لقاح صيني فعال مضاد لفيروس الالتهاب الكبدي الوبائي «إي»

للتحصين من المرض الذي يفتك بالأطفال والشيوخ والحوامل

TT

أظهرت تجارب أبحاث صينية نجاحا فائقا للقاح جديد ضد مرض الالتهاب الكبدي «إي» (E) في حماية الأشخاص الذين تلقوا ثلاث جرعات، بنسبة 100% من الإصابة بالمرض في خلال العام التالي للتحصين، بل إن التجارب أظهرت إمكانية استخدام اللقاح بأمان من خلال جرعتين فقط في حالات تفشي الأوبئة أو تحصين المسافرين إلى مناطق موبوءة في خلال وقت قصير.

نشرت دورية «لانسيت» الطبية على موقعها الإلكتروني «thelancet.com» مؤخرا أن علماء من جامعة زيامن الصينية تمكنوا من التوصل إلى لقاح يحمي من الإصابة بفيروس الالتهاب الكبدي «إي» (E) بنسبة تصل إلى 100% من الأشخاص الذين تلقوا ثلاث جرعات عن طريق الحقن العضلي بالنظام المعروف بـ«صفر، واحد، ستة أشهر» (أي جرعة أولى، تليها جرعة ثانية بعد شهر، ثم ثالثة بعد ستة أشهر).

وكانت التجارب الاختبارية للقاح في مرحلتها الثالثة (التي يتم إجراؤها على مجموعة كبيرة من البشر مقارنة بعقاقير أخرى) قد شهدت نجاح العقار الصيني في إثبات جدواه وفاعليته، في مختلف الأعمار بين 15 و65 سنة ولدى الجنسين على حد سواء.

وقسم الباحثون المتطوعون الذين بلغ عددهم نحو مائة ألف إلى مجموعتين، تلقت الأولى ثلاث جرعات (صفر، شهر، ستة أشهر) من اللقاح المضاد لفيروس «إي»، في حين تلقت المجموعة الثانية عقارا غير ذي صلة «Placebo» وهو اللقاح المضاد للفيروس من النوع «بي» (B) على سبيل المقارنة لإثبات الفاعلية. وأشارت النتائج اللاحقة إلى إصابة 15 شخصا من الذين تلقوا اللقاح غير ذي الصلة بمرض الالتهاب الكبدي «إي» (E)، في حين لم يصب أي من أولئك الذين تلقوا اللقاح الفعلي بالمرض على مدار العام التالي للجرعة الأخيرة من اللقاح.

كما أظهر جزء مواز من التجارب أن اللقاح فعال أيضا بنسبة 100% في حال استخدام جرعتين منه فقط (صفر، شهر)، وهو الأمر الذي قد يكون له أثر بالغ في حالات تفشي الأوبئة أو الاضطرار للسفر إلى مناطق موبوءة أو تلك التي يستوطنها المرض دون وجود مجال للانتظار لمدة 6 أشهر كاملة للتطعيم، حيث تقتصر مدة التلقيح على جرعتين خلال شهر واحد فقط. ولكن هذا البروتوكول المختصر لا يفضل تطبيقه على التلقيح في الأحوال العادية، حيث تعتبر الجرعة الثالثة من اللقاح بمثابة جرعة «تأكيدية» وتنشيطية للقاح.

وأشار الباحثون إلى أن اللقاح لا يزال في حاجة إلى مزيد من المتابعة فيما يتعلق بمدة الوقاية التي يكفلها للمتلقي (بعد العام الأول)، ومتى يحتاج الشخص لجرعة تنشيطية لاحقة، ومدى فاعليته ومعدل أمانه في فئات الأعمار الصغيرة والكبيرة جدا، ومدى أمان استخدامه في الحوامل، وهي نقاط لم يتناولها البحث الرئيسي بالاهتمام والدراسة.

* الفيروس «إي»

* وعلى الرغم من أن فيروس الالتهاب الكبد «إي» (E) يعتبر أحد أضعف الفيروسات التي تصيب الكبد، فإن عدد المصابين به يقدر بحسب إحصاءات دولية عالمية بنحو ثلث سكان الأرض، معظمهم من دول نامية، وإن كانت معدلات الإصابة في طريقها إلى الارتفاع في الدول المتقدمة أيضا ليصبح الالتهاب الكبدي «إي» (E) أحد أبرز أسباب الإصابة بالالتهابات الكبدية الحادة في الدول الغربية على وجه العموم.

وتسبب الإصابة بفيروس الالتهاب الكبدي «إي» (E) غالبا أعراضا طفيفة ومحدودة، لا تختلف في طبيعتها عن الأعراض الناجمة عن الإصابة بفيروسات الكبد الأخرى. وهو يشبه فيروس الالتهاب الكبدي «إيه» (A) من حيث إن كلا منهما ينتشر عن طريق تلوث الأطعمة، إلا أن الفيروس «إي» يظهر شراسة فائقة في مهاجمة بعض فئات البشر أكثر من غيرهم، فهو ينشط أكثر في مهاجمة الأطفال حتى الخامسة عشرة من العمر، وكذلك في كبار السن فوق الخمسين، ويتسبب في مقتل ما بين واحد وثلاثة في المائة من هاتين الفئتين. كما أنه يتسبب في مشكلات كبيرة للحوامل، فنسب الوفاة تصل في المصابات به إلى ما بين 5 و25%، بالإضافة إلى أن معظم الناجيات لا ينجحن في إتمام حملهن بسلام، بسبب الإجهاض أو وفاة الجنين. وتعتبر الإصابة بفيروس الالتهاب الكبدي الوبائي «إي» (E) قاتلة في أغلب الحالات بالنسبة لمن يعانون من أمراض الكبد المزمنة.