«متلازمة تأخر مرحلة النوم».. عراضها وعلاجها

نوع من اضطرابات النوم يختلف عن الأرق

TT

هل يعد التقلب على الفراش من دون نوم حتى الثالثة بعد منتصف الليل، أحد صور الأرق؟ أم أنه قد يكون أحد صور الاضطراب الأخرى، مما يتطلب أنواعا منفصلة من العلاج؟ يجيب كل من الدكتور شيلبي فريدمان هاريس، والدكتور مايكل ثوربي من مركز «مونتيفيوري» الطبي عن أسئلة أحد «محبي السهر»، وهو سامي من كاليفورنيا، الذي يشعر بالقلق بشأن الأرق.

لست متأكدا من التفريق بين متلازمة تأخر مرحلة النوم، والأرق. هل من الممكن أن يعاني الفرد من الاثنين معا؟ لقد كنت دوما مثل البومة الليلية أحب السهر وكافحت الأرق طوال حياتي. وفي الآونة الأخيرة، وفي ظل العمل في وظيفة مجهدة، أصبح الأمر أكثر صعوبة في الحصول على قدر كاف من النوم أثناء الليل. فماذا عن «الميلاتونين»؟ أخشى الاعتماد على أي دواء وتجنبت الوصفات الطبية. أتناول «الميلاتونين» وأبحث عن معلومات حول آثار تعاطيه على المدى الطويل. شكرا لكم لإعطائي الفرصة للسؤال حول هذا الأمر.

* نوعان من الاضطرابات

* يجيب الدكتور هاريس والدكتور ثوربي كما يلي:

يعد كل من متلازمة تأخر مرحلة النوم، والأرق، نوعين مختلفين من الاضطرابات، فالمرضى الذين يعانون من متلازمة تأخر مرحلة النوم يواجهون في العادة صعوبة في النوم، لكن بمجرد أن يخلدوا إلى النوم، لا تكون لديهم أي صعوبات في الحصول ليلة كاملة من النوم، وفي العادة ينامون حتى فترة متأخرة من الصباح أو قرب وقت الظهيرة.

ومن جهة أخرى فإن الأفراد الذين يعانون الأرق، قد يواجهون صعوبة في الخلود إلى النوم أو مواصلة النوم، حيث إنهم يستيقظون مبكرا للغاية أو يشعرون بأن النوم ليس من الأمور الباعثة على الراحة. ويعاني معظم مرضى الأرق من مزيج من الأعراض مثل الصعوبة في الخلود إلى النوم وكذلك مواصلة النوم. كما أن الأرق في العادة يرجع إلى بعض الأسباب الخاصة، مثل معاناة أحد صور الاضطرابات الطبية أو النفسية كالاكتئاب.

* «محبو السهر»

* تعد أجسادنا مبرمجة بيولوجيا، من خلال الإيقاعات اليومية، والنوم أثناء الليل واليقظة أثناء النهار. وفي بعض الحالات، من الممكن أن تتغير هذه الإيقاعات، مما يسبب حدوث اضطرابات في أوقات النوم واليقظة عن المعتاد. وفي متلازمة تأخر مرحلة النوم، تبدأ دورة النوم في فترة متأخرة من الليل، مع تأخر وقت الاستيقاظ الطبيعي في الصباح.

وينظر الكثير من المرضى الذين يعانون متلازمة تأخر مرحلة النوم إلى أنفسهم على أنهم من «محبي السهر». من الشائع عندنا أن نؤخر أوقات النوم واليقظة بسبب الحفلات التي تستمر حتى فترة متأخرة من الليل وغيرها من الأنشطة الاجتماعية، لكن ذلك لا يعني أننا نعاني هذا النوع من الاضطراب.

ويعد الأفراد الذين يعانون هذه المتلازمة غير قادرين على العودة إلى برنامج زمني طبيعي، على الرغم من محاولاتهم، وينتهي بهم الأمر في قضاء وقت طويل في الفراش يقظين قبل أن يخلدوا إلى النوم. وإذا كنت غير قادر على الخلود إلى النوم بسهولة بعد عدة ليال من النوم متأخرا، فإنك إذن لا تعاني متلازمة تأخر مرحلة النوم.

