المتحدة وأوروبا ومنظمة العلاج والدواء FDA على العقار الجديد ليبدأ التصريح بالعمل في العام المقبل، ليضيف أملا جديدا للمرضى المزمنين، الذين يعانون من صراع الألم والتعب مع فيروس التهاب الكبد «سي».

* علاج فعال

* وتؤكد هذه الدراسة فعالية هذا العلاج مع العلاجات القياسية المتبعة الآن، حيث أظهرت وبشكل واضح أن المرض انتهى في ثلاثة من كل أربعة مرضى. وحينئذ سيكون الاختبار الكبير المقبل لتيلافير Telaprevir أو الفيرتكس VRTX في الدراسة المحورية لدى المرضى الذين ليس لديهم أي أدنى استجابة للعلاجات القياسية من البيج إنترفيرون والريبافيرين peg - IFNa + RBV. وفي دراسة أخرى، سوف تنشر قريبا إن شاء الله، تم اختبار 650 مريضا ليس لديهم أي استجابة للعلاج، من المتوقع أن تتم استجابتهم بنسبة كبيرة، وذلك في نصف الوقت الذي تستغرقه العلاجات القياسية الأخرى لهذا المرض.

ومن المعروف أن العلاجات القائمة غالبا ما تتسبب في أعراض تشبه أعراض الإنفلونزا مع بعض الآثار الجانبية للعلاج مثل التعب، وحكة في الجلد، والغثيان، مما يشكل تعبا وعدم استقرار نفسي للمريض. ويجرى البحث للتغلب على هذه الآثار الجانبية التي يحدثها العلاج بالشكل الذي يتم معه تحفيز المرضى على الصبر ومواصلة العلاج.