وتتم رؤية حالة متناقضة لكن مماثلة، تدعى متلازمة تقدم مرحلة النوم، على نحو شائع بين البالغين الآخرين. ويحدث هذا الاضطراب عندما يخلد أحد المرضى إلى النوم في وقت مبكر أكثر من المرغوب فيه، لكنه يستيقظ في وقت مبكر للغاية في الصباح بعد النوم طوال الليل. وهذا المريض، في هذه الحالة، يواجه صعوبة كبرى في البقاء يقظا حتى فترة متأخرة من الليل.

* معاناة المراهقين

* وفي العادة نلاحظ متلازمة تأخر مرحلة النوم بين المراهقين الأصغر سنا، الذين يتغير الإيقاع اليومي لديهم بصورة طبيعية من النوم في الساعة الثامنة أو التاسعة مساء إلى النوم في الحادية عشرة مساء أو في منتصف الليل أثناء فترة المراهقة. وقد يحتاج المراهقون إلى 9 أو 10 ساعات من النوم أثناء الليل، لكنهم في الغالب يحتاجون إلى الاستيقاظ مبكرا في الصباح للذهاب إلى المدرسة. ونتيجة لذلك، يكونون في الغالب محرومين من النوم أو متعبين أثناء اليوم. ويشير اتجاه حالي من الأبحاث إلى أنه ينبغي أن تكون هناك فترات متأخرة من بدء اليوم الدراسي بالنسبة للمراهقين، ويتم تخصيص أوقات الدراسة المبكرة للأطفال الأصغر سنا. ويستجيب المراهقون ويؤدون أداء أفضل في المدرسة عندما يتعلمون أثناء الفترات الأمثل من الناحية البيولوجية. وعلى الرغم من أن تأخر النوم يكون أمرا طبيعيا تماما لدى المراهقين، فإنه يجب السعي إلى العلاج من متلازمة تأخر مرحلة النوم إذا كانت تتسبب في صعوبات كبيرة في الاستيقاظ في الصباح أو النوم الزائد أثناء النهار أو القلق أو مشكلات متعلقة بالانتباه أو التركيز، وعدم الاستجابة بسهولة للنوم مبكرا.

وهناك في كثير من الأحيان بعض الالتباس في تشخيص متلازمة تأخر مرحلة النوم، حيث إن هذه الحالة يمكن بسهولة أن تبدو كأحد صور الأرق. وعلى سبيل المثال، نرى في الغالب مرضى يتم إخبارهم بأنهم يعانون الأرق ولا ينامون حتى الثالثة بعد منتصف الليل، وبالتالي يحصلون على 3 أو 4 ساعات من النوم كل ليلة. ومع ذلك، عند سؤالهم كيف ينامون في عطلات نهاية الأسبوع أو في الإجازات من دون أي قيود على وقت الاستيقاظ، فإنهم يحصلون على 7 أو 8 ساعات من دون أي مشكلات، فعلى سبيل المثال، قد ينامون من الساعة الثالثة بعد منتصف الليل حتى الساعة الحادية عشرة صباحا.

* علاج تأخر النوم

* ويعد فهم الاختلاف بين متلازمة تأخر مرحلة النوم والأرق أمرا مهما، حيث إن علاج الحالتين مختلف تماما. من الممكن معالجة اضطرابات الأرق سلوكيا، وغالبا بمزيج من المنومات وغيرها من الأدوية، أو العلاج من الاضطراب الطبي أو النفسي الكامن. وتتطلب متلازمة تأخر مرحلة النوم في العادة أنواعا كثيرة ومختلفة من العلاج، وقد يكون السعي إلى مساعدة أحد الأخصائيين في معالجة اضطرابات النوم مفيدا للغاية في هذا الشأن.

وأحد الخيارات لمتلازمة تأخر مرحلة النوم هو علاج الساعة البيولوجية. وفي هذا النوع من العلاج، يؤخر المريض فترة النوم بصورة تدريجية كل يوم بواقع من ساعتين إلى 3 ساعات، حتى يأتي وقت النوم ووقت الاستيقاظ في النهاية إلى الأوقات المرغوب فيها. وقد يكون علاج الساعة البيولوجية أحد أنواع العلاج الفعال بالنسبة إلى البعض، لكن هذا النوع له قيود عندما يتعلق الأمر بالتطبيق، حيث إنه يتطلب من المريض أن يقضي عدة أيام في النوم أثناء اليوم، وأن يكون يقظا طوال الليل. يحتاج المريض إلى تقييد جميع الأنشطة وكذلك الأضواء والضوضاء أثناء فترات النوم الآمنة.

وهناك خيار آخر فعال للغاية، وهو علاج الإضاءة الساطعة، الذي يجري إعطاؤه في الصباح لمتلازمة تأخر مرحلة النوم. ويتطلب ذلك من المريض أن يجلس في ضوء ساطع لمدة ساعة كل مرة. وقد يكون ضوء الشمس فعالا للغاية، على الرغم من أن الكثيرين يختارون استخدام مصابيح ضوئية للراحة، لا سيما في الأيام الغائمة أو في الشتاء. ويُنصح بالسعي إلى مساعدة أحد الأخصائيين في اضطرابات النوم، حيث إن استخدام الضوء الساطع في الوقت الخاطئ من اليوم قد يجعل المشكلة في الواقع أكثر سوءا.

* هرمون «الميلاتونين»

* وفي النهاية، يعد «الميلاتونين»، وهو هرمون طبيعي تنتجه الغدة الصنوبرية في الجسم، فعالا أيضا في علاج اضطرابات الإيقاع اليومي، بما في ذلك متلازمة تأخر مرحلة النوم واضطرابات الرحلات الجوية الطويلة. ويستخدم «الميلاتونين» في العادة إلى جانب العلاج السلوكي، وفي بعض الأحيان العلاج الدوائي. وفي حالات متلازمة تأخر مرحلة النوم التي يعد من الصعوبة حلها، يجب علينا في كثير من الأحيان استخدام من 3 إلى 4 خيارات للعلاج في الوقت نفسه لمساعدة المريض. وعلى الرغم من أن الكثير من الأفراد يستخدمون «الميلاتونين» أيضا لعلاج الأرق، فإنه لا يعد فعالا لعلاج هذه الحالة.

وتعد الغدد الصنوبرية غير نشطة أثناء اليوم، لكن عندما تغرب الشمس تصبح نشطة وتبدأ في إنتاج «الميلاتونين» بصورة طبيعية. ويُباع «الميلاتونين» في متاجر الأطعمة الصحية والصيدليات كمساعد غذائي من دون وصفة طبية (حيث إنه يوجد بصورة طبيعية في بعض الأغذية) ولا يتم تنظيمه حاليا من جانب إدارة الغذاء والدواء. ونتيجة لذلك، قد لا تكون الجرعات المدرجة والمكونات دقيقة تماما.

ويتسبب «الميلاتونين» في آثار جانبية موثقة، بما في ذلك النوم خلال النهار والصداع والارتباك والدوخة وآلام البطن والسير أثناء النوم والكوابيس. ومن الممكن أن يكون له أيضا تفاعل سلبي مع بعض الأدوية، بما في ذلك أدوية سيولة الدم وأدوية السكري وأدوية مثبطات المناعة وحبوب منع الحمل.

كما ننصحك بالاستعانة بأحد الأخصائيين في اضطرابات النوم عندما تفكر في استخدام «الميلاتونين»، حيث إن تناول الجرعة الخاطئة من «الميلاتونين» في الوقت الخاطئ من اليوم يمكن أن تكون له آثار مضادة على الإيقاعات اليومية الخاصة بك. ويتم إعطاء الجرعات الأصغر (0.5 ملليغرام) في العادة في وقت مبكر في المساء، ليتيح لك الذهاب إلى النوم مبكرا والاستيقاظ مبكرا.

* خدمة «نيويورك تايمز»